الصناعات الدفاعية المحلية By Unipath On Jan 24, 2018 Share الأردن والإمارات العربية المتحدة تحتلان مركز الصدارة في تصنيع المعدات العسكرية محليًا طرح صاحب الجلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين، العاهل الأردني، سؤالًا على الحضور في خطاب ألقاه في واشنطن العاصمة في عام 2017 قائلًا: “ما هو شكل العالم الذي نريده، ليس لأنفسنا فحسب، بل ولأطفالنا أيضًا؟” وهو ما استرعى الانتباه سريعًا إلى ضرورة مكافحة التطرف العنيف. ويمكن لمس هذه الضرورة الملحة بشكل قوي في الأردن– حيث تحدها كلٌ من سوريا والعراق اللتين مزقتهما الصراعات – وهو ما يستلزم أيضًا النظر في قطاع الدفاع في أماكن مثل دولة الإمارات العربية المتحدة. وفي إطار جهود الدولتين الرامية إلى إعداد القوات المسلحة بغية إنجاز هذه المهمة، تعمل كلٌ من عمّان وأبوظبي على رعاية الصناعات الدفاعية المحلية سعيًا إلى تطوير الاقتصاد وتوفير فرص عمل عالية القيمة وتعزيز الشراكات الدولية لكلتا الدولتين. في ضوء ذلك، صرح عبد الله السلمان، مدير التسويق والاتصالات في مكتب الملك عبد الله الثاني للتصميم والتطوير (كادبي)، قائلاً: “لدينا في الأردن مهندسون رائعون جدًا من أصحاب التعليم المتميز، وهو ما يمثل إحدى نقاط قوتنا الرئيسية، إذ إننا نمتلك موارد بشرية مذهلة مقارنةً بحجم دولتنا الصغير.” مضيفًا بقوله: “إننا نفخر بتميزنا في مجالات الدراسات التي تخدم هندسة الدفاع بشكل جيد.” التقدم الذي أحرزته الأردن يعد مركز الملك عبدالله الثاني للتصميم والتطوير (كادبي) -المملوك للدولة- أحد الأسباب الرئيسية في تقدم الصناعات الدفاعية المحلية في الأردن بالإضافة إلى مساهمته في تأسيس مشاريع مشتركة مع شركات أجنبية في قطاع الصناعات الدفاعية لإصدار منتجات مثل المركبات المدرعة ومعدات الحماية الشخصية والمواد الغذائية العسكرية والذخيرة وأنظمة الرؤية الليلية والتصوير الحراري. وينضم للشركات الأردنية العاملة تحت مظلة مركز الملك عبدالله الثاني للتصميم والتطوير (كادبي) شركاء من دول عديدة مثل الإمارات العربية المتحدة والولايات المتحدة والمملكة المتحدة واليابان وجنوب إفريقيا والسويد وتركيا والصين بمنطقة كادبي الصناعية الواقعة على حدود عمّان. وتستفيد الشركات العاملة في منطقة كادبي الصناعية من مجموعة من الحوافز الاستثمارية والإعفاءات الضريبية والخدمات المتعلقة بالبنية التحتية والاتصالات. هذا وقد صرح جيم جونسون، مدير ومستشار بشركة بلاكستون جلوبال سيكيوريتي، ليونيباث في مقابلة صحفية عُقدت في مكتبه في عمّان قائلًا: “لقد أتاحت كادبي فرصًا للمهندسين الشباب في الأردن بالتأكيد، لا سيمًا أولئك الذين يطمحون إلى العمل في قطاع الدفاع؛ نظرًا لتوفر جميع الإمكانيات التي يتمناها أي مهندس بالإضافة إلى كل ما يلزم لإجراء بحوث واختبارات بشأن التقنيات الحديثة، بحيث يتمكن المهندسون الشباب من تطبيق مهاراتهم، فضلًا عن اكتساب خبرات جديدة.” جلالة الملك عبد الله الثاني بن الحسين يقوم بتوزيع وجبات من إنتاج كادبي. كادبي وأضاف جونسون أن القوات المسلحة الأردنية وقوات الدرك والشرطة الأردنية ومديرية الدفاع المدني هي أكبر عملاء كادبي، قائلاً: “أعتقد أنهم يعتزون أشد الاعتزاز بكونهم أردنيين يستخدمون منتجات أردنية، وهو ما يعني الكثير بالنسبة لهم، علاوةً على أنه يحافظ على النفقات المخصصة للقطاع الدفاعي داخل البلاد ويساعد في تطوير الصناعة المحلية.” هذا وتشمل القدرات المتوفرة في كادبي البحث والتطوير والاختبار والتصنيع والتحديث وإدخال تعديلات على مجموعة واسعة من المنتجات والنظم الدفاعية التي تغطي خمس مجموعات هي: الأنظمة البرية والأنظمة الذكية والأسلحة والذخيرة والقوات والإلكترونيات/الإلكترونيات الكهروضوئية. وأردف جونسون “إن كادبي هو الأفضل في الواقع في إنتاج التطبيقات العسكرية المتعلقة بالقتال الحركي، ويقتصر اعتماده على التقنيات والواردات الخارجية على الأجهزة الإلكترونية وأجهزة المراقبة وتكامل تلك الأنظمة.” ومن أمثلة التعاون بين كادبي وبعض الشركاء الدوليين المدرعة الأردنية مبومبي، وهي مدرعة مهيبة صالحة للمناطق الوعرة يمكن استخدامها كمركبة مشاة قتالية وكحاملة جنود تستوعب 12 راكبًا. وقد أُنتجت هذه المدرعة بالتعاون بين كادبي ومجموعة باراماونت في جنوب إفريقيا، وهي قائمة في الأساس على تصميم جنوب إفريقي وأدخل عليها كادبي بعض التعديلات لتتناسب مع ظروف التشغيل المحلية. في إطار ذلك، يقول آيفور إيشيكويتز، رئيس ومؤسس بارامونت: “قد تكون هذه المركبة هي أول مركبة مسطحة ومضادة للألغام معتمدة في العالم. يتخطى التعاون بيننا وبين كادبي كون القوات المسلحة الأردنية مجرد عميل، فنحن نقوم بإنتاج هذه المركبات في الأردن، كما أننا سنوفرها للعملاء الآخرين في الشرق الأوسط. وأنوّه إلى أن هذه الشراكة الصناعية تُعد امتدادًا لشراكات أخرى كانت بيننا وبين كادبي في الماضي.” وأوضح إيشيكويتز أن المركبة يجري إنتاجها فى منطقة كادبي الصناعية فى الأردن بمكونات يقدمها شركاء آخرون لكادبي مثل شركة الصناعات الدفاعية التركية أسيلسان. وقد بيّن أن مهندسي كادبي هم من قاموا بتصنيع برج المركبة. هذا وقد صرّح إيشيكويتز قائلاً: “هذا البرج المكشوف بسيط نسبيًا ولكنه جيد الإنتاج، إنه برج فعال من حيث التكلفة وعالي الكفاءة للغاية، ومن ثم فلن ندمجه في المركبات الأردنية فحسب؛ بل في جميع المركبات التي نوردها إلى المناطق الأخرى في العالم.” يستفيد الجنود الذين يتوقون إلى الأطباق المحلية، مثل طبق المنسف الأردني التقليدي، من الشراكات متعددة الجنسيات الأخرى؛ فقد استعانت كادبي، في إطار سعيها لتوفير وجبات تحمل شهادة حلال رسمية – أي مطابقة للقواعد الغذائية الإسلامية – بخدمات مجموعة براهيمز الماليزية العملاقة للأغذية- من أجل إنتاج حصص تغذية ميدانية تتناسب مع الأطباق الأردنية. وقد أدى النجاح المحلي لهذه التجربة إلى قيام كادبي بتسويق الوجبات في المعارض التجارية في الخارج للقوات المسلحة للبلدان الإسلامية الأخرى. في هذا الصدد، صرّح السلمان بقوله: “إنها لا تحتاج إلى ظروف تخزين خاصة ولها مدة صلاحية تصل إلى عامين. لقد حلت كثيرًا من المشاكل ليس بالنسبة لنا فحسب، بل ولعملائنا في البلدان المجاورة أيضًا” وأضاف “إن هذه الحصص الغذائية مفيدة للغاية حيث يمكن استخدامها في العديد من الظروف، على سبيل المثال، عند تدفق أعداد كبيرة من اللاجئين الجائعين أو في فترات العام التي تحتاج فيها إلى تقديم الطعام إلى أعداد كبيرة للغاية مثل الحج أو في شهر رمضان.” هذا وقد أشاد جونسون بنجاح كادبي في ضم العديد من الشركاء الدوليين بالإضافة إلى أستقطاب عملاء من الخارج. وقال “إنهم يقومون بعمل رائع في القيام بالزيارات واستضافة الأشخاص والمشاركة في مثل هذه الفعاليات مثل معرض آيدكس أومؤتمر التعاقد الدفاعي الضخم الذي يُعقد كل عامين في دولة الإمارات العربية المتحدة.” ”وتستضيف الأردن كذلك معرض قوات العمليات الخاصة (سوفكس) كل عامين، وقد كان عرض كادبي في هذا المعرض مذهلًا، فهم يبذلون قصارى جهدهم ويحثون الأشخاص والمنظمات على المشاركة في هذه الفعالية. وقد يمثل تجمع هذا العدد الكبير من الشركاء المتنافسين بعض الصعوبة، إلا أنه يبدو أنهم يتجنبون الخلافات عند التواجد في كادبي.” النجاح في الإمارات العربية المتحدة بحسب تصريحات السيد كريم شودري، المدير المحلي السابق لشركة “بي آي إي سيستمز” ومالك شركة “الأمين” المتخصصة في الأبحاث السوقية المعنية بالصناعات الدفاعية في دبي وخبير الصناعات المحلية، فإن الإمارات العربية المتحدة تعكف حاليًا على إعادة تطوير الصناعات الدفاعية لديها لتلبية احتياجات الأمن الداخلي والأمن السيبراني والبنية التحتية الوطنية الأساسية والاستقرار الإقليمي مع تحقيق الاستفادة القصوى من مقوماتها وبنيتها التحتية. وصرح شودري عبر الهاتف من مكتبه في دبي قائلاً: ” يُعد الإنتاج المحلي والتوظيف داخل قطاع الدفاع في الإمارات أمرًا بالغ الأهمية لنجاح أي عرض يُقدّم للجيش الإماراتي”. وتابع “إنهم يدركون أنه لا يمكن إنتاج كل شيء محليًا، إلا أن مكان إنتاج هذه الأنظمة، سواء كان إنتاجًا جزئيًا أم تجميعًا محليًا، هو الأمر المعني في هذه الحالة.” وأضاف شودري أن الإمارات العربية المتحدة تعتبر نفسها قاعدة تصدير محتملة للشركات الأجنبية التي تسعى للاستفادة من عرض التصنيع والتصدير المعفي من الضرائب الذي تقدمه البلاد، مثلها في ذلك مثل الأردن. جدير بالذكر أن هناك مشروعًا مشتركًا بين شركة أبوظبي لبناء السفن وشركة رايثيون، إحدى أكبر الشركات المتعاقدة مع وزارة الدفاع أمريكية، حيث سيتولى الشريكان تركيب صواريخ رايثيون البحرية في الخليج وصيانتها وإعادة توثيقها، تلك الصواريخ المستخدمة في سفن الحراسة الإماراتية من طراز “بينونة” وغيرها من السفن. وهناك مسار تعاوني آخر بين الشريكين يتمثل في المركز العسكري المتطور للصيانة والرفع، المعروف أيضا باسم أمروك، وهو مشروع مشترك تملكه شركة مبادلة للطيران وشركة سيكورسكي للطائرات وشركة لوكهيد مارتن في الإمارات العربية المتحدة. وأكد شودري على تفضيل الإمارات العربية المتحدة التاريخي لشركاء الدفاع الأمريكيين، لكنه أشار إلى وجود بعض التغييرات في الفكر. وأردف “لقد شهد العقد الماضى تحولاً هائلًا فى المنهج الدفاعي الإماراتي حيث اتجهت الإمارات إلى تحقيق مزيد من الاكتفاء الذاتي، وكانت مبادلة هي الشركة الرائدة في هذا الاتجاه، إلا أن شركات جديدة كانت قد ظهرت في السنوات الخمس إلى العشر الأخيرة.” يُذكر أن شركة مبادلة هي شركة قابضة مملوكة للدولة في دولة الإمارات، تملك محفظة استثمارية تتخطى حاجز 65 مليار دولار أمريكي. وتصف الشركة نفسها بأنها “مستثمر نشط في القطاعات والمناطق الجغرافية ذات العروض القيمة طويلة الأجل، وتعمل في شراكات مع منظمات عالمية لإنشاء مشروعات مشتركة وإدارتها.” أما عن رئيس الشركة فهو الفريق أول سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة الإماراتية. وقال شودري “إن مبادلة كانت الشركة الدفاعية الأساسية في الإمارات، إلا أن الأمر اليوم يتخطى مجرد قضية الدفاع، ومن ثم فإنها تحاول تجاوز قدراتها الدفاعية وتجديد علامتها التجارية وخلق فرص جديدة.” ومن أبرز هذه الجهود شركة الإمارات للصناعات العسكرية (إديك) التي أسستها مبادلة في عام 2014 كوسيلة لإنشاء شراكات مع الشركات الأجنبية وإعادة ترتيب الأجزاء المفكّكة من قطاع الصناعة الدفاعية في أبوظبي بكفاءة. ويضم مجلس إدارة شركة إديك أعضاءً من الديوان الأميري في دولة الإمارات وضباطًا عسكريين رفيعي المستوى. هذا وتعد مهمة الشركة مماثلةً لمهمة كادبي في الأردن. التطلع إلى الأمام في ظل استمرار التهديدات الأمنية في الشرق الأوسط، تتطلع الأردن والإمارات إلى التأكيد على أن تعزيز الدفاع الوطني والتنمية الاقتصادية، وبقدر قليل من الإبداع والعمل بروح الفريق سيسيران بخطى ثابتة. في سياق ذلك، صرح جلالة الملك عبد الله في خطابه في واشنطن عام 2017، قائلاً: “لا يمكن لعالمنا أن يقبل العنف والحرمان والخوف الذي نشهده حاليًا، علينا جميعا أن نعمل في ساحة المعركة وخارجها.” Share
Comments are closed.