المياه التي تحيط بالشرق الأوسط وشرق إفريقيا تضم بعضاً من أهم الممرات الملاحية في العالم، إذ تمخر عُباب البحر الأحمر وخليج عدن والمحيط الهندي وخليج عُمان سفنٌ تحمل نحو 27 مليون برميل من النفط وثلث كمية المنتوج العالمي للغاز المسال.
ولا تسلم هذه الممرات المائية الحيوية نفسها من التنظيمات الإجرامية والإرهابية التي تسلكها للتهريب، وظل مكتب الأمم المتحدة لمكافحة المخدرات والجريمة حتى عام 2024 يصف «الطريق الجنوبي» بأنه ممرٌ رئيسيٌ لتهريب الأفيون في الممرات المائية المحيطة بالجزيرة العربية.
تحافظ القوات البحرية المشتركة، وهي أكبر تحالف بحري متعدد الجنسيات في العالم، على النظام الدولي المعني بمكافحة الجهات غير الحكومية غير الشرعية، وتعزيز الأمن والاستقرار والازدهار في نطاق عملياتها. ولطالما كانت كندا من أبرز أعضاء هذه القوة بالغة الأهمية المتمركزة في البحرين.
وفي إطار القوات البحرية المشتركة، تقع مسؤولية مكافحة الاتجار بالمخدرات وسائر الممنوعات على عاتق قوة المهام المختلطة 150، وكانت هذه القوة البحرية متعددة الجنسيات حتى عام 2024 تضم سفناً وأفراداً من كلٍ من أستراليا وكندا والدنمارك وفرنسا وألمانيا وإيطاليا وهولندا ونيوزيلندا وباكستان والسعودية وإسبانيا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة.
وبفضل خلية الاندماج الإقليمية المشتركة بين الوكالات المعنية بمكافحة المخدرات، تحت قيادة القوات البحرية بالقيادة المركزية الأمريكية وإدارة مكافحة المخدرات الأمريكية، نجحت القوات البحرية المشتركة في حرمان تجار المخدرات في أرجاء المنطقة من عائدات تُقدر بمليارات الدولارات في الـ 11 سنة الماضية، وأحبطت في عام 2024 عمليات تهريب مخدرات تُقدَّر قيمتها بـ 386 مليون دولار أمريكي.

تولت كندا قيادة قوة المهام المختلطة 150 ست مرات منذ تشكيلها في عام 2001، كان آخرها في الفترة من كانون الثاني/يناير وحتى تموز/يوليو 2024 خلفاً للبحرية الفرنسية، وتألفت قوة المهام بقيادة كندا من عناصر من كلٍ من أستراليا والبحرين ونيوزيلندا.
وتحت مسؤولية هذه القيادة المشتركة بامرة كندا، نفذت قوة المهام المختلطة 150 تسع عمليات اعتراض ناجحة، ضبطت فيها ما يزيد على 11,600 كيلوغرام من المخدرات في منطقة عملياتها، التي تبلغ مساحتها 8.29 مليون كيلومتر مربع، من مضيق هرمز غرباً إلى القرن الإفريقي شرقاً.
وبالتزامن مع ذلك، حرصت قوة المهام المختلطة 150 على جمع المعلومات الاستخبارية من منصات المراقبة والاستطلاع المرتبطة بالأقمار الصناعية، وبفضل التعاون متعدد الجنسيات في إطار قوة المهام المختلطة 150، يتيسر لتلك البلدان، على اختلاف لغاتها وأديانها وثقافاتها، أن توحد صفها وتعمل معاً في عمليات الأمن البحري.
إن نجاح العمليات التي نفذتها قوة المهام المختلطة 150 لخير دليل على تفوق فرق القيادة التعاونية المنوط بها الإشراف على الأصول متعددة الجنسيات، ونفذت قوة المهام المختلطة 150 في نيسان/أبريل 2024 عملية «كريمسون باراكودة»، وهي حملة موسعة لمكافحة المخدرات، شارك فيها عناصر من البحرية الملكية الكندية، والبحرية الملكية البريطانية، والبحرية الهندية، وخفر السواحل الأمريكي، والبحرية الأمريكية، ونجحوا في ضبط أكثر من 4,900 كيلوغرام من المخدرات.
وبصحبة زملائه في القوات المسلحة الكندية، عمل العقيد بحري كولين ماثيوز، وهو من رجال البحرية الملكية الكندية وقائد قوة المهام المختلطة 150 آنذاك، عن كثب مع حلفاء الولايات المتحدة للنهوض بقدرات كندا في التكامل وإثبات قوتها وأنها من أبرز الدول الأعضاء، فنجحت القوة تحت قيادتها في ضبط كمية من المخدرات تتجاوز قيمتها 100 مليون دولار أمريكي كانت غايتها تمويل التنظيمات الإجرامية والإرهابية.

القوات البحرية المشتركة
إن ما تحققه قوة المهام المختلطة 150 من إنجازات يحبط المشاريع الإجرامية ويحافظ على استعراض القوة القادرة على ردع تلك التنظيمات وزجرها عن تهديد حركة الملاحة البحرية القانونية.
ولما انتهت فترة قيادة العقيد ماثيوز في تموز/يوليو 2024، قوبل بعبارات التهنئة والثناء على نجاحه في مهمته، وسلمت كندا قيادة قوة المهام المختلطة 150 إلى العميد بحري عاصم سهيل مالك، رئيس أركان قائد الأسطول الباكستاني في مقر قيادة الأسطول، وهذه هي المرة الـ 13 التي تتولى فيها باكستان قيادة القوة.
وجدير بالذكر أن معظم النفط والغاز الطبيعي في العالم يمر من خلال الممرات المائية في الشرق الأوسط وشرق إفريقيا، ومهما قلنا فيها فلا نبالغ بالحديث عن أهمية هذه الممرات الملاحية وحمايتها، والقوات البحرية المشتركة مكلفة بحماية هذا الشريان، مع حرمان العناصر الإجرامية من تهريب المخدرات وسائر الممنوعات التي تسهم في تمويل التنظيمات المتطرفة العنيفة.
وبفضل القيادة متعددة الجنسيات سنحت الفرصة لأفراد البحرية الملكية الكندية للعمل مع حلفاء الولايات المتحدة عن كثب، والإشراف على عمليات موسعة لمكافحة المخدرات، ولن تفتر كندا عن العمل مع حلفائها وشركائها لحماية مصالحنا المشتركة في الأمن الإقليمي والالتزام بالنظام الدولي القائم
على تطبيق القانون.