Getting your Trinity Audio player ready...
|

تعتمد الجيوش على منظومة الدعم اللوجستي والتي تعتبر الشريان الذي يغذي العمليات العسكرية، ففي أي عملية، تعمد هذه القوات إلى أن تكون أول من يدخل مسرح العملية وآخر من يغادره، فنجاح أي عملية عسكرية يعتمد على إدامة ومرونة شبكة الدعم اللوجستي التي تدير عمليات الإمداد والتموين من مواقع قريبة من مسرح العمليات ومواقع بديلة تعمل على إيصال ما تحتاجه القوات في فترة زمنية قصيرة. ومن هذا المنطلق، تشترك الجيوش في تمارين لاختبار قدراتها اللوجستية باستمرار. ونظراً لأهمية هذا الموضوع، التقت مجلة يونيباث بالعميد محمد الصمادي مدير إدارة الإمدادات اللوجستية في القوات المسلحة الأردنية.
يونيباث: كيف تصف دور إدارة الإمدادات اللوجستية؟
العميد الركن الصمادي: تؤدي الإدارة مجموعةً من المهمات الأساسية لخدمة تشكيلات ووحدات القوات المسلحة الأردنية، وتتمثل هذه المهمات في إدارة المنظومة اللوجستية بوجهٍ عامٍ لخدمة التشكيلات والوحدات المتنوعة. إذا انتقلنا إلى التفاصيل التقنية، فإن ذلك يتضمن تأمين احتياجات القوات المسلحة من مختلف المواد اللازمة، مثل الملابس والتجهيزات والمعدات، بالإضافة إلى تصنيع الأثاث للقوات المسلحة، كما تتضمن المهمات أيضاً إدارة المخزون الاستراتيجي بما يضمن توفير مختلف المواد والمعدات التي تستخدمها القوات المسلحة من خلال قيادة المستودعات العسكرية التابعة لإدارة الإمدادات اللوجستية، وهناك مهمة أخرى أيضاً تتضمن تصنيع الملابس التي تقوم باستعمالها القوات المسلحة الأردنية من خلال قيادة مستودعات الملابس والمهمات التابعة للقوات المسلحة. لدى هذه الوحدة خط إنتاج متكامل لإعداد الملابس لأفراد القوات المسلحة وكافة رُتب القوات المسلحة، وبالإضافة لذلك فإن الإدارة تُعنى بتحرير وتنسيق الخطط الإدارية لإسناد عمليات القوات المسلحة عموماً.
يونيباث: لماذا تركز الجيوش الحديثة على تطوير منظومة الدعم اللوجستي؟
العميد الركن الصمادي: إذا أردنا لأي قوات مسلحة أن تنفذ عملية عسكرية ناجحة، بغض النظر عن حجمها، فإن ذلك لا بد أن يتزامن ويتوافق مع خطة لوجستية مرنة وناجحة وقادرة على دعم جميع الواجبات والمهمات العملياتية، ومن هذا المنطلق، فإن الجيوش الحديثة على اختلاف مهماتها تسعى إلى بناء وتطوير منظومات لوجستية فعّالة وموثوقة قادرة على دعم الوحدات والتشكيلات أثناء العمليات العسكرية، وتلعب القوات المسلحة الأردنية أيضاً دوراً ريادياً على المستوى الإقليمي من خلال توفير كل ما تحتاجه الوحدات والتشكيلات من معدات وأجهزة وأنظمة لوجستية حديثة. نحن في الأردن، قد يكون لنا خصوصية معينة من خلال وجودنا في إقليم ملتهب فتواجهنا العديد من التحديات والتهديدات، وبالتالي لا بد أن يتم تحديث التخطيط اللوجستي باستمرار لمواكبة التحديات الجديدة وللتعامل مع أي تهديدات معينة في سلاسل الإمداد.
يونيباث: كيف يتم نقل القوات والمعدات العسكرية في مواعيدها دون تعطيل الحياة اليومية في مدن الأردن؟
العميد الركن الصمادي: القوات المسلحة الأردنية لديها أسطول متكامل للتعبئة الاستراتيجية ونقل الأسلحة والمعدات وكذلك القوة البشرية، من أي موقع لآخر في مسرح العمليات الأردني وهذا يشمل ناقلات الدبابات والحافلات لنقل الأفراد والمركبات والمعدات الأخرى، ويتم التخطيط لعمليات النقل وتنفيذها في توقيتات معينة وعلى مسارات محددة لا تتعارض مع حركة المدنيين أو حركة الشحن المدني والنقل المدني بوجهٍ عامٍ، وبالتالي نحن نقوم بتمارين دورية بعضها داخلية للقوات المسلحة ومؤسسات الدولة الأخرى والبعض الآخر يُجرى جنباً إلى جنب مع شركائنا الدوليين والإقليميين مثل تمرين الأسد المتأهب ونقوم خلال هذه التمارين باختبار قدراتنا على نقل الوحدات في أوقات قياسية ونقوم بتحديث عملياتنا باستمرار من أجل تحديد أفضل وأسرع المسارات الممكنة.
يونيباث: كيف يطور الجيش الأردني إدارة الإمدادات اللوجستية؟
العميد الركن الصمادي: القوات المسلحة الأردنية تبذل أقصى جهدها في تطوير العمليات اللوجستية لكافة قواتها برفد هذه الإدارة بالكوادر القادرة على إدارة المنظومة اللوجستية من ضباط وضباط الصف والأفراد النظاميين، وهذا يشمل الاستمرار بعملية التدريب والتطوير بما يتماشى مع الأنظمة الحديثة التي تدخل إلى القوات المسلحة واستخدامها في المنظومة اللوجستية، وهذا أيضاً يشمل التعاون مع الجيوش الشقيقة والصديقة في مجال التطوير اللوجستي، وكل هذا يندرج ضمن مجال الموارد البشرية أما فيما يتعلق بالمعدات والمهمات، فإن القيادة العامة للقوات المسلحة وبتوجيهات مباشرة وحثيثة من رئيس هيئة الأركان المشتركة تُولي هذا الجانب أكبر الأهمية من خلال رفد القوات المسلحة ورفد وحدات إدارة الإمداد اللوجستية وكافة الوحدات العاملة في المنظومة اللوجستية بأحدث التقنيات والآليات الموجودة في العالم لتتماشى مع الخطط العملياتية الموضوعة والمعايير الدولية، ونركز على المفهوم الأساسي ”للاحتمالات البديلة“ سواء داخل المنظومة نفسها أو ما بين وحدات مختلفة من القوات المسلحة أو مع جيوش الدول الشقيقة والصديقة وهذا يُعني أنه يجب أن يكون هناك تكامل وإمكانية وقدرة لتشغيل تكاملي وفعّال بين مكونات المنظومة اللوجستية. نعمل بطريقة تكاملية وكل وحدة تكمل دورها وكل إدارة تعرف ما هو المطلوب منها بالتحديد، كما أن هناك تكامل بين الخطط والعمليات اللوجستية من جهة والخطط العملياتية للقوات المسلحة من جهة أخرى، كما نختبر القدرات اللوجستية أثناء التمارين المشتركة مثل تمرين الأسد المتأهب إذ يتيح فرصة للجيوش الصديقة المشاركة لاختبار قدرتها على تنسيق عملياتها ومواءمتها، وهذا له تأثير إيجابي على أي عمليات مشتركة مستقبلاً.
يونيباث: كيف تم دمج اللوجستيات في تدريبات تمرين الأسد المتأهب؟
العميد الركن الصمادي: كما ذكرنا سابقاً أن أي خطة عملياتية يُراد لها أن تنجح وتحقق أهدافها فلابد أن تتزامن وتتوافق مع خطة لوجستية، ومن هذا المنطلق يأتي دور منظومة الدعم اللوجستي في تمرين الأسد المتأهب، حيث كانت منظومات الدعم اللوجستي موجودة على الأرض إلى جانب القوات في جميع فعاليات التمرين وفي مختلف ميادين التدريب، وقد تم تنفيذ عمليات النقل الاستراتيجي في مسرح العمليات بما في ذلك عمليات الإنزال الجوي لتوصيل الشحنات ونقل المعدات باستخدام الطائرات المروحية أو الطائرات المجنحة الأخرى فضلاً عن عمليات الإمداد الآلية التقليدية، كما كانت هناك عمليات نشر لبعض الوحدات اللوجستية لإسناد القوات العاملة على الأرض، سواء كانت من القوات المسلحة الأردنية أو من الجيوش الشقيقة والصديقة.
يونيباث: ما التحديات التي تواجه إدارتكم في ظل امتلاك الأردن ميناء بحري واحد فقط؟
العميد الركن الصمادي: هذا يشكل تحدياً ولكنه ليس تحدياً رئيسياً بالنسبة لمنظومة الدعم اللوجستي لأن لدينا حدوداً برية مشتركة مع الدول الشقيقة ويمكن استخدام منافذها البرية والبحرية والجوية لإدامة سلاسل التوريد. النقل الجوي أيضاً موجود ونحاول أن نكون باستمرار جاهزين لأي طارئ في موضوع سلاسل الإمداد من خلال الاحتفاظ باحتياطات كافية ومعقولة تكفي لإسناد وحدات القوات المسلحة في أي ظرف سواء كان عملياتياً أو إدارياً و لمدة كافية.
يونيباث: ما أهمية المحور اللوجستي الذي تم تأسيسه حديثاً في المنطقة العسكرية الشرقية في الأردن؟
العميد الركن الصمادي: هذا مركز الإسناد اللوجستي المتقدم وهو ضمن منطقة رويشد تحديداً، وقد تم العمل على إنشاءه منذ 3 أعوام وهو نتاج منحة مشكورة وكريمة من الاتحاد الأوروبي على مرحلتين، ويشكل المركز الآن إضافةً نوعيةً لمنظومة الدعم اللوجستي من خلال التعبئة اللوجستية للمستودعات، والمنظومة اللوجستية ضمن مسرح العمليات الأردنية حيث تتوفر فيه جميع المواد التي يحتاجها الجيش من ملابس وأثاث وذخيرة وفي المرحلة الثالثة، سيضم مركزاً للإمدادات الطبية وهذا يُعني أن كل الوحدات الموجودة في المنطقة الشرقية تستطيع الحصول على جميع مستلزماتها من نفس المركز دون أن تعود إلى مراكز الدعم اللوجستي في عمان والزرقاء. بالنسبة للمجتمع المحلي، هناك تعاونٌ كبيرٌ ودعمٌ من الاتحاد الأوروبي في هذا الموضوع، حيث تم إقامة عيادة طبية مجانية، وكذلك تجديد بعض المدارس، أما الجانب الثالث لمركز الدعم اللوجستي فهو التعاون مع الأجهزة الحكومية والأمنية الموجودة ضمن المنطقة، مثل إدارة الجمارك والأمن العام وأجهزة المخابرات، وبالتالي فإن المركز سيلعب دوراً أساسياً في التعامل مع أي أزمة إنسانية كونه يقع في منطقة حدودية شهدت موجة لجوء في فترةٍ معينةٍ، والآن قد يكون هناك بعض الحاجة لوجود هذه الأجهزة هنا فضلاً عن الحاجة للتعاون مع المنظمات غير الحكومية التي تعمل في المنطقة، وبالتالي فإن المركز يشكل إضافة نوعية واستراتيجية للجهد اللوجستي الذي تقدمه القوات المسلحة في المنطقة ونطمح أن يكون لدينا مركز مشابه ضمن المنطقة الجنوبية ليقوم بدورٍ مماثلٍ.
يونيباث: كيف لعبت الخدمات اللوجستية دوراً في عمليات حفظ السلام الأردنية في الخارج؟
العميد الركن الصمادي: كنت مسؤولاً عن الخدمات اللوجستية لمشاركة القوات المسلحة الأردنية في مهمة حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في كوت ديفوار والتي انتهت في عام 2017، وكانت قيادتي أول من ضمن وصول المعدات قبل وصول كتيبة حفظ السلام كما كانت آخر القوات خروجاً بعد أربعة أشهر من انتهاء المهمة رسمياً، فقد كنا بحاجة إلى التأكد من تحميل المعدات على متن السفن وإعادتها إلى الأردن.