حملة لترميم مكتبات الموصل

عرب‭ ‬ويكلي

‭”‬دعونا‭ ‬نقرأ‭ ‬ونرقص‭ ‬فهذه‭ ‬هي‭ ‬التسلية‭ ‬التي‭ ‬لن‭ ‬تتسبب‭ ‬بأي‭ ‬ضرر‭ ‬للعالم‭.” ‬مقولة‭ ‬للفيلسوف‭ ‬الفرنسي‭ ‬فولتير‭ ‬هي‭ ‬شعار‭ ‬ناشط‭ ‬عراقي‭ ‬يسعى‭ ‬إلى‭ ‬إحياء‭ ‬المكتبة‭ ‬المركزية‭ ‬في‭ ‬الموصل،‭ ‬والتي‭ ‬دمرتها‭ ‬داعش‭ ‬لاحتوائها‭ ‬على‭ ‬كتب‭ ‬تعتبرها‭ ‬من‭ ‬الكفريات‭.‬

وصرح‭ ‬الناشط‭ ‬الذي‭ ‬يعرِّف‭ ‬نفسه‭ ‬باسم‭ “‬عين‭ ‬الموصل‭” ‬ورفض‭ ‬الإفصاح‭ ‬عن‭ ‬هويته‭ ‬خشية‭ ‬الانتقام‭ ‬قائلاً‭: “‬إن‭ ‬أفضل‭ ‬رد‭ ‬على‭ ‬الإرهاب‭ ‬هو‭ ‬إعادة‭ ‬بناء‭ ‬المكتبات‭ ‬وملئها‭ ‬بالكتب‭”. ‬وأردف‭: “‬هذا‭ ‬سيساعد‭ ‬أيضًا‭ ‬على‭ ‬إعادة‭ ‬ربط‭ ‬الموصل‭ ‬بالعالم‭ ‬من‭ ‬حولها‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الثقافة‭ ‬والعلوم‭”.‬

أوضح‭ ‬عين‭ ‬الموصل‭ ‬أن‭ ‬داعش‭ ‬وجهت‭ ‬رسالة‭ ‬واضحة‭ ‬إلى‭ ‬مكتبات‭ ‬الموصل‭ ‬مفادها‭ ‬أن‭: ” ‬أي‭ ‬نوع‭ ‬من‭ ‬المعرفة‭ ‬والعلوم‭ ‬وفكرة‭ ‬تنوع‭ ‬الثقافات‭ ‬كلها‭ ‬حرام‭”‬‭. ‬لمحاربة‭ ‬هذه‭ ‬الأيديولوجية‭ ‬الفاسدة‭ ‬أطلق‭ ‬حملة‭ ‬للتبرع‭ ‬بالكتب‭ ‬عبر‭ ‬الإنترنت‭ ‬في‭ ‬أبريل‭/ ‬نيسان‭ ‬2017‭ ‬بعنوان‭ ” ‬ليخرج‭ ‬من‭ ‬الرماد‭ ‬كتاب‭”.‬

كانت‭ ‬مكتبات‭ ‬الموصل‭ ‬تضم‭ ‬كنزًا‭ ‬من‭ ‬الكتب‭ ‬النادرة‭ ‬والمخطوطات‭ ‬الثمينة‭ ‬المسجلة‭ ‬لدى‭ ‬منظمة‭ ‬اليونسكو‭ ‬قبل‭ ‬تدمير‭ ‬داعش‭ ‬لها‭. ‬وفي‭ ‬عام‭ ‬2015،‭ ‬بعد‭ ‬ثمانية‭ ‬أشهر‭ ‬من‭ ‬غزو‭ ‬المدينة،‭ ‬نهبت‭ ‬داعش‭ ‬المكتبة‭ ‬المركزية‭ ‬وأحرقت‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬8000‭ ‬نسخة‭ ‬مطبوعة‭ ‬ومخطوطات‭ ‬تاريخية‭ ‬نادرة‭ ‬بحجة‭ ‬أنها‭ ‬تحتوي‭ ‬على‭ ‬كفريات‭.‬

يهدف‭ ‬عين‭ ‬الموصل‭ ‬إلى‭ ‬جمع‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬200‭,‬000‭ ‬كتاب‭ ‬وكافة‭ ‬أنواع‭ ‬المواد‭ ‬المطبوعة‭ – ‬المجلات‭ ‬والدوريات‭ ‬والصحف‭ ‬والمراجع‭ ‬والمحفوظات‭ ‬وما‭ ‬شابه‭ ‬ذلك‭ – ‬في‭ ‬جميع‭ ‬التخصصات‭ ‬واللغات‭ ‬المتنوعة‭.‬

وصرح‭ ‬الناشط‭: “‬الفكرة‭ ‬هي‭ ‬أن‭ ‬يتبرع‭ ‬الكُتاب‭ ‬بأحد‭ ‬كتبهم‭ ‬إلى‭ ‬الموصل،‭ ‬وسيكون‭ ‬من‭ ‬الجميل‭ ‬جدًا‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬هناك‭ ‬أعمال‭ ‬لمؤلفين‭ ‬من‭ ‬جميع‭ ‬أنحاء‭ ‬العالم‭ ‬في‭ ‬الموصل،‭ ‬التي‭ ‬قاومت‭ ‬الإرهاب‭ ‬المميت‭”.‬

وأضاف‭: “‬نريد‭ ‬فتح‭ ‬أبواب‭ ‬مدينتنا‭ ‬للعالم‭ ‬الخارجي‭ ‬ومساعدة‭ ‬الموصل‭ ‬على‭ ‬العودة‭ ‬إلى‭ ‬مكانتها‭ ‬في‭ ‬المجتمع‭ ‬الدولي‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الثقافة‭ ‬والعلوم‭…‬‭. ‬رسالتنا‭ ‬للجميع‭ ‬هي‭ ‬أننا‭ ‬لا‭ ‬نخلق‭ ‬الإرهاب،‭ ‬ولكن‭ ‬الإرهاب‭ ‬كان‭ ‬أمرًا‭ ‬عرضيًا‭ ‬وعُلّق‭ ‬في‭ ‬رقابنا‭ ‬دون‭ ‬رحمة‭”.‬

وقال‭ ‬عين‭ ‬الموصل‭ ‬إن‭ ‬تدمير‭ ‬المعرفة‭ ‬والثقافة‭ ‬في‭ ‬الموصل‭ ‬كان‭ ‬مدمرًا‭ ‬للبلاد‭ ‬كلها،‭ ‬لأن‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬المخطوطات‭ ‬القيمة‭ ‬قد‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬استردادها‭ ‬أبدا،‭ ‬وأردف‭ ‬قائلًا‭: “‬أعتقد‭ ‬أن‭ ‬داعش‭ ‬كانت‭ ‬على‭ ‬دراية‭ ‬بقيمة‭ ‬الوثائق‭ ‬وسرقت‭ ‬أكثرها‭ ‬قيمة‭ ‬من‭ ‬المكتبة‭ ‬المركزية‭ ‬قبل‭ ‬إحراق‭ ‬المبنى‭”.‬

ومن‭ ‬بين‭ ‬الوثائق‭ ‬التي‭ ‬يعتقد‭ ‬أن‭ ‬داعش‭ ‬قد‭ ‬سرقتها‭ ‬كانت‭ ‬ورقة‭ ‬موسوليني‭ “‬تعليق‭ ‬عام‭ ‬1924‭ ‬على‭ ‬كتاب‭ “‬الأمير‭” ‬لميكيافيلي‭”. ‬وقد‭ ‬دمُرت‭ ‬وثائق‭ ‬أخرى‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬محفوظات‭ ‬الصحف‭ ‬العراقية‭ ‬التي‭ ‬يرجع‭ ‬تاريخها‭ ‬إلى‭ ‬أوائل‭ ‬القرن‭ ‬العشرين‭ ‬والكتب‭ ‬التي‭ ‬تعود‭ ‬لحقبة‭ ‬الدولة‭ ‬العثمانية‭.‬

ولكن‭ ‬كان‭ ‬لدى‭ ‬عين‭ ‬الموصل‭ ‬إصرار‭ ‬قوي‭ ‬حيث‭ ‬صرح‭: “‬إن‭ ‬أفضل‭ ‬طريقة‭ ‬للتصدي‭ ‬لهذه‭ ‬المذبحة‭ ‬هي‭ ‬إعادة‭ ‬أعمال‭ ‬شكسبير‭ ‬وفولتير‭ ‬وفلوبير‭ ‬وأرسطو‭ ‬وأفلاطون‭ ‬وديكارت‭ ‬وجين‭ ‬أوستن‭ ‬وغيرهم‭ ‬من‭ ‬الكتاب‭ ‬والفلاسفة‭ ‬إلى‭ ‬الموصل‭”.‬

لاقت‭ ‬حملة‭ ‬التبرع‭ ‬بالكتب‭ ‬استجابة‭ ‬قوية‭ ‬من‭ ‬المجتمع‭ ‬الدولي،‭ ‬حيث‭ ‬تم‭ ‬التبرع‭ ‬بحوالي‭ ‬200‭ ‬كتاب،‭ ‬وتعهدت‭ ‬جمعية‭ ‬فرنسية‭ ‬في‭ ‬مرسيليا‭ ‬بإرسال‭ ‬20‭ ‬طنًا‭ ‬من‭ ‬الكتب‭ ‬إلى‭ ‬العراق‭. ‬يتم‭ ‬جمع‭ ‬الكتب‭ ‬في‭ ‬أربيل،‭ ‬بالعراق،‭ ‬حيث‭ ‬يتم‭ ‬تصنيفها‭ ‬ووضع‭ ‬الملصقات‭ ‬عليها‭ ‬وإعدادها‭ ‬لوقت‭ ‬تكون‭ ‬الأمور‭ ‬فيها‭ ‬أكثر‭ ‬سلامًا‭ ‬عندها‭ ‬يمكن‭ ‬إعادة‭ ‬بناء‭ ‬المكتبات‭.‬

وصرح‭ ‬عين‭ ‬الموصل‭ ‬قائلاً‭ “‬المشاركة‭ ‬الدولية‭ ‬في‭ ‬ترميم‭ ‬المكتبات‭ ‬فرصة‭ ‬عظيمة‭ ‬للفت‭ ‬اهتمام‭ ‬العالم‭ ‬لبناء‭ ‬الموصل‭”. ‬وأردف‭ ‬قائلاً‭ “‬لكن‭ ‬الشيء‭ ‬الأكثر‭ ‬أهمية‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬يدرك‭ ‬السكان‭ ‬المحليون‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬كتابًا‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬ركن‭ ‬من‭ ‬أركان‭ ‬العالم‭ ‬داخل‭ ‬مدينتهم،‭ ‬ما‭ ‬يجعل‭ ‬الموصل‭ ‬مثالاً‭ ‬على‭ ‬التعدد‭ ‬الثقافي‭ ‬الذي‭ ‬سعت‭ ‬داعش‭ ‬إلى‭ ‬تدميره‭”.‬

Comments are closed.