مساعدة أفغانستان
يتعين على قوات الأمن الأفغانية زيادة التركيز على التدريب والمعدات
أحمد مريد بارتاو، كبير الممثلين الافغانيين السابق لدى القيادة المركزية الأمريكية
صور من وكالة رويترز
يُنظَر إلى قوات الأمن الوطنية الأفغانية على أنهم حماة البلاد لا سيما فيما يتعلق بتوفير الأمن ومنع التمرد. وقد قطع الجيش والشرطة الأفغانية شوطًا كبيرا فيما يتعلق بقدراتهما العملياتية والمؤسساتية في السنوات الست عشرة الماضية، وقد شهد الجيش الوطني الأفغاني على وجه الخصوص تقدمًا كبيرًا من حيث هيكله الجديد وعقيدته وتدريبه ومعداته وتكوينه العرقي وتطويره. حيث تُبذّل جهودٌ دولية لبناء قوات منيعة لحماية الحكومة والشعب الأفغاني منذ أكثر من عقد، لكن لم يبدأ الاستثمار الحقيقي من قبل المجتمع الدولي، وخاصة الولايات المتحدة، إلا في مطلع عام 2009م من خلال الجهود المبذولة لبناء جيش أفغاني حديث وقوي جنبًا إلى جنب مع بناء شرطة قوية.
لقد كان الغرض الأساسي من هذه الجهود هو تعزيز قدرات المؤسسات الأمنية لتوفير الأمن للشعب الأفغاني الذي عانى كثيرًا طوال أربعة عقود من الصراع، وعلى الرغم من التقدم الملحوظ الذي أحرزته قوات الأمن الوطنية الأفغانية على مدار السنوات الأخيرة، إلا أنه يتعين على الحكومة الأفغانية وشركائها الدوليين معالجة أوجه القصور التي تعاني منها قوات الأمن. وستبقى هذه المسألة إحدى المهام الكبيرة التي تقع على عاتق الحكومة الأفغانية، إذ شهدت الحالة الأمنية مؤخرًا بعض الانتكاسات عندما كثّفت حركة طالبان هجماتها على القوات الأفغانية والمدنيين الأبرياء.
تحظى هذه المهمة بنفس القدر من الأهمية لدى دول التحالف، لا سيما الولايات المتحدة التي بذلت كل غالٍ ونفيس خلال السنوات الست عشرة الماضية لتحقيق الاستقرار في البلاد، ونظرًا لأنشطة الجماعات الإرهابية العابرة للحدود مثل تنظيم القاعدة ومنظمة لشكر طيبة وحركة أوزبكستان الإسلامية، فإن أمن أفغانستان يرتبط ارتباطًا وثيقًا بأمن واستقرار المنطقة، وهو ما ينعكس في النهاية على أمن واستقرار العالم، فآثار أنشطة هذه الجماعات لا تقتصر على أفغانستان وحدها، بل تمتد إلى سائر أنحاء العالم، بما في ذلك الولايات المتحدة الأمريكية.
لقد كان هناك تركيزٌ هائل على مدار 16 عامًا على تحسين أداء الجيش الوطني الأفغاني لتوفير الأمن للبلاد، وقد أدى استمرار وجود منظمات إرهابية على الساحة بالإضافة إلى عوامل أخرى إلى وجود تقييمات متباينة بشأن التقدم الذي أحرزه الجيش الوطني الأفغاني، وعلى الرغم من إحراز قوات الأمن الوطنية الأفغانية لتقدم كبير في السنوات الأخيرة، لكن ما زال هناك مجالات عديدة تحتاج إلى تحسين، ومن بين هذه المجالات قدرات القوات الجوية، والاستخبارات، والإخلاء الطبي، والتخطيط والتنسيق العسكري على نطاق واسع، ولا تزال هذه المجالات تمثل عنصرًا أساسيًا في مساعدة قوات الأمن الوطنية الأفغانية في اكتساب قوة دافعة في مكافحة الإرهابيين.
تجدر الإشارة إلى أن الولايات المتحدة الأمريكية وغيرها من دول التحالف بإمكانها مساعدة الجيش الوطني الأفغاني على التصدي لهذه التحديات، إذ يعد القرار الأخير الذي أصدرته إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشأن إرسال مزيد من القوات الأمريكية لدعم القوات الأفغانية خطوة مهمة للأمام، وسيساعد أفغانستان كثيرًا في كفاحها للتغلب على التحديات الأمنية ومواجهة التمرد.
على الرغم من أوجه القصور لدى قوات الأمن الوطنية الأفغانية، إلا أنها لا تزال تحظى بشعبية عالية لا سيما عندما يتعلق الأمر بالجيش الوطني الأفغاني، فمؤسسة الجيش لها احترامها ولديها القدرة على توفير الأمن لشعبها.
ومن خلال تطوير الثلاث ركائز الرئيسية التي يجب على كل جيش حديث الاعتماد عليها – ألا وهي البنية التحتية والمعدات والقوى البشرية – حقق الجيش الوطني الأفغاني تقدمًا كبيرًا فيما يتعلق بالقوى البشرية والتجنيد في الجيش منذ عام 2002م. وعلى الرغم من وجود استثمارات كبيرة في البنية التحتية للجيش، إلا أنه لا تزال هناك تحديات في تنظيم الجيش وهيكله، ويمكن لأفغانستان أن تحقق تحسنًا في هذا الأمر بمساعدة شركائها من دول التحالف.
تفيد البيانات الحالية بأن الجيش الوطني الأفغاني قد أحرز أقل مستوى من التقدم فيما يتعلق بتحديث إمداداته ومعداته. ولا يزال الجيش الوطني الأفغاني يعتمد على قوة المشاة أكثر من إعداد جيش قوي يعتمد على التجهيز بالمعدات الملائمة والتمتع بقدراتٍ تمكنه من التصدي للتحديات الأمنية الضخمة التي تواجهها أفغانستان. ورغم أن قوات الأمن الوطنية الأفغانية تقاتل بكل شجاعة وشراسة ضد حركة طالبان وغيرها من الجماعات الإرهابية، مثل شبكة حقاني والفصائل التابعة لداعش في أفغانستان، لكنها تواجه مشاكل لوجستية، فهذه التحديات بجانب نقص المعدات قد أعاقت الكفاءة العملياتية للقوات الأفغانية.
إن الوحدات الوحيدة المجهزة تجهيزًا كافيًا والتي تلقت تدريبًا جيدًا في الجيش الوطني الأفغاني وقوات الشرطة هي قوات النخبة الخاصة، وقد نجحت هذه الوحدات في التصدي لحركة طالبان، وبفضل قصص النجاح هذه في ساحة المعركة تدرس الحكومة الأفغانية مضاعفة حجم القوات الخاصة الأفغانية، لكن على الجانب الآخر ما زالت أغلبية أفراد القوات المسلحة الأفغانية (بما في ذلك الجيش والشرطة) يفتقرون إلى التدريب الكافي أو لا يزالون يستخدمون معدات غير فعالة عفا عليها الزمن منذ العهد السوفييتي. وتتطلب أوجه القصور هذه اهتمامًا مستمرًا من الولايات المتحدة وبقية دول منظمة حلف شمال الأطلسي (الناتو) لتحسين الكفاءة القتالية للقوات الأفغانية. وسوف يساعد قرار الولايات المتحدة ودول التحالف بشأن توفير معدات حديثة للجيش والشرطة الأفغانية قوات الأمن الوطنية الأفغانية على اكتساب قوة دافعة لمكافحة الجماعات الإرهابية.
وفي الوقت نفسه، تواجه قوات الأمن الوطنية الأفغانية تحديات في مجال التدريب والتوجيه، لا سيما فيما يتعلق بالتدريب المناسب للوحدات المختلفة ونشر تلك الوحدات في الوقت المناسب لمكافحة التمرد، وما زال هذا التحدي يمثل مشكلة كبرى للوحدات الأفغانية المنتشرة في مختلف الولايات، إذ أنه عندما تستسلم الوحدات للتعب فغالبًا ما يعقبها ويحل محلها قوات غير مدربة وأقل خبرة. هذا ومن شأن المساعدات التي تقدمها الدول الشريكة أن تُعزز قدرات قوات الأمن الوطنية الأفغانية، كما سيؤدي التدريب المناسب إلى تخفيض معدلات الخسائر البشرية المرتفعة التي عانى منها الجيش الوطني الأفغاني وقوات الشرطة منذ عام 2014.
ولذلك، يجب على الحكومة الأفغانية من خلال الدعم المقدم من دول التحالف المنتشرة في البلاد أن تستثمر في الجاهزية القتالية والتدريب وتوجيه أفراد الجيش لبناء قدرات قوات الأمن الوطنية الأفغانية وإمكاناتها. وبالإضافة إلى ذلك، يتعين على قوات التحالف تزويد القوات الأفغانية بالمعدات الملائمة من أجل قهر حركة طالبان والعمل على تحقيق الاستقرار والازدهار في البلاد لينعم به الشعب الأفغاني.
أحمد مريد بارتاو، الرائد السابق في الجيش الوطني الأفغاني، عمل لمدة أربعة أعوام بمنصب كبير الممثلين الأفغانيين لدى القيادة المركزية الأمريكية، وتخرج من مركز الدراسات الإستراتيجية للشرق الأدنى وجنوب آسيا في واشنطن العاصمة.
Comments are closed.