التعليم الحديث لمواجهة التهديدات الحديثة
كلية فؤاد شهاب للقيادة والأركان اللبنانية تطور تدريب الضباط بزيارات إلى جامعة الدفاع الوطني الأمريكية
أسرة يونيباث
تعتمد المؤسسات الأكاديمية على تبادل الخبرات والتعاون فيما بينها من أجل إعداد برامج رصينة وإعداد كوادر تتحلَّى بالخبرة والمهنية لاستكمال مسيرة بناء الأوطان. ولعلَّ الكليات العسكرية هي الأكثر احتياجاً للتواصل وتبادل الخبرات بسبب التغييرات الكثيرة في مجال العلوم العسكرية، إذ تبذل هذه المؤسسات جهوداً كبيرة لمواكبة التكتيكات الجديدة، وآخرها الحروب غير المتكافئة ودخول الطائرات المسيَّرة إلى ساحة القتال وظهور جبهات جديدة، وأبرزها الفضاء السيبراني. ولذا نجد الدول الحليفة والصديقة تقوم ببرامج تبادل الزيارات وإرسال واستقبال طلاب من الدول الصديقة. ولا تختلف كلية فؤاد شهاب للقيادة والأركان في لبنان عن سائر كليات وجامعات العالم في ذلك، إذ لديها علاقات وطيدة مع الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا. ومن أهم هذه البرامج هو برنامج تبادل الزيارات مع مركز الشرق الأدنى وجنوب آسيا للدراسات الاستراتيجية التابع لجامعة الدفاع الوطني الأمريكية، وإرسال طلاب لبنانيين للمركز باستمرار. التقت مجلة «يونيباث» العميد الركن حسن جوني، قائد كلية فؤاد شهاب للقيادة والأركان أنذاك، فحدَّثنا عن الكلية وبرامجها.
يونيباث: ما أهداف زيارة وفد كلية الأركان إلى الولايات المتحدة؟
العميد جوني: تهدف زيارة ضباط دورات الأركان إلى الولايات المتحدة الأمريكية وتحديداً جامعة الدفاع الوطني إلى تعرف هؤلاء الضباط على القضايا الاستراتيجية المعاصرة، وذلك من خلال عرض جملة من المحاضرات ضمن إطار ورشة عمل يقيمها مركز الشرق الأدنى وجنوب آسيا للدراسات الاستراتيجية؛ تشمل مواضيع استراتيجية وجيوسياسية معاصرة يقدمها عدد من المحاضرين والأساتذة الجامعيين متنوعي الثقافات والمعارف ومن بلدان مختلفة بهدف تناول هذه المواضيع من وجهات نظر متعددة، بما يؤدي إلى توسيع الآفاق المعرفية لضباط دورات الأركان لا سيما في الموضوعات الاستراتيجية الكبرى ومن ضمنها شرح السياسة الخارجية الأمريكية وأهم مرتكزاتها، وبخاصة في العهد الرئاسي الحالي، وإبراز أهم التحولات التي حصلت ولا سيما في منطقة الشرق الأوسط. كما يحدث تبادل الثقافات والمعارف بين هؤلاء المحاضرين والضباط اللبنانيين خلال نقاشاتهم ومداخلاتهم في إطار تلك المحاضرات.
يونيباث: هل هذه أول زيارة من نوعها تقوم بها كلية الأركان لمركز الدراسات الاستراتيجية؟
العميد جوني: كلا، فمنذ حوالي عشرة أعوام أُعدت هذه الزيارات لضباط دورات الأركان المتتالية وذلك بالتنسيق مع مركز الدراسات الاستراتيجية ومكتب التعاون الدفاعي الأمريكي في بيروت، وتحدث بالفعل منذ ذلك الوقت تباعاً باستثناء العامين الأخيرين إذ توقفت بسبب جائحة فيروس كورونا.
يونيباث: كيف تقيِّم المحاضرات التي يلقيها أساتذة المركز؟
العميد جوني: إنها بالطبع محاضرات قيِّمة بمضمونها على مستوى المعلومات والأطروحات والنظريات، ولكن تكمن أهميتها في تنوع موضوعاتها وفي تنوع المحاضرين من حيث خلفياتهم الفكرية والسياسية وهذا ما يؤدي إلى تقديم مقاربات موضوعية لمختلف الموضوعات. ومن ناحية أخرى، فإنَّ التركيز على منطقة الشرق الأوسط يفيد الضباط من خلال توسيع أفاقهم في فهم السياسات الدولية تجاه هذه المنطقة ولا سيما سياسة الولايات المتحدة الأمريكية.
يونيباث: هل لك أن تحدِّثنا عن سبل التعاون بين لبنان والولايات المتحدة؟
العميد جوني: ما يمكن أن أتحدث عنه هو التعاون الأكاديمي بين كلية فؤاد شهاب للقيادة والأركان وجامعة الدفاع الوطني الأمريكية من خلال التعاون مع مركز الدراسات الاستراتيجية، وهو تعاون نشط ومفيد في إطار تطوير ثقافة الضباط في مجالات الفكر الاستراتيجي والجيوسياسي، كما يعمل في قيادة الكلية في بيروت مستشار أمريكي للمساعدة على تطوير مناهج التعليم فيها؛ وهو خبير متخصص في مجال التخطيط الاستراتيجي، وهو الذي ينسق مختلف جوانب التعاون الأكاديمي بين الكلية من جهة وأي مؤسسة أكاديمية عسكرية أمريكية من جهة أخرى.
يونيباث: ألدى كلية الأركان أساتذة من دول أخرى؟
العميد جوني: تستضيف الكلية أحياناً بعض الأساتذة من دول صديقة من الجامعيين أو الضباط المتقاعدين، ولكن بشكل ظرفي وليس هناك أساتذة أجانب بشكل دائم. ولكن جدير بالذكر أنه يوجد في الكلية أيضاً ضابط فرنسي منتدب من الجيش الفرنسي عبر السفارة الفرنسية في لبنان؛ وهو خبير عسكري يتولى مهمة التنسيق بين قيادة الكلية وكلية الحرب في باريس، وكذلك تنسيق بعض التمارين المشتركة وتبادل الخبرات العسكرية الأكاديمية.
يونيباث: هل لك أن تحدِّثنا عن برنامج كلية الأركان اللبنانية؟
العميد جوني: يهدف برنامج دورة الأركان في الكلية إلى إعداد الضباط القادة في الجيش وتأهيلهم لقيادة وحدات عسكرية كبرى أو العمل في أحد أركانها. ويتضمن البرنامج كل ما يحتاجه القائد في سياق عملية صنع القرار العسكري على المستوى التكتيكي والعملياتي من تقنيات وآليات للتخطيط وتقدير الموقف بجميع مراحله وخطواته وصولاً إلى اتخاذ القرار المناسب لحل أي معضلة تكتيكية أو عملياتية أو في مجال حفظ الأمن أو مكافحة الإرهاب أو إدارة الأزمات الكبرى. كما يتضمن البرنامج تخطيط تمارين تكتيكية وعملياتية وتجسيدها على نظام تشبيه إلكتروني يحقق محاكاة واقعية للمناورات التي يخطط لها الضباط التلامذة. وعلاوة على ذلك، تندرج عدة مواد تحت عنوان «القيادة والأركان» كالتفكير النقدي وفن التواصل وإدارة الموارد البشرية والقانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان والتعاون العسكري المدني. أمَّا على المستوى الاستراتيجي، بما أنَّ هذه الدورة هي الأعلى في الجيش اللبناني، فلا بدَّ من مقاربة مفاهيم الفكر الاستراتيجي والجيوسياسي وذلك من خلال برنامج من المحاضرات والندوات والمواد ذات الصلة. إضافة لكل ذلك، يُطلب من الضباط التلامذة إعداد بحث علمي حول موضوع استراتيجي يعتبر شرطاً ملزماً لنيل لقب الركن.
يونيباث: كيف تستقطبون طلاب من الدول الصديقة والشقيقة؟
العميد جوني: تقدم قيادة الجيش إلى الجيوش الصديقة والشقيقة فرصة متابعة دورة الأركان لواحد أو أكثر من ضباطها لا سيما الجيوش التي تستضيف ضباط لبنانيين في كلياتها العسكرية وذلك في إطار تبادل الخبرات والمعارف والثقافات بين الجيوش الصديقة والشقيقة. وعليه فإنَّ كلية فؤاد شهاب للقيادة والأركان تستضيف ما يتراوح من 10 ضباط إلى 15 ضابطاً من الجيوش العربية والأجنبية الصديقة، على أن يتقنوا اللغة العربية لأنَّ التعليم في الكلية لا يحدث إلا بها. F
التعليقات مغلقة.