المقاتلون الأجانب في سوريا

ثلاثة‭ ‬أنواع‭ ‬من‭ ‬الإجراءات‭ ‬المضادة‭ ‬قد‭ ‬تساهم‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬تجنيد‭ ‬داعش‭ ‬مقاتلين‭ ‬في‭ ‬صفوفها

د‭. ‬سام‭ ‬مولينز‭/‬مركز‭ ‬جورج‭ ‬مارشال‭ ‬الأوروبي‭ ‬للدراسات‭ ‬الأمنية،‭ ‬ألمانيا
تجاوز عدد‭ ‬المقاتلين‭ ‬الأجانب‭ ‬الذين‭ ‬هاجروا‭ ‬إلى‭ ‬سوريا‭ ‬للقتال‭ ‬في‭ ‬صفوف‭ ‬داعش‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬الجماعات‭ ‬الإرهابية‭ ‬الأخرى‭ ‬30‭ ‬ألف‭ ‬مقاتل‭ ‬في‭ ‬أواخر‭ ‬عام‭ ‬2015‭. ‬وتنتمي‭ ‬أعداد‭ ‬ضخمة‭ ‬من‭ ‬المقاتلين‭ ‬الأجانب‭ ‬إلى‭ ‬الدول‭ ‬المجاورة‭ ‬لسوريا‭ ‬كتركيا‭ ‬والأردن‭ ‬والمملكة‭ ‬العربية‭ ‬السعودية‭ ‬نظرًا‭ ‬لتمتعها‭ ‬بحدود‭ ‬مشتركة‭ ‬مع‭ ‬المناطق‭ ‬الملتهبة‭ ‬في‭ ‬سوريا‭ ‬والعراق‭.‬
لكن‭ ‬المفاجئ‭ ‬هو‭ ‬عدد‭ ‬المقاتلين‭ ‬القادمين‭ ‬من‭ ‬دولة‭ ‬بعيدة‭ ‬مثل‭ ‬تونس،‭ ‬إذ‭ ‬يبلغ‭ ‬عددهم‭ ‬6000‭ ‬مقاتل‭ ‬يسهمون‭ ‬في‭ ‬زيادة‭ ‬وتيرة‭ ‬الإرهاب‭ ‬في‭ ‬الصراع‭ ‬السوري‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬أي‭ ‬دولة‭ ‬أخرى‭. ‬كما‭ ‬ازدادت‭ ‬أيضًا‭ ‬أعداد‭ ‬الشباب‭ ‬المسافرين‭ ‬من‭ ‬دول‭ ‬الاتحاد‭ ‬السوفييتي‭ ‬السابق‭ ‬–‭ ‬كالقوقاز‭ ‬وكازاخستان‭ ‬وطاجيكستان‭ – ‬إلى‭ ‬سوريا‭ ‬للانضمام‭ ‬إلى‭ ‬داعش‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬جالياتهم‭ ‬المهاجرة‭ ‬إلى‭ ‬أوروبا‭ ‬الغربية‭.‬
ويرى‭ ‬المحللون‭ ‬أن‭ ‬الإجراءات‭ ‬المضادة‭ ‬التي‭ ‬اتخذت‭ ‬لمنع‭ ‬تدفق‭ ‬المقاتلين‭ ‬الأجانب‭ ‬لم‭ ‬تحقق‭ ‬كل‭ ‬إمكاناتها‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬صعوبة‭ ‬رصد‭ ‬الأرقام‭ ‬الحقيقية‭ ‬نظرًا‭ ‬للسرية‭ ‬التي‭ ‬تحيط‭ ‬بالأمر‭. ‬وتنقسم‭ ‬هذه‭ ‬الإجراءات‭ ‬الوقائية‭ ‬إلى‭ ‬ثلاثة‭ ‬أقسام‭ ‬رئيسية‭ ‬بحسب‭ ‬اكتشاف‭ ‬الدولة‭ ‬للمقاتلين‭ ‬الأجانب‭ ‬واشتباكها‭ ‬معهم‭. ‬
1. الوقاية
رغم‭ ‬التحديات‭ ‬الخارجية‭ ‬التي‭ ‬تواجه‭ ‬ذلك،‭ ‬فيجب‭ ‬أن‭ ‬تسعى‭ ‬الإستراتيجيات‭ ‬المضادة‭ ‬إلى‭ ‬منع‭ ‬تجنيد‭ ‬المقاتلين‭ ‬الأجانب‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬تتاح‭ ‬أمامهم‭ ‬فرصة‭ ‬للعمل،‭ ‬وتركز‭ ‬الإجراءات‭ ‬الرادعة‭ ‬بالأساس‭ ‬على‭ ‬الإعاقة‭ ‬والتدخل‭ ‬المبكر‭ ‬والمنع‭ ‬من‭ ‬السفر‭. ‬ومن‭ ‬الأمثلة‭ ‬على‭ ‬الأعمال‭ ‬التي‭ ‬يجب‭ ‬استهدافها‭ ‬حيازة‭ ‬مواد‭ ‬تستخدم‭ ‬في‭ ‬تدريب‭ ‬الإرهابيين‭ ‬أو‭ ‬ترويجها،‭ ‬والمشاركة‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬تدريبات‭ ‬إرهابية‭ ‬داخلية،‭ ‬وجمع‭ ‬موارد‭ ‬مالية‭ ‬لدعم‭ ‬الإرهاب،‭ ‬والتعاون‭ ‬في‭ ‬دعم‭ ‬منظمات‭ ‬إرهابية‭ ‬أو‭ ‬المعاونة‭ ‬على‭ ‬الانضمام‭ ‬إليها،‭ ‬والمشاركة‭ ‬في‭ ‬الإعداد‭ ‬لأعمال‭ ‬إرهابية؛‭ ‬حيث‭ ‬يمكن‭ ‬مقاضاة‭ ‬الأشخاص‭ ‬الذين‭ ‬يرتكبون‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬الجرائم‭ ‬قبل‭ ‬مغادرتهم‭ ‬البلاد‭. ‬ومن‭ ‬أمثلة‭ ‬ما‭ ‬جرى‭ ‬كان‭ ‬القبض‭ ‬في‭ ‬شهر‭ ‬أغسطس‭ ‬2015‭ ‬على‭ ‬زوجين‭ ‬شابين‭ ‬من‭ ‬ولاية‭ ‬ميسيسيبي‭ ‬في‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬أثناء‭ ‬محاولتهما‭ ‬استقلال‭ ‬طائرة‭ ‬متجهة‭ ‬إلى‭ ‬تركيا‭ ‬بنية‭ ‬الانضمام‭ ‬الى‭ ‬داعش،‭ ‬ومع‭ ‬ذلك‭ ‬فالإجراءات‭ ‬القضائية‭ ‬الناجحة‭ ‬لا‭ ‬بد‭ ‬أن‭ ‬تقوم‭ ‬على‭ ‬أدلة‭ ‬كافية‭ ‬ومن‭ ‬الصعب‭ ‬جدًا‭ ‬في‭ ‬ساحة‭ ‬المحكمة‭ ‬إثبات‭ ‬النية‭ ‬المسبقة‭ ‬لارتكاب‭ ‬أعمال‭ ‬إرهابية‭.‬
وعندما‭ ‬لا‭ ‬تكون‭ ‬الإجراءات‭ ‬القضائية‭ ‬ذات‭ ‬جدوى‭ ‬يكون‭ ‬فرض‭ ‬عقوبات‭ ‬مصرح‭ ‬بها‭ ‬قانونًا‭ ‬من‭ ‬الإجراءات‭ ‬المشهورة‭ ‬بكثرة‭. ‬ومن‭ ‬الأمثلة‭ ‬كذلك‭ ‬مصادرة‭ ‬جوازات‭ ‬السفر‭ ‬أو‭ ‬وثائق‭ ‬الهوية‭ ‬وتحديد‭ ‬تحركات‭ ‬الأفراد‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬استخدام‭ “‬الشهادات‭ ‬الأمنية‭” ‬أو‭ ‬غير‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬الإجراءات‭ ‬المماثلة‭. ‬وتعتمد‭ ‬هذه‭ ‬الإجراءات‭ ‬على‭ ‬المعلومات‭ ‬الاستخباراتية‭ – ‬وليست‭ ‬الأدلة‭ – ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬يجعلها‭ ‬أقل‭ ‬قيمة‭ ‬بالنسبة‭ ‬لوقت‭ ‬إمكانية‭ ‬تطبيقها‭. ‬ومع‭ ‬ذلك‭ ‬فتقييد‭ ‬حرية‭ ‬الأشخاص‭ ‬دون‭ ‬محاكمة‭ ‬أمر‭ ‬محل‭ ‬خلاف،‭ ‬ففي‭ ‬بعض‭ ‬الحالات‭ ‬قد‭ ‬ينظر‭ ‬له‭ ‬على‭ ‬أنه‭ ‬أيضًا‭ ‬عقاب‭ ‬لأسر‭ ‬المشتبه‭ ‬بهم‭ ‬وبذلك‭ ‬فاجتماع‭ ‬هذه‭ ‬العوامل‭ ‬من‭ ‬شأنه‭ ‬تقويض‭ ‬مشروعية‭ ‬الحكومة‭ ‬وزيادة‭ ‬الشعور‭ ‬بالغربة‭ ‬لدى‭ ‬المجتمعات‭ ‬الضعيفة‭. ‬
AP380027739418_edit
توفي أحد أبرز المقاتلين الأجانب في صفوف داعش، مقاتل شيشاني يدعى عمر الشيشاني في معركة بالقرب من الموصل في العراق في يوليو 2016.   أسوشييتد برس
ومن‭ ‬الحلول‭ ‬الممكنة‭ ‬لهذه‭ ‬المشكلات‭ ‬فرض‭ ‬حظر‭ ‬على‭ ‬السفر‭ ‬إلى‭ ‬سوريا‭ ‬أو‭ ‬إلى‭ ‬غيرها‭ ‬من‭ ‬الأماكن‭ ‬بغرض‭ ‬القتال‭ ‬دون‭ ‬الحاجة‭ ‬إلى‭ ‬إثبات‭ ‬صلة‭ ‬الشخص‭ ‬بالإرهاب‭. ‬وهذا‭ ‬أمر‭ ‬معقول‭ ‬بالطبع،‭ ‬فقوانين‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬موجودة‭ ‬بالفعل‭ ‬في‭ ‬بلدان‭ ‬مثل‭ ‬السعودية‭ ‬وهولندا‭ ‬وتطبق‭ ‬في‭ ‬غيرهما‭ ‬من‭ ‬الأماكن‭. ‬وتبقى‭ ‬معرفة‭ ‬ما‭ ‬إذا‭ ‬كانت‭ ‬هذه‭ ‬القوانين‭ ‬ستثبت‭ ‬فعاليتها‭ ‬أم‭ ‬لا‭.
وهناك‭ ‬خيارات‭ ‬أخرى‭ ‬متاحة‭ ‬مثل‭ ‬إبلاغ‭ ‬المشتبه‭ ‬بهم‭ ‬بأنهم‭ ‬تحت‭ ‬المراقبة‭ ‬وفرض‭ ‬الرقابة‭ ‬على‭ ‬المواد‭ ‬المنشورة‭ ‬إلكترونيًا‭ ‬وحظر‭ ‬المنظمات‭ ‬المتطرفة‭ ‬التي‭ ‬يظهر‭ ‬عليها‭ ‬أنها‭ ‬تساهم‭ ‬في‭ ‬دعم‭ ‬التطرف‭. ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬كل‭ ‬تلك‭ ‬المعاناة‭ ‬في‭ ‬العموم‭ ‬تمثل‭ ‬المسار‭ ‬البسيط‭ ‬لعلاج‭ ‬الأعراض‭ ‬بدلاً‭ ‬من‭ ‬الأسباب‭ ‬وقد‭ ‬ينتج‭ ‬عن‭ ‬ذلك‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬الامتعاض‭ ‬من‭ ‬الدولة،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ “‬مضايقة‭” ‬المشتبه‭ ‬بهم‭ ‬يؤكد‭ ‬نظرتهم‭ ‬السلبية‭ ‬للعالم‭ ‬ومن‭ ‬المحتمل‭ ‬أن‭ ‬يزيد‭ ‬رغبتهم‭ ‬في‭ ‬مغادرة‭ ‬البلاد‭ ‬بدلاً‭ ‬من‭ ‬تقليلها‭. ‬وفي‭ ‬الوقت‭ ‬نفسه‭ ‬قد‭ ‬يؤدي‭ ‬منع‭ ‬الناس‭ ‬بالقوة‭ ‬من‭ ‬السفر‭ ‬إلى‭ ‬إثارتهم‭ ‬فيتوجهون‭ ‬بإحباطهم‭ ‬إلى‭ ‬بلادهم،‭ ‬وهنا‭ ‬تبدو‭ ‬نجاعة‭ ‬الوسائل‭ “‬الناعمة‭” ‬المعتمدة‭ ‬على‭ ‬الإقناع‭. ‬
تهدف‭ ‬الطرق‭ ‬الإقناعية‭ ‬التي‭ ‬يشار‭ ‬إليها‭ ‬عمومًا‭ ‬بمسمى‭ ‬جامع‭ ‬هو‭ “‬مواجهة‭ ‬التطرف‭ ‬العنيف‭” ‬إلى‭ ‬منع‭ ‬إغراء‭ ‬أطروحات‭ ‬المتطرفين‭ ‬سواء‭ ‬بشكل‭ ‬مباشر‭ ‬أو‭ ‬غير‭ ‬مباشر،‭ ‬ومنح‭ ‬دور‭ ‬أكبر‭ ‬للمشاركة‭ ‬غير‭ ‬الحكومية‭. ‬وتشمل‭ ‬الوسائل‭ ‬غير‭ ‬المباشرة‭ ‬أمورًا‭ ‬مثل‭ ‬مشروعات‭ ‬المساعدات‭ ‬والتنمية‭ ‬أو‭ ‬توفير‭ ‬التعليم‭ ‬والتوظيف‭ ‬سواء‭ ‬داخل‭ ‬البلاد‭ ‬أو‭ ‬خارجها‭. ‬وقد‭ ‬تشمل‭ ‬في‭ ‬البلدان‭ ‬العلمانية‭ ‬مجهودات‭ ‬ترمي‭ ‬إلى‭ ‬زيادة‭ ‬دمج‭ ‬السكان‭ ‬المسلمين‭ ‬في‭ ‬المجتمع‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬التعليم‭ ‬أو‭ ‬الإرشاد‭ ‬الفردي‭ ‬أو‭ ‬الحوار‭ ‬بين‭ ‬الأديان‭. ‬ورغم‭ ‬عدم‭ ‬احتمالية‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬لهذه‭ ‬الإجراءات‭ ‬آثار‭ ‬مباشرة،‭ ‬فإنها‭ ‬قد‭ ‬تساعد‭ ‬على‭ ‬المدى‭ ‬الطويل‭ ‬في‭ ‬تقليل‭ ‬المظالم‭ ‬التي‭ ‬يستغلها‭ ‬المتطرفون‭ ‬القائمون‭ ‬بالتجنيد‭ ‬وتقليل‭ ‬حجم‭ ‬المجندين‭ ‬المحتملين‭ ‬الأكثر‭ ‬عرضة‭ ‬لانتهاج‭ ‬التطرف‭ ‬والانضمام‭ ‬لجماعاته‭. ‬
أما‭ ‬الوسائل‭ ‬الإقناعية‭ ‬المباشرة‭ ‬فتشمل‭ ‬عددًا‭ ‬من‭ ‬المشروعات‭ ‬المناهضة‭ ‬للتطرف‭ ‬التي‭ ‬تتعامل‭ ‬على‭ ‬وجه‭ ‬الخصوص‭ ‬مع‭ ‬المتطرفين‭ ‬والتطرف‭. ‬ومن‭ ‬الأمثلة‭ ‬عليها‭ ‬مشروع‭ ‬القناة‭ ‬الذي‭ ‬أقيم‭ ‬في‭ ‬المملكة‭ ‬المتحدة‭ ‬ويحدد‭ ‬الأشخاص‭ ‬المعرضين‭ ‬لانتهاج‭ ‬التطرف‭ ‬ثم‭ ‬يواجه‭ ‬معتقدات‭ ‬المتطرفين‭ ‬باستخدام‭ ‬آليات‭ ‬الدعم‭ ‬الاجتماعي‭ ‬والمبادرات‭ ‬المخصصة‭ ‬لمناهضة‭ ‬للتطرف‭.‬
كما‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تنشر‭ ‬الرسائل‭ ‬المضادة‭ ‬عبر‭ ‬الإنترنت،‭ ‬فحملة‭ ‬السكينة‭ ‬في‭ ‬المملكة‭ ‬العربية‭ ‬السعودية‭ ‬عملت‭ ‬على‭ ‬مخاطبة‭ ‬المتطرفين‭ ‬عبر‭ ‬الإنترنت‭ ‬منذ‭ ‬عام‭ ‬2004‭ ‬وحظيت‭ ‬ببعض‭ ‬النجاح‭ ‬في‭ ‬إقناع‭ ‬الناس‭ ‬بالتخلي‭ ‬عن‭ ‬العنف‭. ‬وفي‭ ‬وقت‭ ‬لاحق‭ ‬توجهت‭ ‬حكومات‭ ‬غربية‭ – ‬بما‭ ‬فيها‭ ‬حكومات‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬والمملكة‭ ‬المتحدة‭ – ‬إلى‭ ‬وسائل‭ ‬الإعلام‭ ‬الاجتماعي‭ ‬لتفكيك‭ ‬أطروحات‭ ‬المتطرفين‭. ‬
وتتميز‭ ‬الجهود‭ ‬الإقناعية‭ ‬سواء‭ ‬كانت‭ ‬مباشرة‭ ‬أو‭ ‬افتراضية‭ ‬عبر‭ ‬الإنترنت،‭ ‬وسواء‭ ‬كانت‭ ‬وقائية‭ ‬أو‭ ‬غير‭ ‬وقائية‭ ‬بأنها‭ ‬ليست‭ ‬مطلقة‭ ‬ولا‭ ‬تخلو‭ ‬من‭ ‬آثار‭ ‬سلبية‭ ‬محتملة،‭ ‬فعلى‭ ‬سبيل‭ ‬المثال؛‭ ‬تفتقر‭ ‬الحكومات‭ ‬العلمانية‭ ‬إلى‭ ‬المصداقية‭ ‬في‭ ‬الأمور‭ ‬الدينية‭. ‬علاوة‭ ‬على‭ ‬احتمالية‭ ‬أن‭ ‬تؤدي‭ ‬مبادرات‭ ‬مواجهة‭ ‬التطرف‭ ‬العنيف‭ ‬إلى‭ ‬تفاقم‭ ‬مشاكل‭ ‬الشعور‭ ‬بالغربة‭ ‬وانتهاج‭ ‬التطرف‭ ‬عبر‭ ‬تعزيزها‭ ‬فكرة‭ ‬أن‭ ‬المسلمين‭ ‬هم‭ “‬مجتمعات‭ ‬مشبوهة‭” ‬في‭ ‬البلدان‭ ‬الغربية‭. ‬كذلك‭ ‬من‭ ‬الصعب‭ ‬للغاية‭ ‬على‭ ‬الحكومات‭ ‬العلمانية‭ ‬أن‭ ‬تستعرض‭ ‬الصورة‭ ‬المركبة‭ ‬لشعوبها‭ ‬المسلمة‭ ‬وبخاصة‭ ‬عند‭ ‬اختيار‭ ‬شركاء‭ ‬غير‭ ‬حكوميين‭. ‬علاوة‭ ‬على‭ ‬ذلك‭ ‬فأنه‭ ‬من‭ ‬شبه‭ ‬المستحيل‭ ‬قياس‭ ‬التأثير‭ ‬الحقيقي‭ ‬للحملات‭ ‬الوقائية‭ ‬إذ‭ ‬أنه‭ ‬لا‭ ‬توجد‭ ‬طريقة‭ ‬لتحديد‭ ‬ما‭ ‬إذا‭ ‬كان‭ ‬مستوى‭ ‬تجنيد‭ ‬المقاتلين‭ ‬الأجانب‭ ‬أعلى‭ ‬قبل‭ ‬التدخل‭ ‬أم‭ ‬لا‭. ‬ومع‭ ‬ذلك‭ ‬فالفشل‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬أطروحات‭ ‬المتطرفين‭ ‬الذي‭ ‬قد‭ ‬يمثل‭ ‬قبولاً‭ ‬للهزيمة‭ ‬في‭ “‬حرب‭ ‬الأفكار‭”‬‭ ‬قد‭ ‬يعني‭ ‬في‭ ‬النهاية‭ ‬تفوق‭ ‬الفوائد‭ ‬المحتملة‭ ‬على‭ ‬التكلفة‭ ‬المبذولة‭.‬
2. الإدارة
لا‭ ‬يتوفر‭ ‬إلا‭ ‬عدد‭ ‬قليل‭ ‬نسبيًا‭ ‬من‭ ‬الخيارات‭ ‬المتاحة‭ ‬للأفراد‭ ‬الذين‭ ‬تركوا‭ ‬أوطانهم‭ ‬وانضموا‭ ‬إلى‭ ‬القتال‭ ‬مع‭ ‬الإرهابيين‭ ‬في‭ ‬سوريا‭ ‬أو‭ ‬غيرها‭.‬‭ ‬تتمثل‭ ‬المهمة‭ ‬الأساسية‭ ‬في‭ ‬الإجراءات‭ ‬الوقائية‭ ‬في‭ ‬التأكد‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬الشخص‭ ‬يشارك‭ ‬بالفعل‭ ‬في‭ ‬الصراع‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬جمع‭ ‬أكبر‭ ‬قدر‭ ‬ممكن‭ ‬من‭ ‬المعلومات‭ ‬حول‭ ‬خلفيته‭ ‬وأصدقائه،‭ ‬وكيف‭ ‬تم‭ ‬تجنيده،‭ ‬وكيف‭ ‬ذهب‭ ‬إلى‭ ‬سوريا،‭ ‬وأي‭ ‬الجماعات‭ ‬على‭ ‬وجه‭ ‬التحديد‭ ‬انضم‭ ‬إليها‭ ‬في‭ ‬الخارج،‭ ‬وماذا‭ ‬يفعل،‭ ‬وما‭ ‬إذا‭ ‬كان‭ ‬قد‭ ‬قتل‭ ‬في‭ ‬نهاية‭ ‬المطاف‭ ‬أم‭ ‬لا‭. ‬ويصعب‭ ‬في‭ ‬العادة‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬تلك‭ ‬المعلومات،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬حسابات‭ ‬وسائل‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬المخصصة‭ ‬لمراقبة‭ ‬المتطرفين‭ ‬تعد‭ ‬نقطة‭ ‬بداية‭ ‬جيدة‭. ‬وتتنوع‭ ‬استخدامات‭ ‬البيانات‭ ‬المجموعة‭ ‬كالتعرف‭ ‬على‭ ‬شبكات‭ ‬التجنيد‭ ‬والتسهيل،‭ ‬وبناء‭ ‬أسس‭ ‬للتقاضي،‭ ‬وإجراء‭ ‬تقدير‭ ‬للمخاطر‭ ‬لوقت‭ ‬عودة‭ ‬المقاتل‭ ‬إلى‭ ‬بلده،‭ ‬وهي‭ ‬استخدامات‭ ‬من‭ ‬شأنها‭ ‬أن‭ ‬تحدد‭ ‬كيفية‭ ‬السير‭ ‬في‭ ‬العمل‭. ‬ويمكن‭ ‬كذلك‭ ‬استخدام‭ ‬المعلومات‭ ‬الشخصية‭ ‬لحث‭ ‬المقاتلين‭ ‬أو‭ ‬إجبارهم‭ ‬على‭ ‬العودة‭ ‬إلى‭ ‬أوطانهم‭. ‬
يمكن‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬المرحلة‭ ‬تطبيق‭ ‬العقوبات‭ ‬والتي‭ ‬من‭ ‬بينها‭ ‬حجب‭ ‬المنح‭ ‬الاجتماعية‭ ‬وتجميد‭ ‬الأصول‭ ‬المالية،‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬من‭ ‬شأنه‭ ‬أن‭ ‬يكبح‭ ‬تمويل‭ ‬الإرهاب،‭ ‬ويجبر‭ ‬بعض‭ ‬المقاتلين‭ ‬على‭ ‬العودة‭ ‬إلى‭ ‬بلادهم،‭ ‬ويردع‭ ‬الآخرين‭ ‬عن‭ ‬الانضمام‭ ‬كلية‭. ‬وقد‭ ‬تشمل‭ ‬العقوبات‭ ‬الأشد‭ ‬إلغاء‭ ‬حق‭ ‬الإقامة‭ ‬ونزع‭ ‬الجنسية‭ ‬عن‭ ‬الشخص‭ ‬إن‭ ‬كانت‭ ‬لديه‭ ‬جنسية‭ ‬مزدوجة،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬قد‭ ‬يمنع‭ ‬المقاتلين‭ ‬الأجانب‭ ‬النشطاء‭ ‬من‭ ‬العودة‭ ‬إلى‭ ‬البلاد،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬العقوبات‭ ‬مثيرة‭ ‬للخلاف‭ ‬بدرجة‭ ‬كبيرة،‭ ‬إذ‭ ‬تظل‭ ‬درجة‭ ‬قدرتها‭ ‬على‭ ‬الردع‭ ‬محل‭ ‬شك،‭ ‬وأنها‭ ‬برغم‭ ‬احتمالية‭ ‬حمايتها‭ ‬للسكان‭ ‬المحليين‭ ‬على‭ ‬المدى‭ ‬القصير‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬الاستياء‭ ‬الناتج‭ ‬عنها‭ ‬قد‭ ‬يزيد‭ ‬خطر‭ ‬الإرهاب‭ ‬الداخلي‭ ‬على‭ ‬المدى‭ ‬الطويل‭.‬
GettyImages-456784898_edit
أعضاء من داعش يقفون إلى جوار العلم الإرهابي الأسود على قمة أحد التلال في الجزء الشرقي من بلدة عين العرب السورية. وتجند الجماعات الإرهابية مقاتلين أجانب لتدعيم صفوفهم.  وكالة الصحافة الفرنسية/صورغيتي
ما‭ ‬زالت‭ ‬الوسائل‭ ‬الإقناعية‭ ‬المصممة‭ ‬لإدارة‭ ‬التهديدات‭ ‬المحتملة‭ ‬الناتجة‭ ‬عن‭ ‬عودة‭ ‬المقاتلين‭ ‬بحاجة‭ ‬إلى‭ ‬التطوير‭ ‬الكامل،‭ ‬فالحكومات‭ ‬التي‭ ‬تتعامل‭ ‬مع‭ ‬الجهاديين‭ ‬عبر‭ ‬الإنترنت‭ ‬تحاول‭ ‬أن‭ ‬تغريهم‭ ‬بالابتعاد‭ ‬عن‭ ‬العنف‭ ‬عبر‭ ‬تسليط‭ ‬الضوء‭ ‬على‭ ‬أخطاء‭ ‬الجماعات‭ ‬مثل‭ ‬داعش‭ ‬وجبهة‭ ‬النصرة‭ ‬ونفاقها‭ ‬ووحشيتها،‭ ‬وتلك‭ ‬بداية‭ ‬مشجعة‭. ‬ويعد‭ ‬برنامج‭ ‬حياة‭ ‬الألماني‭ ‬مثالاً‭ ‬جيدًا‭ ‬على‭ ‬الوسائل‭ ‬غير‭ ‬الحكومية‭ ‬الواعدة،‭ ‬فالبرنامج‭ ‬يقدم‭ ‬استشارات‭ ‬متخصصة‭ ‬لأسر‭ ‬المتطرفين‭ ‬الإسلاميين‭ ‬لمنعهم‭ ‬من‭ ‬السفر‭ ‬إلى‭ ‬الخارج‭ ‬لأماكن‭ ‬مثل‭ ‬سوريا،‭ ‬أو‭ ‬لإقناعهم‭ ‬بنبذ‭ ‬العنف‭ ‬والعودة‭ ‬إلى‭ ‬بلادهم‭. ‬ويركز‭ ‬هذا‭ ‬البرنامج‭ ‬على‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬خطوط‭ ‬تواصل‭ ‬مفتوحة‭ ‬بين‭ ‬الأسر‭ ‬والأفراد‭ ‬وتجنب‭ ‬الطرق‭ ‬الحكمية‭ ‬أو‭ ‬التصادمية‭ ‬التي‭ ‬قد‭ ‬تؤدي‭ ‬إلى‭ ‬ابتعادهم‭ ‬أكثر‭. ‬
أما‭ ‬فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بإدارة‭ ‬تهديدات‭ ‬المقاتلين‭ ‬الأجانب،‭ ‬فالأمر‭ ‬لا‭ ‬يتعلق‭ ‬فقط‭ ‬بالمشتبه‭ ‬بهم‭ ‬أنفسهم‭ ‬لكنه‭ ‬يرتبط‭ ‬بشكل‭ ‬كبير‭ ‬بأسرهم‭ ‬ومجتمعاتهم،‭ ‬فقد‭ ‬يكون‭ ‬من‭ ‬الصحيح‭ ‬أن‭ ‬الأسر‭ ‬تساهم‭ ‬في‭ ‬انتهاج‭ ‬التطرف،‭ ‬إلا‭ ‬أنهم‭ ‬غالبًا‭ ‬ما‭ ‬يكونون‭ ‬على‭ ‬غير‭ ‬علم‭ ‬بأنشطة‭ ‬أبنائهم‭ ‬حتى‭ ‬يغادروا‭ ‬البلاد‭ ‬وكثيرًا‭ ‬ما‭ ‬يون‭ ‬أفراد‭ ‬الأسرة‭ ‬هم‭ ‬أول‭ ‬من‭ ‬يبلغ‭ ‬السلطات‭ ‬بالمشكلة،‭ ‬وبالتالي‭ ‬فلا‭ ‬بد‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬دعم‭ ‬تلك‭ ‬الأسر‭ ‬وبناء‭ ‬علاقات‭ ‬مجتمعية‭ ‬جيدة‭ ‬معهم‭ ‬أولوية‭ ‬لدى‭ ‬السلطات،‭ ‬إذ‭ ‬من‭ ‬المهم‭ ‬منع‭ ‬مشاعر‭ ‬الاستياء‭ ‬وإن‭ ‬أمكن‭ ‬منع‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬انتهاج‭ ‬العنف‭ ‬وكذلك‭ ‬من‭ ‬الضروري‭ ‬التشجيع‭ ‬على‭ ‬التعاون‭ ‬وتدفق‭ ‬المعلومات‭. ‬
3. الهجرة
تتحول‭ ‬المهمة‭ ‬لدى‭ ‬عودة‭ ‬المقاتل‭ ‬السابق‭ ‬إلى‭ ‬بلاده‭ ‬إلى‭ ‬مهمة‭ ‬للسيطرة‭ ‬على‭ ‬الأضرار‭. ‬فبالنسبة‭ ‬للبلدان‭ ‬التي‭ ‬تجرم‭ ‬القتال‭ ‬في‭ ‬الخارج‭ ‬تعد‭ ‬الإجراءات‭ ‬القضائية‭ ‬خيارًا‭ ‬لذلك،‭ ‬والأردن‭ – ‬على‭ ‬سبيل‭ ‬المثال‭ – ‬تستخدم‭ ‬ذلك‭ ‬بلا‭ ‬هوادة‭. ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬ذلك‭ ‬قد‭ ‬يؤدي‭ ‬إلى‭ ‬إثارة‭ ‬السخط‭ ‬الداخلي،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬البلدان‭ ‬ما‭ ‬زالت‭ ‬تنقصها‭ ‬القوانين‭ ‬الضرورية،‭ ‬وربما‭ ‬يكون‭ ‬ما‭ ‬يجري‭ ‬مع‭ ‬المقاتلين‭ ‬العائدين‭ ‬هو‭ ‬التحقيق‭ ‬معهم‭ ‬وإطلاق‭ ‬سراحهم‭ ‬على‭ ‬الأقل‭ ‬مبدئيًا‭. ‬من‭ ‬المحتمل‭ ‬أيضًا‭ ‬أن‭ ‬يخضع‭ ‬المشتبه‭ ‬بهم‭ ‬للمراقبة‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬يزول‭ ‬اعتبارهم‭ ‬مصدر‭ ‬تهديد‭ ‬أو‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬يثبت‭ ‬عليهم‭ ‬ارتكابهم‭ ‬جريمة‭ ‬مثل‭ ‬التشجيع‭ ‬على‭ ‬الإرهاب‭ ‬أو‭ ‬التخطيط‭ ‬لهجمات‭ ‬إرهابية،‭ ‬وفي‭ ‬هذه‭ ‬المرحلة‭ ‬تبدأ‭ ‬التحريات‭ ‬الجنائية‭. ‬وهناك‭ ‬عدة‭ ‬محددات‭ ‬لتلك‭ ‬الطريقة،‭ ‬أولها‭ ‬أن‭ ‬عملية‭ ‬تقدير‭ ‬المخاطر‭ ‬ليست‭ ‬أمرًا‭ ‬يسيرًا،‭ ‬بما‭ ‬يعني‭ ‬أن‭ ‬النتائج‭ ‬السلبية‭ ‬الخاطئة‭ ‬تمثل‭ ‬احتمالية‭ ‬حقيقية‭. ‬وثانيها‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬الطريقة‭ ‬تضع‭ ‬عبئًا‭ ‬كبيرًا‭ ‬على‭ ‬عاتق‭ ‬أجهزة‭ ‬الأمن،‭ ‬ومن‭ ‬الممكن‭ ‬أن‭ ‬يخضع‭ ‬عدد‭ ‬كبير‭ ‬جدًا‭ ‬من‭ ‬المقاتلين‭ ‬السابقين‭ ‬للمراقبة‭ ‬الفعالة‭. ‬أما‭ ‬الثالثة‭ ‬فهي‭ ‬التساؤل‭ ‬بشأن‭ ‬المدة‭ ‬التي‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تستمر‭ ‬فيها‭ ‬المراقبة‭ ‬اللصيقة‭ ‬والطريقة‭ ‬التي‭ ‬ينبغي‭ ‬أن‭ ‬تتم‭ ‬بها،‭ ‬ولهذا‭ ‬لا‭ ‬تعد‭ ‬الوسائل‭ ‬الوقائية‭ ‬وحدها‭ ‬كافية‭ ‬للتخفيف‭ ‬من‭ ‬خطر‭ ‬التهديدات‭.‬
تشمل‭ ‬الخيارات‭ ‬الإقناعية‭ ‬للسيطرة‭ ‬على‭ ‬المقاتلين‭ ‬الأجانب‭ ‬العائدين‭ ‬برامج‭ ‬لاستئصال‭ ‬التطرف‭. ‬وتوجد‭ ‬هذه‭ ‬البرامج‭ ‬بعدة‭ ‬أشكال‭ ‬سواء‭ ‬في‭ ‬البلدان‭ ‬المسلمة‭ ‬أو‭ ‬غير‭ ‬المسلمة،‭ ‬لكن‭ ‬القليل‭ ‬منها‭ ‬هو‭ ‬ما‭ ‬أنشيء‭ ‬خصيصًا‭ ‬لاستئصال‭ ‬تطرف‭ ‬المقاتلين‭ ‬المتطرفين‭ ‬السابقين‭. ‬ومن‭ ‬الاستثناءات‭ ‬البارزة‭ ‬في‭ ‬تلك‭ ‬البرامج‭ ‬برنامج‭ ‬المملكة‭ ‬العربية‭ ‬السعودية‭ ‬والذي‭ ‬يشتمل‭ ‬تاريخيًا‭ ‬على‭ ‬ثلاثة‭ ‬أقسام‭ ‬منفصلة‭: ‬المعتدون‭ ‬على‭ ‬الأمن‭ ‬الداخلي،‭ ‬والمقبوض‭ ‬عليهم‭ ‬أثناء‭ ‬محاولتهم‭ ‬التوجه‭ ‬للقتال‭ ‬في‭ ‬مناطق‭ ‬الصراعات‭ ‬الخارجية‭ ‬أو‭ ‬العائدين‭ ‬من‭ ‬القتال‭ ‬في‭ ‬مناطق‭ ‬النزاعات‭ ‬كالعراق‭ ‬واليمن،‭ ‬والمعتقلين‭ ‬السابقين‭ ‬في‭ ‬جوانتانامو‭.‬

Unipath_V6N4_ARA_Foreign-Fighters

ورغم‭ ‬التفرد‭ ‬الثقافي‭ ‬للوسيلة‭ ‬التي‭ ‬تتبعها‭ ‬كل‭ ‬بلد،‭ ‬فربما‭ ‬يكون‭ ‬هذا‭ ‬وقتًا‭ ‬مناسبًا‭ ‬لإعادة‭ ‬الاطلاع‭ ‬على‭ ‬البرنامج‭ ‬السعودي‭ ‬مع‭ ‬تركيز‭ ‬خاص‭ ‬على‭ ‬الدروس‭ ‬المستفادة‭ ‬من‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬المقاتلين‭ ‬الأجانب‭. ‬وقد‭ ‬يكون‭ ‬من‭ ‬الأفضل‭ ‬الجمع‭ ‬بين‭ ‬ذلك‭ ‬وبين‭ ‬دراسة‭ ‬مبادرات‭ ‬نزع‭ ‬السلاح‭ ‬والتسريح‭ ‬وإعادة‭ ‬الاندماج‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬برامج‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬المقاتلين‭ ‬السابقين‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬أنحاء‭ ‬العالم‭. ‬كما‭ ‬ينبغي‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬الهدف‭ ‬النهائي‭ ‬للوسائل‭ ‬الإقناعية‭ ‬عند‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬المقاتلين‭ ‬الأجانب‭ ‬العائدين‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬يمتنعوا‭ ‬عن‭ ‬الترويج‭ ‬لأعمال‭ ‬العنف‭ ‬أو‭ ‬ارتكابها،‭ ‬وأن‭ ‬يندمجوا‭ ‬مرة‭ ‬أخرى‭ ‬في‭ ‬مجتمعهم‭ ‬بشكل‭ ‬سلمي‭. ‬وبناء‭ ‬على‭ ‬ذلك‭ ‬تتحدد‭ ‬إمكانية‭ ‬أو‭ ‬عدم‭ ‬إمكانية‭ ‬لعب‭ ‬برامج‭ ‬استئصال‭ ‬التطرف‭ ‬المتخصصة‭ ‬هذا‭ ‬الدور‭. ‬وينبغي‭ ‬على‭ ‬السلطات‭ ‬كذلك‭ ‬الاستفادة‭ ‬من‭ ‬الخدمات‭ ‬الصحية‭ ‬والاجتماعية‭ ‬الأساسية‭ ‬والعمل‭ ‬مع‭ ‬المجتمعات‭ ‬المحلية‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬إيجاد‭ ‬أنسب‭ ‬الحلول‭.‬
وفي‭ ‬النهاية‭ ‬من‭ ‬الضروري‭ ‬الاعتراف‭ ‬بأن‭ ‬مواجهة‭ ‬تهديدات‭ ‬المقاتلين‭ ‬الأجانب‭ ‬تعتمد‭ ‬على‭ ‬تبادل‭ ‬المعلومات‭ ‬والتنسيق‭ ‬بين‭ ‬الجهود،‭ ‬وهو‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬سلطت‭ ‬هجمات‭ ‬باريس‭ ‬في‭ ‬نوفمبر‭ ‬2015‭ ‬الضوء‭ ‬عليه‭ ‬مرة‭ ‬أخرى‭. ‬وإذا‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬الهيئات‭ ‬الحكومية‭ ‬وغير‭ ‬الحكومية‭ ‬المعنية‭ ‬على‭ ‬علم‭ ‬بهوية‭ ‬الإرهابيين‭ ‬المحتملين‭ ‬فلن‭ ‬تنجح‭ ‬إطلاقًا‭ ‬الخطوات‭ ‬الساعية‭ ‬إلى‭ ‬منع‭ ‬التهديدات‭ ‬والسيطرة‭ ‬عليها‭ ‬والتخفيف‭ ‬من‭ ‬حدتها‭.‬

Comments are closed.