الثبات في مواجهة الأزمات

إن‭ ‬القيادة‭ ‬العسكرية‭ ‬فن‭ ‬يتطلب‭ ‬تحمل‭ ‬مسؤوليات‭ ‬ومواجهة‭ ‬تحديات،‭ ‬وقد‭ ‬وُهب‭ ‬القادة‭ ‬العظام‭ ‬صفات‭ ‬فريدة‭ ‬كبعد‭ ‬النظر‭ ‬والذكاء‭ ‬والشجاعة،‭ ‬والعميد‭ ‬جاسم‭ ‬أحمد‭ ‬المهندي،‭ ‬قائد‭ ‬مركز‭ ‬الدفاع‭ ‬الوطني‭ ‬وإدارة‭ ‬الأزمات‭ ‬القطري‭ ‬هو‭ ‬واحد‭ ‬من‭ ‬أولئك‭ ‬القادة‭.‬
بدأ‭ ‬العميد‭ ‬جاسم‭ ‬المهندي‭ ‬حياته‭ ‬في‭ ‬السلك‭ ‬العسكري‭ ‬كضابط‭ ‬في‭ ‬سلاح‭ ‬الدروع‭ ‬بعد‭ ‬تخرجه‭ ‬من‭ ‬كلية‭ ‬الدفاع‭ ‬الوطني‭ ‬الملكية‭ ‬الأردنية‭ ‬وأكاديمية‭ ‬ناصر‭ ‬للعلوم‭ ‬العسكرية‭ ‬بمصر‭. ‬تمكن‭ ‬بفضل‭ ‬مهنيته‭ ‬من‭ ‬إدارة‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬التدريبات‭ ‬العسكرية‭ ‬متعددة‭ ‬الجنسيات‭ ‬مثل‭ “‬حسم‭ ‬العقبان‭” ‬و‭”‬الصقر‭ ‬الجارح‭” ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬مشاركته‭ ‬في‭ ‬تدريبات‭ “‬النجم‭ ‬الساطع‭” ‬المصرية‭.‬
ويفتخر‭ ‬العميد‭ ‬جاسم‭ ‬المهندي‭ ‬بتأمين‭ ‬دورة‭ ‬الألعاب‭ ‬الآسيوية‭ ‬الخامسة‭ ‬عشر‭ (‬أسياد‭) ‬التي‭ ‬أقيمت‭ ‬على‭ ‬أرض‭ ‬إستاد‭ ‬خليفة‭ ‬الدولي‭ ‬في‭ ‬ديسمبر‭ ‬2006‭ ‬حيث‭ ‬كانت‭ ‬الدوحة‭ ‬هي‭ ‬أول‭ ‬دولة‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬تستضيف‭ ‬الألعاب‭ ‬الأوليمبية‭ ‬واعتمدت‭ ‬فيها‭ ‬على‭ ‬مهارة‭ ‬العميد‭ ‬جاسم‭ ‬المهندي‭.‬
وقال‭ ‬العميد‭ ‬جاسم‭ ‬المهندي‭: “‬تعتبر‭ ‬بطولة‭ ‬الألعاب‭ ‬الآسيوية‭ ‬واحدة‭ ‬من‭ ‬أكبر‭ ‬الفعاليات‭ ‬الرياضية‭ ‬في‭ ‬المنطقة،‭ ‬والأولى‭ ‬من‭ ‬نوعها‭ ‬التي‭ ‬تستضيفها‭ ‬دولة‭ ‬عربية‭ ‬وحضرها‭ ‬عشرات‭ ‬الآلاف‭ ‬من‭ ‬المشجعين‭ ‬من‭ ‬جميع‭ ‬أنحاء‭ ‬العالم،‭ ‬وقد‭ ‬تولى‭ ‬مركزنا‭ ‬مسؤولية‭ ‬تأمين‭ ‬جميع‭ ‬المنشآت‭ ‬وتأمين‭ ‬الطرق‭ ‬ووضع‭ ‬خطة‭ ‬طوارئ‭ ‬وتيسير‭ ‬حركة‭ ‬المرور،‭ ‬وقد‭ ‬كللت‭ ‬جميع‭ ‬جهودنا‭ ‬بفضل‭ ‬الله‭ ‬بالنجاح‭ ‬الكامل،‭ ‬ولم‭ ‬تقع‭ ‬أي‭ ‬مخالفات‭ ‬أو‭ ‬حوادث‭ ‬أمنية‭.”‬
وقد‭ ‬لعب‭ ‬العميد‭ ‬جاسم‭ ‬أحمد‭ ‬المهندي‭ ‬على‭ ‬مدار‭ ‬العامين‭ ‬الماضيين‭ ‬دورًا‭ ‬مهمًا‭ ‬في‭ ‬إدارة‭ ‬تدريبات‭ “‬الصقر‭ ‬الجارح‭ ‬4‭” ‬وحاز‭ ‬تقدير‭ ‬البلدان‭ ‬التي‭ ‬بلغ‭ ‬عددها‭ ‬27‭ ‬بلدًا‭ ‬التي‭ ‬شاركت‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬التدريب‭ ‬العسكري‭ ‬المهم‭ ‬عام‭ ‬2015،‭ ‬وتتعلق‭ ‬بالتعامل‭ ‬مع‭ ‬أمور‭ ‬مثل‭ ‬تأمين‭ ‬الملاعب‭ ‬الرياضية‭ ‬الرياضية‭ ‬ومكافحة‭ ‬القرصنة‭ ‬البحرية‭ ‬وحوادث‭ ‬الطائرات‭ ‬والكوارث‭ ‬الطبيعية‭ ‬وتسربات‭ ‬المواد‭ ‬الكيماوية‭ ‬والتهديدات‭ ‬الموجهة‭ ‬للبنية‭ ‬التحتية‭ ‬الحيوية‭.‬
ويرى‭ ‬العميد‭ ‬جاسم‭ ‬المهندي‭ ‬أن‭ ‬الشراكة‭ ‬الدولية‭ ‬أمر‭ ‬ضروري‭ ‬لمواجهة‭ ‬التحديات‭ ‬الأمنية‭ ‬في‭ ‬المنطقة،‭ ‬ولهذا‭ ‬جذبت‭ ‬تدريبات‭ “‬الصقر‭ ‬الجارح‭” ‬قوات‭ ‬من‭ ‬البلدان‭ ‬الشريكة‭ ‬مثل‭ ‬الكويت‭ ‬وباكستان‭. ‬وقد‭ ‬جاءت‭ ‬مشاركة‭ ‬الجهات‭ ‬الحكومية‭ ‬الأخرى‭ – ‬مثل‭ ‬وزارة‭ ‬الداخلية‭ ‬وقوة‭ ‬الأمن‭ ‬الداخلي‭ ‬القطرية‭ (‬لخويا‭) ‬وقوات‭ ‬الأمن‭ – ‬على‭ ‬نفس‭ ‬القدر‭ ‬من‭ ‬الأهمية‭.‬
وأوضح‭ ‬العميد‭ ‬المهندي‭ ‬أن‭ “‬المنطقة‭ ‬تحتاج‭ ‬إلى‭ ‬هذه‭ ‬الأنواع‭ ‬من‭ ‬التدريبات‭ ‬العسكرية‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬توحيد‭ ‬عقيدتنا‭ ‬القتالية‭ ‬وتبادل‭ ‬الخبرات‭ ‬بين‭ ‬عدد‭ ‬كبير‭ ‬من‭ ‬المشاركين،‭ ‬فبعض‭ ‬الدول‭ ‬المشاركة‭ ‬لها‭ ‬باع‭ ‬كبير‭ ‬في‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬الكوارث‭ ‬الطبيعية‭ ‬نظرًا‭ ‬لمواقعها‭ ‬الجغرافية‭ ‬أو‭ ‬تعرضها‭ ‬لكوارث‭ ‬حقيقية‭ ‬نحتاجها‭ ‬لتعزيز‭ ‬معارفنا‭. ‬
لا‭ ‬توجد‭ ‬دولة‭ ‬تستطيع‭ ‬بمفردها‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬التهديدات‭ ‬الحالية‭ ‬بل‭ ‬نحتاج‭ ‬جميعًا‭ ‬إلى‭ ‬تعاون‭ ‬الخبراء‭ ‬والمستشارين‭ ‬الموجودين‭ ‬لدى‭ ‬حلفائنا،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬أهمية‭ ‬المشاركة‭ ‬الدولية‭ ‬للتغلب‭ ‬على‭ ‬التهديدات‭ ‬الأمنية‭ ‬التي‭ ‬تواجه‭ ‬المنطقة‭. ‬ومن‭ ‬المهم‭ ‬جدًا‭ ‬إشراك‭ ‬كل‭ ‬الدول‭ ‬ذات‭ ‬التأثير‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬التدريبات‭ ‬حتى‭ ‬يستطيع‭ ‬كل‭ ‬المشاركين‭ ‬الاستفادة‭ ‬من‭ ‬مشاركتهم‭ ‬في‭ ‬التخطيط‭ ‬والتنفيذ‭.” ‬
لم‭ ‬يقتصر‭ ‬دور‭ ‬العميد‭ ‬جاسم‭ ‬المهندي‭ ‬على‭ ‬التنسيق‭ ‬بين‭ ‬الوحدات‭ ‬العسكرية‭ ‬القطرية‭ ‬والقوات‭ ‬المنتمية‭ ‬للدول‭ ‬المجاورة‭ ‬والصديقة‭ ‬والحليفة،‭ ‬بل‭ ‬شملت‭ ‬مسؤولياته‭ ‬إشراك‭ ‬السكان‭ ‬المحليين‭ ‬لضمان‭ ‬ألا‭ ‬تسبب‭ ‬التحركات‭ ‬العسكرية‭ ‬ومناورات‭ ‬الجنود‭ ‬وأصوات‭ ‬الانفجارات‭ ‬المستمرة‭ ‬أي‭ ‬إزعاج،‭ ‬وطلب‭ ‬من‭ ‬المواطنين‭ ‬التعاون‭ ‬مع‭ ‬قوات‭ ‬الأمن‭ ‬لضمان‭ ‬نجاح‭ ‬التدريب‭ ‬حيث‭ ‬أنهم‭ ‬أحد‭ ‬خطوط‭ ‬الدفاع‭ ‬غير‭ ‬المباشرة‭ ‬عن‭ ‬الوطن‭.‬
وقد‭ ‬حازت‭ ‬تدريبات‭ “‬الصقر‭ ‬الجارح‭ ‬4‭” ‬على‭ ‬تقدير‭ ‬وزير‭ ‬الدولة‭ ‬القطري‭ ‬لشؤون‭ ‬الدفاع‭ ‬الفريق‭ ‬الركن‭ ‬حمد‭ ‬بن‭ ‬علي‭ ‬العطية،‭ ‬والفريق‭ ‬الركن‭ ‬غانم‭ ‬بن‭ ‬شاهين‭ ‬الغانم‭ ‬رئيس‭ ‬أركان‭ ‬القوات‭ ‬المسلحة‭ ‬وقائد‭ ‬التدريب،‭ ‬والفريق‭ ‬الركن‭ ‬عبد‭ ‬الله‭ ‬جمعان‭ ‬الحمد‭ ‬مساعد‭ ‬وزير‭ ‬الدولة‭ ‬لشؤون‭ ‬الدفاع‭ ‬للتعاون‭ ‬العسكري‭ ‬والتنسيق‭ ‬والمتابعة‭.‬
واختتم‭ ‬التدريب‭ ‬بحلقة‭ ‬نقاشية‭ ‬ترأسها‭ ‬صاحب‭ ‬السمو‭ ‬الشيخ‭ ‬تميم‭ ‬بن‭ ‬حمد‭ ‬آل‭ ‬ثاني‭ ‬أمير‭ ‬دولة‭ ‬قطر‭ ‬وحضرها‭ ‬كبار‭ ‬القادة‭ ‬ناقش‭ ‬فيها‭ ‬الحضور‭ ‬إجراءات‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬الكوارث،‭ ‬وإدارة‭ ‬الأزمات،‭ ‬وعمليات‭ ‬الإنقاذ،‭ ‬ومكافحة‭ ‬الإرهاب،‭ ‬والقرصنة‭ ‬البحرية،‭ ‬والمناورات‭ ‬المشتركة‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬الموضوعات‭.‬
وقد‭ ‬أبدى‭ ‬الضباط‭ ‬الميدانيون‭ ‬حرصهم‭ ‬على‭ ‬الحد‭ ‬ن‭ ‬الخسائر‭ ‬الجانبية‭ ‬سواءً‭ ‬كانت‭ ‬في‭ ‬الأفراد‭ ‬أو‭ ‬المعدات‭ ‬فالقائد‭ ‬الناجح‭ ‬هو‭ ‬من‭ ‬يستطيع‭ ‬تحقيق‭ ‬أهدافه‭ ‬بخسائر‭ ‬محدودة‭. ‬وقد‭ ‬حاز‭ ‬العميد‭ ‬جاسم‭ ‬المهندي‭ ‬شرف‭ ‬قيادة‭ ‬هذا‭ ‬التدريب‭ ‬الكبير‭ ‬دون‭ ‬وقوع‭ ‬أي‭ ‬خسائر‭ ‬في‭ ‬صفوف‭ ‬القوات‭ ‬المشاركة‭.‬
ويرجع‭ ‬الفضل‭ ‬في‭ ‬نجاح‭ ‬التخطيط‭ ‬والإعداد‭ ‬لهذا‭ ‬التدريب‭ ‬إلى‭ ‬الاهتمام‭ ‬بالتفاصيل‭ ‬التي‭ ‬ثبتت‭ ‬أهميتها‭ ‬أثناء‭ ‬التعاون‭ ‬بين‭ ‬القوات‭ ‬المشاركة‭ ‬والقدرة‭ ‬على‭ ‬دعم‭ ‬الوحدات‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬إنجاز‭ ‬مهامها‭ ‬بدقة‭. ‬

Comments are closed.