أسرة يونيباث
تختص مديرية الاستخبارات العسكرية العراقية بجمع المعلومات عن العدو وتحليلها وتحديد المخاطر والتهديدات بالإضافة الى متابعة أمن المعلومات وأمن الاشخاص، إلَّا أنها بالوقت ذاته أدَّت دوراً بارزاً في تخفيف حدة الأزمات التي عصفت بالبلاد خلال السنوات المنصرمة، لا سيما الأزمة التي سببتها سيطرة العصابات الإرهابية على بعض المناطق وما تبعها من تداعيات. وتعد هذه الأزمة من أخطر الأزمات التي مرت بالبلاد وأكثرها تعقيداً، وأنجزت المديرية المهام الموكلة إليها بكل شجاعة وصبر وتأنٍ. وللحديث عن دور مديرية الاستخبارات العسكرية، التقت مجلة يونيباث باللواء فائز فاضل المعموري مديرها العام.
يونيباث: كيف تغير نظام الاستخبارات العراقية بعد حزيران/يونيو 2014؟
اللواء المعموري: لا شك أنَّ الحرب الهجينة جعلت جيوش العالم تغير جميع تكتيكاتها للتعامل مع التهديدات الجديدة. ولأنَّ الاستخبارات العسكرية هي العمود الفقري في حرب المدن، فقد تغير الكثير في طريقة عمل الاستخبارات بشكل يتلاءم ونوعية التهديدات المستجدة. فقد شكَّل اجتياح داعش للموصل ومناطق أخرى في شمال وغرب العراق صدمة كبيرة واختباراً حقيقياً لمدى فاعلية عمليات الاستخبارات التقليدية؛ الأمر الذي أقنع العالم بضرورة ابتكار أساليب العمل الاستخباراتي وتحديثه بجانبيه الإنساني والتقني بما يتلاءم مع أنواع الحروب الحديثة التي توظف كل الوسائل المتوفرة لكسب المعارك بما فيها الحروب غير المتناظرة والحروب الهجينة والحروب بالوكالة.
فأصبح للاستخبارات دور كبير في حسم الكثير من المعارك من خلال توأمة العاملين الإنساني والتكنولوجي في جمع المعلومات عن العدو وتحليلها والإسراع بتقديمها للقوات الأمنية؛ ممَّا يسمح بشن هجمات استباقية لإجهاض خطط العدو أو قطع مصادر تموينه وتمويله وعزله عن محيطه الاجتماعي. إضافة إلى الاستيلاء على كنوز معلومات وملفات غاية الأهمية عن الإرهابيين مخزونة على هواتف ذكية وأجهزة كمبيوتر وأقراص صلبة عثرت عليها القوات الأمنية أثناء مداهماتها لأوكار وخلايا إرهابية، ساعد الأجهزة الاستخبارية على النجاح في تنفيذ مهامها ووفر لها قاعدة بيانات تكشف نوايا العدو المستقبلية.
كما أسلفت، إنَّ تكتيكات الحرب ضد الإرهاب فاجأت دوائر الاستخبارات في جميع دول العالم في سرعة انتشار الإشاعات وفاعلية جيوش دعاية داعش على قنوات الإعلام الاجتماعي، مقارنةً ببطء عمليات المعلومات الاستخبارية التقليدية. ولذلك بدأنا بتشكيل فرق الرصد الإلكتروني وفتح خلايا استخبارية داخل جميع الأجهزة الأمنية في قيادات العمليات والتشكيلات.
وهذا سهَّل سرعة وصول المعلومات للقطاعات الأمنية وأسفر عن إحباط النوايا الإجرامية للعصابات الإرهابية وكشف خططهم. فوجود العنصر الاستخباري داخل غرف العمليات المشتركة ساعد على وضع خطط محكمة لدحر العدو. وفي إطار التحالف الدولي لمحاربة داعش، أصبحت مديرية الاستخبارات العسكرية حلقة الوصل بين أجهزة الاستخبارات العالمية ووحداتنا العسكرية المتقدمة في خطوط المواجهة.
كانت قوات التحالف تقدم لنا معلومات دقيقة عن المقاتلين الأجانب واتصالاتهم، وكنا نتبادل معهم ما يحصل عليه رجالنا في وحدات العمليات، فالمعلومات الاستخبارية الواردة من كافة الأجهزة الأمنية والاستخبارية للوحدات العراقية المنفذة مع ما يصلنا من شركائنا في قوات التحالف ساعد بشكل كبير على إحباط هجمات العدو وتدمير مواقعه. وقد أعطانا تسخير التقدم التكنولوجي الذي تمتلكه القوات الصديقة من طائرات مسيَّرة وصور عبر الأقمار الصناعية ومراقبة اتصالات العدو لخدمة العمل الاستخباري البشري على الأرض اليد العليا على العدو فأجهضنا خططه.
إلَّا أنَّ أهم أسس النصر الذي تحقق كان الدعم المتواصل من المواطنين لقواتنا الأمنية؛ وذلك من خلال تقديم المعلومات الدقيقة عن تحركات العدو ومخابئ أسلحته، ممَّا سهَّل علينا تحديد الأهداف في معارك التحرير، فضلاً عن تأمين المناطق المحرَّرة ومداهمة مخابئ الإرهابيين والقبض عليهم.
كذلك قمنا بتكثيف الجهد الاستخباري في المناطق التي سيطرت عليها العصابات الإرهابية، وقمنا بتجنيد مصادر بشرية وزرعهم داخل صفوف عصابات داعش لمعرفة نوايا وأسرار الإرهابيين ورفد الوحدات بالمعلومات الاستخبارية لتنفيذ العمليات بنجاح وتحقيق الأهداف المطلوبة. كنا نعرف كل الخلافات الداخلية بين الأفراد والمجموعات، وكنا نعمل على زرع الشك وبث الفرقة بين صفوفهم، ممَّا مكننا من هزيمتهم على كافة الأصعدة.
وقد أمرت القيادة العامة للقوات المسلحة بعدة تغييرات في أقسام المديرية لتواكب المتغيرات على الأرض وتكون أكثر فاعلية في مواجهة التهديدات الإرهابية؛ ومن أهمها إقرار ملاك «كتيبة الاستطلاع العميق» التي لعبت دوراً فعالاً في جمع المعلومات عن العدو وتحركاته وإمكانياته المادية والبشرية.
وتضمنت التغييرات تعديل وإقرار ملاك «مديرية الاستخبارات العسكرية» والوحدات المرتبطة بها بما يتفق وحجم التهديدات الحالية لغرض تلبية متطلبات العمل الاستخباري والأمني. وشمل ذلك تشكيل «خلية الاستخبارات ومكافحة الإرهاب» في عام 2020، وإقرار تشكيل «وحدة الطائرات المسيَّرة» وتجهيزها بطائرات حديثة وكاميرات حرارية.
يونيباث: ما هي خططكم لتطوير منتسبي الاستخبارات العسكرية؟
اللواء المعموري: تعمل المديرية على انتقاء ذوي الكفاءة والأهلية لتجنيدهم في العمل الاستخباري وفق ضوابط وسياقات عسكرية محددة. ونهتم بدقة الاختيار ونركز على الذكاء واللياقة البدنية والتحمل النفسي؛ لأنَّ رجل الاستخبارات يعمل في جميع التضاريس والظروف وقد يضطر للعمل منفرداً خلف خطوط العدو. ولذلك يجب أن يكون قادراً على الدفاع عن نفسه، ويمتلك حدساً وحساً أمنياً عالياً. بعد عملية اختيار المنتسبين وإنهاء التدريب الأساسي بنجاح، ينخرط المنتسبون في دورات تخصصية في العمل الاستخباري داخلية وخارجية مثل منهج جمع المعلومات لما له من تأثير على صنع القرار الاستخباري وآلية تجنيد المصادر.
ولكيلا يتكرر ما حصل في عام 2014، يجب منع الإرهابيين من إيجاد مخابئ وحواضن في المدن وخارجها. ومن الضروري في الوقت الحالي العمل على تطوير المنظومة الاستخباراتية ودعمها؛ لأنها تعد من أهم أولويات نجاح وتفعيل المنظومة الأمنية العسكرية. ويجب تعزيز الجهد الاستخباري من خلال الاعتماد على المصادر العسكرية والأمنية التي تقدم المعلومة الدقيقة وفي الوقت المناسب وبما يساعد على مكافحة الاختراقات المعادية.
كما يتوجب رفع كفاءة الأجهزة الاستخبارية من خلال تطوير منظومة تأهيل وتدريب تشمل كوادر القيادة المؤهلة والتدريب على احترام حقوق الإنسان. وفي ظل عملية التدريب والتأهيل، فيجب الحفاظ على التنسيق والتعاون مع أجهزة استخبارات الدول الحليفة والصديقة والمنظمات الدولية لا سيما في مجال مكافحة الإرهاب.
يجب أن تعتمد المنظومة الاستخبارية على الكفاءات البشرية المؤهلة للعمل في هذا المجال عبر الدورات التخصصية المحلية والعالمية، من القادرين على استخدام الوسائل الحديثة والتقنيات المتطورة التي تستخدمها أجهزة الاستخبارات الحديثة في العالم. ويجب توفير موارد مالية لغرض إدامة وإسناد منظومة المصادر الموثوقة التي بدونها يصعب الحصول على المعلومات الدقيقة.
وقد أنشأنا قاعدة معلومات لتخزين المعلومات الاستخبارية التي تصلنا من أقسام الاستخبارات في قطاعات العمليات وضباط الاستخبارات والأمن المتواجدين في الميدان، والعمل بها ودراستها وتحليلها، بهدف اكتشاف التهديدات الإرهابية محتملة الوقوع.
يونيباث: ما التحديات التي واجهها الضباط أثناء تنفيذ واجباتهم في الميدان؟
اللواء المعموري: كنا نواجه مشكلة معقدة في السابق وهي تكليف منتسبي الاستخبارات الذين يعملون ضمن التشكيلات العسكرية بمهام لا تمت لاختصاصهم بصلة؛ ولذلك صدرت توجيهات لضباط الاستخبارات وآمري أفواج الاستطلاع في الوحدات بعدم تكليف منتسبي الاستخبارات بواجبات لا تمت للعمل الأمني والاستخباري بصلة، لكي يكون لديهم حرية الحركة والوقت الكافي لمتابعة أنشطة الإرهابيين في قطاعات المسؤولية ورفد المديرية بتفاصيلها.
يونيباث: هل لديكم فرق متخصصة لمتابعة منصات التواصل الاجتماعي التي ينشط عليها الإرهابيون؟
اللواء المعموري: يوجد لدينا شعبة متابعة فنية ورصد إلكتروني في «خلية الاستخبارات ومكافحة الإرهاب»؛ وهذه الشعبة مختصة بمتابعة أنشطة عصابات داعش على مواقع الإعلام الاجتماعي. ونعمل على تطويرها من خلال رفدها بخبرات مختلفة. فحروب الجيل الرابع والخامس تهتم بالجانب الإلكتروني والإنترنت؛ ولذلك نهتم باستقطاب مهندسي الحاسبات والشبكات ليكونوا ضمن فرق مديرية الاستخبارات. ولدينا أقسام متخصصة في الحرب الإلكترونية واستخراج الأدلة من الأجهزة التي نعثر عليها بمخابئ الإرهابيين ومراقبة ومتابعة تواصل الإرهابيين عبر قنوات الدردشة والبريد الإلكتروني.
يونيباث: ما دور الاستخبارات العسكرية في جهود تجفيف مصادر تمويل الإرهاب؟
اللواء المعموري: تختص «خلية الاستخبارات ومكافحة الإرهاب» كذلك بمراقبة الحوالات المصرفية وغسيل الأموال. وبما أنَّ الأنشطة الإرهابية تعتمد اعتماداً كبيراً على التمويل في عمليات التجنيد ونقل المقاتلين وزرع العبوَّات الناسفة، فمن أولوياتنا تجفيف منابع تمويل الإرهاب بكافة أشكاله. ونعمل عن كثب مع شركائنا في قوات التحالف بمشاركة المعلومات الاستخبارية المتعلقة بشبكات التمويل الداخلية وخيوطها في الخارج؛ وهم والأجهزة الاستخبارية الصديقة يشاركوننا بما يتوصلون إليه نتيجة مراقبة الأنشطة المشبوهة في الخارج ممَّا يعطي الجميع صورة كاملة لشبكات تمويل الإرهاب الداخلية والخارجية لكي يتم استهدافها.
يونيباث: إحدى وحداتك الفاعلة، تُدعى «الوحدة 43»، لعبت دوراً كبيراً أثناء معارك التحرير ببث الرعب في قلوب الإرهابيين والتواصل مع السكان المدنيين؛ فهل لك أن تحدثنا عن هذه الوحدة؟
اللواء المعموري: لا شك أنَّ «وحدة العمليات النفسية» تلعب دوراً كبيراً في بث الرعب والفوضى في صفوف العدو. فهذه الوحدة مكلَّفة بالتخطيط والإنتاج والتوزيع لكل المنتجات الخاصة بالعمليات النفسية لكي يكون لدى وزارة الدفاع نهج موحد ومتخصص في مجال العمليات النفسية. ولقد تمَّ رفد الوحدة بخبراء واختصاصيين من «مستشارية الأمن الوطني» وانخرط منتسبوها في دورات متخصصة قدمتها قوات التحالف؛ إذ ابتُعث آمر الوحدة إلى المملكة المتحدة والولايات المتحدة لمشاهدة عمل الوحدات المماثلة في هذين البلدين وعاد بكم من الخبرات التي تمَّ تطبيقها بعد ذلك.
وعلاوة على ذلك، فقد حصلت الوحدة على تقنيات حديثة استخدمتها في معارك تحرير المدن وأثبتت قدرتها على هزيمة الإرهاب. كما نجحت «الوحدة 43» في حث السكان على التعاون مع القوات الأمنية والتواصل معهم من خلال إذاعات راديو ميدانية وإلقاء المنشورات من الجو. كان وقْع المنشورات في الموصل مربكاً لعصابات داعش إذ كنا نشاهدهم من خلال طائرات الاستطلاع كيف يهرعون لجمع المنشورات من الشوارع والأزقة طوال اليوم خوفاً من وصولها للسكان.
إلَّا أنَّ جمع المنشورات أنهكهم وزرع الخوف في قلوبهم، ولم يستطيعوا جمع ملايين المنشورات التي كانت تُلقى في مدينة الموصل كل ليلة. كما نجحت «الوحدة 43» باستخدام مكبرات الصوت التي تبث أصوات قصف وهدير دبابات وقتال من معارك التحرير، فهرب الكثير من عناصر عصابات الإرهابيين مذعورين من قرىً وقصبات حتى دون إطلاق رصاصة واحدة، وكان الناس يتحدثون عن سماع أصوات معارك شرسة طوال الليل.
يونيباث: كيف اختلفت مهام الاستخبارات بعد تحرير المدن من سيطرة داعش؟
اللواء المعموري: بعد تحرير المدن من عصابات داعش الإرهابية، تركزت مهام الاستخبارات على اعتقال ومطاردة العناصر الإرهابية الهاربة والمتخفية وإفشال خطط الخلايا النائمة من خلال عمليات استباقية مبنية على تحليلات دقيقة للمعلومات التي جمعها عنهم عناصر الاستخبارات. كما تواصل العمل في جمع المعلومات عن أنشطة العدو ونواياه والقيام بالاستطلاع الجوي ومقارنة المعلومات لتحديد مخابئ العدو.
كما نقوم بإعداد تقرير موقف الاستخبارات وتحليل ساحة الحركات والعمل على خرق صفوف العدو من خلال فصائل الاستطلاع والدخول إلى المدن والتجول فيها لجمع المعلومات عن توزيع العدو ومقراته. كما سخرنا منصات الإعلام الاجتماعي لشن عمليات نفسية ضد العدو من خلال نشر صور ومواقع حصلنا عليها من الاستطلاعات الجوية والأقمار الصناعية.
تركز المديرية على تفعيل دور الطائرات المسيَّرة من خلال تأمين الطائرات والكاميرات والمواد الفنية للمشاركة في عمليات الرصد والتحليل ومتابعة تحركات قيادات داعش. وتركز على تشكيل فرق وفصائل لإجراءات التدقيق الأمني للنازحين وجمع المعلومات عن المطلوبين أمنياً والمختبئين بين النازحين.
أمَّا من جانب الحرب النفسية، فقد ركزنا على بث الإشاعات في مناطق تواجد العدو لكسر معنوياته وتذكير الناس بجرائم داعش وفضح وتفنيد أفكاره وفتاويه المتطرفة. وأظهرنا إنجازات الجيش العراقي ومديرية الاستخبارات في وسائل الاعلام. كما لعبت «شعبة المتابعة الفنية والرصد الإلكتروني» دوراً بارزاً في تحديد واختراق المواقع الإلكترونية لعصابات داعش الإرهابية وتعطيلها.
كما قامت الفرق المتخصصة بجمع المعلومات الاستخبارية لدراسة الحالة النفسية للعدو من خلال رصد ومتابعة مواقع الإعلام الاجتماعي والنوافذ الإعلامية سواء أكانت حسابات أفراد أو تنظيمات إرهابية.
كنا نعمل مع الأصدقاء في قوات التحالف في «قيادة العمليات المشتركة» بروح الفريق الواحد، ونرفدهم بمعلومات استخبارية دقيقة خلال العمليات التمهيدية فضلاً عن تنفيذ ضربات تجريد لمنع وصول التعزيزات للعدو، إذ نفذت قوات التحالف الدولي المئات من الضربات الجوية ضد أوكار ومقرات داعش. نقوم كذلك بتزويد القوة الجوية العراقية وطيران الجيش العراقي بالمعلومات الاستخبارية اللازمة في إطار خطط تطوير استهداف جوي ضد الإرهابيين، وساعدت تلك المعلومات على نجاح العديد من الضربات الجوية.
أمَّا أثناء عمليات التحرير، فقد عملنا بفعالية على تعزيز الوحدات المقاتلة بفصائل استخبارات يتكون كل منها من ضابط وجنود وعربات مدرَّعة مضادة للكمائن والألغام؛ وهذه الفصائل مزودة بأجهزة فنية وطائرات مسيَّرة مخصصة لغرض الاستطلاع الجوي.
ونصبنا مواقع سيطرة في محاور التقدم لتزويد الوحدات بإحداثيات ومواقع تواجد الإرهابيين والمعلومات الآنية، وإعطاء صورة واضحة للقادة الميدانيين في ساحات المعارك عن طبيعة تحصينات العدو وموارده البشرية وقدراته القتالية، وتوفير بث مباشر لفيديو المسيَّرات لتأمين حركة الوحدات تجنباً لاستهدافها بالعربات المفخخة بعبوَّات ناسفة محلية الصنع وتدمير أهداف العدو أثناء التقدم.
يونيباث: كيف استطعتم العمل على جبهتين في آن واحد: إدارة معارك التحرير ومعالجة أزمة النازحين؟
اللواء المعموري: سببت أزمة النازحين إرباكاً في تقدم الوحدات وتأخير سير تقدم القوات المهاجمة؛ وذلك حفاظاً على سلامة الأبرياء، وأثر هذا حتى على تعريف قواعد الاشتباك بسبب اختباء الإرهابيين بين النازحين واتخاذهم دروعاً بشرية في بعض الاحيان. وبعد بناء مخيمات للنازحين، بالتعاون مع قوات التحالف والأمم المتحدة، واجهنا خروقات أمنية من خلال تسلل الإرهابيين بين المدنيين.
ولذلك شكلت القيادة لجان مشتركة من جميع الأجهزة الأمنية، وكلفتنا بمهمة تدقيق بيانات النازحين قبل دخولهم المخيمات. فشكلت مديريتنا فرق عمل مزودة بقاعدة بيانات للمطلوبين لمقارنتها بالمعلومات الشخصية للنازحين تمَّ من خلالها إلقاء القبض على عناصر وقيادات داعشية.
كما تمكنت مديريتنا من ضبط مجموعة كبيرة من وثائق داعش في مختلف القطاعات، وشكلت لجان لفرز هذه الوثائق وتحليلها، فضلاً عن تنظيم معرض افتُتح في مقر مديريتنا يوم 26 شباط/فبراير 2017؛ وكان الهدف من ذلك عرض تلك الوثائق على الرأي العام المحلي والدولي وكشف الجرائم التي اقترفتها العصابات الإرهابية بحق المواطنين.
ولاقى المعرض اهتمام القنوات الإعلامية والإخبارية المحلية والعالمية وتضمن إبراز الوثائق والمبرزات الجرمية العائدة لعصابات داعش. وتضمنت كتب مطبوعة في مطابع محلية خاصة بنشر الأفكار المتطرفة وكتب المناهج الدراسية المطبوعة لمصلحة ما يسمى بـ «ديوان التعليم» وهو بمثابة وزارة التعليم لدى تنظيم داعش، فضلاً عن ملصقات تحريضية وقوائم بأسماء العناصر الإرهابية وأجهزة اتصال وطائرات مسيَّرة.
التعليقات مغلقة.