تحديات مكافحة الارهاب في مصر
تنسيق الجهود العسكرية والمدنية يتطلب اعتماد استراتيجية وطنية ذات طابع قومي لمكافحة الإرهاب
د.إيمان رجب، رئيس وحدة البحوث الأمنية والعسكرية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية
لاتزال مكافحة الارهاب تمثل أولوية رئيسية للحكومة المصرية، ويؤكد خطاب الرئيس عبدالفتاح السيسي في العيد الوطني للشرطة في 23 يناير 2019 على ذلك حيث عد الارهاب هو التهديد الأكثر تأثيرا على الأمن القومي المصري . وتشهد مصر منذ العام 2014 موجة من الارهاب المحلي ليس في شمال سيناء فقط وإنما أيضا في معظم محافظات الوادي يقودها خليط متنوع من الكيانات الارهابية. بعضها يستند إلى الفكر السلفي-الجهادي مثل أنصار بيت المقدس والبعض الآخر خرج من رحم جماعة الأخوان مثل حسم ولواء الثورة، والبعض الثالث يستند إلى أفكار القاعدة مثل أنصار الإسلام، وهناك مجموعة رابعة من الكيانات الارهابية التي تستلهم بعض أفكار داعش مثل انصار بيت المقدس وخلايا داعش التي تنشط في محافظات الصعيد.
ويجادل هذا المقال بأن سياسات مكافحة الإرهاب التي تبنتها الحكومة المصرية منذ العام 2014 تتطور بمرور الوقت في ضوء المواجهات مع العناصر والكيانات الارهابية، على نحو أصبح معه من الواضح أن الحكومة لا تعتمد على الاجراءات العسكرية فقط في مكافحة الارهاب لأن هذه الاجراءات قد تساعد في الحاق الهزيمة العسكرية بالارهابيين ولكنها لاتضمن الحيلولة دون تجدد نشاطهم الإرهابي مرة أخرى.
وفي المقابل، تحرص مصر على تبني خليط من الاجراءات العسكرية وغير العسكرية من أجل مكافحة الارهاب عن طريق تحقيق ثلاثة أهداف رئيسية. يتعلق الهدف الأول بالقضاء على الكيانات الارهابية, فمنذ العام 2015 تم تبني قانون مكافحة الارهاب وقانون الكيانات الارهابية واللذان يعدان مرجعين رئيسيين في تجريم الارهاب ومحاكمة العناصر الارهابية أمام القضاء.وعلى المستوى العملياتي، تقود كل من القوات المسلحة والشرطة الجهود العسكرية لمحاصرة العناصر الارهابية واضعافها وتتبعها وتفكيك الشبكات العابرة للحدود التي تعتمد عليها في تهريب الاسلحة والمعدات والاشخاص والمخدرات، وتتبع كذلك العديد من الأساليب التي تمكنها من التحديد الدقيق لأماكن اختباء العناصر الارهابية في مناطق التجمعات السكنية الكثيفة وتتخذ كافة الاجراءات اللازمة لحماية المدنيين أثناء الاشتباك مع العناصر الارهابية.
وبعد أن اعلنت القوات المسلحة عن العملية الشاملة “سيناء 2018” في فبراير 2018، تم افتتاح مقر القيادة المشتركة لمكافحة الارهاب في شرق قناة السويس، بحيث تتولى مسئولية التنسيق والمتابعة للاجراءات العسكرية والأمنية التي تنفذ ضد الارهابيين في إطار العملية “سيناء 2018”.
ويتعلق الهدف الثاني بحماية ضحايا الإرهاب وتحصينهم ضد محاولات التنظيمات الارهابية لتجنيدهم كارهابيين جدد. حيث تحرص الحكومة على مساعدة ضحايا العمليات الارهابية ومن يتضررون من عمليات المواجهة مع الارهابيين من خلال توفير تعويضات مالية واقتصادية لهم. وترتبط أهمية هذه الاجراءات بأنها تقطع الطريق على الكيانات الارهابية التي نشطت طوال الفترة الماضية في جذب ضحايا الارهاب خاصة النساء والشباب ومحاولة اقناعهم بالانضمام لصفوفها نظير مساعدات مالية يتم تقديمها لهم. كما أن رعاية الدولة لهؤلاء الضحايا يضمن استمرار تعاونهم في إطار جهود مكافحة الارهاب.إلى جانب ذلك تنفذ الحكومة العديد من المشاريع التنموية في شمال سيناء وفي غيرها من مناطق المواجهة العسكرية مع الارهابيين بهدف تحسين الظروف المعيشية فيها.
وجدير بالذكر أن هذه التعويضات تقدم من قبل الجهات الحكومية وفق كل حالة على حدة. فعلى سبيل المثال بعد الحادث الارهابي على جامع الروضة في بئر العبد نوفمبر 2017 أمر الرئيس عبدالفتاح السيسي الحكومة بدفع 200 الف جنيه كتعويض عن كل شهيد و50 الف جنيه لكل مصاب.كما صدر في فترات سابقة قرار وزير التربية والتعليم بإعفاء أبناء شهداء الإرهاب من الرسوم الدراسية في المدارس الحكومية, والقرارات المتعلقة بأولوية تعيين أبناء الشهداء في المؤسسات الحكومية. ويظل الدور الذي تلعبه الجهات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني في هذا المجال محدود.
وينصرف الهدف الثالث إلى مكافحة الأفكار الدينية المتطرفة التي تقود إلى الارهاب، وتنشط في هذا المجال المؤسسات الدينية الثلاث مؤسسة الأزهر ودار الافتاء ووزارة الأوقاف، حيث تطلق كل منها برامج عدة تهدف لتفنيد والرد على الخطاب الديني المتطرف الذي تروج له الجماعات الارهابية من خلال التفاعل المباشر في المساجد وعن طريق التفاعل على منصات التواصل الاجتماعي. كما تتعاون هذه المؤسسات مع منظمات المجتمع المدني بهدف الوصول لاكبر عدد ممكن من الناس لاسيما في قرى الصعيد.
ومن المهم ذكر أن تزايد الاهتمام بالأفكار الدينية المتطرفة باعتبارها السبب الرئيسي للارهاب يتجاهل أهمية الدوافع الاجتماعية والشخصية والاقتصادية والتي تلعب دورا مهما في دفع الافراد لممارسة الارهاب.كما أن جهود المؤسسات الدينية الثلاث السابق ذكرها متناثرة ولا توجد جهة رئيسية تنسقها.
وعلى الرغم من أن هذه المجموعات الثلاث من سياسات مكافحة الارهاب تتطور مع مرور الوقت، إلا ان هناك خمس تحديات قد تؤثر على فعاليتها خلال السنوات المقبلة. يتمثل التحدي الأول في استمرار حالة الفوضى في ليبيا والتي تقع على الحدود الغربية للدولة المصرية. حيث شهدت الفترة الماضية تسلل عدد من الارهابيين وعناصر الاجرام المنظم الى داخل الاراضي المصرية، فعلى سبيل المثال قام الارهابي الليبي عبدالرحيم المسماري بالتسلل الى الاراضي المصرية برفقة اربع عناصر أخرى في منتصف 2016 وسعوا الى انشاء خلية تستند لفكر القاعدة وهي انصار الاسلام، ونفذت الخلية في أكتوبر 2017 هجوم على قوات من الأمن واختطفت ضابط شرطة.
وينصرف التحدي الثاني الى كيفية تطوير إطار مؤسسي لتعويض ضحايا الارهاب على نحو يضمن استمرار هذا النوع من التعويضات. حيث ان قانون مكافحة الارهاب 2015 لايتضمن أي مواد تتعلق بتعويض الضحايا المدنيين، كما أن مسودة القانون والمعروفة إعلاميا بقانون تعويض أسر الشهداء المدنيين لم يقرها البرلمان بعد.
ويتعلق التحدي الثالث ببناء شراكة فعالة مع المواطنين ومع المجتمع المدني ليمارسوا دورا فعالا في مكافحة الارهاب. وهذه الشراكة مهمة بسبب تزايد اتجاه الارهابيين للتمركز في وسط المناطق السكنية ويسعون للاعتماد بصورة مكثفة على العبوات الناسفة IEDs والتي تعد الشراكة مع المواطنين من أهم المداخل التي تساعد على الاكتشاف المبكر لهذا النوع من المتفجرات.
وينصرف التحدي الرابع إلى عدم قيام المجالس القومية المنصوص عليها في الدستور والمعنية بتخطيط السياسات الأمنية بدور فعال في تخطيط ومتابعة سياسات مكافحة الارهاب سواء المتعلقة بالقضاء على التنظيمات الإرهابية او بمساعدة ضحايا الارهاب أو بمكافحة الافكار المتطرفة التي تقود إلى ممارسة الارهاب. ويعد تفعيل دور هذه المجالس ضرورة خلال الفترة المقبلة وهو ما يستدعي إضافة فئة الخبراء والأكاديميين المتخصصين الى عضوية هذين المجلسين والأمانة العامة لهما.
ويتمثل التحدي الأخير في غياب استراتيجية وطنية لمكافحة الارهاب والتطرف بحيث تكون الإطار الحاكم والموجه لأي سياسات تنفذ على الارض خاصة من قبل الجهات المدنية. حيث أن القوات المسلحة والشرطة لديهما استراتيجيات عسكرية وأمنية خاصة بهما ويتم تطويرها مع مرور الوقت، ولكن الجهات المدنية الأخرى المعنية تنفذ العديد من البرامج الخاصة بمكافحة الارهاب خاصة المتعلقة بمساعدة ضحايا الارهاب ومكافحة الفكر الديني المتطرف دون أن يكون هناك تنسيق بينها ودون أن تنسق مع القوات المسلحة والشرطة خاصة في مناطق المواجهات مع العناصر الارهابية. ويعد تطوير هذه الاستراتيجية والاعلان عنها خطوة مهمة في تعزيز فعالية وكفاءة سياسات مكافحة الارهاب.
مقابلة مع د. إيمان رجب
أسرة يونيباث
الدكتورة إيمان رجب هي أحد ابرز خبراء مصر فيما يتعلق بمسائل الأمن الداخلي والإقليمي. وقد كرمها الرئيس عبد الفتاح السيسي في عام 2018 بحصولها على المركز الأول في جائزة الجامعة العربية التعليمية والثقافية والعلمية “جائزة الشباب العربي”. وهي أول باحثة مصرية يقل عمرها عن 35 سنة تحصل على هذه الجائزة. بعد حصولها على درجة الدكتوراه في العلوم السياسية من جامعة القاهرة، تخرجت في كلية الدفاع الوطني في أكاديمية ناصر للعلوم العسكرية بعد حصولها على الزمالة الدراسية في الأمن القومي والدراسات الاستراتيجية. وقد كرمها القائد العام للقوات المسلحة ووزير الدفاع والإنتاج الحربي وحصلت على شهادة التميز تقديراً لتميزها وتفانيها. وهي تعمل رئيس وحدة البحوث الأمنية والعسكرية في مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية في مصر. تساهم، في إطار دورها في مركز البحوث المميز، في مناقشة وتقديم النصح فيما يتعلق بالسياسات الأمنية المتعلقة بمسائل مثل مكافحة الإرهاب ومنع نشوب الصراعات وإدارة الأزمات والأمن الدولي. وقد أكملت مؤخرا زمالة دراسية في كلية الدفاع التابعة لمنظمة حلف شمال الأطلسي (الناتو) في إيطاليا، حيث اجرت بحثاً حول كيفية تعاون بلدان شمال أفريقيا مع منظمة حلف شمال الأطلسي في مجال مكافحة الإرهاب. تحدثت الدكتورة إيمان، التي تم التواصل معها في القاهرة في كانون الثاني/ يناير 2019، لقراء يونيباث عن دور مصر بشأن الأمن الإقليمي:
يونيباث: كيف تتعاون مصر ليس فقط مع حلف شمال الأطلسي ولكن أيضا مع الشركاء العرب لضمان الأمن الإقليمي؟
د. إيمان: مصر نشطة جداً في مجال تعزيز الأمن الإقليمي والدولي، ليس في مجال مكافحة الإرهاب فحسب، بل أيضاً فيما يتعلق بالتهديدات الأمنية الأخرى. ويعتبر التحالف العربي الذي أسسته المملكة العربية السعودية أحد المحافل التي يقوم عليها هذا التعاون. فقد انضمت مصر إلى ذلك التحالف في عام 2015 وشاركت أيضاً في كل مناورة عسكرية وتدريب تم تحت مظلة التحالف الإسلامي. ركزت بعض هذه المناورات على تعزيز القدرات في مجال مكافحة الإرهاب. وتحاول مصر أيضاً مساعدة البلدان الأفريقية الأخرى على مكافحة الإرهاب بفعالية من خلال توفير دورات تدريبية لها وبناء قدراتها، لا سيما في بلدان الساحل والصحراء، مثل تشاد ومالي ونيجيريا. كما أنشأت مصر المركز الإقليمي لمكافحة الإرهاب في منطقة الساحل والصحراء وافتتحت مقره رسمياً في النصف الثاني من عام 2018. كما شاركت مصر في العديد من الدورات التدريبية التي نظمها مركز التميز التابع لمنظمة حلف شمال الأطلسي (الناتو) في مدريد في مجال مكافحة العبوات الناسفة المصنوعة محليا، وفي الدورات التي عقدها مركز التميز لمكافحة الإرهاب في أنقرة. إن التعاون المصري مع منظمة حلف شمال الأطلسي (الناتو) مفصل بشكل أكثر لتلبية احتياجات مصر. كما أن مصر حريصة جداً على تحسين علاقاتها مع البلدان الاخرى، بما في ذلك الولايات المتحدة وإيطاليا وألمانيا وفرنسا. ويصاحب العلاقات الثنائية عادة المزيد من فرص التعاون، ليس فقط في مكافحة الإرهاب وتبادل المعلومات الاستخباراتية، ولكن أيضاً في شراء الأسلحة العسكرية وفي مجالات محددة أخرى.
يونيباث: أخبرينا عن عملك في الأهرام وكلية الدفاع التابعة لمنظمة حلف شمال الأطلسي (الناتو).
د. إيمان: المسمى الوظيفي الخاص بي في الأهرام خبير (باحث أول) ورئيس وحدة البحوث العسكرية والأمنية. وأركز في عملي على التطورات الأمنية في المنطقة، ولا سيما في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. فيما يتعلق بكلية الدفاع التابعة لمنظمة حلف شمال الأطلسي (الناتو)، كنت هناك كزميلة أبحاث مقيمة منذ ايلول/سبتمبر 2018، وعدت إلى مصر في كانون الأول/ديسمبر 2018. كان أحد متطلبات الزمالة هو العمل على ورقة سياسات، وقد قدمت ورقتي بعنوان “مكافحة الإرهاب مع الشركاء: جوانب وآفاق التعاون بين منظمة حلف شمال الأطلسي (الناتو) ومصر وتونس”. وقد أجريت مقابلات مع أكثر من 20 مسؤولاً من وزارتي الدفاع والخارجية في مصر وتونس، فضلاً عن مسؤولين من مقر منظمة حلف شمال الأطلسي (الناتو) في بروكسل من أجل الحصول على تقييم دقيق لتطور ونطاق التعاون في مجال مكافحة الإرهاب بين الحلف وتونس ومصر. ومن أهداف الزمالة أيضا المساعدة في فهم البيئة السياسية والقدرة على وضع توصيات قابلة للتطبيق في مجال السياسة العامة لصالح منظمة حلف شمال الأطلسي (الناتو)، والبلدان الشريكة، فضلاً عن البلدان الأخرى.
يونيباث: كيف يدعم مركز الأهرام الحكومة المصرية؟
د. إيمان: إنه احد أقدم مراكز البحوث في مصر والمنطقة العربية. تأسس في عام 1968. وهو يعمل كمركز فكر يقدم النصح للحكومة والمؤسسات المختلفة، بما في ذلك القوات المسلحة، حول القضايا ذات الصلة بالأمن القومي وعلاقات مصر مع العالم. ولأنه يعمل مركز فكر، فإنه يقدم النصح لصناع القرار بناء على طلب منهم. ويعمل المركز على قضايا التحول الديمقراطي، والعلاقات المدنية-العسكرية، ومكافحة الفساد وتعزيز اللامركزية، ومكافحة الإرهاب ومكافحة التطرف، ودعم التنمية المستدامة. يحتفظ المركز نفسه بعلاقات بناءة مع الدوائر الحكومية في مصر، كما يتمتع في الوقت نفسه بالحرية الأكاديمية الخاصة به للبحث في مواضيع مختلفة.
يونيباث: ما هي العوامل الرئيسية التي تجذب الشباب نحو التطرف؟
د. إيمان: من الصعب جداً القول أن العوامل الاقتصادية هي الدوافع الوحيدة لتطرف الشباب. لقد أجريت مقابلات مع مصريين يعتبرون متطرفين أو يمارسون العنف. وخلصت إلى أن هناك مزيجاً من الأسباب الدينية والاقتصادية والاجتماعية والشخصية التي تحفزهم على أن يكونوا أكثر تطرفاً. ولابد من التصدي لهذه التركيبة من العوامل والأسباب من خلال سياسات مختلفة، ليس فقط من قِبَل الحكومة بل وأيضاً من قِبَل المجتمع المدني. إن التركيز فقط على الجانب الاقتصادي ليس مفيدا فيما يتعلق بمحاولة تفسير سبب وجود عدد من الشباب، ليس فقط في مصر ولكن في جميع أنحاء العالم، ينحدرون من أسر غنية ولديهم وظائف، وبعضهم لديهم وظائف لائقة وعالية الجودة، ولكن في نفس الوقت يتبنون أفكاراً متطرفة. إن الموجة الحالية من التطرف تتطلب توجهاً جديداً قادراً على رسم خريطة للمصفوفة المعقدة من الدوافع التي تدفعهم نحو الانضمام إلى منظمة متطرفة.
يونيباث: كيف تطور أداء قوات الأمن المصرية لمواجهة تهديد الجماعات الإرهابية، مثل أنصار
بيت المقدس أو ولاية سيناء؟
د. إيمان: اعتمدت الحكومة ووزارة الدفاع عدداً من السياسات الجديدة منذ عام 2014. الأولى هي الإعلان عن توجهات عامة لتنظيم جهود مكافحة الارهاب. تحدد هذه التوجهات العامة استخدام القوة العسكرية ومؤسسات الشرطة في مكافحة الإرهاب في شمال سيناء ووادي النيل على حد سواء. وقد تطورت هذه التوجهات لتتخذ شكل العملية العسكرية في سيناء 2018. وإلى جانب ذلك، أعلنت وزارة الدفاع عن إنشاء قيادة مشتركة لمكافحة الإرهاب. مقر هذه القيادة هو في الجانب الغربي من قناة السويس، وهي تخطط وتشرف على العمليات في شمال سيناء ووادي النيل. وتسعى القوات المسلحة جاهدة للحفاظ على توازن بين احترام القانون واحترام الالتزامات الدولية لمصر وبين إضعاف الإرهابيين وهزيمتهم في الوقت ذاته. كما اعتمدت قوات إنفاذ القانون تدابير وسياسات منذ عام 2014 للتعامل مع الظروف الاجتماعية والاقتصادية المؤدية إلى الإرهاب إلى جانب إصلاح الخطاب الديني.
يونيباث: ما هو دور جامعة الأزهر في مصر في مساعدة الشباب على تجنب التطرف؟
د. إيمان: إنها جامعة تعليمية، ولكن المؤسسات التي تلعب الدور الأهم في مكافحة التطرف بين الشباب هي ثلاث مؤسسات دينية: مؤسسة الأزهر، ودار الإفتاء، ووزارة الأوقاف. ولكل منها برامجه الخاصة. على سبيل المثال، لدى الأزهر منصة على الإنترنت لمكافحة الآيديولوجية المتطرفة، يستخدمون اللغات الأجنبية والعربية، وكذلك برامج تدريب عبر الإنترنت وحملات بناء القدرات لبناء الوعي بين الشباب بالمفاهيم الدينية التي تستخدمها المنظمات المتطرفة. تركز دار الإفتاء بشكل أكبر على البحوث، ونجحت في نشر العديد من الأدلة والكتيبات لمساعدة الآباء على تتبع الأفكار المتطرفة التي يتبناها أبناؤهم. وزارة الأوقاف مسؤولة عن مراقبة المساجد في مصر والإشراف عليها. كما تحاول التأكد من عدم تبني أئمة هذه المساجد أفكاراً متطرفة وعدم قيامهم بتجنيد الشباب للانضمام لصفوف الارهابيين.
يونيباث: كيف حاولت مصر قطع الصلة بين الإرهابيين الإقليميين والمحليين؟
د. إيمان: أود أن أسلط الضوء على ثلاثة نُهج اعتمدتها مصر في هذا الصدد. أولا، يسعى المركز الإقليمي لمكافحة الإرهاب في منطقة الساحل والصحراء في المستقبل الى تعزيز التعاون الاستخباراتي والى وضع اتفاقات تعاون أمني مع تلك البلدان لمكافحة الإرهابيين الذين يعبرون حدود ليبيا إلى السودان ومصر وغيرهما. ثانياً، تتناقش مصر مع الاتحاد الأوروبي ومنظمة حلف شمال الأطلسي (الناتو) حول كيفية تلقي التدريب لمراقبة الحدود من خلال استخدام التكنولوجيا المتقدمة. هناك فهم في مصر يفيد بأن مراقبة الحدود هي خطوة مهمة نحو إضعاف الشبكة اللوجستية العابرة للحدود التي يعتمد عليها الإرهابيون. ثالثاً، تحرص مصر في اجتماعاتها الرفيعة المستوى مع منظمة حلف شمال الأطلسي (الناتو) على مناقشة أهمية إطلاق برنامج لمراقبة وقطع الشبكات البحرية التي يستخدمها الإرهابيون، ليس فقط في البحر الأبيض المتوسط، بل وأيضاً في البحر الأحمر.
التعليقات مغلقة.