لا تعيش منطقتنا بمعزل عن الساحة العالمية، فالصراع يتجاوز الحدود، ويؤثر على الأمن العالمي، ويهدد الاقتصاد العالمي.
ولطالما سعت المملكة العربية السعودية جاهدةً لإيجاد سبل سياسية لتجاوز الأزمات، فدعمنا التنمية الاقتصادية وجعلنا منها وسيلة لتكامل المنطقة، وسلكنا سبيل التسامح والتعاون والحوار الإقليمي وتعزيز الشراكات.
إلا أن الأزمات والحروب يدفعاننا صوب مفترق طرق خطير،وعلينا، بالتعاون مع المجتمع الدولي، أن نوحِّد صفوفنا لتصحيح المسار، والعودة إلى رحاب التسامح والتعايش السلمي، والتخلص من الحروب التي تتسبب بآلاف الضحايا.
وتكمن غايتنا للأمن السياسي في الاهتمام بالتحديات التي تعترض مسيرنا نحو مستقبل أفضل، وهذا الهدف، وإن كان قابلاً للتحقيق، فإنه يتطلب التزاماً وجهداً وشجاعة من جميع الأطراف، مع الحرص على تجنُّب المصالح أو المطامع الشخصية.
فالسلام يتطلب مشاركة صادقة من أطراف الصراع كافة، وتؤمن المملكة بأن طريق السلام واضحٌ، وإن كانت تعترضه عقبات، وينبغي للمجتمع الدولي، إذا أردنا الحفاظ على مصداقيتنا، أن ينضم إلى المملكة وسائر الدول الملتزمة لتحويل الأقوال إلى أفعال لتحقيق السلام والأمن.
فقد آن الأوان لتفعيل جهود السلام، وهذا يشمل حل الصراع في غزة بما يرضي الجميع، وضمان وقف إطلاق النار في لبنان لتخليصه من المعاناة الإنسانية. أما في الأزمات الأخرى، في السودان وليبيا مثلاً، فيجدر بنا تجنب العنف والعمل العسكري، وإعلاء الحل السياسي الذي يحترم السيادة الوطنية، وإلا فاننا سنؤجج الأزمات الإنسانية ونهدد بانهيار المجتمع.
تتلخص رؤية المملكة في دعم التنمية الاجتماعية والاقتصادية المستدامة، باتباع سياسة خارجية تهدف إلى خلق واقع أكثر إشراقاً يعود بالنفع على المنطقة بأسرها، وقد استثمرنا في الاستقرار الإقليمي والأمن المشترك بتعزيز الوحدة بين الدول الشقيقة على أساس الحوار الدولي، مع التوسط في جهود السلام.
والأحداث الجارية مثيرة للقلق، ولكن تتطلع المملكة إلى مستقبل قائم على التعاون والتكاتف في الشرق الأوسط، نظراً لما تتمتع به المنطقة من موارد وفيرة، ومواهب كثيرة، وموقع يتوسط ثلاث قارات. ولا غنى للتكامل الاقتصادي والازدهار عن السلام والاستقرار. فلا مكان للخلافات السياسية والاستراتيجيات التي لا رابح فيها في هذا المستقبل المشرق.
إننا نتطلع إلى أن نسلك مساراً بديلاً، نتقدم فيه معاً، رافضين المصالح الذاتية الضيقة، ساعين إلى توفير مستقبل أفضل لشعوب المنطقة.