رسالة قائد مهم
يسعدني أن ألبي دعوة القيادة المركزية الأمريكية لكتابة هذا المقال الافتتاحي الذي يقدم موضوع هام ألا وهو موضوع الشراكات وحفظ السلام.
تؤمن قطر إيماناً راسخاً بالسلام والتعايش بين الأقوام سواء في الدولة الواحدة أو بين شعوب دول متعددة، لذلك كانت دولة قطر، متمثلة بحكومتها الرشيدة، وماتزال سبّاقة في طرح مبادرات السلام أو الاسهام المباشر في الجهود الدولية الرامية إلى تغليب الحلول الدبلوماسية ونبذ الصراعات الاقليمية والدولية. وتفتخر القيادة القطرية بإسهاماتها في تحقيق هذا الهدف من خلال العمل الجماعي متعدد الأطراف؛ إذ نرى في مثل هذه الشراكات الدولية السبيل الأمثل لتعزيز الاستقرار ليس في الشرق الأوسط ووسط وجنوب آسيا فحسب، بل وفي العالم أجمع.
وهذه المبادئ أكدها حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد ال ثاني في كلمته التي ألقاها أمام الجمعية العامة للامم المتحدة في الاحتفال بالذكرى الـ 50 لعضوية قطر في الأمم المتحدة خلال عام 2021.
وتطبيقا لما تؤمن به، جدَّدت قطر دعمها لتسوية سياسية شاملة في أفغانستان في ظل الاضطرابات الأخيرة في أفغانستان. تسوية سياسية من شأنها تعزيز حقوق الإنسان وشجب الإرهاب بكافة أشكاله وأنواعه.
فيجب ألا تصبح أفغانستان مرة أخرى ملاذاً للمتطرفين الذين يوظفون العنف ويصدرون الإرهاب والموت للعالم، ولا يمكننا أن نسمح بانتهاء الشعب الافغاني المبتلى فقيراً ومعزولاً دولياً، فالفقر والعزلة عاملان يقودان إلى حالة اليأس والتطرف. وحرصاً منها على تحقيق هذه الغاية، سمحت قطر باستخدام أراضيها لنقل المساعدات الإنسانية لأفغانستان.
فقد انضمت إلى الشركاء الدوليين في آب/أغسطس وأيلول/سبتمبر 2021 للمساعدة على إجلاء عشرات الآلاف من الأفغان والأسر الأفغانية التي تقطعت بها السبل. وشملت عمليات الإجلاء كل من كان بحاجة له بما في ذلك طالبات من مدرسة للبنات؛ ولانرى في ذلك منة منا على الشعب الافغاني بل وكما قال سمو الأمير في خطابه أمام الأمم المتحدة: “كان هذا واجبنا الإنساني.”
وحين اجتاحت جائحة فيروس كورونا (كوفيد- 19) العالم في عام 2020، تولَّت قطر زمام المبادرة بتوفير اللوازم الطبية للمعرَّضين لخطر الإصابة بالفيروس، ووضعت دعمها المالي في خدمة منظمة الصحة العالمية لشراء اللقاحات للبلدان شديدة الاحتياج إليها.
وبسبب ثقتنا المطلقة بامكانية تحقيق التوافق والعمل المشترك مع أشقائنا في دول الخليج العربي بسبب مشتركاتنا الدينية والثقافية والقومية، حرصنا دائما على تعزيز العلاقات من خلال عضويتنا الفاعلة في مجلس التعاون الخليجي، وترسيخ االثقة من خلال الحوار.
ونتوقع لمجلس التعاون الخليجي أن يلعب دوراً مهماً داعماً لجهود الامم المتحدة في التفاوض على مستقبل اليمن. دور من شأنه إعلاء قيمة الوحدة السياسية للدولة وسلامة أراضيها؛ وعمل جماعي كهذا لابد أن يسهم في إنهاء الحرب الأهلية التي زعزعت استقرار اليمن والشرق الأوسط برمته.
وعند الحديث عن الشراكات وحفظ السلام لابد أن يتبادر الى الذهن الدور الحاسم الذي تلعبه «قاعدة العديد الجوية» القطرية في الحفاظ على السلام في المنطقة، وتؤكد التوسعة الأخيرة للقاعدة عمق الشراكة بين الولايات المتحدة وقطر.
فقد كانت «قاعدة العديد» نقطة الانطلاق الرئيسية للمهام الجوية لدحر داعش في العراق وسوريا، وتضمن الطلعات الجوية التي تنطلق من القاعدة حرية الملاحة في الممرات المائية الحيوية التي تعتمد عليها قطر ودول جوارها، كما كانت القاعدة بمثابة قناة لآلاف اللاجئين الأفغان الفارين من بلادهم، إذ مرَّ أكثر من 40,000 أفغاني عبرها في آب/أغسطس وأيلول/سبتمبر 2021.
جهود دولة قطر ومساهماتها في الشراكات الدولية حازت على ثناء المجتمع الدولي ودفعت الرئيس الأمريكي جو بايدن، إلى الاتصال شخصياً بسمو الأمير للتعبير عن تقديره لدعم قطر للجسر الجوي من أفغانستان بقيادة الولايات المتحدة.
وستجدون داخل هذا العدد من مجلة يونيباث الكثير من الأمثلة على سبل تعزيز السلام والشراكات لتحقيق الخير للمنطقة، بداية من تبادل المعلومات الاستخبارية، مروراً بالتمارين العسكرية متعددة الجنسيات، ووصولاً إلى دعم اللاجئين. وفي الختام أريد أن أكرر فخرنا بدور قطر الريادي في هذه المساعي.
الفريق سالم بن حمد النابت، رئيس أركان القوات المسلحة القطرية
التعليقات مغلقة.