إنزال شديد البأس
تمرين «الغضب العارم» لعام 2022 يستعرض قدرة السعودية والولايات المتحدة على القيام بحملة عسكرية في أوقات الأزمات
أسرة يونيباث
في استعراض للكفاءة العسكرية التي غايتها ردع الأعداء وطمأنة الشركاء، أنزلت القوات السعودية والأمريكية قوة برمائية في ميناء ينبع على البحر الأحمر ونقلتها داخل البلاد على مسيرة مئات الكيلومترات.
كان ذلك في إطار النسخة الأخيرة من تمرين «الغضب العارم» العسكري الذي استضافته المملكة العربية السعودية في آب/أغسطس 2022، وركز تمرين «الغضب العارم» لعام 2022 في الغالب على سبل الإمداد والتموين البحرية بمشاركة القوات المسلحة الملكية السعودية ومشاة البحرية الأمريكية.
شارك أكثر من 1,000 من رجال القوات المسلحة والكثير من السفن والقطع البحرية ومراكز العمليات التعبوية والقدرات السيبرانية في النسخة الثامنة من التمرين في موانئ ينبع التجارية بالإضافة إلى «قاعدة الأمير سلطان الجوية» بالقرب من الرياض. وركز التمرين على استعراض قدرات الهبوط السريع والتكامل لإحدى قوات التمركز المسبق البحرية واختبار استعدادها للاستجابة للأزمات وحالات الطوارئ في المنطقة. كما شارك في التمرين رجال مشاة البحرية والقوات البحرية الملحقون بفوج الإمداد والتموين القتالي الأول ومجموعة الإمداد والتموين البحرية الأولى وقوة مشاة البحرية الأولى في «قاعدة كامب بندلتون» بكاليفورنيا.
وحرص تمرين «الغضب العارم» لعام 2022 على زيادة الفعالية القتالية للقوات المسلحة السعودية من خلال إجراء المناورات العسكرية مع الحلفاء، وتوفير الخبرة الميدانية، وتوحيد المفاهيم والمصطلحات العسكرية بين المشاركين متعددي الجنسيات.
وجرت فعاليات التمرين تحت إشراف اللواء الطيار الركن أحمد الدبيس، قائد المنطقة الغربية السعودية، ولفيف من كبار ضباط القوات المسلحة السعودية من هيئة التعليم والتدريب وقيادة الأسطول الغربي وقيادة المنطقة الغربية ومركز عمليات الدرعية المشترك.
وحضر من الجانب الأمريكي اللواء بول روك، القائد السابق لمشاة البحرية بالقيادة المركزية الأمريكية، ولفيف من كبار مسؤولي الجيش الأمريكي برفقة السفير الأمريكي بالرياض. وقاموا بجولة تفقدية في مواقع القوات المشاركة في التمرين، ومنها سفينة الشحن «سي» التابعة للبحرية الأمريكية التي أنزلت مئات الآليات العسكرية التي كانت على متنها.
وقال اللواء روك: “تمرين «الغضب العارم» من المناورات الحيوية لتعزيز علاقة الولايات المتحدة العريقة مع القوات المسلحة السعودية، كما ينهض بالتكتيكات المشتركة والقدرات البحرية ويدعم الاستقرار الإقليمي على المدى الطويل.”
يُقام تمرين «الغضب العارم» كل عامين تقريباً، وتتناوب دول الخليج العربي على استضافته. وكان اختيار السعودية (وهي المرة الأولى التي تستضيف فيها التمرين) تذكِرة بأهميتها للشرق الأوسط. وفي ذلك يقول اللواء روك: “لا شيء يحدث في المنطقة بدون السعوديين، فهم في طليعتها.”
تضمن التمرين عدة سيناريوهات افتراضية إلى جانب تمارين الإمداد والتموين والتدريب بالذخيرة الحية بين القوات السعودية والأمريكية. وكلها ركزت على التعبئة والنشر والإمداد والتموين، ناهيك عن الاتصالات والإسعافات الأولية والرماية بالذخيرة الحية وعمليات الإمداد والإخلاء.
وقال العقيد ماثيو هاكولا، آمر القوات الأمريكية المشاركة في التمرين: “تعزز مناورات التمرين العمل التكاملي وترفع مستوى التوافق والاستعداد القتالي للقوات السعودية والأمريكية.”
لم يقتصر تمرين «الغضب العارم» على القوات المسلحة وحدها، بل شهد مشاركة ومساندة الكثير من الوزارات والمؤسسات المدنية السعودية بهدف إجراء عمليات تشارك فيها مختلف الأجهزة الحكومية. وعلى سبيل المثال، بعد إنزال المعدات في ينبع، تقدمت القوات مئات الكيلومترات على الطرق السريعة السعودية، مما تطلب التنسيق مع القطاع المدني.
وقامت السفينة «سي» بنقل وإنزال أكثر من 600 آلية عسكرية وأنواع مختلفة من العتاد لدعم قوة مهام مشاة البحرية الجوية-البرية خلال فعاليات تمرين «الغضب العارم» لعام 2022.
شرح أحد الضباط مهمة وعمليات قوة التمركز المسبق البحرية، وهي التموضع والتجمع السريع لقوة مهام مشاة البحرية الجوية-البرية في منطقة آمنة باستخدام جسر جوي بين مسارح العمليات وسفن التمركز البحري مسبقة التمركز.
يتميز هذا النوع من العمليات بسرعته وتعدد فوائده كخيار استراتيجي لتموضع القوات والعتاد. وقوة مهام مشاة البحرية الجوية-البرية عبارة عن قوة مهام مشتركة تابعة لمشاة البحرية تحت قيادة قائد واحد.
وبعد ذلك، قام كبار القادة بزيارة غرفة قيادة السفينة «سي» للاستماع إلى إحاطة سريعة حول القدرة العالية لقوة المهام على نقل وتسليم وإنزال مئات المركبات ومراكز العمليات التعبوية وقدرات الاتصال السيبراني وشبكات الاتصالات لدعم أكثر من 1,000 مشارك من قوات البحرية ومشاة البحرية بالتنسيق مع القوات المسلحة السعودية وقيادة تعزيز مسرح العمليات الأولى للجيش الأمريكي.
وأشاد اللواء روك بقدرة القوات المسلحة السعودية على توفير البنية التحتية والإسناد للتمرين من خلال التنسيق بين القوات المشاركة بكفاءة وفاعلية وتوظيف القوات والموارد في المنطقة على جناح السرعة. وتمكنت القوات من الوصول إلى كل ركن على طول حدود المملكة لمسافة تتجاوز 1,500 ميل [نحو 2,400 كيلومتر]. وشدَّد على أنَّ نجاح فعاليات التمرين دليل على قوة التوافق العملياتي والالتزام المشترك بأمن المنطقة واستقرارها.
أجرت يونيباث مقابلة مع اللواء بول روك، القائد السابق لمشاة البحرية بالقيادة المركزية الأمريكية
يونيباث: كيف ينهض تمرين «الغضب العارم» لعام 2022 بالقدرات العسكرية الأمريكية والسعودية؟
اللواء روك: التمارين العسكرية مثل تمرين «الغضب العارم» شديدة الأهمية لتعزيز شراكتنا مع القوات المسلحة السعودية من خلال صقل التكتيكات المشتركة والارتقاء بمستوى التوافق العملياتي. وهذه هي النسخة الثامنة من التمرين الذي يُجرى كل سنتين منذ 14 عاماً، وأول نسخة تستضيفها القوات المسلحة السعودية. وهذه العملية عبارة عن خيار نشر استراتيجي يتميز بطابع عالمي وصبغة بحرية ومناسب لمختلف سيناريوهات النشر. ونفذ تمرين «الغضب العارم» لعام 2022 عملية إنزال لقوة التمركز المسبق البحرية، بدعم من قيادة تعزيز مسرح العمليات الأولى للجيش الأمريكي، في الميناء التجاري الغربي بينبع وفي «قاعدة الأمير سلطان الجوية» بالخرج. وساهم التمرين في رفع القدرة الاستراتيجية على الوصول وتحسين مستوى القيادة والسيطرة، وإجراء مهام الاستقبال والتجمع والتقدم والتكامل والتدرب على خطوط الاتصال الأرضية للشبكة العابرة للجزيرة العربية.
يونيباث: ما أهمية الشراكة العسكرية مع السعودية؟
اللواء روك: تنهض عمليات قوة التمركز المسبق البحرية بقدرات القوة المشتركة، إذ تمكِّن القائد المقاتل من الاستفادة من القدرات المرنة لقوة مهام مشاة البحرية الجوية-البرية لدعم الكثير من العمليات الأمريكية والمشتركة في المنطقة. وشراكتنا الدائمة مع السعودية تمكِّن مشاة البحرية بالقيادة المركزية الأمريكية من تنفيذ عمليات قوة التمركز المسبق البحرية بكفاءة وفعالية لدعم القوة المشتركة والعمليات المشتركة في المنطقة.
يونيباث: كيف تساهم تمارين كهذا التمرين في نشر الأمن والاستقرار في المنطقة؟
اللواء روك: إنَّ قدرة القوات المسلحة السعودية على توفير سبل الوصول والبنية التحتية لدعم عمليات قوة التمركز المسبق البحرية لدليل على قوة التوافق العملياتي بيننا والتزامهم الدائم بأمن المنطقة واستقرارها. فشراكتنا مع السعودية متينة، ونحن ملتزمون باستمرار دعمها أمنياًً.
يونيباث: ما أكبر استفادة خرجت بها من العمل مع الجيش خلال هذا التمرين؟
اللواء روك: ساهمت قيادة تعزيز مسرح العمليات الأولى للجيش الأمريكي في إكساب رجال مشاة البحرية والقوات البحرية بعنصري السرعة والكفاءة اللذين يعتبران من السمات المميزة لتاريخها اللامع. وسمح دعم الإمداد والتموين الذي وفرته لتمرين «الغضب العارم» بمواصلة إجراء العمليات في الموانئ للنهوض بكفاءة القوة المشتركة، مما أكسب القائد المقاتل للقيادة المركزية الأمريكية المرونة لتكليف قوة مهام مشاة البحرية الجوية-البرية بتوفير الإسناد للكثير من المهام لدعم عمليات الولايات المتحدة مع شركائها الإقليميين.
يونيباث: كيف تشرح أهمية هذه المناورات للذين يشاهدونها في الوطن من كبار السن الذين لايعلمون كثيرا عن الشؤون العسكرية؟
اللواء روك: تمرين «الغضب العارم» لعام 2022 عبارة عن نشر استراتيجي لرجالنا من مشاة البحرية والقوات البحرية، ويتميز بطابع عالمي وصبغة بحرية ومناسب لمختلف سيناريوهات النشر. وعلاوة على التدريب، أتاح التمرين لرجال مشاة البحرية والقوات البحرية فرصة للعمل مع رجال القوات المسلحة السعودية، والتعرف على ثقافتهم، بل وتناول بعض الوجبات الشعبية معاً. فمثل هذه التمارين شديدة الأهمية لتعزيز شراكة الولايات المتحدة مع السعودية من خلال تحسين مستوى التكتيكات المشتركة والنهوض بمستوى التوافق العملياتي. والشراكات المتينة ترتقي بقدرة القيادة المركزية الأمريكية على دعم الأمن الإقليمي وردع العناصر الهدامة والإسراع بتوفير احتياجات شركائنا في المنطقة.
التعليقات مغلقة.