رسالة قائد مهم
أمسينا نعيش في عصر تتغير فيه معالم المنافسة الدولية بسبب التقنيات المستحدثة، ولا تفتأ الولايات المتحدة تستثمر في تقنيات كالطائرات والزوارق والغواصات المسيَّرة، إلا أن هذه القدرات ليست حِكراً علينا.
بل تعمل الميليشيات والتنظيمات المتطرفة العنيفة التي تعيث فساداً في المنطقة على حيازة المعدات والأسلحة التي يمكن أن تلحق ضرراً بالغاً دون أن تعرِّض مشغليها للخطر، بل وتصنعها بنفسها في بعض الحالات.
وحيازة هذه الأسلحة غير المكلفة التي يسهل الحصول عليها يمكن أن يحدد من ينتصر في الصراع، ونرى في الحروب الأخيرة كالحرب التي نشبت في أوكرانيا مسيَّرات رخيصة نسبياً تغرق بوارج باهظة الثمن.
وتتبع الولايات المتحدة وشركاؤنا نهجاً استباقياً إذ تستعين بالابتكارات العسكرية الحديثة التي تعزز الأمن الإقليمي للاستفادة القصوى منها.
كنت أتولى قيادة الأسطول الأمريكي الخامس المتمركز في البحرين قبل أن أُعين نائباً لقائد القيادة المركزية الأمريكية، وتمتد المياه التي تؤمنها قواتنا البحرية من قناة السويس إلى شمال الخليج العربي، وتشكل قنوات حيوية لنسبة كبيرة من التجارة العالمية، وتبلغ المسافة من قناة السويس، وحول الجزيرة العربية، وصولاً إلى شمال الخليج العربي 8,000 كيلومتر.
وتلك مسافة شاسعة، ومن غير العملي أو الميسور أن نصنع سفناً كثيرة تغطي مثل هذه المساحة مترامية الأطراف، فلجأنا إلى الابتكارات التكنولوجية، والطائرات المسيَّرة موجودة منذ ما يقرب من 30 سنة، والغواصات المسيَّرة منذ ما يقرب من 10 سنوات، ولكن لم تبلغ الزوارق المسيَّرة مرحلة النضج التقني إلا منذ عهد قريب، فأمست مما نهتم به في الآونة الأخيرة.
توسع هذه الزوارق المسيَّرة نطاق رؤيتنا، إذ توفر المستشعرات والكاميرات المثبتة عليها ملايين البيانات، وتفرزها أنظمة الذكاء الاصطناعي حسب أهميتها.
ولكن يتوقف نجاح هذه الآلات على نجاح من يشغلها، فقد أنشأت القوات البحرية بالقيادة المركزية الأمريكية في عام 2021 قوة المهام 59 لتكون أول قوة مهام مخصصة للمسيَّرات والذكاء الاصطناعي، وأجرت تلك القوة حتى مطلع عام 2024 أكثر من 34 تمريناً لتدريب الأفراد على أحدث التقنيات البحرية، ويكتسب مشغلو هذه المسيَّرات من يومئذ معارف وخبرات لا حصر لها.
كما ركزت مكونات أخرى في القيادة المركزية على المسيَّرات المصممة لتلبية احتياجاتها، ومثال ذلك أن قوة المهام 99 التابعة للقوات الجوية الأمريكية تدرس الاستعانة بطائرات مسيَّرة من مصادر غير تقليدية مثل تلك التي يمكنها طباعتها رقمياً بنحو 3,000 دولار أمريكي لكلٍ منها.
وتختبر قوة المهام 39 التابعة للجيش الأمريكي مسيَّرات روبوتية برية يمكنها إمداد القوات بالمؤن في الميدان بأمان. وتدرس قوة المهام 179 التابعة لقوة العمليات الخاصة شن هجمات بأسراب من الطائرات المسيَّرة الهجومية التي يمكن الاستغناء عنها لمضاعفة الفعالية القتالية.
لا يزال تنفيذ هذه الابتكارات، سواء الدفاعية أو الهجومية، محل الدراسة والنظر، ولكنه يوفر فرصة هائلة للتحرك بسرعة وفعالية.
وتوفر هذه المسيَّرات أيضاً فرصة لتوسيع الشراكات بطرق فريدة، ومثال ذلك أن الأردن ظل أكثر من عامين مركزاً رئيسياً للعمليات التي تُنفذ بالمسيَّرات، والمركز الأردني للعمليات الروبوتية خير مثال على الشراكة في أبهى صورها، إذ تعمل القوات المسلحة الأمريكية والأردنية كتفاً الى كتف بينما نتقدم في استخدام التقنيات المتطورة.
وإذ نستشرف المستقبل، يتعين على كلٍ منا – الولايات المتحدة وشركائها وحلفائها وأصدقائها – ألا نكف عن تسخير هذه التقنيات بما يتماشى مع ظروفنا الأمنية الفريدة.
الفريق بحري براد كوبر
نائب قائد القيادة المركزية الأمريكية
التعليقات مغلقة.