دورالجيش اللبناني

يقوم‭ ‬الجنود‭ ‬بالدفاع‭ ‬عن‭ ‬الحدود،‭ ‬وتوفير‭ ‬الأمن‭ ‬الداخلي،‭ ‬والانخراط‭ ‬في‭ ‬مهمات‭ ‬إنسانية

القوات‭ ‬المسلحة‭ ‬اللبنانية
يتمتع لبنان‭ ‬بوضعية‭ ‬دولية‭ ‬متميزة‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬مساحته‭ ‬المحدودة‭ ‬وصغر‭ ‬عدد‭ ‬سكانه‭ ‬البالغ‭ ‬نحو‭ ‬6‭ ‬ملايين‭ ‬نسمة‭. ‬قد‭ ‬يتساءل‭ ‬البعض‭ ‬عن‭ ‬القوة‭ ‬الكامنة‭ ‬وراء‭ ‬هذه‭ ‬الوضعية،‭ ‬وقد‭ ‬جاءت‭ ‬الإجابة‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬البابا‭ ‬يوحنا‭ ‬بولس‭ ‬الثاني‭ ‬العظيم‭ ‬الذي‭ ‬قال‭: “‬إن‭ ‬لبنان‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬مجرد‭ ‬بلد‭. ‬إنه‭ ‬رسالة‭”.‬
إن‭ ‬هذا‭ ‬البلد‭ ‬الصغير‭ ‬غني‭ ‬بقيم‭ ‬شعبه‭ ‬وحضارته‭ ‬الإنسانية‭. ‬ويوجد‭ ‬على‭ ‬أراضيه‭ ‬18‭ ‬طائفة،‭ ‬من‭ ‬بينها‭ ‬المسلمون‭ ‬والمسيحيون‭ ‬وأقليات‭ ‬اخرى،‭ ‬تعيش‭ ‬جميعها‭ ‬في‭ ‬وئام‭ ‬وسلام‭ ‬مع‭ ‬بعضها‭ ‬البعض‭. ‬ويمكن‭ ‬لهذا‭ ‬المثال‭ ‬التاريخي‭ ‬على‭ ‬التعايش‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬بمثابة‭ ‬نموذج‭ ‬لنجاح‭ ‬التنوع‭ ‬والوحدة‭.‬
إضافة‭ ‬إلى‭ ‬ذلك،‭ ‬فإن‭ ‬أهمية‭ ‬لبنان‭ ‬الجيوسياسية‭ ‬تتضح‭ ‬من‭ ‬موقعه‭ ‬على‭ ‬الحافة‭ ‬الشرقية‭ ‬للبحر‭ ‬الأبيض‭ ‬المتوسط،‭ ‬حيث‭ ‬يعمل‭ ‬كجسر‭ ‬بين‭ ‬الغرب‭ ‬والشرق‭ ‬الأوسط‭. ‬هذا‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬تفوق‭ ‬لبنان‭ ‬على‭ ‬مر‭ ‬التاريخ‭ ‬في‭ ‬مجالات‭ ‬العلم‭ ‬والفكر‭ ‬والإبداع‭.‬
ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬فإن‭ ‬هذه‭ ‬العوامل،‭ ‬التي‭ ‬تمثل‭ ‬مصدر‭ ‬ثروة‭ ‬للبنان،‭ ‬كانت‭ ‬ولا‭ ‬تزال‭ ‬خاضعة‭ ‬للتحديات‭ ‬الداخلية‭ ‬والخارجية‭.‬
جندي لبناني يحرس موقعاً للجيش في التلال المُطًلة على بلدة عرسال بالقرب من الحدود مع سوريا. رويترز
والأمر‭ ‬الذي‭ ‬يكاد‭ ‬ينفرد‭ ‬فيه‭ ‬لبنان‭ ‬عن‭ ‬بقية‭ ‬دول‭ ‬العالم‭ ‬هو‭ ‬الصعوبات‭ ‬الإقليمية‭ ‬التي‭ ‬تواجه‭ ‬هذا‭ ‬البلد‭. ‬فقد‭ ‬تطلب‭ ‬مواجهة‭ ‬هذه‭ ‬الصعوبات‭ ‬جهوداً‭ ‬استثنائية،‭ ‬خاصة‭ ‬بالنظر‭ ‬إلى‭ ‬استمرار‭ ‬حالة‭ ‬عدم‭ ‬الاستقرار‭ ‬في‭ ‬الجنوب‭ ‬منذ‭ ‬عام‭ ‬1948‭ ‬وموجة‭ ‬الإرهاب‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬التي‭ ‬أعقبت‭ ‬ما‭ ‬يسمى‭ ‬بالربيع‭ ‬العربي‭ ‬في‭ ‬أواخر‭ ‬عام‭ ‬2010‭.‬
بناءً‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬سبق،‭ ‬اكتسب‭ ‬الجيش‭ ‬اللبناني‭ ‬دوراً‭ ‬وطنياً‭ ‬مميزاً‭ ‬تمثل‭ ‬بالدفاع‭ ‬عن‭ ‬لبنان،‭ ‬وحماية‭ ‬رسالة‭ ‬شعبه،‭ ‬والحفاظ‭ ‬على‭ ‬مكاسبه‭. ‬وينقسم‭ ‬دور‭ ‬الجيش‭ ‬اللبناني‭ ‬إلى‭ ‬ثلاث‭ ‬فئات‭ ‬رئيسية‭: ‬الدفاع،‭ ‬والأمن،‭ ‬والتنمية‭.‬
المهمة‭ ‬الدفاعية
الدفاع‭ ‬هو‭ ‬المهمة‭ ‬الرئيسية‭ ‬للجيش‭. ‬يتم‭ ‬نشر‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الوحدات‭ ‬العسكرية‭ ‬على‭ ‬الحدود‭ ‬الجنوبية،‭ ‬وعلى‭ ‬الحدود‭ ‬الشرقية‭ ‬والشمالية‭ ‬مع‭ ‬سوريا‭ ‬لمواجهة‭ ‬أي‭ ‬اعتداء‭ ‬على‭ ‬لبنان‭.‬
الحفاظ‭ ‬على‭ ‬الأمن‭ ‬الداخلي
غالباً‭ ‬ما‭ ‬يتم‭ ‬تكليف‭ ‬قوات‭ ‬الأمن‭ ‬الداخلي‭ ‬والشرطة‭ ‬المحلية‭ ‬بهذه‭ ‬المهام‭ ‬في‭ ‬معظم‭ ‬دول‭ ‬العالم‭. ‬ولكن‭ ‬بسبب‭ ‬البيئة‭ ‬الفريدة‭ ‬للبنان‭ ‬وتداعيات‭ ‬الأحداث‭ ‬الداخلية‭ ‬التي‭ ‬وقعت‭ ‬بين‭ ‬عامي‭ ‬1985‭ ‬و1990‭ – ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬أنشطة‭ ‬المليشيات‭ ‬المسلحة‭ – ‬قرر‭ ‬مجلس‭ ‬الوزراء‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬1991‭ ‬بأن‭ ‬يتولى‭ ‬الجيش‭ ‬وقوات‭ ‬الأمن‭ ‬اللبنانية‭ ‬مهمة‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬الأمن‭ ‬الداخلي‭.‬
أدى‭ ‬هذا‭ ‬القرار‭ ‬إلى‭ ‬جمع‭ ‬أسلحة‭ ‬المليشيات‭ ‬وإلى‭ ‬نشر‭ ‬الجيش‭ ‬في‭ ‬معظم‭ ‬أراضي‭ ‬لبنان‭.‬
تشمل‭ ‬هذه‭ ‬المهمة‭ ‬إنشاء‭ ‬نقاط‭ ‬تفتيش،‭ ‬والقيام‭ ‬بدوريات،‭ ‬وتنفيذ‭ ‬عمليات‭ ‬مداهمة‭ ‬بحثاً‭ ‬عن‭ ‬المطلوبين،‭ ‬والتدخل‭ ‬الفوري‭ ‬في‭ ‬حالات‭ ‬الخروقات‭ ‬الأمنية،‭ ‬وتوفير‭ ‬الأمن‭ ‬للمظاهرات‭ ‬والتجمعات‭.‬
كما‭ ‬يوفر‭ ‬الجيش‭ ‬الأمن‭ ‬لإجراء‭ ‬الانتخابات‭ ‬البرلمانية‭ ‬والبلدية‭. ‬ويحمي‭ ‬الأنشطة‭ ‬الوطنية‭ ‬والثقافية‭ ‬والفنية‭. ‬ويكافح‭ ‬الجريمة‭ ‬المنظمة‭ ‬والتهريب‭ ‬عبر‭ ‬الحدود‭. ‬ويقوم‭ ‬بحراسة‭ ‬مخيمات‭ ‬النازحين‭ ‬واللاجئين‭.‬
مكافحة‭ ‬الإرهاب
الجيش‭ ‬اللبناني‭ ‬تعامل‭ ‬مع‭ ‬تهديد‭ ‬الإرهاب‭ ‬العالمي‭ ‬قبل‭ ‬جيوش‭ ‬العالم‭ ‬الأخرى‭ ‬وقبل‭ ‬أن‭ ‬يصبح‭ ‬الإرهاب‭ ‬خطرًا‭ ‬عالميًا‭.‬
في‭ ‬أوائل‭ ‬عام‭ ‬2000،‭ ‬خاضت‭ ‬الدولة‭ ‬معركة‭ ‬قاسية‭ ‬ضد‭ ‬مجموعة‭ ‬إرهابية‭ ‬تحصنت‭ ‬حول‭ ‬جرود‭ ‬الضنية‭ ‬في‭ ‬شمال‭ ‬لبنان‭. ‬وكانوا‭ ‬مجهزين‭ ‬بالأسلحة‭ ‬الثقيلة‭ ‬والمتوسطة‭ ‬وخططوا‭ ‬لإنشاء‭ ‬إمارة‭ ‬متطرفة‭ ‬في‭ ‬شمال‭ ‬لبنان‭. ‬أنهى‭ ‬الجيش‭ ‬المعركة‭ ‬بنجاح‭ ‬وأسر‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الأفراد‭.‬
في‭ ‬عام‭ ‬2007،‭ ‬خاض‭ ‬الجيش‭ ‬مرة‭ ‬أخرى‭ ‬معركة‭ ‬طويلة‭ ‬ضد‭ ‬منظمة‭ ‬فتح‭ ‬الإسلام،‭ ‬وهي‭ ‬المنظمة‭ ‬الإرهابية‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬تخطط‭ ‬للاستيلاء‭ ‬على‭ ‬الشمال‭ ‬لاستخدامه‭ ‬كقاعدة‭ ‬لنشر‭ ‬الإرهاب‭ ‬إلى‭ ‬أجزاء‭ ‬أخرى‭ ‬من‭ ‬لبنان‭. ‬وقد‭ ‬انتهت‭ ‬هذه‭ ‬المعركة‭ ‬بالقضاء‭ ‬على‭ ‬عدد‭ ‬كبير‭ ‬من‭ ‬الإرهابيين‭.‬
مع‭ ‬انطلاق‭ ‬الربيع‭ ‬العربي‭ ‬في‭ ‬أوائل‭ ‬2011‭ ‬واشتعال‭ ‬الأحداث‭ ‬الأمنية‭ ‬في‭ ‬سوريا،‭ ‬ظهرت‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬المجموعات‭ ‬المحلية‭. ‬وكان‭ ‬أخطرها‭ ‬المجموعة‭ ‬التي‭ ‬يقودها‭ ‬الإرهابي‭ ‬أحمد‭ ‬الأسير‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬صيدا‭ ‬والتي‭ ‬هاجمت‭ ‬مواقع‭ ‬عسكرية‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2013‭. ‬وقد‭ ‬قاتلها‭ ‬الجيش،‭ ‬ونجح‭ ‬في‭ ‬القضاء‭ ‬على‭ ‬التهديد‭ ‬بسرعة‭.‬
وقد‭ ‬استخدمت‭ ‬منظمات‭ ‬إرهابية‭ ‬خطيرة‭ ‬تشارك‭ ‬في‭ ‬الأحداث‭ ‬السورية،‭ ‬أبرزها‭ ‬داعش‭ ‬وجبهة‭ ‬النصرة،‭ ‬الحدود‭ ‬الشمالية‭ ‬والشرقية‭ ‬للبنان‭ ‬مع‭ ‬سوريا‭ ‬وبدأت‭ ‬في‭ ‬إرسال‭ ‬العجلات‭ ‬المفخخة،‭ ‬وتنفيذ‭ ‬هجمات‭ ‬صاروخية،‭ ‬وإطلاق‭ ‬صواريخ‭ ‬باتجاه‭ ‬الداخل‭ ‬اللبناني‭.‬
وشملت‭ ‬هذه‭ ‬الهجمات‭ ‬توغلاً‭ ‬في‭ ‬بلدة‭ ‬عرسال‭ ‬على‭ ‬الحدود‭ ‬الشرقية،‭ ‬وهجمات‭ ‬على‭ ‬القوات‭ ‬التي‭ ‬تم‭ ‬نشرها‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2014‭ ‬وذلك‭ ‬بهدف‭ ‬الاستيلاء‭ ‬على‭ ‬المنطقة‭ ‬الممتدة‭ ‬من‭ ‬الجبال‭ ‬الشرقية‭ ‬إلى‭ ‬البحر‭ ‬في‭ ‬مدينة‭ ‬طرابلس‭ ‬الشمالية‭.‬
جنود لبنانيون يتمركزون في مواقع في الجبال بالقرب من مدينة رأس بعلبك الشرقية خلال عملية ضد الإرهابيين.
وكالة الأنباء الفرنسية/ جيتي إيمجيز
لكن‭ ‬الجيش‭ ‬كان‭ ‬متنبهاً‭ ‬لمثل‭ ‬هذه‭ ‬الخطوة‭. ‬ونفذ‭ ‬هجوماً‭ ‬واسع‭ ‬النطاق‭ ‬مكنه‭ ‬من‭ ‬طرد‭ ‬الإرهابيين‭ ‬من‭ ‬عرسال‭ ‬وضواحيها‭.‬
بعد‭ ‬ذلك،‭ ‬قام‭ ‬الجيش‭ ‬بشكل‭ ‬يومي‭ ‬تقريباً‭ ‬بتضييق‭ ‬قبضته‭ ‬على‭ ‬الإرهابيين‭ ‬وعزز‭ ‬مواقعه‭ ‬بالطائرات‭ ‬والمدفعية‭ ‬الثقيلة‭. ‬ونفذ‭ ‬عمليات‭ ‬وقائية‭ ‬ذات‭ ‬جودة‭ ‬في‭ ‬مناطق‭ ‬انتشاره،‭ ‬مما‭ ‬أدى‭ ‬إلى‭ ‬تدمير‭ ‬وتطويق‭ ‬قوات‭ ‬العدو‭.‬
بتاريخ‭ ‬19‭ ‬أغسطس‭ ‬2017،‭ ‬أعلن‭ ‬قائد‭ ‬الجيش‭ ‬اللبناني،‭ ‬العماد‭ ‬جوزيف‭ ‬عون‭ ‬عن‭ ‬إطلاق‭ ‬عملية‭ “‬فجر‭ ‬الضواحي‭” ‬لتحرير‭ ‬الجبال‭ ‬الشرقية‭ ‬من‭ ‬داعش‭. ‬وفي‭ ‬غضون‭ ‬أسبوع،‭ ‬هُزمت‭ ‬هذه‭ ‬المنظمة‭ ‬وطُردت‭ ‬بالكامل‭ ‬من‭ ‬الأراضي‭ ‬اللبنانية‭.‬
وقد‭ ‬كان‭ ‬الجيش‭ ‬اللبناني‭ ‬هو‭ ‬الجيش‭ ‬الأول‭ ‬من‭ ‬بين‭ ‬جيوش‭ ‬المنطقة‭ ‬الذي‭ ‬تمكن‭ ‬من‭ ‬تحقيق‭ ‬النصر‭ ‬على‭ ‬مجموعة‭ ‬إرهابية‭ ‬تحتل‭ ‬جزءاً‭ ‬من‭ ‬أراضيه‭.‬
ليس‭ ‬هناك‭ ‬شك‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬نجاح‭ ‬هذه‭ ‬العملية‭ ‬بسرعة‭ ‬قياسية‭ ‬يرجع‭ ‬إلى‭ ‬الصفات‭ ‬القتالية‭ ‬والمعنويات‭ ‬العالية‭ ‬للجندي‭ ‬اللبناني،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬إشراك‭ ‬الطوائف‭ ‬المختلفة‭ ‬في‭ ‬الجيش‭ ‬ورفضهم‭ ‬للإرهاب‭. ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬ذلك،‭ ‬قدمت‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬الصديقة،‭ ‬التي‭ ‬تقودها‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬والاتحاد‭ ‬الأوروبي،‭ ‬المساعدة‭ ‬النوعية‭.‬
لكن‭ ‬رغم‭ ‬هذا‭ ‬الانتصار‭ ‬العظيم،‭ ‬ما‭ ‬يزال‭ ‬خطر‭ ‬الإرهاب‭ ‬قائماً‭ ‬في‭ ‬لبنان،‭ ‬وهو‭ ‬افتراض‭ ‬يعمل‭ ‬الجيش‭ ‬بناءً‭ ‬عليه‭ ‬على‭ ‬مراقبة‭ ‬الخلايا‭ ‬الإرهابية‭ ‬والقضاء‭ ‬عليها‭ ‬في‭ ‬مهدها‭.‬
وتجدر‭ ‬الإشارة‭ ‬هنا‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬حرب‭ ‬الجيش‭ ‬ضد‭ ‬الإرهاب،‭ ‬ولا‭ ‬سيما‭ ‬التدابير‭ ‬الأمنية‭ ‬في‭ ‬المياه‭ ‬الإقليمية‭ ‬اللبنانية‭ ‬وحظر‭ ‬استخدامها‭ ‬كطريق‭ ‬للهجرة‭ ‬غير‭ ‬القانونية،‭ ‬ساهمت‭ ‬في‭ ‬منع‭ ‬تسلل‭ ‬الإرهابيين‭ ‬من‭ ‬لبنان‭ ‬إلى‭ ‬بلدان‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأوروبي‭. ‬وبالتالي،‭ ‬حد‭ ‬هذا‭ ‬الإجراء‭ ‬من‭ ‬العمليات‭ ‬الإرهابية‭ ‬التي‭ ‬تستهدف‭ ‬تلك‭ ‬البلدان‭.‬
باختصار،‭ ‬لا‭ ‬يرى‭ ‬الجيش‭ ‬أن‭ ‬مكافحة‭ ‬الإرهاب‭ ‬تقتصر‭ ‬على‭ ‬القطاع‭ ‬الأمني‭ ‬فقط‭. ‬بل‭ ‬يجب‭ ‬أيضاً‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬هذه‭ ‬المشكلة‭ ‬فكرياً‭. ‬فالإرهاب‭ ‬هو‭ ‬النقيض‭ ‬الواضح‭ ‬للمجتمع‭ ‬اللبناني‭ ‬القائم‭ ‬على‭ ‬ثقافة‭ ‬التنوع‭ ‬والحرية‭ ‬والانفتاح‭. ‬ويجب‭ ‬أن‭ ‬تتضمن‭ ‬أية‭ ‬إجراءات‭ ‬أمنية‭ ‬لمواجهة‭ ‬الإرهاب‭ ‬تركيزًا‭ ‬وطنيًا‭ ‬وإنسانيًا‭ ‬وحملة‭ ‬إعلامية‭ ‬وثقافية‭ ‬تهدف‭ ‬إلى‭ ‬نشر‭ ‬الوعي‭ ‬بين‭ ‬المواطنين‭ ‬حول‭ ‬مخاطر‭ ‬الإرهاب‭ ‬والتطرف‭ ‬والطرق‭ ‬التي‭ ‬يشوه‭ ‬بها‭ ‬هذا‭ ‬التطرف‭ ‬مبادئ‭ ‬وقيم‭ ‬الرسائل‭ ‬الدينية‭.‬
مهمة‭ ‬التنمية‭ ‬
والمهمة‭ ‬الإنسانية
بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬مهام‭ ‬الدفاع‭ ‬والأمن،‭ ‬يقوم‭ ‬الجيش‭ ‬بمهمة‭ ‬أخرى‭ ‬تتعلق‭ ‬بحياة‭ ‬المواطنين‭ ‬اللبنانيين‭. ‬ويشمل‭ ‬ذلك،‭ ‬على‭ ‬سبيل‭ ‬المثال‭ ‬لا‭ ‬الحصر،‭ ‬إعادة‭ ‬بناء‭ ‬البنية‭ ‬التحتية‭ ‬للبلد،‭ ‬وإزالة‭ ‬الألغام،‭ ‬وحماية‭ ‬البيئة،‭ ‬ودعم‭ ‬مؤسسات‭ ‬الدولة‭ ‬بالطاقة‭ ‬والخبرة،‭ ‬وإعادة‭ ‬ترميم‭ ‬المواقع‭ ‬الأثرية‭.‬
ويشارك‭ ‬الجيش‭ ‬أيضا‭ ‬في‭ ‬تعزيز‭ ‬السياحة،‭ ‬وإعادة‭ ‬تشجير‭ ‬الغابات،‭ ‬ويساعد‭ ‬الطلاب‭ ‬والمقيمين‭ ‬في‭ ‬القرى‭ ‬النائية‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬البرنامج‭ ‬المدني‭ -‬العسكري‭.‬
وتشمل‭ ‬الجهود‭ ‬الأخرى‭ ‬عمليات‭ ‬البحث‭ ‬والإنقاذ‭ ‬والإخلاء‭ ‬في‭ ‬حالات‭ ‬الكوارث‭ ‬الطبيعية‭ ‬والكوارث‭ ‬الأخرى‭. ‬وقد‭ ‬شارك‭ ‬الجيش‭ ‬في‭ ‬عمليات‭ ‬الإنقاذ‭ ‬في‭ ‬حادث‭ ‬تحطم‭ ‬طائرة‭ ‬وقع‭ ‬عام‭ ‬2003‭ ‬في‭ ‬كوتونو،‭ ‬بنين،‭ ‬وفي‭ ‬حادث‭ ‬طائرة‭ ‬ركاب‭ ‬إثيوبية‭ ‬تحطمت‭ ‬قبالة‭ ‬سواحل‭ ‬خلدة،‭ ‬لبنان،‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2010‭. ‬كما‭ ‬استعاد‭ ‬الجنود‭ ‬ضحايا‭ ‬من‭ ‬سفينة‭ ‬الشحن‭ ‬البنمية‭ ‬داني‭ ‬إف‭ ‬2‭ ‬بعد‭ ‬حادث‭ ‬غرق‭ ‬عرضي‭ ‬للسفينة‭ ‬قبالة‭ ‬سواحل‭ ‬طرابلس‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2009‭.‬
وتتمثل‭ ‬مهمة‭ ‬الجيش‭ ‬في‭ ‬مساعدة‭ ‬المواطنين‭ ‬والمساهمة‭ ‬في‭ ‬التنمية‭ ‬الوطنية،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬تعزيز‭ ‬أواصر‭ ‬الثقة‭ ‬بين‭ ‬الجيش‭ ‬والشعب‭ ‬والعمل‭ ‬كنموذج‭ ‬لمؤسسات‭ ‬الدولة‭ ‬التي‭ ‬تعمل‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬المصلحة‭ ‬العامة‭.‬
في‭ ‬الختام،‭ ‬يمكن‭ ‬القول‭ ‬أن‭ ‬قوة‭ ‬الجيش‭ ‬اللبناني‭ – ‬والثقة‭ ‬المحلية‭ ‬والدولية‭ ‬بدوره‭ ‬الوطني‭ – ‬هي‭ ‬نتيجة‭ ‬لتفانيه‭ ‬في‭ ‬مهمته‭ ‬العسكرية‭ ‬والوطنية‭ ‬وإيمانه‭ ‬بتطلعات‭ ‬شعبه‭.‬
وهو‭ ‬ملتزم‭ ‬تماماً‭ ‬بالقرارات‭ ‬والمواثيق‭ ‬وحقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬الدولية،‭ ‬ويعمل‭ ‬داخل‭ ‬حدود‭ ‬بلده‭. ‬ولم‭ ‬يسبق‭ ‬له‭ ‬أن‭ ‬هاجم‭ ‬أحداً،‭ ‬بل‭ ‬كان‭ ‬دائماً‭ ‬وسيبقى‭ ‬على‭ ‬أهبة‭ ‬الاستعداد‭ ‬للدفاع‭ ‬عن‭ ‬سيادة‭ ‬واستقلال‭ ‬لبنان‭. ‬إن‭ ‬أي‭ ‬دعم‭ ‬عسكري‭ ‬تقدمه‭ ‬الدول‭ ‬الصديقة‭ ‬هو‭ ‬لمصلحة‭ ‬لبنان‭ ‬ولمصلحة‭ ‬الاستقرار‭ ‬الإقليمي‭.

التعليقات مغلقة.