اللواء الطيار (المتقاعد) لطفي عبد الوهاب حسين
يتطلب تحقيق السيادة الجوية أن تقوم الدولة بالتعبئة المادية والمعنوية لتحقيق التوازن المناسب بين جميع صنوف القوات المسلحة. يقدم تاريخ القوة الجوية في العراق دروسا – نافعة وضارة على حد سواء – يمكن أن تتعلم منها الأجيال القادمة من القادة العسكريين والسياسيين.
خرجت القوات الجوية العراقية منتصرة من حربها الطويلة مع إيران في ثمانينيات القرن الماضي، لكن الكثير من هذا التفوق العسكري تبدد أثناء احتلال الكويت عام1991؛ إذ دُمر نصف القوة الجوية العراقية حتى أصبح التحول الناتج في ميزان القوى مدعاة للقلق.
في العقود التي تلت ذلك، كان العراق يعاني من أوجه قصور في صنفين متلازمين – القوات الجوية والدفاع الجوي – مما تطلب إصلاحًا علميًا وتقنيًا للنظام بأكمله. كانت النواقص عديدة شمل بعضها التالي:
التنظيم: غياب سياسة واضحة على صعيد الدولة سبب غياب استراتيجية عسكرية وغموض في العقيدة العسكرية حالت دون تكامل عمل الاسلحة الذي أدى بالتالي إلى خروقات في السيادة الجوية.
التدريب: ضعف منظومة التدريب الدولي والإعداد المشترك حرم العراق من وجود طيارين حربيين جاهزين لتوفير دفاع جوي حصين.
نوع ومصادر السلاح: الاعتماد على مصدر واحد للتسليح حرم القوة الجوية والدفاع الجوي من الأسلحة الضرورية لأداء واجباتها لمواجهة التهديدات الخارجية.
البنى التحتية وتوظيف السلاح: أثر ضعف البنية التحتية للقواعد الجوية والمطارات الثانوية على تنفيذ الطائرات المتصدية لعمليات الهبوط الاضطراري بعد الانتهاء من المهام. وشكّل التوظيف السلبي للسلاح المستخدم نقطة ضعف كبيرة في تحقيق السيادة الجوية.
تقوم وزارة الدفاع والقيادة العامة للقوات المسلحة بإعداد الأسس العسكرية لسياسة الدولة بتوجيه من القيادة السياسية لأنها الوحيدة التي تمتلك الحق في توجيه البناء العسكري وفقاً لسياسة الدولة الخارجية، آخذة بعين الاعتبار الجوانب المادية والمعنوية والإمكانات العسكرية للدولة.
إن تحقيق مستوى يُمَكٍّن القوة الجوية من حماية سيادة الدولة يتطلب الآتي:
هيكل قيادة ونظام معركة لقواطع عمليات الدفاع الجوي ومراكز العمليات يلبي التكامل والتفاعل التام بين قيادتي القوة الجوية والدفاع الجوي و بما يخدم المعركة الجوية.
أن تكون على قدر من المرونة للاستجابة لأي نوع من التحديات وتكون قادرة على التطور بفعل تطور بنية التهديد والامكانات المتوفرة من (أسلحة جو جو، أرض جو، حرب الكترونية، رادارت كشف مختلف الارتفاعات).
التوظيف الأمثل للقدرات والموارد المتوفرة وتطوير البنى التحتية للقواعد والمطارات الثانوية بما يتناسب ومسارح العمليات المحتملة.
تغليب الولاء المهني كمعيار رئيسي لتسنم المناصب القيادية والحد من ترهل الرتب والمحاصصة الطائفية في قيادتي القوة الجوية والدفاع الجوي.
البحث الجدي وبشكل علمي مدروس عن مصادر سلاح مؤثرة لقيادة القوة الجوية والدفاع الجوي وعدم اعتماد مصدر واحد فقط للتسليح.
إعداد خطط قريبة الامد بالامكانات الحالية تحقق تكامل اسلحة الدفاع الجوي (طائرات متصدية وصواريخ اعتراضية) وخطة بعيدة الأمد يراعى فيها معالجة المعاضل أعلاه.
الخلاصة
إن ماجرى لسلاح الجو هو كبوة في المسيرة، وإن الأمم الحية تستخلص الدروس والعبر من كبواتها كي تحتاط منها الأجيال القادمة. فقد صاحب تطور الطائرة ومعداتها الفنية تطور الاستخدام التعبوي والاستراتيجي. لم تعد الطائرات تعمل بمفردها في مواجهة التهديدات لسيادة الدولة. الأسلحة التي تعمل بالتوازي مع الطائرات والمروحيات، مثل أنظمة الدفاع الجوي والطائرات بدون طيار، توفر قدرة إضافية ضرورية لقوة جوية قوية.
التعليقات مغلقة.