نظرة من الأعلى
القائد الأردني الذي أشرف على وضع سيناريوهات تمرين الأسد المتأهب 22 يتحدث عن التهديدات الأمنية المعاصرة في المنطقة
لعب العميد الركن كايد الجعارات المدير السابق للتدريب والتمارين في القوات المسلحة الأردنية دورًا قياديًا في نجاح تمرين الأسد المتأهب 22الذي أقيم في الأردن فيسبتمبر 2022. تحدث لمجلة يونيباث حول أهمية التمارين العسكرية في مواجهة التحديات الأمنية المعاصرة:
يونيباث: ما مدى أهمية تمرين الأسد المتأهب للاستقرار والسلام في المنطقة؟
العميد الجعارات: أشكر لكم استضافتكم وأؤكد على عمق العلاقات الثنائية بين الأردن والولايات المتحدة الامريكية إضافةً إلى عمق العلاقات بين الدول المشاركة في التمرين لهذا العام.
لقد شهدت البيئة الاستراتيجية متغيرات متسارعة أدت إلى ظهور أفكار وايدولوجيات متطرفة أثرت على الأمن والسلم والاستقرار في مختلف أنحاء العالم حيث جاء تمرين الأسد المتأهب لهذا العام محاكاة لواقع المتغيرات ولإيجاد بيئة عسكرية مشتركة بين الدول الساعية إلى تحقيق الأمن والاستقرار من خلال تنفيذ العديد من العمليات العسكرية وعلى المستويين الاستراتيجي والعملياتي.
يونيباث: ما الذي يميز تمرين الأسد المتأهب 2022 عن التمارين الأخرى؟
العميد الجعارات: يتميز تمرين الأسد المتأهب بالعديد من المميزات أبرزها.أولاً: التنوع والتعدد في المشاركة حيث شارك في التمرين لهذا العام (26) دولة شقيقة وصديقة بالإضافة الى الولايات المتحدة الامريكية والاردن وهذا انعكس ايجابياً من حيث تنوع الخبرات وتعدد الاساليب.
ثانياً: طبيعة وجودة الأهداف التي يسعى التمرين إلى تحقيقها ومن أبرزها مكافحة الارهاب، وتعزيز كفاءة الأمن السيبراني وعمليات المعلومات إضافةً إلى كيفية التعامل مع تهديدات اسلحة الدمار الشامل.
ثالثاً: وهو الأبرز، اللقاءات والندوات التي جمعت كبار القادة والشخصيات والخبرات العسكرية بهدف مناقشة المشاكل والتهديدات العالمية وكيفية مواجهتها ومعالجتها على المستويات كافة.
يونيباث: تمرين هذا العام هو الأول منذ جائحة فايروس كورونا. كيف أدرتم التحضير والتنسيق؟
العميد الجعارات: حقيقة الأمر، أن جائحة كورونا ألقت بظلالها على العالم كافة ليس فقط في مجالات التعاون العسكري والدفاعي وإنما أثرت وبشكل كامل على الحياة الاقتصادية والاجتماعية للمواطنين لذا فإن قواتنا المسلحة الأردنية – الجيش العربي قامت بتحويل التحديات والصعوبات إلى فرص، حيث ادارت الموقف (كورونا) بكل كفاءة واقتدار، وما اكسبها هذه الخبرة والادارة الجيدة هو التمارين السابقة التي نفذتها مع الدول الشقيقة والصديقة ومن أبرزها تمرين الأسد المتأهب في نسخته السابقة.
لقد عاشت قواتنا المسلحة الأردنية جائحة كورونا بكل تفاصيلها وهذا أكسبها قدرةً على التعامل مع كافة المتغيرات الطارئة إضافة إلى القدرة على إدارة وتوحيد الجهود على المستوى الوطني، الأمر الذي جعل من الجائحة فترة تحضيرية وتنسيقية للتمرين.
يونيباث: ما التهديدات الإقليمية الحالية التي أخذت في عين الاعتبار عند التخطيط للتمرين؟
العميد الجعارات: كما أشرنا سابقاً، تشهد المنطقة العديد من المتغيرات والتحديات الطارئة، لذا ففي هذا العام تم التركيز على جملة من الأهداف المراد تحقيقها والتي تؤثر على الأمن والسلم الدوليين ومن أبرزها خطر الارهاب وخطر استخدام أسلحة الدمار الشامل وآلية التعامل معها إضافة إلى التهديدات السيبرانية والتدرب على زيادة التنسيق والتشاركية بين الجهات الحكومية وغير الحكومية على مستوى الدولة والدول الشقيقة والصديقة.
يونيباث: كيف يحافظ الأردن على الاستقرار في منطقة مضطربة؟
العميد الجعارات: إننا في القوات المسلحة الأردنية- الجيش العربي، نؤمن بأهمية العيش في بيئة آمنة ومستقرة، ونستمد عزيمتنا وقوتُنا من جلالة القائد الأعلى للقوات المسلحة الأردنية الملك عبدالله الثاني ابن الحسين، والذي يسعى دائماً وفي كافة المحافل الدولية إلى المناداة بحق الشعوب بالعيش في بيئة آمنة مستقرة.
لذا دأبت القوات المسلحة الأردنية على بناء وتعزيز حتمية الترابط الدولي والتعاون من أجل الوصول إلى بيئة عالمية صالحة للتفاعل الايجابي البناء، وعلى الرغم من الازمات الاقليمية التي ألقت بظلالها علينا إلا أننا مستمرون في تأدية واجبنا وتحقيق الأمن والسلم الدوليين.
يونيباث: يتمتع الجيشان الأردني والأمريكي بقرن من الشراكة. ما هي أهمية هذه الشراكة للأمن والاستقرار الإقليميين؟
العميد الجعارات: يعتبر تمرين الأسد المتأهب في نسخته العاشرة من أهم التمارين الذي تنفذه القيادة المركزية الأمريكية والذي انطلق منذ عام 2022، وتنفيذ فعاليات التمرين كافة على اراضي المملكة الأردنية الهاشمية ما هو إلا دليل حتمي على عمق العلاقات الاستراتيجية بين البلدين وهو دليل آخر ايضاً على الأهمية الاقليمية والدولية الذي تلعبه الأردن في تحقيق أمن واستقرار المنطقة بالتعاون مع الشريك الاستراتيجي الولايات المتحدة الامريكية.
يونيباث: استخدم داعش الأسلحة الكيماوية على نطاق صغير في العراق وسوريا. ما هي استعداداتكم لاستباق مثل هذه السيناريوهات ومنع المتطرفين العنيفين من الوصول إلى أسلحة الدمار الشامل؟
العميد الجعارات: حقيقة، وفي ظل تزايد التهديدات التقليدية وغير التقليدية وبهدف الحد من تأثيرها على حياة المواطنين، ولتحقيق الحد الأعلى من التشاركية والتنسيق بين القوات المسلحة والأجهزة الأمنية ومختلف مؤسسات الدولة ونظيراتها من الدول المشاركة بالتمرين لهذا العام تم بناء العديد من السيناريوهات والأزمات لتدريب المشاركين على التعامل معها ومن أبرزها الخطة الوطنية للتعامل مع المواد الخطرة (CBRNE)، والخطة الوطنية للتعامل مع العمليات الإرهابية إضافة إلى تطبيق الخطة الوطنية للتعامل مع الأمراض الوبائية والتلوث البيئي.
وجميع هذه السيناريوهات تم تنفيذها بالتنسيق مع المركز الوطني للأمن وادارة الأزمات بالتزامن مع تمرين الأسد المتأهب 2022، من أجل تحقيق الأهداف ضمن بيئة عمليات مركبة، وتحقيق التخطيط الاستراتيجي العميق ورفع مستوى القدرات الوطنية في إدارة الأزمات المختلفة.
كما أن هذه الخطط والسيناريوهات جاءت بناء على التهديدات التي تعرضت لها دول الجوار والأقليم، ونحن في القوات المسلحة الأردنية -الجيش العربي، نسعى دائماً إلى تطوير عقيدتنا وجاهزيتنا القتالية للتعامل مع مثل هذه المتغيرات والتهديدات براً وبحراً وجواً.
يونيباث: كيف تحافظون على أمن الحدود مع العراق وسوريا لصد الإرهابيين؟
العميد الجعارات: مما لا شك فيه أن قواتنا المسلحة الأردنية تواجه العديد من التحديات والتهديدات على الحدود الشمالية الشرقية مع سوريا والعراق بسبب ما افرزته البيئة الأقليمية من تبعات و طبيعة المحيط الملتهب والذي أدى إلى نشوء مليشيات وتنظيمات مدعومة خارجياً تسعى إلى زعزعة أمن واستقرار المملكة والمنطقة.
إن هذه المليشيات والتنظيمات لا تقوم بتنفيذ العمليات التقليدية المتعارف عليها، وإنما تعمل على استخدام اساليب جديدة مثل، عمليات المعلومات، التضليل والاستهداف الإعلامي، الهجمات السيبرانية، إضافة إلى استخدام طرق جديدة للتهريب ومن أبرزها الطائرات المسيرة (الدرون) drones وهذا يتطلب تنسيق مستمر واستقطاب فرق (MTT) من الجانب الامريكي الصديق لتدريب قوات حرس الحدود.
إن قواتنا المسلحة تعمل ومن خلال منظومة متكاملة وجاهزية عالية للحفاظ على أمن وسلامة واستقرار المملكة بشكل خاص والمنطقة بشكل عام، لما تتميز به الأردن من موقع جيواستراتيجي وصمام أمان للمنطقة.
يونيباث: كيف يتعاون الأردن مع المنظمات الدولية للاستعداد لتهديدات أسلحة الدمار الشامل؟
العميد الجعارات: من المؤكد أن الأردن يسعى وبإستمرار للعمل من أجل جعل منطقة الشرق الأوسط منطقة خالية من جميع أسلحة الدمار الشامل وهي ملتزمة بدعم معاهدة منع إنتشار الأسلحة النووية وتعمل مع المجتمع الدولي لضمان الالتزام بالمعاهدة وتنفيذ بنودها.
كما أن مشاركة الأردن في مبادرة ستوكهولم لنزع السلاح النووي واستضافة المؤتمر الوزاري للمبادرة عام 2021 والمشاركة في جميع اجتماعاتها، ما هو إلا دليل واضح على عمل الأردن الدؤوب جنباً إلى جنب مع المنظمات الدولية ذات العلاقة.
التعليقات مغلقة.