أسرة يونيباث | الصور بعدسة القوات البحرية بالقيادة المركزية الأمريكية
لكل جيش كوادر متخصصة من الأطباء والممرضين والمسعفين لعلاج الجروح والإصابات التي لا مناص منها، ولكن تتمركز هذه القوات على بُعد آلاف الكيلومترات في أوطانها، وتندر الفرص التي تُتاح لها للتعرف إلى الأساليب والمهارات الجديدة التي تنقذ الجرحى والمصابين من براثن الموت.
وفرت البحرين فرصة كهذه للتعاون والتكامل بتنظيم فعالية «التدريب الصحي العالمي» لـ 77 مسعفاً وممرضاً وطبيباً في إطار فعاليات «التمرين البحري الدولي» الذي أُجري في شباط/فبراير 2025.
وفي إحدى المهام لعلاج إصابات القتال، قام فريقٌ من الكازاخيين والأوزبك بتضميد الجروح، وتقويم الأطراف، ووقف النزيف برفقة زملائهم العسكريين من البحرين والأردن وباكستان والولايات المتحدة والفلبين وأستراليا.
وقال المقدم عاصف علي جمالي، الجراح العام في البحرية الباكستانية: ”تفيدنا هذه الجلسات في تجديد معارفنا الطبية لإنقاذ الأرواح؛ فمن الأهمية بمكان أن نعمل مع مسعفين وأطباء من قوات بحرية مختلفة، فالتعرف إلى خبراتهم وإرشاداتهم، وعرض خبراتنا وإرشاداتنا في سبيل قضية مشتركة واحدة، يزيدنا ثقةً واطمئناناً عند عودتنا إلى أوطاننا.“
بدأت فعاليات أسبوع «التدريب الصحي العالمي» بمحاضرات نظرية، واختُتمت باستعراض عملي للمهارات، وتضمن التدريب عروضاً لأحدث تقنيات العاصبات، وأُجريت معظم الفعاليات في «مركز ولي العهد للتدريب والبحوث الطبية» في البحرين.

أشاد المقدم عيسى النزاروفا، كبير الجراحين في القوات البحرية الكازاخية، بالعمل الجماعي الذي أسفر عن حُسن التنسيق أثناء تمرين علاج الإصابات الجماعية الذي توج تدريبهم. وعملت فرقٌ طبيةٌ متعددة الجنسيات على إنقاذ جرحى، من العسكريين والمدنيين، من ساحة القتال، ونقلهم إلى مستشفىً ميداني.
وقال: ”بصفتي في موقع قيادي، فقد أبهرني ما رأيته هنا من مستوى جاهزية الفرق الطبية التكتيكية، وما أروع أن تُحسِن فرقنا في كازاخستان عملها في قابل الأيام كالفرق التي استعرضت مهاراتها هنا.“
وصرَّح العقيد محمد علي البوفلاسة، آمر المركز الطبي البحري التابع للخدمات الطبية الملكية في قوة دفاع البحرين، بأن الهدف الأول من التدريب الطبي يكمن في توحيد التكتيكات والإجراءات الطبية بين الدول المشاركة لصقل المهارات في إنقاذ الأرواح.
وفي إطار السيناريو الرئيسي للتمرين البحري الدولي لعام 2025، المتمثل في إجلاء المدنيين من جزء من دولة تعرَّضت لهجوم صاروخي، ركز التدريب الطبي على إنقاذ المصابين براً بدلاً من التمارين السابقة التي ركزت على علاجهم بحراً.
وقبل أن يُجري المسعفون عرضهم في منطقة مكشوفة، أجروا تجربة في مركز محاكاة داخلي، يحتوي على شاشة بحجم الحائط، عرضت صورًا ومؤثرات صوتية، كالانفجارات والصراخ وإطلاق كثيف للنيران، لخلق أجواء تُحاكي ساحة المعركة.
وقال العقيد محمد إن فرز الإصابات في ساحة المعركة يختلف اختلافاً جذرياً عن الرعاية الطبية المعتادة في المستشفيات المدنية، فأما في الحالات المدنية، فيُنقل المصاب في سيارة إسعاف مجهزة بأحدث التقنيات على طريق مُعبَّد، وأما في الإصابات الناجمة عن القتال، وفيها ما فيها من إطلاق النار والانفجارات وبتر الأطراف، فكثيراً ما يعمل المسعفون في عزلة تحت ظروف قاسية وخطيرة.
وأردف قائلا: ”ويتمثل أحد التحديات في صعوبة تنظيم فريق طبي من متخصصين من عدة بلدان لعلاج المصابين وإجلائهم من ساحة المعركة.“

الدولي» في البحرين.
ثم أضاف: ”لا تختلف الأنظمة المستخدمة ولا العلوم الطبية، أما المشكلة التي نواجهها، فهي اللغة، فلدينا بلدان تتحدث لغات مختلفة كالروسية والعربية والإنجليزية والفلبينية والإفريقية، ولكل دولة مصطلحاتها الطبية وإجراءاتها التي تختلف عن سائر البلدان.“
وتولى تنظيم التدريب الطبي الذي أُجري في إطار التمرين البحري الدولي النقيب بحري فريدي ماواني، من البحرية الأمريكية، وهو مدير «التدريب الصحي العالمي» في القوات البحرية بالقيادة المركزية الأمريكية. وذكر أن تفشي الصراعات المسلحة والأزمات الإنسانية في العالم يتطلب من الكوادر الطبية العسكرية توحيد الاجراءات وتبادل التقنيات المبتكرة.
وقال أثناء استراحة من التدريب في البحرين: ”إن الخسائر في الأرواح البشرية تشيب لها الولدان، إذ يُعاني ما لا يُحصى عدده من الأفراد من إصابات كان من الممكن تخفيفها أو علاجها أفضل مما عولجت لو كانت الاستجابة منسَّقة.“
ومن باب الواقعية، أصرَّ القائد البحريني على أن تُقام فعاليات التدريب النهائية في منطقة مكشوفة في الصحراء حتى مع توقعات الطقس بهطول الأمطار.

وقال العقيد محمد: ”سألني صديقي الأمريكي إن كنا نحتاج إلى نصب خيمة، فقلتُ: لا؛ إذ يجب أن نُحاكي الواقع ونعمل في جميع الظروف، فلا توجد خيمة في القتال، وساحة المعركة لا تسمح للطبيب بالاحتماء من الظروف القاسية، وكلما تعرَّض أعضاء الفريق للظروف الميدانية، زادت ثقتهم بأنفسهم لمواصلة العمل في جميع الظروف.“
وافق على هذا التقييم واحدٌ على الأقل من العسكريين الذين زاروا البحرين، وهو الدكتور قصي الرشدان، وهو طبيب بحري يعمل في الخدمات الطبية الملكية الأردنية، إذ رأى أن التدريب الميداني أقرب إلى الواقع.
وقال: ”واجهتنا تحديات كالتي قد نواجهها في مسرح العمليات، وساعدنا ذلك على رفع مستوى جاهزيتنا للاستجابة لحالات الطوارئ الطبية في بيئة قتالية.“