ما الذي يخلق التطرف؟

تصحيح الخرافات الحديثة حول جذور الإرهاب

أسرة يونيباث

هناك الكثير من الخرافات التي تكتنف المعتقدات الشعبية حول ما يسهم في التطرف. يرفض الخبراء العالميون التعليلات مثل الفقر، والأمية، والطفولة المضطربة، ويتفقون على ضرورة تفادي التعميمات. ويرى الخبراء أنه لا يوجد سبب واحد يكمن وراء ظهور التطرف.

الخرافة رقم 1

المتطرفون مجانين أو مختلين عقلياً

Extremist1على الرغم من النزعة العاطفية الكامنة في كثير من حالات التطرف العنيف، فإن قلة من أتباع التطرف العنيف مضطربون عقلياً. فالإرهابيون، في سياق نظرتهم الخاصة للعالم التي كثيراً ما تتسم بالتعصب، ينظرون إلى مآثرهم العنيفة على أنها معقولة.

ويحذر الخبراء من أن محاولات علاج التطرف العنيف كمرض عقلي يمكن أن تخلق ببساطة إرهابيين متوافقين جيداً.

قال الدكتور مارك ساغمان، المتخصص في الطب النفسي السريري و الشرعي، إنه شخص أقل من خمسة من المصابين باضطراب الشخصية المعادية للمجتمع أو العُصاب النَفسِي دراسة تاريخية مستقاة من السير الذاتية لأكثر من 400 معتقل من الجهاديين المسلحين.

الخرافة رقم 2

هناك عقلية أو شخصية أو عملية محددة للإرهابي

Extremistهذا غير صحيح بالمرة. إذ لا توجد ببساطة سمة المقاس الواحد الذي يناسب الجميع يمكن عن طريقها تحديد متطرف مستقبلي أو مسار أو عملية مفردة تدفع إلى التطرف العنيف.  ويتساءل أحمد نور، “حين دراسة أشياء مثل أنماط الاستهلاك، وأنماط التصويت وغيرها، نادراً ما نخوض في [سمات شخصية فردية] كهذه، إذن لماذا يحدث ذلك في حالة التطرف المستوحى دينياً؟”. ويضيف إنه يتعين على الباحثين أن يضعوا التطرف في سياق نظام أوسع.

مثل هذه التساؤلات لم تمنع الخبراء من محاولة الوصول إلى جذور التطرف. ويستمر الجدل حول العوامل أو مزيج العوامل التي قد تكون هي الأهم وفي أي بيئات. من جانبه، يؤكد أحمد نور،  أنه إذا كانت هناك زاوية دقيقة للسيرة الذاتية يجب اكتشافها، “فإن لها علاقة بالكيفية التي يولّد بها الأفراد على نحو انتقائي وغير موضوعي إحساساً باليقين المطلق في أنماط تفكيرهم وسلوكياتهم. هذا ما يُسمى باليقين المعرفي، أو حتى  بالغطرسة المعرفية. ويستطيع الفرد، بل ويجب عليه أن يركز على هذا أيضاً، لإظهار أن هناك مكمناً للمشكلة، سواء في حالة أنصار التفوق العنصري، أو النازيين الجدد أو المتطرفين الدينيين – فكلهم على يقين بأنهم، وهم وحدهم، على صواب في أفكارهم وأعمالهم”.

الخرافة رقم 3

المتطرفون ينحدرون من خلفيات محرومة مالياً

Extremist2ربما كانت أكبر الخرافات أن الفقراء فقط عرضة للتطرف، فقد توصل الدكتور ساغمان، في دراسته لـ 400 معتقل متطرف، إلى أن ثلاثة أرباعهم جاءوا من بيوت من الطبقة العليا أو الطبقة الوسطى حيث كانت الزيجات المستتبة فيها هي القاعدة.  وحصل نحو الثلثين على  دراسة جامعية. وقبل أن يتحولوا إلى العنف، كان كثير من المتشددين نماذج للتكامل، ومتوافقين على ما يبدو مع الثقافة الغربية. ووجود أبناء المليونيرات والأطباء بين قيادة القاعدة هو دليل آخر على تقليص دور الفقر في التطرف. مثال ذلك: كان أسامة بن لادن وريثاً لثروة تقدر بملايين الدولارات في مجال البناء.

ومع ذلك، وجد الباحثون علاقة ذات دلالة إحصائية بين الفقر الوطني واحتمال أن تصبح دولة ما مصدراً للإرهاب. ويقول الخبراء إن حقيقة أن الدول الأفقر لها علاقة ارتباطية أيضاً بالدول الضعيفة سياسياً، مما يزيد تعقيد المسألة ويعزز الحاجة إلى دراسة التطرف في سياقه الأوسع.

الخرافة رقم 4

المتطرفون بصورة عامة ينقصهم التعليم

Extremist3هذه الخرافة هي غير صحيحة من الناحية الإحصائية، غير أن المجندين ككل عرضة للتلقين العقائدي التدريجي. فبدلاً من نقص التعليم، ثمة غياب للتعددية وتعصب راسخ للمعارضة الديمقراطية، الذي دائماً ما يولّد التطرف.

يستطيع القائمون بالأعمال الإرهابية استغلال غياب التعددية وحق المعارضة الديمقراطية، ولكن يمكنهم أيضاً استغلال الانفتاح. ويقول الخبراء إنه رغم أن المجتمعات المنفتحة تسمح بالفكر المتطرف وحرية التعبير، فإنها تجعل المواطنين أيضاً على وعي بالحرمان. بينما تملك المجتمعات المنغلقة قبضة على الاستقرار الداخلي والتطرف أفضل من المجتمعات الديمقراطية.

ويشير الخبراء إلى أن من المؤكد أن التعليم التعددي ليس علاجاً لكل العلل. فثمة أمثلة كثيرة على إرهابيين ومتطرفين قدموا من خلفيات تعددية. وفي بعض الأحيان، يدفع التعليم التعددي الفرد إلى البحث عن نظرة إلى العالم محددة أكثر بالسواد أو البياض.

الخرافة رقم 5

المتطرفون ليس لديهم في العادة عائلات أو يفتقرون لعلاقات مهمة

Extremist4ثبت أن هذا المفهوم غير صحيح هو الآخر. في الحقيقة، أن الانضمام إلى الجماعات الإرهابية كثيراً ما ديتم التمهيد له عن طريق الأصدقاء وأفراد العائلة. وغالباً ما يسير التجنيد الفردي، لتلبية الحاجة إلى الانتماء لجماعة، وعلى خطى أصدقاء، وذوي قربى بل وأزواج نحو العنف.

ويشدد الخبراء على أنه من الواضح أن الأواصر الاجتماعية للتطرف أقوى من الدوافع العقائدية. علاوة على ذلك، يبدو أن التواصل الاجتماعي في السجون وعلى شبكة الإنترنت  الذي يؤدي إلى الانضمام للجماعات العنيفة، آخذ في الازدياد حسب ما تبين الدراسات.

Comments are closed.