مكافحة التطرف الديني

قادة‭ ‬عسكريون‭ ‬وباحثون‭ ‬وعلماء‭ ‬دين‭ ‬يتبادلون‭ ‬الآراء‭ ‬خلال‭ ‬الندوة

أسرة‭ ‬يونيباث

فيمارس‭ ‬2017،‭ ‬صرح‭ ‬السفير‭ ‬أكبر‭ ‬أحمد‭ -‬المندوب‭ ‬السامي‭ ‬الباكستاني‭ ‬السابق‭ ‬للمملكة‭ ‬المتحدة‭-‬في‭ ‬إحدى‭ ‬الندوات‭ ‬التي‭ ‬عُقدت‭ ‬بواشنطن‭ ‬أنه‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬للعسكريين

القضاء‭ ‬على‭ ‬التطرف‭ ‬بمفردهم‭.‬

حيث‭ ‬ألقى‭ ‬مؤلف‭ ‬كتاب‭ ” ‬The Thistle and the Drone‭: ‬How America’s War on Terror Became a Global War on Tribal Islam‭” (‬الشوك‭ ‬والطائرة‭ ‬بدون‭ ‬طيار‭: ‬كيف‭ ‬أصبحت‭ ‬الحرب‭ ‬الأمريكية‭ ‬على‭ ‬الإرهاب‭ ‬حربًا‭ ‬عالمية‭ ‬على‭ ‬الإسلام‭ ‬القبلي‭) ‬كلمةً‭ ‬رئيسيةً‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الندوة‭ ‬ركز‭ ‬فيها‭ ‬على‭ ‬الحاجة‭ ‬إلى‭ ‬فهم‭ ‬الأصول‭ ‬القبلية‭ ‬وطبيعتها‭ ‬في‭ ‬الدول‭ ‬ذات‭ ‬الأغلبية‭ ‬السكانية‭ ‬المسلمة‭.‬

وقد‭ ‬صرح‭ ‬السيد‭ ‬أكبر‭ ‬ليونيباث‭ ‬قائلًا‭: “‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬حل‭ ‬أي‭ ‬مشكلة‭ ‬دون‭ ‬فهمها،‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬فإن‭ ‬إنهاء‭ ‬عنف‭ ‬الجماعات‭ ‬على‭ ‬شاكلة‭ (‬داعش‭) ‬يفرض‭ ‬علينا‭ ‬العمل‭ ‬على‭ ‬فهم‭ ‬طبيعة‭ ‬المجتمعات‭ ‬التي‭ ‬تنشط‭ ‬فيها‭ ‬هذه‭ ‬الجماعات‭.” ‬

وأردف‭ ‬قائلاً‭: “‬إنه‭ ‬في‭ ‬سبيل‭ ‬الوصول‭ ‬إلى‭ ‬هذه‭ ‬الغاية‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تراعي‭ ‬رسائل‭ ‬مكافحة‭ ‬التطرف‭ ‬الطبيعة‭ ‬القبلية‭ ‬لكثير‭ ‬من‭ ‬دول‭ ‬العالم‭ ‬الإسلامي‭ ‬وكذا‭ ‬أهمية‭ ‬القيم‭ ‬الإسلامية‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الدول‭.”‬

فعلى‭ ‬سبيل‭ ‬المثال،‭ ‬تسلط‭ ‬رسائل‭ ‬مكافحة‭ ‬التطرف‭ ‬الفعالة‭ ‬الضوء‭ ‬على‭ ‬الأساليب‭ ‬التي‭ ‬انحرف‭ ‬بها‭ ‬المتطرفون‭ ‬عن‭ ‬الدين‭ ‬الإسلامي‭ ‬القويم‭ ‬في‭ ‬ضوء‭ ‬الركائز‭ ‬الثلاث‭ ‬الرئيسية‭ ‬للمجتمع‭ ‬الإسلامي‭ ‬المثالي‭ ‬وهي‭: ‬العلم‭ ‬والإحسان‭ ‬والعدل‭.‬

يُذكر‭ ‬أن‭ ‬مركز‭ ‬الشرق‭ ‬الأدنى‭ ‬وجنوب‭ ‬آسيا‭ ‬للدراسات‭ ‬الإستراتيجية‭ (‬NESA‭) ‬قد‭ ‬نظم‭ ‬الندوة‭ ‬بالتعاون‭ ‬مع‭ ‬القيادة‭ ‬المركزية‭ ‬لجيش‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ (‬ARCENT‭). ‬وأشار‭ ‬أحمد‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬الحضور‭ ‬من‭ ‬العسكريين‭ ‬والدبلوماسيين،‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬الأردن‭ ‬وكازاخستان‭ ‬والكويت‭ ‬وباكستان‭ ‬وقطر‭ ‬والمملكة‭ ‬العربية‭ ‬السعودية،‭ ‬قد‭ “‬أدركوا‭ ‬ما‭ ‬كان‭ ‬يعنيه‭ ‬بالتحديد‭”. ‬

مضيفًا‭ “‬لقد‭ ‬جاءوا‭ ‬لمقابلتي‭ ‬قائلين‭: ‬إن‭ ‬هذا‭ ‬الخطاب‭ ‬هو‭ ‬أكثر‭ ‬الخطابات‭ ‬التي‭ ‬سمعناها‭ ‬حكمةً‭ ‬على‭ ‬الإطلاق‭” ‬وأردف‭ “‬إن‭ ‬بعض‭ ‬هذه‭ ‬الأفكار‭ ‬غير‭ ‬مألوف‭ ‬في‭ ‬المجتمع‭ ‬الغربي،‭ ‬إلا‭ ‬أنها‭ ‬مألوفة‭ ‬للغاية‭ ‬بالنسبة‭ ‬للمسلمين‭.”‬

وقد‭ ‬كان‭ ‬ممثلوا‭ ‬القيادة‭ ‬المركزية‭ ‬لجيش‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬ومنهم‭ ‬الفريق‭ ‬أول‭ ‬مايكل‭ ‬غاريت،‭ ‬من‭ ‬بين‭ ‬حضور‭ ‬الندوة‭ ‬التي‭ ‬حملت‭ ‬عنوان‭ “‬الدين‭ ‬في‭ ‬بؤرة‭ ‬الصراع‭: ‬تحدي‭ ‬داعش‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬مسألة‭ ‬الانشقاق‭ ‬الديني‭ ‬والاشتباك‭ ‬وتسوية‭ ‬النزاعات‭.”‬

وقد‭ ‬تمحورت‭ ‬الندوة‭ ‬حول‭ ‬فكرة‭ ‬الاستعانة‭ ‬بالدين‭ ‬لمواجهة‭ ‬التطرف،‭ ‬وركزت‭ ‬العروض‭ ‬التقديمية‭ ‬على‭ ‬مجموعة‭ ‬متنوعة‭ ‬من‭ ‬الموضوعات،‭ ‬من‭ ‬بينها‭ ‬الآراء‭ ‬المخالفة‭ ‬لتلك‭ ‬الجماعات‭ ‬التي‭ ‬تتزايد‭ ‬بشكل‭ ‬كبير،‭ ‬ورأب‭ ‬الصدع‭ ‬في‭ ‬سوريا‭ ‬عقب‭ ‬انتهاء‭ ‬مرحلة‭ ‬النزاعات‭ ‬والعلاقات‭ ‬بين‭ ‬الأديان‭ ‬في‭ ‬أعقاب‭ ‬الصراعات‭ ‬ومستقبل‭ ‬الإسلام‭ ‬السياسي‭.‬

هذا‭ ‬وقد‭ ‬تناول‭ ‬بعض‭ ‬المتحدثين‭ ‬قضايا‭ ‬سياسية،‭ ‬حيث‭ ‬أكدوا‭ ‬أن‭ ‬القوة‭ ‬العسكرية‭ ‬قد‭ ‬تكون‭ ‬ضرورية‭ ‬لمكافحة‭ ‬التطرف،‭ ‬إلا‭ ‬أنها‭ ‬ليست‭ ‬كافيةً‭ ‬وحدها‭.‬‭ ‬وشدد‭ ‬تيموثي‭ ‬شاه،‭ ‬مدير‭ ‬البحث‭ ‬الدولي‭ ‬لمشروع‭ ‬بحث‭ ‬الحرية‭ ‬الدينية‭ ‬في‭ ‬مركز‭ ‬بيركلي‭ ‬التابع‭ ‬لجامعة‭ ‬جورج‭ ‬تاون‭ ‬المتخصص‭ ‬في‭ ‬دراسة‭ ‬الأديان‭ ‬والسلام‭ ‬والشؤون‭ ‬العالمية،‭ ‬على‭ ‬أهمية‭ ‬الحرية‭ ‬الدينية‭ ‬التي‭ ‬تتمثل‭ ‬في‭ ‬منع‭ ‬انتشار‭ ‬التطرف‭ ‬العنيف‭.‬

وقد‭ ‬صرّح‭ ‬تيموثي‭ ‬شاه‭ ‬يونيباث‭ ‬بأن‭ “‬حالات‭ ‬الاضطهاد‭ ‬الديني‭ ‬ما‭ ‬هي‭ ‬إلا‭ ‬تربة‭ ‬خصبة‭ ‬للعنف،‭ ‬لذا‭ ‬فإننا‭ ‬نركز‭ ‬تركيزًا‭ ‬شديدًا‭ ‬على‭ ‬إعادة‭ ‬تفسير‭ ‬التعاليم‭ ‬الدينية‭ ‬وفهم‭ ‬سيكولوجية‭ ‬الإرهابيين،‭ ‬رغم‭ ‬أن‭ ‬السبب‭ ‬الرئيسي‭ ‬وراء‭ ‬التطرف‭ ‬يُعد‭ ‬سببًا‭ ‬هيكليًا‭. ‬يتجه‭ ‬الناس‭ ‬إلى‭ ‬العنف‭ ‬عند‭ ‬تعرضهم‭ ‬للقمع‭ ‬أو‭ ‬العقاب‭ ‬بسبب‭ ‬معتقداتهم‭ ‬الدينية‭.”‬

وقد‭ ‬أشار‭ ‬هنا‭ ‬لما‭ ‬قاله‭ ‬أكبر‭ ‬أحمد،‭ ‬حيث‭ ‬بيّن‭ ‬هو‭ ‬الآخر‭ ‬مدى‭ ‬الحاجة‭ ‬إلى‭ ‬معرفة‭ ‬مصادر‭ ‬العنف‭ ‬حتى‭ ‬يتسنى‭ ‬لنا‭ ‬القضاء‭ ‬على‭ ‬أسباب‭ ‬التطرف‭ ‬وليست‭ ‬نتائجه‭ ‬فقط‭. ‬فعلى‭ ‬سبيل‭ ‬المثال،‭ ‬نصح‭ ‬أحمد‭ ‬مستمعيه‭ ‬من‭ ‬الحضور‭ ‬بأخذ‭ ‬ركائز‭ ‬المجتمع‭ ‬القبلي‭ ‬في‭ ‬اعتبارهم‭ ‬قبل‭ ‬استخدام‭ ‬الطائرات‭ ‬بدون‭ ‬طيار‭ ‬وأي‭ ‬قوة‭ ‬عسكرية‭ ‬أخرى‭ ‬ضد‭ ‬مجتمع‭ ‬قبلي‭ ‬—‭ ‬هذه‭ ‬الركائز‭ ‬هي‭ ‬عبارة‭ ‬عن‭ “‬ميثاق‭ ‬الشرف‭” ‬الذي‭ ‬يقوم‭ ‬على‭ ‬تقديم‭ ‬الضيافة‭ ‬وإبراز‭ ‬الشجاعة‭ ‬والإقدام‭ ‬وقت‭ ‬الحرب‭ ‬والانتقام‭ ‬—‭ ‬حيث‭ ‬قال‭ ‬إن‭ ‬الذين‭ ‬يحاربون‭ ‬التطرف‭ ‬لم‭ ‬يفهموا‭ ‬هذه‭ ‬الركائز‭ ‬حق‭ ‬الفهم‭.‬

وتابع‭ ‬أحمد‭ ‬قائلاً‭: “‬في‭ ‬حالة‭ ‬استخدام‭ ‬طائرة‭ ‬بدون‭ ‬طيار‭ ‬لضرب‭ ‬قريتي،‭ ‬ينطبق‭ ‬ميثاق‭ ‬الشرف،‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬يجب‭ ‬عليّ‭ ‬التحرك‭ ‬والانتقام‭ ‬ردًا‭ ‬على‭ ‬ذلك‭.‬

ويعني‭ ‬هذا‭ ‬أن‭ ‬العنف‭ ‬لم‭ ‬يؤدِّ‭ ‬إلا‭ ‬إلى‭ ‬تفاقم‭ ‬انهيار‭ ‬المجتمع‭ ‬القبلي‭. ‬وذكر‭ ‬أحمد‭ ‬أنه‭ ‬إذا‭ ‬أراد‭ ‬المجتمع‭ ‬الدولي‭ “‬طرد‭” ‬العناصر‭ ‬المسلحة‭ ‬من‭ ‬المجتمع،‭ ‬فعليه‭ ‬بدلًا‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬دحض‭ ‬حجج‭ ‬المتطرفين‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬تسليط‭ ‬الضوء‭ ‬على‭ ‬تعاليم‭ ‬الإسلام‭ ‬الحقيقية‭.”‬

وأضاف‭ ‬قائلًا‭ ‬إن‭ ‬هذه‭ ‬الطريقة‭ ‬ستستغرق‭ ‬وقتًا‭ ‬طويلاً‭ ‬لإنجازها،‭ ‬وقد‭ ‬تكون‭ ‬غير‭ ‬تقليدية،‭ ‬ولكن‭ ‬لن‭ ‬تتمكن‭ ‬من‭ ‬إصلاح‭ ‬مجتمع‭ ‬غير‭ ‬مترابط‭ ‬دون‭ ‬الفهم‭ ‬السليم‭.  ‬‭ ‬

Comments are closed.