خدمة الوطن
العميد الركن عزام الرواحنة يدير كلية الدفاع الوطني الملكية الأردنية بخبرة اكتسبها من رئاسة إدارة الاستخبارات العسكرية
شغل مناصب عديدة وحساسة في صفوف القوات المسلحة الأردنية حيث اكتسب خبرات جمة من خلالها ونقل تلك التجارب الناجحة معه للمناصب التي استلمها فيما بعد، ويعتبرها الرواحنة أحد مفاتيح النجاح في مسيرته العسكرية.
فيقول: ”لقد حظيت بفرصة كبيرة لخدمتي في أكثر من موقع لمواكبة التأهيل العسكري ببعده العملياتي والتكتيكي والاستخباراتي، وبنفس الوقت حصلت على التأهيل الأكاديمي من خلال الدراسة والمشاركة في عددٍ كبيرٍ من الورشات والندوات والمؤتمرات على الصعيدَين العالمي والإقليمي. وحرصت على نقل تجربتي الميدانية والأكاديمية في إدارة العمل اليومي. ففن القيادة هو تطبيق التجارب الناجحة من أجل تطوير القدرات.“
التحق بكلية الدفاع الوطني الملكية الأردنية، حيث تبلورت شخصيته القيادية بما ينسجم مع متطلبات المجتمع الأردني والثقافة الموجودة في القوات المسلحة الأردنية. ولم يتوقف بعد التخرج عن اكتساب العلوم العسكرية، إذ حاز على درجة الماجستير في دراسات الدفاع الاستراتيجي من ماليزيا، إضافة إلى الدراسات المتقدمة في كلية الأركان للجيش الأمريكي، ويشجع القادة على ألا يتوقفوا عن اكتساب العلوم العسكرية.
فيقول: ”على القائد أن يسعى وراء الثقافة والعلوم العسكرية من خلال قراءة المؤلفات التخصصية والحرص على حضور المؤتمرات والندوات العسكرية والأمنية. فتبادل الخبرات والتجارب الناجحة في هذه المحافل يعود بالفائدة على جميع المشاركين. كما أن دراسة العلوم العسكرية في أكاديميات وجامعات متنوعة تجعل القائد يفكر بطريقة متعددة الأبعاد، فيجب على القائد تعلم استراتيجيات الدفاع للدول الصديقة وغير الصديقة.“
قضى معظم حياته المهنية في مديرية الاستخبارات العسكرية، إذ عمل بها بعد تخرجه برتبة ملازم ثانٍ في عام 1989. وظل يترقى إلى أن صار مدير الاستخبارات العسكرية، فأدارها بمهنية عالية وحقق نجاحات كبيرة في فترة عصيبة، مما يدل على حنكته في القيادة وإدارة الأزمات.
”لقد استلمت إدارة مديرية الاستخبارات في فترة حساسة وحاسمة جداً كانت مليئة بالاحتقانات والتحديات والتهديدات الداخلية والخارجية، ناهيك عن ظهور أزمة كورونا (كوفيد-19) التي تحملت فيها القوات المسلحة الأردنية مسؤولية كبيرة. وكانت الجماعات الإرهابية تتحرك قرب حدود المملكة الشرقية والشمالية، مما يجعل الدور الاستخباري في تفكيك وتدمير تلك الجماعات قبل تسللها داخل حدود الوطن أمراً مهماً.“
”نجحنا في درء مخاطر تسلل العصابات الإرهابية عبر حدودنا من خلال العمل الاستخباري الدؤوب وتبادل المعلومات الاستخبارية مع بقية مؤسسات الدولة والدول الصديقة. كما حرصنا على تطوير قدراتنا وتوظيف التقنيات الحديثة في مراقبة الحدود ورصد الأنشطة الإرهابية سواء أكانت على صفحات الإعلام الاجتماعي أو خطوط المواصلات.“
استقى فلسفته من فكر الهاشميين وأسلوبهم في القيادة الذي يمزج بين الحزم والحسم الذي تقابله الرحمة من خلال التعامل مع القضايا بإنسانية وبطريقة لا تخل بالثوابت والضوابط العسكرية.
فيقول: ”يجب على القائد أن يكون قريباً من جنوده ويستمع لهموهم. وقبل توجيه العقوبة للمقصرين، عليه معرفة الأسباب التي دفعت للتقصير. فبعض الأخطاء البسيطة تُعالج بالتصحيح وأخذ العهد من الجندي بعدم التكرار. فالعفو يقوي من احترام وولاء الجندي لقائده، وفي نفس الوقت يجب عدم التهاون في القضايا التي تتعارض مع الثوابت الوطنية والعسكرية.“
”ثقة الجيش بقدرات القائد تؤهله للمنصب الذي يشغله وهو بمثابة تكليفه لخدمة الوطن من موقعه؛ أي إن المنصب محطة مؤقته للقائد، ولا بدَّ أن يترك فيها أثراً طيباً قبل أن يغادرها. وهذه أمانة منحتها الدولة للقائد وعليه أن يصون الأمانة ويخدم بلده بكل ما يملك من قدرات تتشكل بخبراته الميدانية والأكاديمية.“
يؤكد الرواحنة على ضرورة التحالفات لمواجهة التهديدات الإرهابية. فالحروب الحديثة غير المتناظرة تحتاج إلى تحالفات دولية وإقليمية وتبادل استخباري على جميع المستويات. فقد انتهى مفهوم الجبهات الثلاثة في الحروب التقليدية، وأصبح العالم أمام تهديد الجبهة السيبرانية والفضائية والطائرات المسيَّرة.
فيقول: ”إن تجربتنا كقوات مسلحة أردنية في الحرب على الإرهاب تجربة مهمة وكبيرة استفادت منها العديد من الدول، كما أن مشاركتنا في أفغانستان كانت غنية ومهمة، فقد ساهمت في تعزيز الاستقرار هناك.“
”إن فلسفتنا تقوم على أننا جزء من العالم، ولنا دور كبير في تعزيز الاستقرار، سواء الإقليمي أو الدولي، خاصة وأن عصابات الإرهاب تستخدم الطائرات المسيَّرة رخيصة الثمن لضرب أهداف حيوية. كما أن التهديد السيبراني لم يعد يقتصر على تعطيل شبكة الاتصال، بل قد يسبب كوارث بشرية إذا استطاع المهاجمون فتح بوابات السدود أو تغيير معادلات مصافي تكرير النفط أو المنشآت البتروكيميائية؛ ولذلك لا بدَّ لنا أن نكون على أهبة الاستعداد لمواجهة هذه التغيرات.“
يؤمن الرواحنة بأن كل قائد عسكري يبني فلسفته القيادية استناداً إلى أسس وثوابت متخذة من تاريخ المؤسسة التي يعمل فيها ومن ثقافتها، مع القدرة على التكيف مع المستجدات والتغيرات الحادثة في العالم. وهذا ما طبقه عند انتقاله لقيادة كلية الدفاع الوطني الملكية الأردنية.
فيقول: ”إن علم الاستخبارات يخدم بشكل كبير الجانب الأكاديمي في كلية الدفاع الوطني من خلال الخبرة التي تكونت لدي في جانب الاستخبارات، فهي تخدم مفهوم الدفاع، ويمكن المواءمة بين الجانب الاستخباري والأكاديمي في هذه الكلية، فنحن كعسكريين مدربين على التكيف مع أي موقع نعمل فيه.“
ونختم بقوله: ”وفي النهاية تبقى المؤسسة العسكرية هي المؤسسة الأبرز في القدرة على تخريج قيادات تمتلك الخبرة والجرأة في اتخاذ القرارات ومساندة جهود الدولة في السير قدماً نحو التنمية التي نؤمن بها إيماناً مطلقاً، وذلك من خلال تقليص تأثير الصراعات والأزمات في المنطقة على بلادنا.“
التعليقات مغلقة.