شراكة أمنية دائمة
«عملية العزم الصلب» تتحول إلى مهمة خاصة بتقديم المشورة والدعم والتمكين في العراق وسوريا
الفريق أول الركن بالجيش العراقي عبد الأمير الشمري، نائب قائد العمليات المشتركة السابق، واللواء بالجيش الأمريكي جون برينان، قائد قوة المهام المشتركة السابق في عملية العزم الصلب
تحولت مهمة «قوة المهام المشتركة عملية العزم الصلب» في كانون الأول/ديسمبر 2021 الى مهمة غير قتالية واقتصر دورها على تقديم المشورة للقوات الشريكة في العراق وسوريا ودعمها وتمكينها لضمان استدامة هزيمة داعش؛ فنود أن نتحدث بالتفصيل عن الأدوار التي كلفت بها كلٌ من القوات العراقية وقوات التحالف في مهمتنا المستمرة لمكافحة داعش.
تركز مرحلة الحملة الجديدة من «عملية العزم الصلب» على تقديم المشورة والدعم والتمكين للقوات الشريكة على المستوى العملياتي، ويعتبر ذلك تقدماً طبيعياً ومُخطَّطاً للعملية؛ وينصب التركيز في هذه المرحلة على تطوير القوات الشريكة والنهوض بقدرات وإمكانيات قوات الأمن العراقية وقوات الأمن الكردية والشركاء الموثوقين في سوريا للارتقاء بكفاءتها ورفع عزيمتها. نجحت قوات الأمن العراقية في النهوض بقدراتها إلى درجة تسمح لها بمسك الأراضي المحرَّرة من الدواعش في عام 2017 والدفاع عنها. ولم تعد نفس القوة التي واجهت داعش في عام 2014، إذ باتت أفضل تدريباً وقيادةً وتجهيزاً، وأصبحت تخطط وتنفذ عمليات متزايدة التعقيد لمكافحة الارهاب والحفاظ على سلامة المواطنين العراقيين.
أثبتت قوات الأمن العراقية تفانيها والتزامها الكبيرين في العمل لدحر داعش مع فرض الأمن على المستويين الحكوميين المحلي والوطني، وتواصل «قوة المهام المشتركة – عملية العزم الصلب» تقديم المشورة لها وإمدادها بالدعم الفني المتقدم. وإنَّ إنشاء الخنادق المحصَّنة والسواتر الترابية على طول المحاور الرئيسية من الحدود الدولية مع سوريا بطول 607 كيلومتر لخير مثال على تزايد تركيز العراق على الأمن. وبإضافة أبراج المراقبة الكونكريتية والمراقبة بالكاميرات، فإنَّ المشروع – المنفذ في الغالب بأيدي مهندسي قوات الأمن العراقية – قلَّص عدد الاختراقات الحدودية التي كان من الممكن أن تسفر عن وقوع أعمال عنف داخل العراق. كما أنَّ نشر قيادة قوات حرس الحدود العراقية على طول الحدود السورية أضاف خطاً دفاعيا آخر.
وعسكرياً، فقد ذاق داعش مرارة الهزيمة وبات عاجزاً عن السيطرة على الأرض، بيد أنَّ فكره وتكتيكاته ما تزال تشكل تهديداً، إذ يحاول هؤلاء الإرهابيون تلافي نقاط ضعفهم من خلال العمل في خلايا صغيرة سريعة الحركة تستهدف المدنيين العزل. وفي إطار دوره الجديد المتمثل في تقديم المشورة والدعم والتمكين، يواصل التحالف الدولي المساهمة في الحيلولة دون عودة داعش.
من خلال دورها الاستشاري، تواصل قوات التحالف الدولي دعم القيادات العراقية على المستوى العملياتي في التخطيط للعمليات التي تستهدف الدواعش وتنفيذها. ويعمل التحالف في إطار شراكة قوية مع الحكومة العراقية وبدعوة منها للحرص على ألا تقوم لداعش قائمة من جديد وتمكين إنشاء إطار للتعاون الأمني الدائم؛ وهذه العلاقة قائمة على الثقة والاطمئنان النابعين من إجراء عمليات مشتركة ناجحة طيلة سنوات. ومن أبرز الأمثلة على مهمة تقديم المشورة هي العمليات التي تجريها «قيادة العمليات المشتركة العراقية» في بغداد، إذ يتعاون مستشارون من مختلف دول التحالف في «المجموعة الاستشارية العسكرية» مع أفراد قوات الأمن العراقية للمساعدة على تطوير قدراتهم وتوسيع نطاق عملياتهم. وتجري جهود مماثلة في منطقة كردستان بين المجموعة الاستشارية العسكرية وقوات الأمن العراقية. فقد تبنى التحالف نهج مساعدة العراقيين على تشكيل خليتهم الضاربة، على سبيل المثال، لكي يتسنى لهم توجيه ضربات جوية بطائراتهم، والاعتماد على جهودهم في جمع المعلومات الاستخبارية وعمليات تطوير الاهداف. ومع استمرار التحالف بدعمها، تبقى القوات العراقية في المقدمة عند تنفيذ المهام، ويواصل رجالها تحسين أدائهم بمرور الوقت.
يشير دور الدعم إلى نقل الموارد العسكرية إلى القوات الشريكة، إذ تساعد المعدات والذخيرة والأسلحة والمركبات التي يخصصها التحالف لدعم الشركاء على تحقيق الاستقرار في المناطق المتضررة من الصراع ومساعدة قوات الأمن العراقية على مواصلة بناء قدراتها. وقد شملت هذه المساعدات حتى الآن مدرَّعات ومركبات عسكرية وسيارات إسعاف وشاحنات وقود وأجهزة اتصالات لاسلكية وأنظمة تحكم في الحركة الجوية بالإضافة إلى مجموعة من الأسلحة النارية والذخيرة؛ وكل ذلك بهدف مساعدة العراق على دحر داعش للأبد.
تركز مهمة التمكين التي ينفذها التحالف على إمداد العراقيين بالقدرات التي ربما تنقصهم حالياً، ويوفر التحالف هذه القدرات بناءً على طلب صريح من الحكومة العراقية. ومن الأشكال الشائعة لهذا التمكين المقدم من التحالف هو طلعات الاستخبارات والمراقبة والاستطلاع التي تقدمها منصات التحالف لمساعدة القوات العراقية على تخطيط عملياتها وتنفيذها وحماية قواتها ومعداتها؛ إذ تمتلك القوة الجوية العراقية وطيران الجيش العراقي القدرات والوسائل اللازمة للقضاء على أهداف مهمة لداعش، وتعمل منصات الاستخبارات والمراقبة والاستطلاع الخاصة بالتحالف على تقديم معلومات استخبارية دقيقة للطيارين العراقيين لتحديد مواقع الإرهابيين وإحباط محاولات داعش لتنفيذ هجمات أرهابية. وتساعد جهود التحالف في جمع المعلومات الاستخبارية وتبادلها، ومنها مراقبة اتصالات داعش في الخارج، على كشف مخابئ الإرهابيين وتحركاتهم وخطوط إمدادهم في العراق وسوريا. وهذا التنسيق الاستخباري يسهِّل على الوحدات البرية والجوية العراقية تعقب ومنع محاولات العدو لعبور الحدود أو أي نشاط غير قانوني آخر.
لقد لبَّى التحالف نداء المساعدة في عام 2014 حين اجتاح داعش المنطقة، وبسط سيطرته على مئات الآلاف من الأميال المربعة من الأراضي، وأذاق 8 ملايين من المدنيين الأبرياء مرارة وحشيته. وبناءً على دعوة من العراق، نجح التحالف في كسر شوكة «خلافة» داعش على الأرض وتفكيكها وتدميرها في نهاية المطاف في عام 2017. وعلى الرغم من هزيمة الدواعش عسكرياً، لكنهم ما يزالون يشكلون تهديداً أمنيا للمنطقة، ومن الجلي أنهم يحاولون إعادة تعبئة صفوفهم. وبناءً على دعوة من جمهورية العراق، سيواصل التحالف تقديم المشورة للقوات الشريكة ودعمها وتمكينها حرصاً على أن يظل داعش مدحوراً وألَّا يولد من جديد داخل العراق وسوريا.
التعليقات مغلقة.