شؤون الصياغة اللغوية By Unipath On Apr 20, 2016 Share استخدام الألفاظ الخاطئة يُعزز من طرق السرد في الأعمال الدعائية الإرهابية لا تنحصر الحرب ضد الإرهاب على المعارك التقليدية بقوة السلاح الذي يحمله الجنود، بل إنها تشمل أيضًا حرب الأفكار التي يكون السلاح فيها هو الكلمة. وقد انتبه لذلك من يسعون لمحاربة كارثة داعش. وتمامًا كما يتحتم على الضابط اختيار السلاح المناسب لتنفيذ مهمة تكتيكية محددة، يلزم على المحاربين في معركة الأفكار اختيار الكلمات الصحيحة التي ستلحق الهزيمة بالعدو في هذه الساحة. لكن لا يُعد اختيار الكلمات الصحيحة لوصف الإرهابيين وأعمالهم أمرًا بسيطًا في جميع الحالات، كما يبدو له. فقد يؤدي اختيار الكلمات الخطأ إلى تعزيز سرد الأحداث من جهة الخطاب الأرهابي. ولعل المثال الأكثر شيوعًا على ذلك هو استخدام الرئيس الأمريكي السابق جورج دبليو بوش لكلمة “صليبية” في 2001 لوصف الحرب التي كان قد شنها لتوّه على الإرهاب، والتي تشابهت دون قصد مع المصطلحات التي تتضمنها الأعمال الدعائية للقاعدة. وقد أشار سمو الملك عبد الله الثاني بن الحسين، ملك الأردن في أبريل/نيسان 2015 في إحدى المقابلات الشخصية أنه يكره استخدام كلمة “متطرفين” لوصف “الإرهابيين”، لأن الإرهابيين يجدون في هذه الكلمة “وسام فخر لهم”. فعلى سبيل المثال، في عام 2013، قتل مجموعة من “المتطرفين” البوذيين في بورما 250 مسلم ودمروا 442 منزل في إطار ثلاثة أيام من العنف الطائفي. وقد ذكرت صحيفة الجارديان أن الزعيم الراهب الذي يُدعى ويراثو يُطلق على نفسه اسم “ابن لادن بورما” وقد قال أيضًا إنه يفخر بتسميته متطرف بوذي. عراقيون يُشاهدون ما خلفه تفجير عربة مفخخة لداعش في بغداد في سبتمبر/أيلول 2015. رويترز يُفضل الملك عبد الله الإشارة إلى الإرهابيين ممن يهددون الأردن والدول المجاورة بوصفهم “خارجين عن القانون” أو “مرتدين” أو “خوارج” باللغة العربية، مُشيرًا إلى أن الإسلام كان قد شن حربًا ضد كارثة الخوارج الإرهابيين لأمدٍ طويل. وأضاف الملك عبد الله أنهم لا يعون شيئًا مما تحمله تعاليم الإسلام. لكن معركة الأفكار هي عملية أكثر تعقيدًا من مجرد تسمية الإرهابي إرهابيًا أو المجرم مجرمًا. وقد أصبحت داعش أكثر مهارة في استخدام وسائل الاتصال الاستراتيجية. فقد صممت آلية دعاية ضخمة محمّلة برسائل شاملة. وللتغلب عليها، يجب علينا مواجهة الخطاب الأرهابي الذي تتبناها داعش. وسعيًا لفهم أعمال الدعاية الإرهابية الحديثة والتغلب عليها، يجب على التحالف أولاً فهم ما الذي يجعل بعض الرسائل تبدو جذّابة للمجندين والمتبرعين والمتعاطفين المحتملين. وفي ضوء هذا الفهم، فمن الممكن أن نضع رسائل لمواجهتهم على نحو أفضل كذلك استخدام المصطلحات التي تدحض سرد الإرهابيين للأحداث بدلاً من تعزيزها. يشرح تقرير عام 2013 من مؤسسة كويليام – هيئة فكر لمواجهة التطرف كائنة بالمملكة المتحدة وأسسها متطرفون سابقون – كيف يُمكن للاستخدام غير الدقيق للمصطلحات والفهم الناقص للإسلام أن يؤدي إلى بث رسائل قد تدعم تفسيرات الإرهابيين دون عمد. ووفقًا للتقرير “التأسلم واللغة: كيف يُمكن للكلمات الخاطئة أن تعزز الخطاب الأرهابي”، فإن الخطوة الأولى في تقويض طرق الخطاب الإرهابي هي “تجنب تكرار استخدام لغتهم.” كذلك فإن السياسيين ووسائل الإعلام في الغرب عادةً ما يكررون هذه الكلمات، وذلك وفقًا لما نُقل عن مؤسسة كويليام. ويرد في التقرير خمسة أمثلة تشرح أهمية اللغة. “إن المشكلة لا تتعلق بالتصحيح السياسي، لكنها تتناول ضرورة تجنب عدم الدقة الذي يؤدي إلى دعم طرق خطاب المتطرفين وتعزيزها بصورة غير متعمدة.” وتتمحور الأمثلة الخمسة الصادرة عن كويليام في عدم الدقة في استخدام كلمتي الإسلامية والمسلمين لوصف الأماكن والمفاهيم كما هو الحال في عبارة “العالم الإسلامي/ العالم المسلم” أو مجتمع المسلمين”. أما عن الأمثلة الثلاثة الأخرى فهم “بلاد المسلمين” و”الشريعة الإسلامية” و”كراهية الإسلام.” وفي العموم فإن مثل هذه القائمة من المصطلحات مثيرة للمشكلات لأنها تُوحي بأن المسلمين في أي مكان هم كتلة مشابهة لبعضها، كذلك تُعزز مزاعم داعش والقاعدة بأنهم وما يتبنونه من أيدولوجيات يُمثل “العالم الإسلامي بأسره”. وتُستخدم هذه المصطلحات في العموم بوصف تعبيرات مختصرة للمقارنة بين الغرب و”العالم الإسلامي”، لكن يُمكن استخدامها أيضًا لدعم الخطاب الأرهابي للتنافس الثقافي والديني والذي يتطلب حشد المسلمين للدفاع عن الإسلام. وفي نفس السياق، فإن فكرة أن بلدًا ما يدعي بأنه “بلد مسلم” يُشجع ويعزز طرق السرد التي يتبناها المتطرفون وتمييزهم ضد البلدان غير المسلمة. وتقترح مؤسسة كويليام استخدام مصطلحات أكثر دقة مثل “المجتمعات الإسلامية حول العالم” و”البلدان ذات الأغلبية المسلمة.” سمو الملك عبد الله الثاني بن الحسين، ملك الأردن، يُوجه خطابه للجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر/ أيلول 2015 ، حيث شارك بآرائه حول كيفية التصدي للأيدلوجية البغيضة التي يتبناها الإرهابيون”. ووفقًا لما ورد عن مؤسسة كويليام فثمّة فهم خاطئ وسوء استخدام على نطاق واسع لكلمة شريعة في وسائل الإعلام الغربي، لأنها عادةً ما تترجم إلى “القانون الإسلامي”، والتي تُشير ضمنًا إلى وجود “مدونة واحدة لقوانين الدولة يتفق عليه جميع المسلمين”، وهو عامل أساسي في أيدولوجية الإرهابيين لكنه غير صحيح. وبدلاً من ذلك يرى معظم المسلمين بصفة عامة أن الشريعة هي مجموعة من آراء العلماء المتنوعة (وبعضها متناقض فيما بينها) تُقدم إرشادات أخلاقية ودينية شاملة. وتقترح المقالة ترجمة الشريعة بوصفها “تعاليم الإسلام أو مدونة قواعد إسلامية” بدلاً من القانون الإسلامي. كذلك انتشر استخدام عبارة الخوف من الإسلام “إسلاموفوبيا” على وسائل الإعلام الغربية وعلى ألسنة السياسيين، ووفقًا لمؤسسة كويليام، “تسبب استخدام هذه العبارة للإشارة إلى الكثيرة من الظواهر المختلفة إلى اللبس بشكل كبير في فهم ماذا يُقصد بهذه العبارة في الواقع، كذلك كيفية استخدامها.” ويشيع استخدامها على نحو خاطئ للإشارة إلى أي نقد موجّة للإسلام أو أي من مفاهيمه، في حين ترجع أوجه النقد المذكورة إلى مشكلة حقيقية وهي التمييز أو العدائية ضد المسلمين بصورة عامة. ويستغل المتطرفون هذا التعريف العام لاتهام من يُعارض أيدولوجيتهم بأنهم يُعانون من الإسلاموفوبيا. وتُصرح كويليام بأن هذا الاتجاه له تأثير مفزع على كيفية الانتقاد المشروع الموجّه لأي دين ومن ثمّ تقترح استخدام عبارات مثل “مكافحة التمييز ضد المسلمين” عوضًا عما سبق. وسوف تتطلب مكافحة الإرهاب تبني منهجًا متطورًا وتعاونيًا ودوليًا. وفي تقرير الأمم المتحدة لعام 2013 الذي أعده مركز التعاون العالمي على مكافحة الإرهاب، ثمّة توصية بتبني استراتيجية دولية لمكافحة الإرهاب “بحيث ينتشر صداها عالميًا مع إمكانية تطبيقها محليًا.” ومن الضروري فهم أهداف وسائل الاتصالات الاستراتيجية للعدو وطرق سرده للأحداث تمامًا من أجل وضع استراتيجيات مكافحة الإرهاب. ويشمل ذلك فهم دور اللغة وكيف يُمكن لعدم الدقة وعدم الحرص في اختيار الكلمات أن يُعزز من طرق سرد الإرهابيين بدلاً من الحطّ من شأنها. وفي هذا الصدد يقول الملك عبد الله: “تكمن المشكلة في أن [الإرهابيين] ينتشرون دوليًا، ولا أظن أن المجتمع الدولي يعي ضرورة التعامل معهم دوليًا أيضًا. لذا، فنحن نركز اليوم على ما تدعونها ISIS (الدولة الإسلامية في العراق وسوريا) وما ندعوها نحن داعش في سوريا والعراق، لذلك يتحتم علينا في الوقت نفسه أن نتبنى منهجًا شاملاً.” Share
Comments are closed.