المشاركات الدولية للقوات المسلحة الأردنية
لا تتوقف مساهمات الأردن عند حدود المملكة ولكنها تتجاوز الحدود لدعم الاستقرار والسلام
العقيد الركن الطيار مقتدر عبد الرحيم الهيجاوي الممثل الوطني الأقدم للقوات المسلحة الأردنية لدى القيادة المركزية الأمريكية الصور مقدمة من الأمم المتحدة
تقوم القوات المسلحة الأردنية بدور حيوي في مهام حفظ السلام والأمن الدوليين، وقد شملت المشاركات الأردنية مناطق عديدة من العالم، من أبرزها هايتي وأفغانستان والكونغو، وأماكن أخرى. وتعد مشاركات الأردن في مهام حفظ السلام الدولية عنصراً أساسياً من استراتيجيتها الوطنية، فبلدي يؤمن أن مهمة الأمن والسلم الدوليين ليست مقتصرة على الأمم المتحدة أو على دول محددة، وإنما هي مسؤولية دولية تقع على عاتق جميع الدول.
وللأردن سجل باهر كمساهم كبير في حفظ السلام، فعلى سبيل المثال، يحتل الأردن المرتبة الثامنة عالميا في المشاركة في قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة. واعتباراً من شهر فبراير/ شباط 2014، شارك ما يزيد عن 3260 أردني في دعم مهام الامم المتحدة في جميع أنحاء العالم. وتشكل هايتي النسبة الأكبر للمشاركة الأردنية، حيث تعمل القوات المسلحة الأردنية على استعادة الاستقرار والأمن، ودعم المؤسسات الحكومية وسيادة القانون، وتعزيز حقوق الإنسان وحمايتها.
إن فلسفة المشاركة العسكرية الأردنية في المهام الخارجية تنبع من تاريخ البلاد وخبراتها. فالقوات المسلحة الأردنية، والمعروفة أيضاً باسم الجيش العربي، شاركت في العديد من الحروب الإقليمية، فضلاً عن قيامها بالعديد من المهام الأمنية لإعادة الأمن والنظام والاستقرار في الدول العربية الشقيقة. وتميز الأردن بكونه الجيش العربي الوحيد الذي شارك في الحرب العالمية الثانية.
كل هذه المشاركات والتجارب جعلت الأردن يدرك أكثر من غيره معنى الحرب والسلام، ومخاطر وعواقب التهجير والنزوح، وأهمية دعم بيئة آمنة ومستقرة. فالأردن من دول الاعتدال والوسطية، وهو بلد يقع ضمن إقليم مضطرب مما يحتم عليه السعي الدائم لحفظ وتحقيق السلام والأمن الإقليميين، وبشكل يعزز أمنه الوطني.
وتعكس المشاركة الأردنية في مهام حفظ السلام الدولية جوهر السياسة الخارجية الأردنية التي تقوم على السلام والعدل والأمن والتعاون بين الشعوب، بشكل يعزز الثقل السياسي للأردن على الصعيد الدولي.
علاوة على ذلك، تعود المشاركة الأردنية في مهام حفظ السلام الدولية بالنفع على القوات المسلحة من خلال اكتسابها الخبرة العملية والاحترافية في بيئات متباينة وظروف متغيرة في جميع أنحاء العالم، مما يسهم في نهاية المطاف في زيادة كفاءة القوات ووعيها البيئي. كما أن المشاركات الدولية توفر فرصة للقوات الأردنية لبناء العلاقات، والتعرف على العقائد القتالية للقوات الدولية الصديقة والتي تنتمي لمدارس عسكرية مختلفة ومتعددة.
هناك سبعة أنماط للمشاركة الأردنية في مهام حفظ السلام الدولية:
1. قوات حفظ السلام الدولية:
• قوات حفظ السلام
• قوات حماية
• قوات التدخل السريع
• قوات المحافظة على الاستقرار
2. المراقبون العسكريون.
3. الشرطة الدولية.
4. ضباط الارتباط.
5. قوات الانتشار السريع.
6. اللواء عالي الجاهزية متعدد الجنسيات.
7. المشاركات الإنسانية والدبلوماسية:
• مراقبة الانتخابات
• إرسال المساعدات الإنسانية
• الجهود الدبلوماسية (تقريب وجهات النظر)
• المستشفيات العسكرية الميدانية
فعلى سبيل المثال، تعمل القوات المسلحة الأردنية في أفغانستان للمساعدة في تحقيق وصيانة السلم والاستقرار. ويشمل عمل القوات المسلحة الأردنية هناك تدريب ضباط الجيش والشرطة الأفغان لمساعدتهم على الحفاظ على النظام وتطبيق سيادة القانون. كما ان وضيفة الأمام/ الخطيب العسكري داخل وحدات الجيش الأردني تحض على نشر تعاليم الأسلام التي تدعو إلى التسامح، والوحدة، والسلام بين المسلمين. ويعمل فريق الدعم النسائي الإردني على تخفيف معاناة النساء والأطفال الأفغان.
ولا تقتصر فوائد المشاركة الأردنية في مهام حفظ السلام الدولية على الأردن فحسب، بل تتعداها لتشمل العالم بأسره. كما أن قيام القوات المسلحة الأردنية بتوفير الجيش والمساعدات الإنسانية ستساهم بلا شك في دعم السكان على تجاوز ويلات الحرب والعنف والنزوح القسري، فضلاً عن مساعدة الفئات الأقل حظاً، والذين تضرروا بسبب الفقر، أو الظلم، أو الكوارث الطبيعية.
كما أن المشاركة الدولية ستمكن ضباط وأفراد القوات المسلحة الأردنية من اكتشاف وتطوير قدراتهم، والإمكانيات المتوفرة لديهم، مما يسهم في زيادة الكفاءة المهنية الشاملة للقوات. وبشكل عام، تساعد المشاركات الدولية الجيش من التأقلم على العمل في ظل ظروف بيئية وأمنية صعبة، وممارسة التأهب ﻭﺍﻻﺳﺘﺠﺎﺑﺔ للكوارث، وطرق إدارة الأزمات والطوارئ.
لقد ظهرت مكاسب المشاركات الدولية جليةً حينما تعاملت القوات المسلحة الاردنية بكل حرفية وتفان مع تدفق أعداد كبيرة من اللاجئين السوريين إلى البلاد خلال السنوات القليلة الماضية. فمنذ عام 2011 ، نزح مئات الآلاف من السوريين هرباً من أعمال العنف وعبروا الحدود إلى الأردن.
وخلال حديثه مع وكالة أنباء رويترز، قال قائد قوات حرس الحدود الأردني العميد الركن حسين راشد الزيود: “إن الأردن اضطر لنشر 850 جندياً وضابطاً على مدار الساعة و450 مركبة” مضيفاً أن هذه العملية الانسانية كلفت ميزانية القوات المسلحة 250 مليون دينار (350 مليون دولار) حتى الآن.” ويقدّر العميد حسين راشد الزيود “إن أكثر من 89 ألف لاجئ عبروا منذ بداية العام 2014 بمعدل بتجاوز عشرة آلاف في الأسبوع.”
ويمثل التدفق المستمر للاجئين السوريين ضغطاً هائلاً على موارد الأردن المحدودة، لكن المملكة استمرت وتستمر في دعم جهود الإغاثة للاجئين السوريين، مما دفع بالمجتمع الدولي إلى الإشادة بالقيادة الأردنية ودعمها الإنساني. ففي فبراير 2014 أكد ممثل المفوضية السامية لدى الأمم المتحدة لشئون اللاجئين فى الأردن أندرو هاربر، على أهمية الدور الذى تقوم به القوات المسلحة الأردنية فى توفير الأمن والحماية للاجئين السوريين منذ اللحظات الأولى لاجتيازهم الحدود. ووصف هاربر القوات المسلحة الأردنية بأنها “نموذج إنسانى وأمنى يحتذى به فى المنطقة،” حيث لا يتوانى منتسبوها عن تقديم المساعدة والحماية للاجئين فى أصعب الظروف. ونوه السيد هاربر بالجهود الجبارة لقوات حرس الحدود الملكية وإدارتها الخلاقة في عمليات احتضان اللاجئين بكل ما لديها من طاقات وإمكانيات وآليات لدرء المخاطر عنهم ونقلهم إلى أماكن الرعاية حيث فتحت لهم ثكناتها لإيوائهم وتوفير المساعدات الأنسانية من غذاء وخدمات طبية وإسعاف للجرحى.
في الختام، اعتقد ان المشاركات الدولية للقوات المسلحة الأردنية دعمت أهداف الدولة لتعزيز السلام والاستقرار العالميين، فضلاً عن تعزيز الأمن القومي من خلال وجود قوة قادرة ومستعدة لمواجهة أي تحد. لقد منحت المشاركات الدولية قواتنا المسلحة تدريباً عملياً وخبرة لا تقدر بثمن، بالإضافة إلى تطوير صداقاتنا وعلاقاتنا مع جيوش وأفراد في جميع أنحاء العالم.
التعليقات مغلقة.