ردع الإرهابيين
التمرين العسكري «جلمود 3» يستعرض قدرات قوات مكافحة الإرهاب في البحرين والإمارات
أسرة يونيباث
تعتمد عمليات مكافحة الإرهاب على العمل الإستخباري الدقيق وسرعة تبادل المعلومات بين الأجهزة الأمنية والدول الصديقة ولأن الجماعات الإرهابية تعتمد على التخفي بين السكان وإستخدام المدنيين كدروع بشرية، تركز الدول على سرعة الإستجابة والتنسيق العالي بين الأجهزة الأمنية تحت قيادة ميدانية موحدة لقطع الطريق على الجماعات الإرهابية ومنعها من تنفيذ مخططاتهم والمحافظة على أرواح المواطنين والممتلكات العامة. ومن هنا إنبثق التمرين البحريني -الإماراتي المشترك لمكافحة الإرهاب «جلمود 3» والذي دارت أحداثه في مملكة البحرين خلال الفترة من 8-10 نوفمبر 2022.
أُختُتمت الفعالية الأخيرة من التمرين بحضور حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك البلاد المعظم القائد الأعلى للقوات المسلحة، وصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة والقائد الأعلى لقواتها المسلحة. وفي إطار من التعاون الوثيق الذي تشكَّل على مدار عشرات السنين، شارك الحرس الملكي والعديد من الوحدات الأخرى التابعة لقوة دفاع البحرين ووزارة الداخلية وجهاز المخابرات الوطني لمملكة البحرين في التمرين بصحبة أشقائهم من القوات المسلحة الإماراتية.
وتضمنت أهداف مملكة البحرين ودولة الإمارات العربية المتحدة التواصل لحظة بلحظة على المستوى الإستراتيجي، وسرعة تبادل التقارير الإستخبارية المتعلقة بالأنشطة الإرهابية التي تهدد أمن دول المنطقة، وسرعة الإستجابة للتهديدات الإرهابية، والتنسيق في بيئة العمليات المشتركة.
كما ركزت مملكة البحرين على سرعة الإستجابة وتعزيز التماسك الإستراتيجي والعملياتي بين وزارة الداخلية وقوة دفاع البحرين وسائر مؤسسات الدولة، ووضع جميع الأجهزة الأمنية وفرق الطوارئ المشاركة تحت قيادة ميدانية موحدة يترأسها قائد واحد.
وشدَّدت دولة الإمارات العربية المتحدة على عنصر المرونة وسرعة نقل الوحدات الخاصة لمكافحة الإرهاب بكامل تجهيزاتها جواً والقيام بالمهمات الأمنية خارج حدود الدولة. وأبدى المراقبون العسكريون إعجابهم بسرعة الإماراتيين في نشر قوة تكتيكية متكاملة في مسرح العمليات إلى جانب أشقائهم البحرينيين.
كما كان تمرين «جلمود 3» يهدف إلى تعزيز التعاون العسكري بالتدريب لعدد من الأجهزة وإختبار القدرات القتالية والمهارات وأنظمة الإتصالات الإستراتيجية والعملياتية والتكتيكية. ودرَّب القوات على مهام الإمداد والتموين الخاصة بإدارة عمليات مكافحة الإرهاب وتوحيد عمل الوحدات المتخصصة لضمان قدرتها على العمل معاً بمهنية وإحترافية. كما سعى إلى تحقيق أقصى إستفادة من القدرات والخبرات التي يتمتع بها الطرفان وإرساء الأسس لمزيد من التعاون الأمني.
وحرصاً على الإرتقاء بهذه العلاقة، وقع الفريق الركن سمو الشيخ ناصر بن حمد آل خليفة مستشار الأمن الوطني، قائد الحرس الملكي بمملكة البحرين، والفريق مهندس عيسى سيف بن عبلان المزروعي، رئيس أركان القوات المسلحة الإماراتية، مذكرة تفاهم بشأن التعاون في مجال عمليات مكافحة الإرهاب.
ونجح المشاركون في التمرين في تنفيذ مهامهم بكفاءةٍ قتالية عالية وأداءٍ ميداني أظهر جاهزيتهم وقدرتهم على العمل في سيناريوهات واقعية مستقاة من تحليل الأوضاع والمخاطر والتحديات الإقليمية.
ويعد نجاح التمرين في تحقيق الأهداف المرجوة منه ثمرة التخطيط والتحضير الدقيق في كل مرحلة من مراحل العمل، وكانت اللجنة العليا التي صممت التمرين وأشرفت على تحضيراته تعقد إجتماعات كثيرة لضمان الكفاءة والمهارة العالية.
وقام السيناريو التدريبي الرئيسي خلال فعاليات التمرين على خطر يهدد دولة مستقرة يتسلل إليها إرهابيون مدربون غايتهم إسقاط أكبر عدد ممكن من القتلى والجرحى في صفوف المدنيين والمؤسسات الحكومية، وبث الإشاعات عبر وسائل التواصل الإجتماعي لنشر الرعب في المجتمع ودول أخرى في المنطقة.
وبدأت فعاليات السيناريو مع قيام الأجهزة الأمنية التابعة لمملكة البحرين بمراقبة زيارة يقوم بها عميل يعمل لصالح دولة تدعم الأنشطة الإرهابية في المنطقة بتجنيد الجماعات الإرهابية، أذ أكتشفت الأجهزة الأمنية البحرينية إجتماعاً سرياً بين العميل وعضو في جماعة إرهابية محلية مطلوب للعدالة، وحرصت على إيقاعهما في الفخ، فسمحت للعميل الأجنبي بالمغادرة وتقرر إعتقال الإرهابي المحلي من خلال نصب سيطرة روتينية للشرطة لتدقيق رخصة السياقة والأوراق الثبوتية للمواطنين والمقيمين لكي لا يثير إعتقاله الشكوك لدى الجماعات الإرهابية المحلية.
وبعد التحقيقات الأولية، ظهر أن الجماعات الإرهابية تخطط لشن هجوم إرهابي يستهدف مصالح دولة الإمارات العربية المتحدة في مملكة البحرين. وعلى ضوء هذه النتائج تم التواصل على المستوى الإستراتيجي بين البلدين وبدأت الأجهزة الإستخبارية بالمتابعة والتحليل. ولأن العملية الإرهابية قيد التنفيذ فقد تقرر نقل قوات مكافحة الإرهاب التابعة لدولة الإمارات العربية المتحدة عن طريق طائرات النقل العملاقة C17 حيث وصلت القوات بسرعة فائقة لأحدى القواعد العسكرية في مملكة البحرين وكان من ضمن المعدات طائرات مروحية وسيارات إقتحام المباني ووسائل النقل وآليات مدرعة.
خطة المجموعة الإرهابية هو مهاجمة موقع دبلوماسي ومدرسة وبناية سكنية مجاورة لبث الرعب بين المواطنين وإرباك الأجهزة الأمنية ومن خلال سرعة الإستجابة الأولية التابعة لوزارة الداخلية تم قطع الطريق عليهم. قامت الشرطة بتقييم الوضع ومعرفة وجود رهائن أذ تطابقت المعلومات الأولية مع التقارير الإستخبارية وتم طلب وحدة مكافحة الإرهاب التابعة لوزارة الداخلية. ونظرا لخطورة الموقف ووجود معلومات دقيقة عن نية الجماعة الإرهابية طلب مجلس الدفاع الأعلى من قوة الحرس الملكي الخاصة أستلام قيادة العملية الميدانية أذ قامت القيادة الميدانية بطلب وحدات مختلفة من قوة دفاع البحرين ووزارة الداخلية بالإضافة إلى فريق التفاوض البحريني للعمل من أجل الإفراج عن الرهائن المحتجزين.
وكان قائد المهمة مجهزاً بتكنولوجيا الإتصالات والمراقبة المتقدمة بنظام تحكم بلوحة القيادة، فأجتمع بقادة الفرق المشاركة، وفي إستعراض لعنصرَي الدقة والسرعة، أقتحمت القوات الحافلة التي تقل الرهائن المدنيين، وضُرب قاربٌ مفخخٌ كان مترصداً لأهداف حيوية، وفرضت قوات مكافحة الإرهاب الإماراتية سيطرتها على مبنىً دبلوماسي يحتله الإرهابيون، وأمسكت بهم على حين غِرة.
وتضمنت المحاكاة التدريبية معالجة المصابين في مستشفىً ميداني يعمل فيه أطباء وممرضون بحرينيون، فضلاً عن فريق جراحي متقدم وصل من دولة الإماراتالعربية المتحدة ونجحت الكوادر الطبية في إسعاف المصابين بجروح خطيرة وإيقاف النزيف وتزويدهم بالدم قبل نقلهم إلى المستشفيات المتخصصة. وأرسل الأطباء الميدانيون السجلات الطبية للمرضى إلى زملائهم المنتظرين في المستشفيات حتى يتابعوا علاجهم بكل انسيابية.
وأكد المخططون للتمرين على حقوق الإنسان بإجراء الإسعافات الأولية للعناصر الإرهابية المصابة في العملية، وجمع مكتب النائب العام الأدلة وأجرى التحقيقات الميدانية، وقام أكثر من 26 مراقباً دولياً من مختلف التخصصات، بينهم ناشطون عسكريون وأمنيون وحقوقيون من مملكة البحرين ودولة الإمارات العربية المتحدة والولايات المتحدة والمملكة المتحدة وأستراليا بتقييم أداء القوات الأمنية في التعامل مع الإرهابيين المقبوض عليهم بما يراعي الإتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان.
مكَّن تمرين «جلمود 3» رجال الأمن من إكتساب الخبرات التكتيكية والإستراتيجية ومد جسور الثقة مع زملائهم من الدول الشقيقة المشاركة، ويأمل القادة إكتشاف الثغرات والأخطاء في ميدان التدريب لمعالجتها وتجنبها في ساحة المعركة.
التعليقات مغلقة.