استراتيجية من أجل النصر في أفغانستان
الإجراءات اللاعنفية لمكافحة الايديولوجية المتطرفة العنيفة ينبغي لها أن تكمّل الجهود العسكرية
أحمد فريد فوروزي، مؤسسة آسيا
لقد أدى الفضول الناجم عن التفسير المتطرف للنصوص الدينية والإيديولوجيات العدوانية غير المبررة بحياة مئات الآلاف من الرجال والنساء والأطفال في أفغانستان منذ بداية الصراع في البلد في عام 1978. وقد اضطر ملايين آخرون إلى مغادرة ديارهم والهجرة إلى بلدان أخرى. وتمثل هذه الكارثة الإنسانية فرصة ضائعة للتنمية والنمو الاقتصادي، ما يجعل أفغانستان أحد أفقر بلدان العالم.
واليوم، تستخدم جماعات المعارضة المسلحة – وأبرزها طالبان وداعش — تفسيراً مشوهاً للدين لإضفاء الشرعية على التدمير المجتمعي والهجمات الوحشية المستمرة على حكومة أفغانستان وسكانها. ومن الأمثلة على ذلك الهجمات الإرهابية في عام 2018 على مدينة غزني التي تسببت في الموت والدمار.
وتاريخياً، لجأت أنظمة مختلفة تولت السلطة في العاصمة كابل إلى القوة لكبح التمرد والإرهاب اللذين تحركهما إيديولوجيات دينية عنيفة. ولا يشذ الصراع الحالي في أفغانستان عن ذلك. ولكن القوة العسكرية ليست كافية لاقتلاع جذور الحركات المتطرفة الراغبة في العمل ضد النظام السياسي والاجتماعي.
وفي أفغانستان، تشهد البلاد حاليا تطرفاً سلوكياً من أعلى إلى أسفل تقوم الجماعات المتطرفة بتجنيد الشباب الذين يمكن التأثير عليهم من الأسر الفقيرة وإعدادهم للانخراط في العنف لتحدي النظام السياسي والقواعد الاجتماعية ووجود قوات حلف شمال الأطلسي. إن الصراع الدائر له دينامياته الداخلية والعابرة للحدود والدولية على حد سواء.
وإذا ركزت سياسات الحكومة الأفغانية وحلفائها الأجانب بشكل فعال على معالجة الأسباب الداخلية الكامنة وراء قدرة الإرهابيين على التجنيد، فإن العوامل الخارجية لن تشكل تحدياً كبيراً لاستقرار البلد.
والسؤال هو ما هي تلك العوامل الداخلية الكامنة التي يستغلها الإرهابيون لاجتذاب وتلقين هذا العدد الكبير من الشباب وشن حرب مطولة ومرهقة ضد قوات التحالف في أفغانستان؟ وما هي التدابير غير العنيفة التي يمكن للحكومة الأفغانية وحلفائها المتعددي الجنسيات اتخاذها لاحتواء جرائم المتطرفين العنيفين؟
ضعف الخدمات العامة
ففي المقام الأول، ألحق الحكم العتيق، والخدمات العامة الرديئة أو غير القائمة، والفقر والبطالة الضرر بالثقة الشعبية في الحكومة المركزية في أفغانستان. وفي بعض الحالات، ساعد هذا الافتقار إلى الثقة جماعات المعارضة المسلحة على إثارة المعارضة ضد الحكومة وتولي السيطرة في أجزاء نائية من البلاد.
ومن شأن إجراء تحليل متعمق للحالة الراهنة للخدمات العامة ذات الأهمية للمواطنين العاديين أن يقدم صورة عامة عن الأماكن التي توجد فيها ثغرات وما يمكن عمله لكسب ثقة الناس. وقد تحتاج الحكومة وشركاؤها الدوليون إلى إعطاء أولوية أكبر للاستثمار في تقديم الخدمات العامة الأساسية بكفاءة إلى المناطق الريفية النائية التي يستهدفها المتطرفون.

التعليقات مغلقة.