قيادة السفن من بحر إلى بحر
الفريق الركن بحري فهد الغفيلي ترأس عملية تحديث القوات البحرية الملكية السعودية
أسرة يونيباث
اشتق لقب أدميرال من الكلمة العربية أمير البحر، وارتبطت بقادة كان البحر ميداناً لبطولاتهم. ثمة قول معروف يقول “إن البحر الهادئ لا يصنع بحّاراً ماهراًً”، ويُعرف البحر باضطرابه ﻭﻏﻤﻭﻀﻪ ﻭﺘﻘﻠبه. ويتطلب شق عُباب البحر بحّاراً ماهراً يدير دفة السفينة بهمة وإحكام، ويعي مخاطر الإبحار وأعداء يسعون بدهاء و بلا هوادة لشل حركة السفن ويتفننون بزرع الألغام.
تستعرض مجلة يونيباث في عددها هذا سيرة بَحّارٍ لا يثنيه اضطراب موج البحار، ويضع نصب عينيه خدمة وطنه والارتقاء بجاهزية القوات البحرية الملكية السعودية.
سيرة حافلة
خلال مسيرته العسكرية، شغل الفريق الركن فهد الغفيلي العديد من المناصب: رئيس قسم مكافحة الغواصات، رئيس قسم العمليات، مدير قسم الاستخبارات، قائد سفينة، مستشار عسكري، قائد قاعدة بحرية، قائد الأسطول، وقائد القوات البحرية الملكية السعودية.
لقد أعده تعليمه جيداً لمثل هذه المهنة المميزة، فهو حاصل على درجة البكالوريوس في العلوم البحرية والعسكرية ودرجة الماجستير في استراتيجية الأمن الوطني. كما أنهى العديد من الدورات والندوات التي شحذت معرفته ومهاراته في مجالات الاستخبارات والعمليات والإدارة.
أكسبته خدمته وانجازاته المتميزة الكثير من الأوسمة والميداليات كوسام الملك فيصل من الدرجة الثالثة، وميدالية تحرير الكويت، وميدالية درع الجنوب، وميدالية التقدير العسكري من الدرجة الأولى، ونوط القيادة، ونوط درع الجزيرة وغيرها الكثير.
القوات البحرية الملكية السعودية
تمتلك البحرية الملكية السعودية أسطولين مهمين هما الأسطول الشرقي في الخليج العربي والأسطول الغربي في البحر الأحمر وكل منهما يمتلك قوة عسكرية كاملة تتمثل في وحدات السفن القتالية و وحدات الدعم والإسناد الإداري والفني ومجموعة الطيران البحري ومشاة البحرية ووحدات الأمن البحرية الخاصة.
وإيماناً من القوات البحرية الملكية السعودية بأهمية التأهيل والتعليم والتدريب للكوادر البشرية، عمدت إلى إنشاء كلية الملك فهد البحرية ومعهد الدراسات الفنية ومدارس القوات البحرية ومدرسة مشاة البحرية ومدرسة وحدات الأمن البحرية الخاصة بالإضافة إلى مراكز التدريب البحري.
ومنذ تأسيسها تعهدت القوات البحرية الملكية السعودية بتنفيذ مهامها وواجباتها بالذود عن حياض الوطن الغالي والمشاركة في تحالفات دولية بحرية لنشر السلام والأمن في المنطقة.
رفع الجاهزية وتعزيز الأمن
دعمت القوات البحرية الملكية السعودية أسطولها بزوارق تعد الأسرع في العالم، كما تستعد لاستقبال طائرات قتالية، في خطوة تهدف إلى تحديث القوات البحرية السعودية، ورفع جاهزيتها القتالية لحماية المصالح الحيوية والاستراتيجية السعودية وتأمين مياهها الإقليمية، وتعزيز الأمن البحري في الخليج العربي والمشاركة في حفظ أمن واستقرار المنطقة.
أشار الفريق الغفيلي إلى أن الجهود التحديثية والإنجاز ترتبط بضباط وضباط الصف في القوات البحرية السعودية الذين يعملون بكل جدٍ وتفان لخدمة الوطن. وأضاف الفريق أن القوات البحرية الملكية السعودية تعمل على تطوير شامل لقدراتها القتالية ورفع مستوى الجاهزية، وذلك عبر عقود التسليح والتدريب المختلفة. كما تسعى إلى رفع الكفاءة القتالية وزيادة قدراتها لتكون في مصاف القوات البحرية المتقدمة على المستوى العالمي، وذلك عبر تنفيذ مشاريع مستقبلية تتماشى مع “رؤية السعودية 2030”.
أهمية التمارين المشتركة
أكد الفريق الغفيلي على أهمية التمارين المشتركة في تعزيز الأمن البحري وحماية المياه الإقليمية وتعزيز التعاون العسكري وتبادل الخبرات القتالية مع القوات الصديقة. ولقد اشتركت القوات البحرية السعودية في العديد من التمارين السابقة المشتركة والتي تضمنت المناورات التي تعزز إجراءات الامن البحري بالمنطقة وتوحيد مفاهيم أعمال قتال القوات البحرية، وتبادل الخبرات واكتساب المهارات القتالية من خلال الدقة في التخطيط والاحترافية في التنفيذ والقدرة على ممارسة إجراءات القيادة والسيطرة على الوحدات المختلفة في مسرح العمليات. بالإضافة إلى تعزيز التعاون بين القوات البحرية في مجال التدريبات المختلفة وتوحيد المفاهيم العملياتية لمواجهة كافة التهديدات بالمنطقة. وتطورت احترافية البحارة السعوديين في قدرتهم على القيام بعمليات بحرية دقيقة عبر مسارح عمليات مختلفة، بما في ذلك المهام المتزامنة في الخليج العربي والبحر الأحمر.
ومن بين هذه التمارين تمرين “المدافع البحري 20” المشترك بين البحرية الملكية السعودية والبحرية الأمريكية في قاعدة الملك عبد العزيز البحرية بالجبيل بالمنطقة الشرقية. واستضاف فيه الفريق الركن الغفيلي الأدميرال جيمس مالوي قائد الأسطول الأمريكي الخامس آنذاك. يهدف التمرين الذي استمر أسبوعين إلى تعزيز الأمن البحري وحماية المياه الإقليمية وتعزيز التعاون العسكري. تدربت القوات البحرية، بما في ذلك الوحدات البرية والجوية، بالذخيرة الحية في سيناريوهات تحاكي أزمات حقيقية.
وفي هذا السياق أشاد الأدميرال جيمس مالوي بالدور القيادي للقوات البحرية الملكية السعودية في الجهود الإقليمية لتعزيز وتقوية الدفاعات ضد العدوان الإيراني في أعقاب الهجوم الذي وقع على المنشآت السعودية في 14 أيلول/سبتمبر2019.
وقال الأدميرال مالوي “إن المشاركة والعمل عن كثب مع النظراء الإقليميين أمرٌ ضروري للحفاظ على الرد.” وأضاف “لقد كانت المملكة العربية السعودية حليفاً رئيسياً في تعزيز الأمن الإقليمي، وتعد قيادة وشراكة الفريق الركن الغفيلي عنصراً أساسياً في تنسيق جهود الدفاع عن المملكة العربية السعودية وجميع الشركاء الإقليميين وكذلك تلك الدول، من جميع أنحاء العالم، التي تعتمد على التجارة البحرية.”
وأشار القائد الأمريكي إلى الحاجة إلى الحماية البحرية للبنية التحتية مثل الموانئ ومحطات النفط والمصافي وعمليات الاعتراض البحري لوقف التهريب والإرهاب والجرائم الأخرى؛ والتدابير المضادة لكشف وإزالة الألغام التي تهدد التجارة في ممرات الشحن الحيوية.
قال الأدميرال: “هذا النوع من التمارين الشاملة يطور قدرات مخططينا ويطلعنا على القدرات المتزايدة لشركائنا الإقليميين. كما أنه يُعَرّفُنا على الالتزامات العملياتية للقوات البحرية الملكية السعودية ويمكّننا من تجميع مواردنا لخلق بيئة حقيقية مليئة بالتحديات والواقعية نتدرب فيها معًا.”
نبذة تاريخية
تتمتع المملكة العربية السعودية بموقع استراتيجي متميز، إذ تقع في شبه الجزيرة العربية، في أقصى جنوب غربي آسيا وتغطي مساحة المملكة التي تبلغ نحو مليوني كيلومتر مربع نحو ثلثي مساحة شبه الجزيرة العربية، وتنحصر بين الخليج العربي من الشرق، وخليج العقبة والبحر الاحمر من الغرب، ونتيجة لهذا الموقع المتميز والمساحة الواسعة تمتلك المملكة ثلاث واجهات بحرية ويبلغ طول سواحلها نحو 3400كم، إحداها على البحر الأحمر، والأخريان على الخليج العربي، حيث تطل المملكة من الغرب على خليج العقبة والبحر الاحمر بساحل يبلغ طوله نحو 2400 كم، وتحتل المرتبة الأولى بين الدول المطلة على ضفتي البحر الأحمر من حيث طول الساحل، ويمثل طول ساحلها على البحر الاحمر نحو 80% من الساحل الشرقي للبحر الأحمر إذ أنه يفصل جنوب غرب قارة آسيا عن شمال شرقي قارة إفريقيا ويعد بذلك الذراع الرئيس للمحيط الهندي بربطه المحيط الهندي وبحر العرب جنوباً مع البحر المتوسط شمالاً.
ويقع الخليج العربي في الجنوب الغربي من قارة آسيا، وهو الحد الشرقي لشبه الجزيرة العربية، وهو على هيئة ذراع ممتد بشكل عام من الجنوب الشرقي – حيث مضيق هرمز – إلى الشمال الغربي – حيث مصب شط العرب، ويتصل الخليج العربي ببحر عمان – الذي يقع الى الشرق منه – عبر مضيق هرمز، الذي يعد حلقة الوصل بين الخليج العربي وبحر عمان، ويعتبر الشريان الرئيس للتجارة الدولية – نظراً لموقعه المتميز بعد اكتشاف البترول فيه وفي المناطق المحيطة به، وأصبحت منطقة الخليج الخزان الرئيس للبترول في العالم، إذ يمر عبر الخليج نحو ثلث الانتاج العالمي من البترول.
ومن هذا المنطلق عمدت حكومة المملكة العربية السعودية إلى إنشاء قوة بحرية مهمتها الدفاع عن أمن وسلامة أراضي المملكة العربية السعودية والبحار الإقليمية لها، فكانت بداية نشأة القوات البحرية الملكية السعودية بين عام 1957 و 1958 وسميت حين ذاك بسلاح البحرية وفي عام 1960 انضم زورق الرياض الى الخدمة في القوات البحرية ليكون أول قطعة بحرية تمتلكها القوات البحرية ومنذ ذلك التاريخ استطاعت المملكة تحقيق تعزيز هائل بما يمثل نقلات كبيرة في تطوير ترسانتها العسكرية والبحرية. المصدر: وزارة الدفاع السعودية
التعليقات مغلقة.