أكدت الولايات المتحدة وحلفاؤها وشركاؤها على أهمية الممرات المائية للنقل البحري العالمي، لابد من إبقائها مفتوحة، ولهذا تكثف القيادة الأمريكية للمحيطين الهندي والهادئ والقيادة المركزية الأمريكية وجهات أخرى حملة «العمليات المشتركة الشاملة لجميع المجالات»، وهي عبارة عن مبادرة دولية غايتها الحفاظ على سلامة سفن الشحن والسفن العسكرية المبحرة في المحيطات والبحار التي تتميَّز بأهميتها الاستراتيجية.
يمر أكثر من 80% من بضائع العالم المنقولة بالسفن من الممرات والمعابر البحرية في المحيطين الهندي والهادئ، من المحيط الهندي غرباً إلى بحر اليابان شرقاً، وتشمل مضايق لوزون وملقا وسنغافورة وتايوان. كما تمر كميات كبيرة من البضائع في مياه الشرق الأوسط، مثل خليج عدن والبحر الأحمر والبحر المتوسط ومضيق هرمز ومضيق باب المندب، ناهيك عن ممرات متباعدة مثل مياه القرن الإفريقي وقناة بنما.
تُجري القوات البحرية لحلفائنا وشركائنا وجيوشها وقواتها الجوية تمارين وعمليات عبور روتينية للحفاظ على هذه الممرات البحرية، وتستخدم الأقمار الصناعية وأجهزة الاستشعار والطائرات والزوارق المسيَّرة، وغيرها من التقنيات لتعزيز الوعي بالمجال البحري، وتبادل المعلومات للمساعدة في كشف المخالفات.
زار الفريق أول مايكل كوريلا، قائد القيادة المركزية الأمريكية آنذاك، حاملة الطائرات الأمريكية «هاري ترومان» أثناء عملها في البحر الأحمر في إطار العمليات الجارية لحماية الممرات المائية التي تتميَّز بأهميتها الاستراتيجية.
وقال: ”إن المجموعة الهجومية لحاملة الطائرات «هاري ترومان» إنما تُجسِّد قوة البحرية الأمريكية، واستعراضها لقدراتها القتالية، وبأسها في القتال، ووجودها في المنطقة يعزز التزامنا، إلى جانب شركائنا وحلفائنا، بالحفاظ على الأمن البحري وردع التهديدات التي تُهدد الاستقرار الإقليمي، ولكَم تأثرت بالعمل الفذ الذي يقوم به الرجال والنساء الذين يخدمون أمتنا ومصالحنا الوطنية، وما يفعلونه لدعم السلام والأمن والاستقرار في المنطقة.“

ولكن لا تزال جهات هدَّامة تُهدد الممرات البحرية التقليدية، ففي حزيران/يونيو 2024، على سبيل المثال، أغار صينيون على زوارق كانت تُعيد إمداد موقع عسكري فلبيني في جزر توماس شول الثانية في بحر الصين الجنوبي، فمزقوا تلك الزوارق المطاطية بالسكاكين، ودمروا معداتها، وصادروا أسلحتها، وجرحوهم، وفقد أحد أفراد البحرية الفلبينية إبهامه في الاشتباك. ووقع الهجوم على الرغم من صدور حكم من محكمة دولية في عام 2016 يفيد بأن المنطقة تقع ضمن المنطقة الاقتصادية الخالصة للفلبين، ولكن لا تعترف الصين بهذا الحكم، وتدَّعي زوراً أن معظم بحر الصين الجنوبي يقع ضمن مياهها الإقليمية.
يتجلى استخفاف الصين بسيادة القانون في الأعمال العدوانية التي شنَّها المتمردون الحوثيون في اليمن، إذ هاجموا سفناً في خليج عدن، مثل إغراق سفينتين لنقل البضائع السائبة، وهما «إم في روبيمار» و«إم في توتور». وتسببت هجمات الحوثيين في تعطيل التجارة الدولية، وأودت بحياة أربعة بحارة على الأقل، وتظهر ويلات الأفعال التي يقوم بها من يضربون بالقانون البحري الدولي عرض الحائط.
قال الفريق أول بحري جون أكويلينو، قائد القيادة البحرية الأمريكية للمحيطين الهندي والهادئ آنذاك، للكونغرس في أيَّار/مايو 2024: ”الصراع ليس وشيكاً أو حتمياً، وإنما بات من تسول لهم أنفسهم معاداتنا أشد عدوانية، ويسعون إلى فرض إرادتهم على حساب الدول التي نجتمع وإياها على نفس الرأي.“
تتصدى حملة «العمليات المشتركة الشاملة لجميع المجالات» لهذه السيناريوهات، وتدعو إلى تكثيف التعاون بين القيادات القتالية الأمريكية وحلفائها وشركائها الدوليين لحماية الممرات المائية التي تتميَّز بأهميتها الاستراتيجية، ومثال ذلك أن قيادة العمليات الخاصة والقيادة البحرية الأمريكية للمحيطين الهندي والهادئ تدرَّبتا على عمليات لمواجهة أي أعمال يمكنها تعطيل التجارة البحرية.
وأجرت أكثر من 13 سفينة وطائرة مؤخراً تدريبات متزامنة على حرية الملاحة في تسعة ممرات بحرية حيوية في بقاع شتى من العالم، وكانت غايتها استعراض قدرات الردع المتكامل.