مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة

خبراء أمنيون من آسيا الوسطى والشرق الأوسط يتدربون في أكاديميات تركية

دكتور سليمان أوزيرن/ ودكتور كامل يلماظ/كاتبان زائرانالصور قدمها المركز الدولي للإرهاب والجريمة عبر الحدود الوطنية

توفر الأكاديمية التركية الدولية لمكافحة المخدرات والجريمة المنظمة تدريباً أساسياً وتدريباً على مستوى الخبراء لأجهزة الشرطة والأمن حول العالم.
توفر الأكاديمية التركية الدولية لمكافحة المخدرات والجريمة المنظمة تدريباً أساسياً وتدريباً على مستوى الخبراء لأجهزة الشرطة والأمن حول العالم.

تركيا لديها تاريخ طويل في مكافحة الإرهاب والجريمة العابرة للحدود. وتدير الشرطة الوطنية التركية مراكز تدريب مبتكرة تُعالج فيها هذه المشاكل من منظور إقليمي، مع تركيز مكثف على المشاركة من الشرق الأوسط وآسيا الوسطى. واثنان من أهم تلك المراكز هما الأكاديمية التركية الدولية لمكافحة المخدرات والجريمة والمركز الدولي للإرهاب والجريمة العابرة للحدود.

ومنذ إنشائها، أقامت الأكاديمية التركية الدولية لمكافحة المخدرات والجريمة 721 دورة تدريبية بمشاركة 22,892  من أفراد أجهزة الشرطة من تركيا. غير أن تأثيرها كان أوسع من ذلك بكثير. فقد قامت بتنفيذ 380 دورة تدريبية بمشاركة 6,844  من أفراد أجهزة الشرطة من 86 دولة. وشملت العديد من هذه الدورات “تدريباً متنقلاً” يسافر فيه المسؤولون الأتراك إلى دول أخرى للتدرب على الطبيعة. وهذا التدريب مفيد بشكل خاص لأن معظم تدريبات الأكاديمية التركية الدولية لمكافحة المخدرات والجريمة يجب تنفيذها في بيئة مألوفة للمتدرب. وتدريب الأكاديمية مبني على مبادئ تعليم بناءة تركز على الطالب.

وتشمل الدول المشاركة أفغانستان، وكازاخستان، وجمهورية قرغيزستان، وباكستان، والمملكة العربية السعودية، وطاجيكستان، وتركمنستان، وأوزبكستان. وزار مسؤولون من جهازي الشرطة والأمن من البحرين والأردن تركيا للتعلم وتبادل التقنيات. وينقسم التدريب، في معظم الأحيان، إلى فئتي تحليل استخبارات الجريمة وتحقيقات مكافحة المخدرات.

قال نائب مدير الأكاديمية التركية الدولية لمكافحة المخدرات والجريمة بهادير كوتشوكوزال في اجتماع  خلال شهر تشرين الأول/ أكتوبر عام 2013 للمساعدة في توسيع نطاق التدريب المتعدد الجنسيات، “أعتقد أنه يمكن أن نلمس تغيراً رئيسياً من خلال الملامح المختلفة للمتدربين عما رأيناه حينما بدأنا المشروع. ففي البداية كان المتدربون الذين يأتون إلينا في حاجة إلى تدريب أساسي على مكافحة المخدرات أكثر من أي شيء آخر. ولكننا نرى اليوم أكثر فأكثر ضباط مكافحة مخدرات يتمتعون بخبرة أساسية واسعة، مما يتطلب مزيداً من الدورات التدريبية التخصصية التي يسعدنا توفيرها لهم. وهذا يبين، بصورة عامة الانجازات التي تحققت في تطوير القدرات الإقليمية في السنوات الأخيرة”.

مكافحة المخدرات والجريمة المنظمة
تستخدم الجماعات الإجرامية المنظمة الحديثة أساليب معقدة ومتطورة، مما يجعل الحاجة إلى أجهزة أمنية ورجال أمن مدربين تدريباً جيداً ومجهزين تجهيزاً جيداً أكبر من أي وقت مضى.

واستناداً إلى إيمان قوي بالتعاون الدولي، دعمت تركيا كل مبادرة استهدفت مكافحة الاتجار الدولي في المخدرات. فالتعاون القوي عنصر حيوي في تحقيق النجاح في مكافحة الجريمة المنظمة. وبهذا المفهوم، تم إنشاء الأكاديمية التركية الدولية لمكافحة المخدرات والجريمة في أنقرة في حزيران/ يونيو2000 تحت إشراف إدارة مكافحة التهريب والجريمة المنظمة وفي إطار تعاون تركيا مع مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة.

والأكاديمية التركية الدولية لمكافحة المخدرات والجريمة هي أكاديمية التدريب الرائدة في المنطقة ويشير إليها مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة بوصفها “مركز الامتياز” فيما تعتبر برامجها وخدماتها أفضل الممارسات بأنحاء العالم. وتوفر الأكاديمية التدريب لأفراد الشرطة والأمن من دول وقعت معها تركيا اتفاقيات ومعاهدات تعاون ثنائية.

عقد المركز الدولي للإرهاب والجريمة العابرة للحدود منتداه الدولي الرابع حول الإرهاب والجريمة العابرة للحدود في كانون الأول/ ديسمبر 2012 في أنطاليا بتركيا.
عقد المركز الدولي للإرهاب والجريمة العابرة للحدود منتداه الدولي الرابع حول الإرهاب والجريمة العابرة للحدود في كانون الأول/ ديسمبر 2012 في أنطاليا بتركيا.

يلعب رجال الشرطة والأمن المحترفون والمهرة دوراً محورياً في مكافحة المخدرات وغيرها من أشكال الجريمة العابرة للحدود. والعنصر الرئيسي لوجود أفراد مؤهلين هو التدريب، والذي يمثل الأداة الرئيسية لبناء القدرات والتعلم المستمر. لذلك، فإن الأكاديمية التركية الدولية لمكافحة المخدرات والجريمة كرّست جهوداً وموارد كبيرة لتدريب الأفراد على درجة عالية من الجودة في المنطقة.

وتعتبر الأكاديمية التركية الدولية لمكافحة المخدرات والجريمة واحدة من أفضل مراكز التدريب في العالم، حيث تعرض تدريباً أساسياً وتدريباً على مستوى الخبراء في مكافحة المخدرات والجريمة المنظمة. ومع زيادة الطلب على التدريب فيها كل سنة، تواصل الأكاديمية بنجاح مهمتها في تحديد وتلبية احتياجات التدريب لجهازي الشرطة والأمن حول العالم. ويعكس التدريب في الأكاديمية، الذي تعززه تجربة تركيا الناجحة في هذا المجال، انسجاماً بين النظرية والممارسة. كما  تساهم الأكاديمية إسهاماً كبيراً في مشاريع التدريب المرتبطة بمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا، ومنظمة التعاون الاقتصادي، ومنظمة التعاون الاقتصادي للبحر الأسود، وحلف شمال الأطلسي – المجلس الروسي، وخطة كولومبو للتنمية الاقتصادية والاجتماعية التعاونية في آسيا والمحيط الهادئ.

المركز الدولي للإرهاب والجريمة العابرة للحدود
تأسس المركز الدولي للإرهاب والجريمة العابرة للحدود عام 2006 تحت إشراف إدارة مراكز البحوث التابعة للشرطة الوطنية التركية. تمزج أكاديمية الشرطة الوطنية التركية، بما لديها من فريق أبحاث متخصص ومؤهل تأهيلاً عالياً، النظرية بالممارسة وتوفر أغلب المعلومات لواضعي السياسات، وصانعي القرارات والممارسين في مجالات مثل الإرهاب، والجريمة العابرة للحدود، والاتجار بالبشر، وتهريب المهاجرين، وتجارة المخدرات، والجريمة المنظمة والجريمة الإلكترونية. وفي هذا الإطار، قام المركز الدولي للإرهاب والجريمة العابرة للحدود بتحسين التعاون مع مراكز البحوث الوطنية والدولية وقطاعات الأمن، وتنظيم العديد من الندوات، وورش العمل، والمؤتمرات وحلقات النقاش. وتساهم المجلة الدورية جورنال الأمن الدولي والإرهاب وغيرها من مطبوعات المركز في شتى المجالات الأكاديمية المتعلقة بالمهنيين العاملين في القطاع الأمني.

تشارك تركيا في رئاسة المنتدى العالمي لمكافحة الإرهاب، الذي انطلق في نيويورك في أيلول/ سبتمبر 2011. ويتألف المنتدى من لجنة تنسيق على المستوى الاستراتيجي مع  مجموعتي عمل للموضوعات وثلاث مجموعات إقليمية يحركها الخبراء. وتشترك تركيا والاتحاد الأوروبي في رئاسة مجموعة عمل “بناء قدرات منطقة القرن الإفريقي”، وهو مجهود للمساعدة في الحد من انعدام الاستقرار والتطرف اللذين أسهما في قرصنة المحيط الهندي بالقرب من أماكن مثل اليمن، وسلطنةعُمان، والإمارات العربية المتحدة.

تؤكد تركيا على أهمية دور المؤسسات الحكومية، والهيئات والمجتمع المدني في مكافحة التطرف العنيف، وأعدت مذكرة حول “الممارسات الجيدة لنهج متعدد القطاعات لمكافحة التطرف العنيف”.

أكاديمية الشرطة الوطنية التركية
بدأت مؤسسة أخرى، هي أكاديمية الشرطة الوطنية التركية، عام 1937 ببرنامج لسنة واحدة لتدريب قادة الشرطة. وبحلول عام 1984، تطورت إلى مؤسسة رسمية للتعليم العالي تقدم درجة البكالوريوس في دراسة تستمر أربع سنوات. وفي نيسان/ إبريل 2001، توسعت أكاديمية الشرطة إلى جامعة للشرطة توفر خياراً لضباط  ومدراء الشرطة ليصبحوا شرطة وطنية تركية عن طريق كلية العلوم الأمنية، ومعاهد العلوم الأمنية و27 مدرسة مهنية للتعليم العالي للشرطة في أنحاء البلاد. تدرب المدارس المهنية للتعليم العالي ضباط الشرطة للحصول على درجة زميل، وتوفر كلية العلوم الأمنية درجة البكالوريوس، بينما يوفر معهد العلوم الأمنية فرصاً للحصول على درجتي الماجستير والدكتوراة.

ومنذ هذه البدايات، أصبحت أكاديمية الشرطة الوطنية التركية دولية. فمنذ عام 1991، درّبت 1,085  طالب شرطة من 20 دولة، ويتلقى مئات آخرون تدريباً في أي وقت. وفي عام 2010، اقترحت الأكاديمية تشكيل الرابطة الدولية لأكاديميات الشرطة لزيادة تحسين امتدادها الدولي وتوطيد علاقات مثمرة بين أكاديميات الشرطة حول العالم. تأسست الرابطة في السنة التالية بمشاركة 24 أكاديمية شرطة أو ما يعادلها من مؤسسات من 22 دولة.  يرأس رئيس أكاديمية الشرطة الوطنية التركية رمزي فينديكلي، وهو أستاذ جامعي، ويرأس الرابطة الدولية لأكاديميات الشرطة منذ إنشائها.

ومن بين أعضائها أفغانستان، والبحرين، ومصر، والأردن، وكازاخستان، وجمهورية قرغيزستان، والمملكة العربية السعودية، وطاجيكستان، ودولة الإمارات العربية المتحدة. كما تشارك فيها عدة دول أسيوية وإفريقية وأوروبية مما يجعل الرابطة حقاً هيئة دولية.

في نيسان/ إبريل 2013، استضافت كلية الملك فهد الأمنية في الرياض، بالمملكة العربية السعودية، المؤتمر الثاني للرابطة الدولية لأكاديميات الشرطة حول قضايا معاصرة في التعليم الشرطي، والتدريب والبحوث. حضر نحو مائتي مشارك من 36 دولة، وانضم إليهم ممثلون عن منظمة الشرطة الدولية (الإنتربول)، وجامعة الدول العربية ورابطة كليات الشرطة الأوروبية.

ومن بين الموضوعات التي ستناقش في المؤتمر الثالث للرابطة الدولية لأكاديميات الشرطة الذي سينعقد في ماليزيا في أيار/ مايو 2014، إقامة مركز دولي لتدريب الشرطة في المملكة العربية السعودية ليكون مكملاً لمركز آخر مقام في تركيا. كما شهد عام 2014 نشر العدد الأول من الجورنال الإلكتروني للدراسات الشرطية التي تصدره الرابطة.

تأسس معهد العلوم الأمنية تحت إشراف الشرطة الوطنية التركية في عام 2002 بتسع إدارات: علوم الطب الشرعي، والعدالة الجنائية، والاستراتيجيات الأمنية والإدارة، والدراسات الاستخباراتية، ودراسات الجريمة، وأمن وإدارة النقل، والأمن الدولي، والأمن الدولي (باللغة الإنجليزية)، والإرهاب الدولي، والجريمة العابرة للحدود.  ويعرض المعهد تسعة برامج  لنيل درجة الماجستير وبرنامجين لنيل درجة الدكتوراة.

إن هدف أكاديمية الشرطة الوطنية التركية هو تزويد الشرطة الوطنية التركية – وبالتبعية شركائها الدوليين –  بالموارد البشرية لإدارة برامج دراسات عليا وبرامج تدريبية أخرى، وإجراء بحوث علمية، وإصدار مطبوعات والتشاور مع الهيئات الأخرى حول المسائل الأمنية. وفي سياق تدريب مديري شرطة المستقبل، تركز الأكاديمية بشكل خاص على احترام حقوق الإنسان، وتسعى جاهدة للحفاظ على أعلى المعايير الممكنة من خلال مواصلة الاطلاع  على أحدث التطورات التكنولوجية.

ملخص
بسبب موقعها الجغرافي وأوضاعها الاجتماعية – السياسية والاقتصادية، شهدت تركيا من الناحية التاريخية مستويات عالية من الجريمة المنظمة عبر الحدود مثل الإرهاب وتهريب المخدرات. ولمكافحة هذه الجرائم، تسعى تركيا جاهدة باستمرار لتكون على بينة بالممارسات الدولية والتطورات التكنولوجية مع الحفاظ على توازن بين الأمن والحقوق والحريات الفردية. وفي قلب هذه الجهود، أولت البلاد أهمية خاصة للتعاون الدولي عن طريق إنشاء هذه الأكاديميات والمؤسسات البحثية الحيوية.

Comments are closed.