انتهكت سفينة مشبوهة حُرمة المياه الإقليمية الأردنية، ولم تكترث لمشغلي اللاسلكي في مركز العمليات البحرية بميناء العقبة، وتجاهلت طلباتهم.
فرصدتها غواصة مسيَّرة، كانت تمشط تلك المنطقة البحرية، وهي تطلق زورقاً سريعاً، كان على متنه مسلحون اندفعوا إلى الشاطئ، واستولوا على ميناء مدني.
فسارعت قوة رد سريع متعددة الجنسيات بالتحرك، وتعرَّضت لنكسة أولية أسقط فيها المهاجمون طائرة صديقة بقذيفة صاروخية، ثم اعترضت السفينة المشبوهة وارتقتها.
واقتحمت وحدات أخرى الميناء الذي احتله الإرهابيون براً وبحراً، واستعادت السيطرة على المبنى الذي احتله العدو.
وفي العملية الأخيرة من المهمة، نزل غواصون من القوات البحرية إلى حطام الطائرة المنكوبة لإزالة المتفجرات، وإخراج الطيارين العالقين، واستخراج الصندوق الأسود.
جاء استعراض هذه المهارات العسكرية في إطار «التمرين البحري الدولي» لعام 2025، وهو من أهم التمارين العسكرية التي تُجرى في المنطقة، وهو تمرين دوري تنظمه القوات البحرية بالقيادة المركزية الأمريكية والأسطول الأمريكي الخامس المتمركز في مملكة البحرين، وجرت فعاليات النسخة التاسعة من التمرين في شباط/فبراير 2025، وشاركت فيها أكثر من 30 دولة.
أُجري التمرين تحت ثلاث قيادات رئيسية: قوة المهام المشتركة شرق المتمركزة في البحرين، ونُفذت أنشطتها في الخليج العربي وبحر العرب؛ وقوة المهام المشتركة غرب المتمركزة في الأردن، وجرت فعالياتها في خليج العقبة والبحر الأحمر؛ وقوة مكافحة الألغام التي تدربت في بحر العرب والمحيط الهندي.
أظهرت نسخة هذا العام من التمرين قدرة الدول المشاركة على فرض النظام والأمن البحري عند الضرورة، وتعزيز التنسيق بين الدول التي تُشكل قوات التحالف، وتوسيع نطاق المشاركة البحرية العالمية بإشراك المنظمات البحرية الدولية، الحكومية منها وغير الحكومية.
وكان يهدف أيضاً إلى تطوير التقنيات البحرية المعهودة، واستخدام تقنيات أحدث وأكثر تقدماً، ولا سيما المسيَّرات البحرية، وإظهار قدرتها على التصدي لتحديات الأمن البحري الشائعة.
وكانت نسخة هذا العام من التمرين هي المرة الثانية التي تقود فيها البحرية الملكية الأردنية بعض فعالياته، وشاركت ثماني دول صديقة وشقيقة في قوة المهام المشتركة غرب في العقبة؛ وهي الأردن والولايات المتحدة ومصر واليمن وبريطانيا العظمى وإيطاليا واليونان وقبرص.

وأُجريت فعاليات التمرين على مدار أسبوعين، وخُصص الأسبوع الأول للتدريب النظري على موضوعات مثل العناية بإصابات القتال التكتيكي، والمسيَّرات الغواصة، ومكافحة المتفجرات البحرية، وعمليات الإنقاذ، والتعامل
مع الحطام تحت الماء.
وأعقب المحاضرات النظرية أسبوعٌ آخر من التدريبات الميدانية التي شملت كسح الألغام، وارتقاء السفن وتفتيشها، وإنقاذ الطائرات، وتسيير دوريات بحرية باستخدام الطائرات والزوارق والغواصات المسيَّرة.
يُعد إجراء التمارين البحرية متعددة الأطراف ركيزة لا غنى عنها للوصول إلى مستوى مقبول من التنسيق بين القوات البحرية. فمعظم القوات البحرية قادرة على إظهار مهاراتها في هذه المجالات، لكننا نكون أشد قوةً وبأساً حين نوحد صفنا ونعمل بروح الفريق الواحد.
وبغض الطرف عن القبعات التي نعتمرها، أو الأعلام التي تزدان بها بدلاتنا العسكرية، أو الخصوم الذين نواجههم، ستعمل قواتنا البحرية كالبنيان المرصوص كلما وحيثما دعت الحاجة إلى ذلك، إذا استثمرنا فيما رأيناه من التعاون وتوحيد الصف طوال الأسبوعين اللذين أُجري فيهما التمرين البحري الدولي.
أما الجديد في تمرين عام 2025، فهو زيادة الاهتمام بتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي والاستفادة منها في بيئة العمليات البحرية لاكتشاف التهديدات البحرية. ولسوف يكون لهذه التكنولوجيا عظيم الأثر في تعزيز الأمن إذا أحسنا استغلالها.
كانت فرصة استخدام أنظمة الغوص ذات خراطيم الهواء المزودة من فوق سطح الماء، لا تُقدر بثمن، إذ سمحت بتنفيذ مهام طويلة تحت الماء.
ونأمل أن تتناول النسخ القادمة من التمرين البحري الدولي أنشطة مخصصة للدفاع الجوي الساحلي، إذ توسعت البحرية الملكية الأردنية لتشمل وحدة
دفاع جوي.
ونتوجه بخالص الشكر والتقدير لإتاحة الفرصة للقوات متعددة الجنسيات المشاركة في قوة المهام المشتركة غرب في الأردن للتفاعل والتعلم من بعضها البعض. وما هذه سوى البداية، إذ نأمل أن نشارك في مثل هذا التمرين الذي قل نظيره، وأن ننظم فعاليات إضافية فيه في قابل الأيام.