حراسة الحدود

قائد مدفعية أردني يلبي واجباً جديداً كرئيس لحرس الحدود في بلاده

أسرة يونيباث

أمضى العميد الأردني حسين الزيود عقوداً كضابط مدفعية، ولكن الوابل الحقيقي بدأ حينما تقلد منصبه عام 2012 كقائد لقوات حرس الحدود في البلاد.

فقد عبر حوالي 500,000 سوري الحدود إلى الأردن، فارين من العنف والفوضى في البلاد التي تعصف بها الحرب الأهلية وتمتد لمسافة 378 كيلومتراً على طول الحدود الشمالية للأردن.

وفي الأيام التي لا يزور فيها شخصياً المراكز الحدودية بالقرب من المفرق، وجابر وإربد، فإن شاشات الدائرة التلفزيونية المغلقة في مكتب الزيود بالقرب من العاصمة عمّان، نادراً ما تجعله ينسى واجباته. فباللقطات الواسعة، والمكبرة، والمتتبعة: تبقى الكاميرات عيناً ساهرة على الحدود السورية، فتغطي الصحراء والممرات الجبلية التي تغيب أحياناً عن أبراج المراقبة.

يقول العميد الركن حسين الزيود، “في كل مرة نعتقد أننا استقبلنا آخر دفعة من عابري الحدود بالليل، نتلقى مكالمات بأن آلاف آخرين في طريقهم إلينا. لقد أصبحت مهمة على مدار 24 ساعة”. ويشير العميد الركن الزيود إلى أن ثلاثة أرباع اللاجئين هم من النساء والأطفال.

عندما يركز المجتمع الدولي على الأزمة الإنسانية التي تعكر صفو الحدود السورية -الأردنية، فإن الاهتمام ينصب بشكل عام على مخيمات اللاجئين مثل الزعتري، وهي مدينة خيام شاسعة تتلألأ على مدى اتساع الصحراء في شمال الأردن. وما يُفتقد أحياناً في التغطية هي المهمة الشاقة في مرافقة حشود النازحين من الحدود إلى نقاط التجميع. وهذه هي وظيفة قوة حرس الحدود التابعة للزيود.

وهي عملية كثيراً ما تعتريها عقبات ومواطن خلل. فالحافلات التي تبرع بها المانحون الدوليون بسخاء غير مزودة برفوف للأمتعة، بحيث أن الحافلة المصممة لنقل 50 لاجئاً لا تسع إلا لـ 35 متى كدّس اللاجئون متعلقاتهم فوق المقاعد. وأصبحت الطرق غير قابلة للمرور فيها أثناء الشتاء المطير لعامي 2012-2013 لدرجة تخصيص عربات مدرعة لسحب الحافلات من الوحل. ونقص إمداد الضروريات الأساسية مثل أجهزة ضغط الدم، مما عقّد رعاية ما يقدر بـ30,000 لاجئ وصلوا وهم يعانون من أمراض وإصابات.

وبحلول منتصف عام 2013، استهلكت الأزمة كل ميزانية الزيود تقريباً لحراسة الحدود، وهي مخصصات نقدية كان من المفترض أن تستمر سنة كاملة.

يقول العميد الركن الزيود، “تعتقد الوكالات الدولية أن هؤلاء اللاجئين ينتقلون من الحدود إلى المخيمات بواسطة عصا سحرية. وهذه هي الحلقة المفقودة بالنسبة لي: نقلهم من الحدود إلى مخيم الزعتري”.

ورغم أن الحدود الأردنية – السورية هي مصدر أكبر تحدياته، فإن العميد مسؤول بنفس القدر عن حدود البلاد الشرقية، والجنوبية والغربية الأقل اضطراباً، وكل منها مميز بالألون على الخريطة ويتولى حراستها لواء جيش مختلف. ويبلغ طولها مجتمعة 1163 كيلومتراً.


IMG-20140223-WA0011الإسم: العميد الركن حسين الزيود، قائد قوات حرس الحدود الأردنية

التعليم: درجتا البكالوريوس والماجستير من جامعة مؤتة بالأردن، ودرجة الماجستير من كلية الدفاع الوطني بإندونيسيا

المناصب السابقة: مدير فيلق المدفعية الملكي بالأردن، رئيس التخطيط والتدريب لبعثة الأمم المتحدة في إثيوبيا وإريتريا، رئيس أركان القيادة الشمالية للأردن

اللغات: العربية، الإنجليزية، الإندونيسية

الأسرة: متزوج وله ستة أولاد، من بينهم ابن نقيب في القوات المسلحة الأردنية


ووسط كل هذا النزوح السكاني، فإن مصدر القلق المستمر بالنسبة للجيش الأردني هم الانتهازيون الذين يستغلون الأزمة السورية في نقل الأسلحة والمخدرات من و إلى الأردن، ومن بينهم إرهابيون ومتطرفون. وتملك العائلات والقبائل التي عاشت قروناً على الحدود معلومات عن معابر المهربين لا يعرفها المجندون الجدد. وقصورالمعلومات يضع كتائب الحدود في موقف ضعيف.

ومع ذلك، يصر العميد على أن هناك صفات معينة تبني حارس حدود متميز. ثلاثة منها الوطنية، والذكاء والاستقامة. ومن الناحية العملية، لا يضر إذا كان حرس الحدود متفوقون في التعامل مع الأسلحة ومتميزون في التحكم في عجلة القيادة أثناء المنعطفات اللولبية في الجبال والممرات الصحراوية، لا سيما في الأراضي الجرداء بالقرب من العراق والتي يسميها الزيود “أرض الله”.

وفي نفس الوقت لا يمكن تجاهل العين الحريصة. ففي مكتبه في عمّان يعرض العميد شريحة على شاشة تبين لاجئة سورية متنقبة ترتدي ملابس ثقيلة. ومع الشريحة التالية يتبين الأمر. فقد كانت هذه “المرأة” في الواقع رجلاً يرتدي أطرافاً صناعية تحت ثوبه ويحمل بطاقة هوية أخته. لاحظ حرس الحدود طريقة مشي ذكورية في حركة اللاجئة. يقول الزيود بضحكة مكتومة، “لاحظ الجنود إلى دلائل أشارت أن هذا الرجل لم يكن امرأة”.

لقد اندهش ضباط عسكريون أمريكيون من تفاني الزيود لمهنته -–وهو تفان يشمل قلقه الشخصي على الرجال تحت قيادته – لدرجة أنهم أدخلوا العميد الأردني في عضوية جمعية القديسة باربرا. وهي جمعية شرفية عسكرية للمتميزين من رجال المدفعية في الجيش الأمريكي وفيلق قوات مشاة البحرية الأمريكية. وترافق العضوية ميدالية فضية معلقة بشريط أحمر.

وفي محاولة لرصد بؤرة المتاعب التالية على الحدود، يدرك قائد المدفعية السابق أن هناك عدداً قليلاً من نقاط الدخول الثابتة. وتلك النقاط تتغير مع أهواء اللاجئين. ويمكن أن يؤدي ارتفاع مفاجئ للعنف في سوريا إلى خنق كل التحركات فيما يحاول اللاجئون التواري

عن الأنظار. ومتى صمتت المدافع، يعود الضغط البشري إلى المعابر الحدودية. وستكون قوات الزيود متأهبة في مواقعها. يقول العميد الزيود، “إن مهمتنا الرئيسية والأهم هي توفير الأمن لمملكتنا”.

Comments are closed.