تطوير تحليل المعلومات الاستخبارية

إبلاغ صانعي السياسات بالتهديدات المحتملة يتطلب تبني تقنيات حديثة لجمع المعلومات الاستخبارية

المقدم‭ ‬الدكتور‭ ‬خالد‭ ‬محمد‭ ‬القحطاني،‭ ‬قوة‭ ‬دفاع‭ ‬البحرين

عندالتفكير‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬الاستخبارات،‭ ‬تقول‭ ‬الدراسات‭ ‬النفسية‭ ‬إنَّ‭ ‬عقل‭ ‬الإنسان‭ ‬يعاني‭ ‬لتقديم‭ ‬تحليل‭ ‬نافع‭ ‬ومجرد‭ ‬من‭ ‬الهوى‭ ‬والتحيز‭ ‬ما‭ ‬لم‭ ‬يتشكل‭ ‬بدقة‭ ‬باستخدام‭ ‬الأدوات‭ ‬والتقنيات‭ ‬المهنية‭ ‬لحرفة‭ ‬الاستخبارات‭.‬

تثبت‭ ‬هذه‭ ‬الأدوات‭ ‬الملموسة‭ ‬وغير‭ ‬الملموسة‭ ‬في‭ ‬النهاية‭ ‬فعاليتها‭ ‬إذا‭ ‬أدت‭ ‬الى‭ ‬نتائج‭ ‬واضحة‭ ‬وصحيحة‭ ‬تفيد‭ ‬مستخدم‭ ‬التقارير‭ ‬الاستخبارية‭. ‬ويتطلب‭ ‬هذا‭ ‬العصر‭ ‬الجديد‭ ‬في‭ ‬علم‭ ‬الاستخبارات‭ ‬الانفتاح‭ ‬على‭ ‬المعلومات‭ ‬من‭ ‬مصادر‭ ‬شتى‭. ‬وينبغي‭ ‬التخلي‭ ‬عن‭ ‬التشدد‭ ‬في‭ ‬الفكر؛‭ ‬أي‭ ‬عدم‭ ‬قبول‭ ‬سوى‭ ‬الحقائق‭ ‬التي‭ ‬تؤيد‭ ‬الأهواء‭ ‬فحسب‭. ‬بل‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يمتلك‭ ‬المحللون‭ ‬المرونة‭ ‬العقلية‭ ‬والنفسية‭ ‬لتغيير‭ ‬مسار‭ ‬تفكيرهم‭ ‬حين‭ ‬يرون‭ ‬أدلة‭ ‬تتعارض‭ ‬مع‭ ‬الافتراضات‭ ‬اليسيرة‭. ‬فهذا‭ ‬هو‭ ‬السبيل‭ ‬الوحيد‭ ‬الذي‭ ‬يمكِّنهم‭ ‬من‭ ‬إعداد‭ ‬تقارير‭ ‬استخبارية‭ ‬تنير‭ ‬بصيرة‭ ‬صانعي‭ ‬القرار‭ ‬وهم‭ ‬يرسمون‭ ‬مصير‭ ‬المجتمع‭ ‬والسياسة‭.‬

المحللون الاستخباريون منوط بهم إمداد صانعي السياسات بمعلومات دقيقة ومفيدة وفي الوقت المناسب.

يُتوقع‭ ‬من‭ ‬المحللين‭ ‬الاستخباريين‭ ‬الإلمام‭ ‬بمهمتهم‭ ‬الإنسانية‭ ‬والالتزام‭ ‬بالمبادئ‭ ‬التالية‭:‬

  • التركيز‭ ‬على‭ ‬تحقيق‭ ‬الهدف‭ ‬بما‭ ‬يتماشى‭ ‬مع‭ ‬سياسة‭ ‬استخدام‭ ‬آليات‭ ‬دقيقة‭ ‬في‭ ‬التحليل،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬العصف‭ ‬الذهني‭ ‬لضمان‭ ‬دقة‭ ‬عملية‭ ‬التحليل‭.‬
  • إعداد‭ ‬تقارير‭ ‬أمنية‭ ‬تلتزم‭ ‬بسياسة‭ ‬المؤسسة‭ ‬أو‭ ‬الدولة‭ ‬وتحظى‭ ‬بموافقة‭ ‬فورية‭ ‬ويحصل‭ ‬المحلل‭ ‬على‭ ‬المكافئة‭ ‬المناسبة‭. ‬ولا‭ ‬يُؤخذ‭ ‬بالتقارير‭ ‬الأمنية‭ ‬التي‭ ‬تتعارض‭ ‬مع‭ ‬السياسة‭ ‬المطلوبة‭.‬
  • توصيل‭ ‬التحليل‭ ‬المطلوب‭ ‬إلى‭ ‬المستخدم‭ (‬المستخدمين‭) ‬وإقناعه‭ ‬بمصداقيته،‭ ‬والثقة‭ ‬في‭ ‬أنَّ‭ ‬المستخدم‭ (‬المستخدمين‭) ‬سيتصرف‭ ‬وفقا‭ ‬لذلك‭.‬

كما‭ ‬يواجه‭ ‬المحللون‭ ‬الاستخباريون‭ ‬عدة‭ ‬
تحديات،‭ ‬منها‭:‬

  • عليهم‭ ‬اختيار‭ ‬التوقيت‭ ‬المناسب‭ ‬لتقديم‭ ‬التحليل‭.‬
  • لا‭ ‬ينبغي‭ ‬أن‭ ‬يواجهوا‭ ‬صعوبة‭ ‬في‭ ‬الدفاع‭ ‬عن‭ ‬دقة‭ ‬تقاريرهم‭ ‬وينبغي‭ ‬أن‭ ‬يفعلوا‭ ‬ذلك‭ ‬كما‭ ‬لو‭ ‬كانوا‭ ‬محامين‭ ‬يدافعون‭ ‬عن‭ ‬مسألة‭ ‬قانونية‭. ‬
  • عليهم‭ ‬جذب‭ ‬انتباه‭ ‬صانعي‭ ‬السياسة‭ ‬دون‭ ‬التضحية‭ ‬بمصداقيتهم‭.‬
  • يتوقع‭ ‬صانعو‭ ‬القرار‭ ‬السياسي‭ ‬سماع‭ ‬ملخصات‭ ‬واستنتاجات‭ ‬واضحة‭ ‬تخدم‭ ‬الصالح‭ ‬العام‭ ‬في‭ ‬نهاية‭ ‬المطاف؛‭ ‬كما‭ ‬أنَّ‭ ‬تحريف‭ ‬التحليل‭ ‬ليتفق‭ ‬مع‭ ‬مصلحة‭ ‬عامة‭ ‬أو‭ ‬خاصة‭ ‬عمل‭ ‬غير‭ ‬أخلاقي‭ ‬وغير‭ ‬مهني‭. ‬
  • إذا‭ ‬كان‭ ‬المحلل‭ ‬يهدف‭ ‬إلى‭ ‬تغيير‭ ‬قرار‭ ‬سياسي‭ ‬يتعلق‭ ‬بالأمن‭ ‬القومي،‭ ‬فعليه‭ ‬تقديم‭ ‬دليل‭ ‬ملموس‭ ‬مقنع،‭ ‬ويجمع‭ ‬أفضل‭ ‬أنواع‭ ‬الأدلة‭ ‬ويتحقق‭ ‬من‭ ‬صحتها‭ ‬باستخدام‭ ‬الأدوات‭ ‬المهنية‭ ‬الحديثة‭.‬
  • يجب‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬التقارير‭ ‬موجزة‭ ‬–‭ ‬ربما‭ ‬صفحة‭ ‬أو‭ ‬صفحتين‭ ‬–‭ ‬لاحترام‭ ‬ضيق‭ ‬وقت‭ ‬صانع‭ ‬السياسة‭.‬
  • من‭ ‬الأفضل‭ ‬تقسيم‭ ‬المشكلات‭ ‬المعقدة‭ ‬إلى‭ ‬فروع‭ ‬للتعمق‭ ‬في‭ ‬تحليلها‭ ‬حتى‭ ‬تظهر‭ ‬صورة‭ ‬موحدة‭.‬
السيد فؤاد حسين، وزير الخارجية العراقي، يلقي كلمة خلال فعاليات المؤتمر الأمني في حوار المنامة. قوَّت البحرين مكانتها باستضافة وزراء ودبلوماسيين دوليين كل عام.
وكالة الأنباء الفرنسية/صور غيتي

من‭ ‬أهم‭ ‬وظائف‭ ‬المحلل‭ ‬التسليم‭ ‬الفوري‭ ‬للتقارير‭ ‬المكتوبة‭ ‬أو‭ ‬الشفوية،‭ ‬وينبغي‭ ‬أن‭ ‬تستند‭ ‬إلى‭:‬

  • حساسية‭ ‬متلقي‭ ‬المعلومات‭: ‬من‭ ‬المهم‭ ‬للغاية‭ ‬أن‭ ‬يعرف‭ ‬رئيس‭ ‬الإدارة‭ ‬الأسرار‭ ‬والمخاطر‭ ‬عند‭ ‬اتخاذ‭ ‬القرارات‭ ‬التي‭ ‬تؤثر‭ ‬على‭ ‬إدارته‭.‬
  • إيصال‭ ‬المعلومات‭ ‬إلى‭ ‬القيادة‭ ‬بأسرع‭ ‬ما‭ ‬يمكن‭ ‬دون‭ ‬أي‭ ‬عقبات‭ ‬بيروقراطية‭.‬
  • وضوح‭ ‬المعلومات‭ ‬ودقتها‭ ‬وتجنب‭ ‬التهويل‭ ‬أو‭ ‬التهوين‭.‬
  • بسبب‭ ‬ضيق‭ ‬الوقت‭ ‬وانشغال‭ ‬القيادات‭ ‬الحكومية،‭ ‬فعلى‭ ‬المحللين‭ ‬الاستخباريين‭ ‬تحقيق‭ ‬التوازن‭ ‬بين‭ ‬الإسهاب‭ ‬الممل‭ ‬والاختصار‭ ‬المخل‭. ‬
  • من‭ ‬المهم‭ ‬التأكد‭ ‬من‭ ‬عدم‭ ‬تضارب‭ ‬التقارير‭ ‬أو‭ ‬تقديم‭ ‬معلومات‭ ‬مكررة‭ ‬غير‭ ‬ضرورية‭. ‬
  • ويحتاج‭ ‬تحقيق‭ ‬هذه‭ ‬الشروط‭ ‬من‭ ‬جهاز‭ ‬المخابرات‭ ‬والمصلحة‭ ‬الحكومية‭ ‬التي‭ ‬تحتاج‭ ‬معلومات‭ ‬استخبارية‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬قنوات‭ ‬اتصال‭ ‬وتنسيق‭ ‬واضحة،‭ ‬إذ‭ ‬يجب‭ ‬نقل‭ ‬المعلومات‭ ‬بسلاسة‭ ‬قدر‭ ‬الإمكان‭ ‬داخل‭ ‬الهياكل‭ ‬والتراتبيات‭ ‬الهرمية‭ ‬الإدارية‭.‬

باستخدام‭ ‬الإجراءات‭ ‬التي‭ ‬ناقشناها‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المقال،‭ ‬يمكن‭ ‬تحسين‭ ‬مستوى‭ ‬التحليل‭ ‬لزيادة‭ ‬الدقة،‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬غموض‭ ‬المعلومات‭ ‬التي‭ ‬يتعامل‭ ‬معها‭ ‬المحللون‭ ‬الاستخباريون‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬الأحيان‭. ‬ومع‭ ‬أننا‭ ‬لم‭ ‬نتخلص‭ ‬من‭ ‬جوانب‭ ‬القصور‭ ‬في‭ ‬العمل‭ ‬الاستخباري‭ ‬تماماً،‭ ‬فإنَّ‭ ‬هذه‭ ‬الإجراءات‭ ‬تزيد‭ ‬من‭ ‬احتمالية‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬صانعو‭ ‬القرار‭ ‬على‭ ‬دراية‭ ‬جيدة‭ ‬عند‭ ‬اختيار‭ ‬السياسات‭ ‬التي‭ ‬يجب‭ ‬اتباعها‭.  

التعليقات مغلقة.