استقرار الأقاليم القبلية

الجيش‭ ‬الباكستاني‭ ‬يحارب‭ ‬الإرهاب‭ ‬المتطرف‭ ‬قرب‭ ‬الحدود‭ ‬الأفغانية

عميد‭ ‬بحري‭ ‬متقاعد‭ ‬بيرفايز‭ ‬أصغر،‭ ‬البحرية‭ ‬الباكستانية

أُنشئِت‭ ‬المناطق‭ ‬القبلية‭ ‬الخاضعة‭ ‬للإدارة‭ ‬الاتحادية‭ ‬في‭ ‬باكستان‭ ‬عام‭ ‬1849‭ ‬لتكون‭ ‬حاجزًا‭ ‬بين‭ ‬الهند‭ ‬البريطانية‭ ‬وأفغانستان،‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬الذي‭ ‬كانت‭ ‬فيه‭ ‬أفغانستان‭ ‬نفسها‭ ‬في‭ ‬مرحلة‭ ‬ضعف‭ ‬بسبب‭ ‬الغزوات‭ ‬والإعانات‭ ‬المالية‭ ‬والدبلوماسية‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬إبعاد‭ ‬روسيا‭ ‬القيصرية‭.‬

وقد‭ ‬أدت‭ ‬حالة‭ ‬القلق‭ ‬التي‭ ‬شعرت‭ ‬بها‭ ‬الهند‭ ‬البريطانية‭ ‬حيال‭ ‬الطموحات‭ ‬الإقليمية‭ ‬لروسيا‭ ‬إلى‭ ‬اعترافها‭ ‬بإمارة‭ ‬أفغانستان‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬الاعتراف‭ ‬الرسمي‭ ‬بالحد‭ ‬الفاصل‭ ‬بينهما‭ ‬المعروف‭ ‬باسم‭ “‬خط‭ ‬ديورند‭” ‬الذي‭ ‬رسمه‭ ‬الدبلوماسي‭ ‬البريطاني‭ ‬السير‭ “‬مارتيمور‭ ‬ديورند‭” ‬والأمير‭ ‬الأفغاني‭ ‬عبدالرحمن‭ ‬خان‭.‬

أدت‭ ‬معاهدة‭ ‬1919،‭ ‬المبرمة‭ ‬بين‭ ‬أفغانستان‭ ‬وبريطانيا‭ ‬بعد‭ ‬الحرب‭ ‬البريطانية‭ ‬الأفغانية‭ ‬الثالثة‭ ‬التي‭ ‬لم‭ ‬تُحسم‭ ‬نتيجتها‭ ‬لأي‭ ‬من‭ ‬الطرفين،‭ ‬والمعروفة‭ ‬أيضًا‭ ‬باسم‭ “‬معاهدة‭ ‬راولبندي‭”‬،‭ ‬إلى‭ ‬تشكيل‭ ‬بريطانيا‭ ‬لوحدة‭ ‬إدارية‭ ‬أخرى‭ ‬أطلقت‭ ‬عليها‭ ‬اسم‭ ‬مقاطعة‭ ‬الحدود‭ ‬الشمالية‭ ‬الغربية‭. ‬ولتسهيل‭ ‬الحكم‭ ‬بالمنطقة،‭ ‬قُسِمت‭ ‬المناطق‭ ‬القبلية‭ ‬التي‭ ‬اشتملت‭ ‬أيضًا‭ ‬على‭ ‬الولايتين‭ ‬الأميريتين‭ ‬دير‭ ‬وسوات‭ ‬إلى‭ ‬وكالات‭ ‬سياسية‭ ‬يقوم‭ ‬بإدارة‭ ‬كل‭ ‬منها‭ ‬مندوب‭ ‬سياسي‭ ‬يمارس‭ ‬سلطته‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬قادة‭ ‬محليين‭ (‬أو‭ ‬ملوك‭) ‬يجرى‭ ‬اختيارهم‭ ‬على‭ ‬أساس‭ ‬مدى‭ ‬ولائهم‭ ‬للإمبراطورية‭ ‬البريطانية‭.‬

وبينما‭ ‬كان‭ ‬هناك‭ ‬احترام‭ ‬ظاهري‭ ‬للعرف‭ ‬البشتوني‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬السماح‭ ‬بالمحاكمات‭ ‬على‭ ‬أيدي‭ ‬جيرغا‭ (‬هيئة‭ ‬من‭ ‬الأعيان‭ ‬المحليين‭)‬،‭ ‬تم‭ ‬تطبيق‭ ‬قانون‭ ‬لائحة‭ ‬الجرائم‭ ‬الحدوديّة‭ ‬بصورة‭ ‬وحشية،‭ ‬ويسمح‭ ‬القانون‭ ‬بالعقاب‭ ‬الجماعي‭ ‬على‭ ‬نطاق‭ ‬واسع،‭ ‬وذلك‭ ‬بهدف‭ ‬القضاء‭ ‬نهائيًا‭ ‬على‭ ‬أي‭ ‬إشارة‭ ‬من‭ ‬إشارات‭ ‬التمرد‭ ‬مهما‭ ‬كانت‭.‬

وهكذا‭ ‬استمر‭ ‬الحال‭ ‬حتى‭ ‬نالت‭ ‬باكستان‭ ‬استقلالها‭ ‬عن‭ ‬الحكم‭ ‬البريطاني،‭ ‬وباستثناء‭ ‬انسحاب‭ ‬جنود‭ ‬الجيش‭ ‬الباكستاني‭ ‬النظاميين‭ ‬من‭ ‬الوكالات‭ ‬القبائلية،‭ ‬لم‭ ‬يحدث‭ ‬أي‭ ‬تغيير‭ ‬جوهري‭ ‬فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بالحكم‭. ‬حيث‭ ‬سيطر‭ ‬كل‭ ‬مندوب‭ ‬سياسي‭ ‬معيَّن‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬الحكومة‭ ‬المركزية‭ ‬على‭ ‬قوة‭ ‬خاصة‭ ‬تتكون‭ ‬من‭ ‬نحو‭ ‬2000‭ ‬إلى‭ ‬3000‭ ‬خاسادرا‭ (‬أفراد‭ ‬الشرطة‭ ‬المحلية‭) ‬وجندي‭ ‬غير‭ ‬نظامي‭ ‬لتنفيذ‭ ‬أوامره،‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬الذي‭ ‬كانت‭ ‬فيه‭ ‬الحدود‭ ‬مراقبة‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬فيلق‭ ‬الحدود‭ ‬برئاسة‭ ‬ضباط‭ ‬الجيش‭.‬

جندي باكستاني يحرس استاد القذافي للكريكت في لاهور.
وكالة الأنباء الفرنسية/جيتي اميدجز

ويُشار‭ ‬إلى‭ ‬المناطق‭ ‬القبلية‭ ‬الخاضعة‭ ‬للإدارة‭ ‬الاتحادية‭ ‬بالعامية‭ ‬باسم‭ “‬ilaqa ghair‭” ‬باللغة‭ ‬الأردية‭ (‬وتعني‭ ‬الإقليم‭ ‬الأجنبي‭) ‬وهي‭ ‬صورة‭ ‬محلية‭ ‬من‭ “‬الغرب‭ ‬المتوحش‭” ‬في‭ ‬أمريكا‭. ‬وبما‭ ‬أن‭ ‬قانون‭ ‬الأحزاب‭ ‬السياسية‭ ‬لم‭ ‬يمتد‭ ‬تطبيقه‭ ‬قط‭ ‬إلى‭ ‬المناطق‭ ‬القبلية‭ ‬الخاضعة‭ ‬للإدارة‭ ‬الاتحادية،‭ ‬فإن‭ ‬كبار‭ ‬الشخصيات‭ ‬القبلية‭ ‬عادة‭ ‬ما‭ ‬يتم‭ ‬انتخابهم‭ ‬للبرلمان‭ ‬كأشخاص‭ ‬مستقلين‭ ‬يبيعون‭ ‬ولاءهم‭ ‬لصاحب‭ ‬العطاء‭ ‬الأفضل‭. ‬وقد‭ ‬أُطلِق‭ ‬العنان‭ ‬لرجال‭ ‬القبائل‭ ‬الأحرار‭ ‬الذين‭ ‬اعتمد‭ ‬أسلوب‭ ‬حياتهم‭ ‬على‭ ‬حمل‭ ‬السلاح،‭ ‬فلجأوا‭ ‬إلى‭ ‬تهريب‭ ‬البضائع‭ ‬واختطاف‭ ‬المركبات‭ ‬واختطاف‭ ‬الأشخاص‭ ‬لطلب‭ ‬الفدية‭ ‬في‭ ‬البر‭ ‬الباكستاني‭ ‬الرئيسي‭ ‬حتى‭ ‬أصبح‭ ‬ذلك‭ ‬وسيلتهم‭ ‬لكسب‭ ‬قوتهم‭. ‬

مكافحة‭ ‬التطرف

أدى‭ ‬الغزو‭ ‬السوفيتي‭ ‬لأفغانستان‭ ‬عام‭ ‬1979‭ ‬إلى‭ ‬دفع‭ ‬المناطق‭ ‬القبلية‭ ‬الخاضعة‭ ‬للإدارة‭ ‬الاتحادية‭ ‬في‭ ‬الصفوف‭ ‬الأمامية‭ ‬لطليعة‭ ‬حركة‭ ‬المقاومة‭. ‬وقد‭ ‬أدى‭ ‬التدفق‭ ‬الهائل‭ ‬للاجئين‭ ‬والمقاتلين‭ ‬الأفغان‭ ‬من‭ ‬مختلف‭ ‬أنحاء‭ ‬العالم‭ ‬الإسلامي‭ ‬إلى‭ ‬إنشاء‭ ‬عدد‭ ‬قياسي‭ ‬من‭ ‬المدارس‭ ‬التي‭ ‬يمولها‭ ‬السعوديون‭ ‬لتعليم‭ ‬المبادئ‭ ‬الدينية‭ ‬وإنشاء‭ ‬معسكرات‭ ‬للتدريب‭ ‬العسكري‭. ‬غزا‭ ‬المجاهدون‭ ‬أفغانستان‭ ‬عبر‭ ‬حدود‭ ‬المناطق‭ ‬القبلية‭ ‬الخاضعة‭ ‬للإدارة‭ ‬الاتحادية‭ ‬سهلة‭ ‬الاختراق‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬شن‭ ‬هجمات‭. ‬وفي‭ ‬المقابل‭ ‬استهدفت‭ ‬وكالة‭ ‬التجسس‭ ‬الأفغانية‭ ‬المشهورة‭ “‬خاد‭” ‬باكستان،‭ ‬وشنت‭ ‬حملات‭ ‬قصف‭ ‬موسعة‭ ‬على‭ ‬المدن‭ ‬الأفغانية‭ ‬الكبرى،‭ ‬ما‭ ‬أدى‭ ‬إلى‭ ‬انتشار‭ ‬الخراب‭ ‬بها‭.‬

وبمجرد‭ ‬أن‭ ‬لجأت‭ ‬مختلف‭ ‬فصائل‭ ‬المجاهدين‭ ‬الأفغان‭ ‬إلى‭ ‬قتال‭ ‬بعضها‭ ‬البعض‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬الحق‭ ‬في‭ ‬الحكم‭ ‬بعد‭ ‬الانسحاب‭ ‬الأحادي‭ ‬للاتحاد‭ ‬السوفيتي‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬1989،‭ ‬أيدت‭ ‬أربع‭ ‬دول‭ ‬وهي‭ ‬باكستان‭ ‬والسعودية‭ ‬والإمارات‭ ‬العربية‭ ‬المتحدة‭ ‬والولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬في‭ ‬البداية‭ ‬محاولة‭ ‬طالبان‭ ‬للوصول‭ ‬إلى‭ ‬السلطة‭ ‬تحت‭ ‬ذريعة‭ ‬الاستقرار‭. ‬وتهدف‭ ‬حركة‭ ‬طالبان،‭ ‬وهي‭ ‬مجموعة‭ ‬مختلفة‭ ‬من‭ ‬طلاب‭ ‬المدارس‭ ‬الدينية‭ (‬ومعظمهم‭ ‬من‭ ‬يتامى‭ ‬الحرب‭)‬،‭ ‬إلى‭ ‬وضع‭ ‬البلد‭ ‬بأسره‭ ‬تحت‭ ‬هيمنة‭ ‬الأصولية‭ ‬الصارمة‭. ‬كانت‭ ‬الحركة‭ ‬تحاول‭ ‬اقتحام‭ ‬بنجشير،‭ ‬المعقل‭ ‬الوحيد‭ ‬المتبقي‭ ‬للمقاومة،‭ ‬وتزامنت‭ ‬هذه‭ ‬المحاولات‭ ‬مع‭ ‬اغتيال‭ ‬القائد‭ ‬الطاجيكي‭ ‬الموقر‭ ‬أحمد‭ ‬شاه‭ ‬مسعود‭ ‬جراء‭ ‬عملية‭ ‬تفجير‭ ‬انتحارية‭ ‬مدبّرة‭ ‬قام‭ ‬بها‭ ‬تنظيم‭ ‬القاعدة‭ ‬وذلك‭ ‬قبل‭ ‬يوم‭ ‬أو‭ ‬يومين‭ ‬من‭ ‬أحداث‭ ‬الحادي‭ ‬عشر‭ ‬من‭ ‬سبتمبر‭.‬

وعندما‭ ‬بدأت‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬وحلفاؤها‭ ‬غزو‭ ‬أفغانستان‭ ‬بحملة‭ ‬قصف‭ ‬عنيفة،‭ ‬أثبت‭ ‬التحالف‭ ‬الشمالي‭ ‬وهو‭ ‬اتحاد‭ ‬حر‭ ‬من‭ ‬العرقيات‭ ‬غير‭ ‬البشتونية‭ ‬استعداده‭ ‬التام‭ ‬لتوفير‭ ‬القوات‭ ‬اللازمة‭ ‬على‭ ‬الأرض‭. ‬وعندما‭ ‬رأى‭ ‬باقي‭ ‬أفراد‭ ‬طالبان‭ ‬والقاعدة‭ ‬أن‭ ‬الأمور‭ ‬قد‭ ‬انقلبت‭ ‬عليهم،‭ ‬اضطروا‭ ‬إلى‭ ‬عبور‭ ‬حدود‭ ‬المناطق‭ ‬القبلية‭ ‬الخاضعة‭ ‬للإدارة‭ ‬الاتحادية‭ ‬سهلة‭ ‬الاختراق‭. ‬وشهدت‭ ‬السنوات‭ ‬القليلة‭ ‬التالية‭ ‬استخدام‭ ‬القاعدة‭ ‬بشكل‭ ‬فعال‭ ‬لأداتين‭ ‬متلازمتين‭ ‬هما‭ ‬المال‭ ‬وتلقين‭ ‬المبادئ‭ ‬الدينية‭ ‬للتمكين‭ ‬لحكمها‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬المحلي،‭ ‬ومن‭ ‬خلال‭ ‬تقديم‭ ‬وعود‭ ‬للشباب‭ ‬بشغل‭ ‬مناصب‭ ‬في‭ ‬السلطة‭ ‬مع‭ ‬إضعاف‭ ‬نفوذ‭ ‬شيوخ‭ ‬القبائل‭ ‬التقليديين‭ ‬المؤيدين‭ ‬للحكومة،‭ ‬وتصفيتهم‭ ‬جسديًا‭ ‬إن‭ ‬لزم‭ ‬الأمر‭.‬

وعندما‭ ‬استأنفت‭ ‬حركة‭ ‬طالبان‭ ‬الأفغانية‭ ‬هجماتها‭ ‬على‭ ‬الحكومة‭ ‬في‭ ‬كابول،‭ ‬أقام‭ ‬تنظيم‭ ‬القاعدة‭ ‬علاقات‭ ‬أوثق‭ ‬بين‭ ‬مجموعته‭ ‬من‭ ‬المقاتلين‭ ‬الأجانب‭ ‬والمتطرفين‭ ‬المحليين‭ ‬الذين‭ ‬تجمعوا‭ ‬هناك،‭ ‬وفي‭ ‬نفس‭ ‬الوقت‭ ‬وجّه‭ ‬تنظيم‭ ‬القاعدة‭ ‬أنظاره‭ ‬إلى‭ ‬البر‭ ‬الرئيسي‭ ‬الباكستاني‭ ‬الشاسع‭. ‬وضمت‭ ‬المنظمة‭ ‬التي‭ ‬نشأت،‭ ‬وهي‭ ‬حركة‭ ‬طالبان‭ ‬باكستان،‭ ‬محسود‭ ‬وغيره‭ ‬من‭ ‬رجال‭ ‬القبائل‭ ‬المتنوعة،‭ ‬وطالبان‭ ‬البنجابية‭ ‬والمقاتلين‭ ‬الأجانب‭. ‬وأحكمت‭ ‬حركة‭ ‬طالبان‭ ‬باكستان‭ ‬سيطرتها‭ ‬على‭ ‬المناطق‭ ‬القبلية‭ ‬الخاضعة‭ ‬للإدارة‭ ‬الاتحادية،‭ ‬وفي‭ ‬الوقت‭ ‬ذاته‭ ‬كثفت‭ ‬استهدافها‭ ‬للجيش‭ ‬ووكالات‭ ‬الاستخبارات‭ ‬والأماكن‭ ‬المقدسة‭ ‬والأهداف‭ ‬المدنية‭ ‬الأخرى‭.‬

دقت‭ ‬أجراس‭ ‬الخطر‭ ‬عندما‭ ‬صار‭ ‬رئيس‭ ‬باكستان‭ ‬ورئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬وقائد‭ ‬أحد‭ ‬الفيالق‭ ‬أهدافًا‭ ‬لمحاولات‭ ‬اغتيال‭ ‬وبدأت‭ ‬حركة‭ ‬طالبان‭ ‬باكستان‭ ‬في‭ ‬بسط‭ ‬قوتها‭ ‬العسكرية‭ ‬والأيديولوجية‭ ‬خارج‭ ‬المناطق‭ ‬القبلية‭ ‬الخاضعة‭ ‬للإدارة‭ ‬الاتحادية‭ ‬لتصل‭ ‬إلى‭ ‬ولاية‭ ‬سوات‭ ‬والمناطق‭ ‬المتاخمة‭ ‬الأخرى‭. ‬فشل‭ ‬أسلوب‭ ‬التهدئة،‭ ‬وبعد‭ ‬انخداع‭ ‬الجيش‭ ‬الباكستاني‭ ‬بمعاهدات‭ ‬السلام‭ ‬مرارًا‭ ‬وتكرارًا،‭ ‬تحرك‭ ‬لدحر‭ ‬المعتدين،‭ ‬مدمرًا‭ ‬كل‭ ‬جبهة‭ ‬على‭ ‬حدة،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬فرض‭ ‬سيطرته‭ ‬على‭ ‬معظم‭ ‬المناطق‭ ‬القبلية‭ ‬الخاضعة‭ ‬للإدارة‭ ‬الاتحادية،‭ ‬باستثناء‭ ‬وزيرستان‭ ‬الشمالية‭ ‬ومقاطعة‭ ‬خيبر‭ ‬الصغرى‭.‬

دفع‭ ‬الهجوم‭ ‬السافر‭ ‬على‭ ‬مطار‭ ‬كراتشي‭ ‬الدولي‭ ‬في‭ ‬منتصف‭ ‬عام‭ ‬2014‭ ‬الجيش‭ ‬أخيرًا‭ ‬إلى‭ ‬شن‭ ‬هجوم‭ ‬على‭ ‬شمال‭ ‬وزيرستان،‭ ‬وهو‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬كانت‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬تحث‭ ‬عليه‭ ‬لفترة‭ ‬من‭ ‬الزمن‭. ‬فقد‭ ‬أصبح‭ ‬شمال‭ ‬وزيرستان‭ ‬على‭ ‬مر‭ ‬السنين‭ ‬معقلاً‭ ‬حصينًا‭ ‬لتنظيم‭ ‬القاعدة،‭ ‬وجاذبًا‭ ‬للإرهابيين‭ ‬من‭ ‬مختلف‭ ‬الأطياف‭. ‬اعتبرت‭ ‬منظمة‭ ‬حلف‭ ‬شمال‭ ‬الأطلسي‭ (‬الناتو‭) ‬مجموعة‭ ‬حقاني‭ ‬هي‭ ‬الأصعب‭ ‬من‭ ‬بين‭ ‬هؤلاء‭ ‬الإرهابيين‭. ‬ووجد‭ ‬الجيش‭ ‬نفسه‭ ‬مضطرًا‭ ‬إلى‭ ‬الإشراف‭ ‬على‭ ‬فرار‭ ‬المدنيين‭ ‬من‭ ‬منطقة‭ ‬القتال‭ ‬ناهيك‭ ‬عما‭ ‬واجهه‭ ‬من‭ ‬تضاريس‭ ‬وعرة‭ ‬ومعارضة‭ ‬متمترسة‭. ‬استغرق‭ ‬الأمر‭ ‬ما‭ ‬يقرب‭ ‬من‭ ‬عامين‭ ‬ولقي‭ ‬800‭ ‬شخص‭ ‬مصرعهم‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬تحقق‭ ‬عملية‭ “‬ضرب‭ ‬عضب‭”‬،‭ ‬كما‭ ‬أُطِلق‭ ‬عليها،‭ ‬نجاحها‭ ‬في‭ ‬إزاحة‭ ‬المتطرفين‭ ‬الذين‭ ‬شرعوا‭ ‬بعد‭ ‬ذلك‭ ‬في‭ ‬ترسيخ‭ ‬وجودهم‭ ‬عبر‭ ‬الحدود‭ ‬في‭ ‬مقاطعات‭ ‬كونار‭ ‬وخوست‭ ‬ونورستان‭ ‬الأفغانية‭.‬

ودفعت‭ ‬المذبحة‭ ‬الوحشية‭ ‬التي‭ ‬تمت‭ ‬بدم‭ ‬بارد‭ ‬وطالت‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬150‭ ‬طالبًا‭ ‬من‭ ‬طلاب‭ ‬إحدى‭ ‬المدارس‭ ‬الحكومية‭ ‬في‭ ‬بيشاور‭ ‬في‭ ‬كانون‭ ‬الأول‭ / ‬ديسمبر‭ ‬2014‭ ‬ورد‭ ‬الفعل‭ ‬الغاضب‭ ‬الذي‭ ‬أثارته‭ ‬تلك‭ ‬المذبحة‭ ‬إلى‭ ‬إعداد‭ ‬المسؤولين‭ -‬على‭ ‬وجه‭ ‬السرعة‭- ‬لخطة‭ ‬عمل‭ ‬وطنية‭ ‬من‭ ‬20‭ ‬بندًا‭ ‬في‭ ‬محاولة‭ ‬يائسة‭ ‬لوقف‭ ‬موجة‭ ‬التطرف‭ ‬والعنف‭. ‬تضمنت‭ ‬هذه‭ ‬الخطة‭ -‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬العمليات‭ ‬العسكرية‭ ‬الجارية‭- ‬تدابير‭ ‬وقائية‭ ‬مختلفة‭ ‬مثل‭ ‬قمع‭ ‬خطاب‭ ‬الكراهية‭ ‬وكتاباته‭ ‬ومنع‭ ‬تمويل‭ ‬التنظيمات‭ ‬المحظورة‭.‬

واجه‭ ‬الجيش‭ ‬موجة‭ ‬جديدة‭ ‬من‭ ‬الهجمات‭ ‬على‭ ‬أنحاء‭ ‬مختلفة‭ ‬من‭ ‬البلاد‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬واصل‭ ‬عملية‭ ‬أخرى‭ ‬واسعة‭ ‬النطاق‭ ‬تعتمد‭ ‬على‭ ‬جهاز‭ ‬الاستخبارات‭ ‬تسمى‭ ‬‭”‬رد‭ ‬الفساد‭”‬،‭ ‬وتهدف‭ ‬إلى‭ ‬إجهاض‭ ‬الهجمات‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تخليص‭ ‬البلاد‭ ‬من‭ ‬الخلايا‭ ‬النائمة‭. ‬والآن‭ ‬وبعد‭ ‬أن‭ ‬قامت‭ ‬قوات‭ ‬الأمن‭ ‬الباكستانية‭ ‬بفرض‭ ‬سيطرتها‭ ‬على‭ ‬معظم‭ ‬المناطق‭ ‬القبلية‭ ‬الخاضعة‭ ‬للإدارة‭ ‬الاتحادية،‭ ‬تستمر‭ ‬الجهود‭ ‬المبذولة‭ ‬لإعادة‭ ‬الحياة‭ ‬لطبيعتها‭ ‬لرجال‭ ‬القبائل‭ ‬الذين‭ ‬شردتهم‭ ‬العملية‭ ‬العسكرية‭ ‬والذين‭ ‬يتم‭ ‬إعادة‭ ‬توطينهم‭ ‬في‭ ‬الفترة‭ ‬الحالية‭. ‬وقد‭ ‬تعرضت‭ ‬الخدمات‭ ‬الاجتماعية‭ ‬مثل‭ ‬الرعاية‭ ‬الصحية‭ ‬والتعليم‭ ‬لضربة‭ ‬موجعة‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬تخصيص‭ ‬حوالي‭ ‬900‭ ‬مدرسة‭ ‬للبنات‭ ‬في‭ ‬شمال‭ ‬وزيرستان‭ ‬لأغراض‭ ‬أخرى‭ ‬غير‭ ‬التعليم‭.‬

إيجاد‭ ‬الحلول

ألهم‭ ‬نجاح‭ ‬الجيش‭ ‬الباكستاني‭ ‬في‭ ‬إنعاش‭ ‬قطاعات‭ ‬الصحة‭ ‬والتعليم‭ ‬والزراعة‭ ‬منظمات‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬المنظمات‭ ‬غير‭ ‬الحكومية‭ ‬الدولية‭ ‬للانخراط‭ ‬في‭ ‬مجالات‭ ‬كانت‭ ‬خارجة‭ ‬عن‭ ‬حدودهم‭ ‬في‭ ‬الآونة‭ ‬الأخيرة‭. ‬يعتمد‭ ‬اقتصاد‭ ‬المناطق‭ ‬القبلية‭ ‬الخاضعة‭ ‬للإدارة‭ ‬الاتحادية‭ ‬على‭ ‬زراعة‭ ‬الكفاف‭ ‬وتربية‭ ‬المواشي‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬ثروة‭ ‬التعدين‭ ‬الكبيرة‭ ‬التي‭ ‬تتمتع‭ ‬بها‭ ‬غير‭ ‬مستغلة‭ ‬كليًا‭ ‬حتى‭ ‬الآن‭. ‬كما‭ ‬ساعد‭ ‬مشروع‭ ‬منظمة‭ ‬الأغذية‭ ‬والزراعة‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬الذي‭ ‬استغرق‭ ‬عامين‭ ‬وتم‭ ‬الانتهاء‭ ‬منه‭ ‬مؤخرًا‭ ‬في‭ ‬دعم‭ ‬ما‭ ‬يقرب‭ ‬من‭ ‬21‭,‬192‭ ‬مزارعًا‭ ‬في‭ ‬مقاطعتي‭ ‬كورام‭ ‬وخيبر،‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬تقديم‭ ‬المساعدة‭ ‬في‭ ‬المناطق‭ ‬النائية‭ ‬والصخرية‭ ‬والجبلية‭ ‬في‭ ‬المناطق‭ ‬القبلية‭ ‬الخاضعة‭ ‬للإدارة‭ ‬الاتحادية‭ ‬قد‭ ‬ثبت‭ ‬أنه‭ ‬أكثر‭ ‬صعوبة‭. ‬وقد‭ ‬أُنشئت‭ ‬السدود‭ ‬الصغيرة‭ ‬في‭ ‬عدة‭ ‬أماكن‭ ‬لتوفير‭ ‬الكهرباء‭ ‬والمياه‭ ‬للري‭.‬

ونظرًا‭ ‬لصراخات‭ ‬باكستان‭ ‬وأفغانستان‭ ‬العالية‭ ‬وشكواهما‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬الحالي‭ ‬من‭ ‬الهجمات‭ ‬العابرة‭ ‬للحدود،‭ ‬فإن‭ ‬الحل‭ ‬الواضح‭ ‬يكمن‭ ‬في‭ ‬إنشاء‭ ‬آلية‭ ‬مشتركة‭ ‬لمراقبة‭ ‬الحدود‭ ‬التي‭ ‬يسهل‭ ‬اختراقها‭ ‬لأقصى‭ ‬حد‭. ‬وبالرغم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬الآلية‭ ‬يسهل‭ ‬طرحها‭ ‬لكن‭ ‬يصعب‭ ‬تطبيقها،‭ ‬لأن‭ ‬أفغانستان‭ ‬لم‭ ‬تقر‭ “‬خط‭ ‬ديورند‭” ‬الحدودي‭ ‬باعتباره‭ ‬خطـًا‭ ‬حدوديًا‭ ‬دوليًا‭ ‬حتى‭ ‬الآن‭.‬

بدأت‭ ‬المشكلة‭ ‬عندما‭ ‬كانت‭ ‬الهند‭ ‬البريطانية‭ ‬تستعد‭ ‬لنقل‭ ‬السلطة‭ ‬إلى‭ ‬باكستان‭ ‬المستقلة‭ ‬حديثًا‭ ‬آنذاك،‭ ‬وانتهزت‭ ‬أفغانستان‭ ‬هذه‭ ‬الفرصة‭ ‬للاستيلاء‭ ‬على‭ ‬الأراضي‭ ‬الشاسعة‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬تسيطر‭ ‬عليها‭ ‬قبل‭ ‬قرون‭. ‬وفي‭ ‬30‭ ‬حزيران‭/ ‬يونيو‭ ‬من‭ ‬عام‭ ‬1950،‭ ‬أكدت‭ ‬الحكومة‭ ‬البريطانية‭ ‬رسميًا‭ ‬أن‭ ‬باكستان‭ ‬ورثت‭ – ‬بموجب‭ ‬القانون‭ ‬الدولي‭- ‬حقوق‭ ‬وواجبات‭ ‬الحكومة‭ ‬القديمة‭ ‬في‭ ‬الهند‭ ‬في‭ ‬المناطق‭ ‬الواقعة‭ ‬جنوب‭ ‬شرق‭ “‬خط‭ ‬ديورند‭”. ‬وكان‭ ‬من‭ ‬المفترض‭ ‬أن‭ ‬يؤدي‭ ‬هذا‭ ‬الأمر‭ ‬إلى‭ ‬تهدئة‭ ‬الوضع،‭ ‬ولكن‭ ‬المشكلة‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬تؤجج‭ ‬التوتر‭ ‬بين‭ ‬العلاقات‭ ‬الثنائية‭ ‬حتى‭ ‬يومنا‭ ‬هذا‭. ‬ومن‭ ‬منظور‭ ‬قانوني‭ ‬بحت،‭ ‬أيدت‭ ‬اتفاقية‭ ‬فيينا‭ ‬لعام‭ ‬1978‭ ‬بشأن‭ ‬خلافة‭ ‬الدول‭ ‬في‭ ‬المعاهدات،‭ ‬أنه‭ ‬بموجب‭ ‬المبدأ‭ ‬المعترف‭ ‬به‭ ‬عالميًا‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬مبدأ‭ ‬الحيازة‭ ‬الجارية،‭ ‬أن‭ ‬الاتفاقات‭ ‬الثنائية‭ ‬الملزمة‭ ‬تنتقل‭ ‬إلى‭ ‬الدول‭ ‬الخلفاء‭.‬

وبالنظر‭ ‬إلى‭ ‬المقاومة‭ ‬الأفغانية‭ ‬بشأن‭ ‬هذه‭ ‬المشكلة،‭ ‬فلا‭ ‬عجب‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬باكستان‭ ‬مهووسة‭ ‬جدًا‭ ‬بتولي‭ ‬قيادة‭ ‬أفغانستان‭ – ‬إلى‭ ‬حد‭ ‬دعم‭ ‬قلب‭ ‬الدين‭ ‬حكمتيار‭ ‬وطالبان‭. ‬ومنذ‭ ‬11‭ ‬أيلول‭ / ‬سبتمبر،‭ ‬اتُهمت‭ ‬باكستان‭ ‬بدعم‭ ‬جماعة‭ ‬حقاني‭ ‬التي‭ ‬تعد‭ ‬أكثر‭ ‬عناصر‭ ‬حركة‭ ‬طالبان‭ ‬الأفغانية‭ ‬دموية‭.‬

ومن‭ ‬الواضح‭ ‬أن‭ ‬التدابير‭ ‬الفاترة‭ ‬لن‭ ‬تجدي‭ ‬نفعًا‭. ‬فالعداوة‭ ‬والتلاسن‭ ‬لا‭ ‬يخدمان‭ ‬أي‭ ‬غرض،‭ ‬وقد‭ ‬مضى‭ ‬على‭ ‬ذلك‭ ‬وقت‭ ‬طويل‭ ‬بما‭ ‬يكفي‭. ‬ويجب‭ ‬على‭ ‬الجميع‭ ‬أن‭ ‬يدركوا‭ ‬أن‭ “‬خط‭ ‬ديورند‭”‬،‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬عيوبه،‭ ‬هو‭ ‬الحد‭ ‬الوحيد‭ ‬المرسوم‭ ‬قانونيًا‭ ‬بين‭ ‬الأراضي‭ ‬التي‭ ‬تمثل‭ ‬باكستان‭ ‬وأفغانستان‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬الحاضر‭. ‬وقد‭ ‬ناءت‭ ‬باكستان‭ ‬بنفسها‭ ‬بصورة‭ ‬تقليدية‭ ‬عن‭ ‬مسائل‭ ‬إدارة‭ ‬الحدود‭ ‬خشية‭ ‬الإساءة‭ ‬إلى‭ ‬جارتها‭. ‬وعززت‭ ‬باكستان‭ ‬أمن‭ ‬الحدود‭ ‬ومراقبتها،‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬تعرضت‭ ‬مرارًا‭ ‬لهجمات‭ ‬من‭ ‬المتطرفين‭ ‬الذين‭ ‬يعيشون‭ ‬عبر‭ ‬الحدود‭.‬

وتمثلت‭ ‬الخطوة‭ ‬الأولى‭ ‬في‭ ‬قيام‭ ‬باكستان‭ ‬بحفر‭ ‬خنادق‭ ‬على‭ ‬طول‭ ‬1100‭ ‬كيلومتر‭ ‬من‭ ‬الحدود‭ ‬المنخفضة‭. ‬وتجاهلت‭ ‬باكستان‭ ‬الاعتراضات‭ ‬الأفغانية‭ ‬حيث‭ ‬تحركت‭ ‬لوقف‭ ‬عمليات‭ ‬العبور‭ ‬غير‭ ‬القانونية‭ ‬على‭ ‬الحدود‭ ‬غير‭ ‬الخاضعة‭ ‬للرقابة‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬البدء‭ ‬في‭ ‬بناء‭ ‬ما‭ ‬يصل‭ ‬إلى‭ ‬443‭ ‬نقطة‭ ‬أمنية،‭ ‬وهي‭ ‬مهمة‭ ‬من‭ ‬المتوقع‭ ‬أن‭ ‬تكتمل‭ ‬بحلول‭ ‬عام‭ ‬2019‭. ‬كما‭ ‬تم‭ ‬إنشاء‭ ‬نظام‭ ‬التأشيرات‭ ‬لأول‭ ‬مرة‭ ‬لتسهيل‭ ‬السفر‭ ‬المصرح‭ ‬به‭ ‬فقط‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬عدد‭ ‬ضئيل‭ ‬من‭ ‬محطات‭ ‬محددة‭ ‬لعبور‭ ‬الحدود‭. ‬ولزيادة‭ ‬تنظيم‭ ‬حركة‭ ‬الأفراد‭ ‬ووقف‭ ‬التسلل‭ ‬غير‭ ‬المشروع،‭ ‬بدأت‭ ‬باكستان‭ ‬مؤخرًا‭ ‬في‭ ‬تسييج‭ ‬الحدود‭ ‬المضطربة،‭ ‬حيث‭ ‬ركزت‭ ‬مرحلتها‭ ‬الأولية‭ ‬على‭ ‬مقاطعات‭ ‬ذات‭ ‬أولوية‭ ‬عليا‭ ‬مثل‭ ‬باجور‭ ‬ومهماند‭ ‬وخيبر‭.‬

كما‭ ‬حان‭ ‬الوقت‭ ‬لباكستان‭ ‬لدمج‭ ‬المناطق‭ ‬القبلية‭ ‬الخاضعة‭ ‬للإدارة‭ ‬الاتحادية‭ ‬في‭ ‬الاتجاه‭ ‬العام،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬خلق‭ ‬هوية‭ ‬باكستانية‭ ‬متميزة‭ ‬بين‭ ‬رجال‭ ‬القبائل‭ ‬على‭ ‬جانبها‭ ‬من‭ ‬الحدود‭. ‬ويجب‭ ‬أن‭ ‬يتضمن‭ ‬أي‭ ‬حل‭ ‬كامل‭ ‬لمشكلة‭ ‬المناطق‭ ‬القبلية‭ ‬الخاضعة‭ ‬للإدارة‭ ‬الاتحادية‭ ‬خطة‭ ‬إنمائية‭ ‬طويلة‭ ‬الأجل‭ ‬لتقليص‭ ‬الفجوة‭ ‬الاجتماعية‭ ‬الاقتصادية‭ ‬مع‭ “‬المناطق‭ ‬المستقرة‭” ‬المجاورة‭. ‬بيد‭ ‬أنه‭ ‬يلزم‭ ‬القيام‭ ‬بذلك‭ ‬في‭ ‬ضوء‭ ‬الحكم‭ ‬الديموقراطي‭ ‬والإداري‭ ‬الرشيد‭. ‬ويبدو‭ ‬أن‭ ‬توافق‭ ‬الآراء‭ ‬يؤيد‭ ‬الاندماج‭ ‬المؤقت‭ ‬للمناطق‭ ‬القبلية‭ ‬الخاضعة‭ ‬للإدارة‭ ‬الاتحادية‭ ‬مع‭ ‬مقاطعة‭ ‬خیبر‭ ‬بختونخوا،‭ ‬المعروفة‭ ‬باسمها‭ ‬القديم‭ ‬المقاطعة‭ ‬الحدودية‭ ‬الشمالية‭ ‬الغربية‭. ‬

وقد‭ ‬اقترح‭ ‬نواب‭ ‬البرلمان‭ ‬عن‭ ‬المناطق‭ ‬القبلية‭ ‬الخاضعة‭ ‬للإدارة‭ ‬الاتحادية‭ ‬مشروع‭ ‬قانون‭ ‬لتعديل‭ ‬الدستور‭ ‬لإزالة‭ ‬أكبر‭ ‬عقبة‭ ‬أمام‭ ‬الاندماج،‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬الذي‭ ‬صوتت‭ ‬الجمعية‭ ‬الإقليمية‭ ‬له‭ ‬بالفعل‭. ‬وباتت‭ ‬النفعية‭ ‬السياسية‭ ‬هي‭ ‬العائق‭ ‬الوحيد‭ ‬المتبقي‭. ‬وفي‭ ‬الوقت‭ ‬الذي‭ ‬تتخلى‭ ‬فيه‭ ‬الحكومة‭ ‬عن‭ ‬قانون‭ ‬لائحة‭ ‬الجرائم‭ ‬الحدودية‭ ‬الاستعماري‭ ‬القمعي،‭ ‬ما‭ ‬زالت‭ ‬تميل‭ ‬إلى‭ ‬استرضاء‭ ‬الملوك‭ ‬القبليين‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الإبقاء‭ ‬على‭ ‬نظام‭ ‬جيرغا‭ ‬التقليدي‭ ‬لتصريف‭ ‬الأمور‭ ‬القضائية‭. ‬ويجب‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬هذا‭ ‬الأمر‭ ‬متوافقًا‭ ‬مع‭ ‬الهيكل‭ ‬القضائي‭ ‬الباكستاني‭ ‬المتوقع‭ ‬توسيع‭ ‬نطاقه‭ ‬ليشمل‭ ‬المنطقة‭ ‬بالكامل‭.‬

وعلى‭ ‬عكس‭ ‬المفاهيم‭ ‬الشائعة،‭ ‬فإن‭ ‬رجال‭ ‬القبائل‭ ‬في‭ ‬المناطق‭ ‬القبلية‭ ‬الخاضعة‭ ‬للإدارة‭ ‬الاتحادية‭ ‬ليسوا‭ ‬منعزلين‭ ‬ولا‭ ‬انعزاليين‭. ‬ولم‭ ‬يترددوا‭ ‬أبدًا‭ ‬في‭ ‬الانتقال‭ ‬إلى‭ ‬مختلف‭ ‬أنحاء‭ ‬البلاد،‭ ‬بل‭ ‬وحتى‭ ‬في‭ ‬الخارج‭ ‬بحثًا‭ ‬عن‭ ‬فرص‭ ‬العمل‭. ‬وقد‭ ‬أظهروا‭ ‬مهارات‭ ‬كبيرة‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬تنظيم‭ ‬المشاريع‭ ‬والهيمنة‭ ‬على‭ ‬قطاع‭ ‬النقل‭ ‬بالشاحنات‭ ‬الطويلة‭. ‬ويمكن‭ ‬صقل‭ ‬قدراتهم‭ ‬ورعايتهم‭ ‬في‭ ‬ضوء‭ ‬نظام‭ ‬ديمقراطي‭ ‬فعال‭.‬

لا‭ ‬ينبغي‭ ‬تضييق‭ ‬الخناق‭ ‬على‭ ‬العلاقات‭ ‬العائلية‭ ‬والقبلية‭ ‬التي‭ ‬طال‭ ‬أمدها‭ ‬بين‭ ‬القبائل‭ ‬المتاخمة‭ ‬للحدود‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬حدود‭ ‬محكمة‭ ‬الإغلاق،‭ ‬بل‭ ‬ينبغي‭ ‬تنميتها‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬المشاريع‭ ‬الاقتصادية‭ ‬المشتركة‭. ‬ومن‭ ‬المبادرات‭ ‬الرئيسية‭ ‬التي‭ ‬أقرتها‭ ‬الحكومة‭ ‬الأمريكية‭ ‬إنشاء‭ ‬مناطق‭ ‬فرص‭ ‬إعادة‭ ‬الإعمار‭ ‬مثل‭ ‬المناطق‭ ‬القائمة‭ ‬على‭ ‬طول‭ ‬الحدود‭ ‬الأردنية‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬والحدود‭ ‬المصرية‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬وحتى‭ ‬الحدود‭ ‬الأمريكية‭ ‬المكسيكية‭.‬

بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬المناطق‭ ‬القبلية‭ ‬الخاضعة‭ ‬للإدارة‭ ‬الاتحادية،‭ ‬تحتاج‭ ‬المناطق‭ ‬المهملة‭ ‬الأخرى‭ ‬في‭ ‬الجنوب‭ ‬أيضا‭ ‬إلى‭ ‬دمجها‭ ‬في‭ ‬الاتجاه‭ ‬العام‭ ‬إذا‭ ‬أريد‭ ‬احتواء‭ ‬التطرف‭ ‬العنيف‭. ‬وفي‭ ‬هذه‭ ‬المنطقة‭ ‬المضطربة،‭ ‬كما‭ ‬هو‭ ‬الحال‭ ‬في‭ ‬أماكن‭ ‬أخرى،‭ ‬يرتبط‭ ‬السلام‭ ‬والازدهار‭ ‬ارتباطـًا‭ ‬معقدًا‭. ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يدرك‭ ‬الناس‭ ‬أن‭ ‬ذلك‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يتحقق‭ ‬عاجلاً‭ ‬غير‭ ‬آجل‭ ‬إلا‭ ‬بالتكاتف‭ ‬والتعاون‭.  ‬


‭”‬إنهاء‭ ‬النزاع‭”‬

أحدث‭ ‬استراتيجية‭ ‬باكستانية‭ ‬لمكافحة‭ ‬الإرهاب‭ ‬تتماشى‭ ‬مع‭ ‬التهديدات‭ ‬الجديدة

أسرة‭ ‬يونيباث

بعد‭ ‬سلسلة‭ ‬من‭ ‬التفجيرات‭ ‬الانتحارية‭ ‬التي‭ ‬صدمت‭ ‬البلاد‭ ‬—‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬التفجير‭ ‬الانتحاري‭ ‬الذي‭ ‬راح‭ ‬ضحيته‭ ‬86‭ ‬شخصًا‭ ‬في‭ ‬ضريح‭ ‬صوفي‭ ‬مليء‭ ‬بالمريدين‭ ‬—‭ ‬أعلن‭ ‬الجيش‭ ‬الباكستاني‭ ‬في‭ ‬فبراير‭/ ‬شباط‭ ‬2017‭ ‬بدء‭ ‬عملية‭ ‬عسكرية‭ ‬وطنية‭ ‬للقضاء‭ ‬على‭ ‬خطر‭ ‬الإرهاب‭ “‬بصورةٍ‭ ‬عشوائية‭”.‬

وتمثل‭ ‬الحملة‭ ‬الجديدة‭ ‬التي‭ ‬تأتي‭ ‬تحت‭ ‬عنوان‭ “‬رَدُّ‭ ‬الفَسَاد‭” ‬تحولًا‭ ‬في‭ ‬إستراتيجيات‭ ‬قوات‭ ‬مكافحة‭ ‬الإرهاب‭ ‬في‭ ‬باكستان،‭ ‬التي‭ ‬ركزت‭ ‬جهودها‭ ‬على‭ ‬مدار‭ ‬عقد‭ ‬على‭ ‬المنطقة‭ ‬القبلية‭ ‬الشمالية‭ ‬الغربية‭ ‬ذات‭ ‬التنوع‭ ‬العرقي‭. ‬وللمرة‭ ‬الأولى،‭ ‬ترسل‭ ‬الحكومة‭ ‬القوات‭ ‬المسلحة‭ ‬للدخول‭ ‬إلى‭ ‬إقليم‭ ‬بنجاب‭.‬

بنجاب‭ ‬هي‭ ‬موطن‭ ‬مجموعة‭ ‬متنوعة‭ ‬من‭ ‬الجماعات‭ ‬الإرهابية،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬الحركات‭ ‬الطائفية‭ ‬المحظورة‭ ‬رسميًا‭ ‬لاستخدامها‭ ‬أساليب‭ ‬العنف‭ ‬كما‭ ‬أنها‭ ‬موطن‭ ‬متطرفين‭ ‬مناهضين‭ ‬للهند‭ ‬اتهموا‭ ‬بالقيام‭ ‬بحصار‭ ‬مومباي‭ ‬الإرهابي‭ ‬عام‭ ‬2008‭. ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أنه‭ ‬لا‭ ‬يبدو‭ ‬أن‭ ‬أيًا‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬الجماعات‭ ‬تورطت‭ ‬بشكلٍ‭ ‬مباشر‭ ‬في‭ ‬الانفجارات،‭ ‬إلا‭ ‬أنها‭ ‬ينظر‭ ‬إليها‭ ‬بصورةٍ‭ ‬متزايدة‭ ‬في‭ ‬باكستان‭ ‬على‭ ‬أنها‭ ‬جزء‭ ‬من‭ ‬تهديد‭ ‬كبير‭ ‬ومشترك‭ ‬من‭ ‬جانب‭ ‬المتطرفين‭ ‬لاستقرار‭ ‬باكستان،‭ ‬ومكانتها‭ ‬العالمية،‭ ‬ونظامها‭ ‬الديمقراطي‭.‬

وفي‭ ‬سياق‭ ‬متصل،‭ ‬صرّح‭ ‬فريق‭ ‬متقاعد‭ ‬في‭ ‬جيش‭ ‬باكستان‭ ‬قائلاً‭: “‬هناك‭ ‬مسلحين‭ ‬متشددين‭ ‬لم‭ ‬يسبق‭ ‬استهدافهم‭ ‬في‭ ‬بنجاب،‭ ‬وبالتحديد‭ ‬في‭ ‬بنجاب‭ ‬الجنوبية‭”. ‬ويقول‭ ‬أمجد‭ ‬شعيب،‭ ‬أحد‭ ‬المحللين‭ ‬المعنيين‭ ‬بشؤون‭ ‬الدفاع‭: “‬سيتم‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬المرة‭ ‬النيل‭ ‬منهم،‭ ‬وسيساعد‭ ‬هذا‭ ‬كثيرًا‭ ‬في‭ ‬القضاء‭ ‬على‭ ‬الإرهاب‭ ‬ليس‭ ‬فقط‭ ‬في‭ ‬بنجاب‭ ‬ولكن‭ ‬في‭ ‬أجزاء‭ ‬أخرى‭ ‬من‭ ‬البلاد‭”.‬

وفي‭ ‬مقابلة‭ ‬صحفية‭ ‬أُجريت‭ ‬معه‭ ‬في‭ ‬فبراير‭/ ‬شباط‭ ‬2017‭ ‬أوضح‭ ‬اللواء‭ ‬جون‭ ‬نيكولسون،‭ ‬قائد‭ ‬القوات‭ ‬الأمريكية،‭ ‬أن‭ ‬بنجاب‭ ‬تأوي‭ ‬20‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬أصل‭ ‬98‭ ‬مجموعة‭ ‬وضعتها‭ ‬الحكومة‭ ‬الأمريكية‭ ‬على‭ ‬قوائم‭ ‬المنظمات‭ ‬الإرهابية‭ ‬–‭ ‬قائلاً‭ “‬إنها‭ ‬أكبر‭ ‬معقل‭ ‬للإرهاب‭ ‬في‭ ‬العالم‭”.‬

وفي‭ ‬سياق‭ ‬متصل،‭ ‬أوضح‭ ‬اللواء‭ ‬نيكولسون‭ ‬أنه‭ ‬نظرًا‭ ‬لأن‭ ‬هذه‭ ‬المجموعات‭ ‬تتمترس‭ ‬في‭ “‬محيط‭” ‬مشترك‭ ‬به‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الشباب‭ ‬العاطلين‭ ‬وتنتشر‭ ‬به‭ ‬الأعمال‭ ‬الإجرامية‭ ‬وتُنشر‭ ‬التعاليم‭ ‬المتطرفة‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬المدارس‭ ‬الدينية‭ ‬—‭ “‬فإنها‭ ‬تهيئ‭ ‬أرضًا‭ ‬خصبة‭ ‬لالتقاء‭ ‬سلالات‭ ‬الإرهاب‭ ‬المختلفة‭ ‬وتجنيدهم‭ ‬ثم‭ ‬تحويلهم‭ ‬إلى‭ ‬سلالات‭ ‬أكثر‭ ‬شراسة‭ ‬وخطورة‭”.‬

وبالفعل،‭ ‬نتج‭ ‬عن‭ ‬الحملة‭ ‬الجديدة‭ ‬مئات‭ ‬من‭ ‬عمليات‭ ‬التفتيش‭ ‬في‭ ‬مختلف‭ ‬مناطق‭ ‬بنجاب،‭ ‬مثل‭ ‬كارور‭ ‬ولايه‭ ‬وراولبندي،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬اعتقال‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬600‭ ‬مشتبه‭ ‬به‭ ‬وقتل‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الإرهابيين‭. ‬ووفقًا‭ ‬لما‭ ‬أفادت‭ ‬به‭ ‬مجلة‭ ‬هلال‭”‬Hilal‭”‬،‭ ‬تمكن‭ ‬الجيش‭ ‬من‭ ‬استعادة‭ ‬سيطرته‭ ‬على‭ ‬الدعاية‭ ‬المتطرفة‭ ‬والأسلحة‭ ‬وأنشأ‭ ‬نقاط‭ ‬تفتيش‭ ‬و‭”‬استهدف‭ ‬بفاعلية‭” ‬معاقل‭ ‬الإرهابيين‭.‬

وبعد‭ ‬اجتماع‭ ‬الحكومة‭ ‬برئيس‭ ‬أركان‭ ‬الجيش‭ ‬اللواء‭ ‬قمر‭ ‬جاويد‭ ‬باجوا‭ ‬وكذلك‭ ‬بكبار‭ ‬المسؤولين‭ ‬في‭ ‬إقليم‭ ‬بنجاب،‭ ‬وافقت‭ ‬الحكومة‭ ‬على‭ ‬السماح‭ ‬للجيش‭ ‬بدخول‭ ‬الإقليم‭. ‬وذكر‭ ‬مسؤولون‭ ‬بالجيش‭ ‬أنه‭ ‬من‭ ‬المقرر‭ ‬أن‭ ‬تشمل‭ ‬العملية‭ ‬الجديدة‭ ‬إرسال‭ ‬2‭,‬000‭ ‬فرد‭ ‬من‭ ‬قوات‭ ‬الرينجرز‭ ‬إلى‭ ‬بنجاب‭ ‬في‭ ‬مدة‭ ‬تتراوح‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬60‭ ‬إلى‭ ‬90‭ ‬يومًا‭. ‬وأفاد‭ ‬المسؤولون‭ ‬بأنه‭ ‬على‭ ‬النقيض‭ ‬من‭ ‬العمليات‭ ‬السابقة‭ ‬التي‭ ‬تم‭ ‬القيام‭ ‬بها‭ ‬في‭ ‬أجزاء‭ ‬أخرى‭ ‬من‭ ‬باكستان‭ ‬والتي‭ ‬استخدمت‭ ‬القوة‭ ‬بشكلٍ‭ ‬رئيسي‭ ‬لطرد‭ ‬أو‭ ‬قتل‭ ‬العدو،‭ ‬فإن‭ ‬هذه‭ ‬العملية‭ ‬تشمل‭ ‬في‭ ‬الأغلب‭ ‬جمع‭ ‬المعلومات‭ ‬الاستخباراتية‭. ‬وتشمل‭ ‬مهمتها‭ ‬أيضًا‭ “‬نزع‭ ‬الأسلحة‭” ‬من‭ ‬الجماعات‭ ‬المتطرفة،‭ ‬ما‭ ‬قد‭ ‬يستلزم‭ ‬الدخول‭ ‬في‭ ‬مواجهات‭ ‬في‭ ‬المجمعات‭ ‬المسلحة‭ ‬بكثافة‭.‬

وقد‭ ‬لاقى‭ ‬إعلان‭ ‬الجيش‭ ‬تأييدًا‭ ‬واسع‭ ‬النطاق‭. ‬وكتب‭ ‬محررو‭ ‬صحيفة‭ ‬إكسبرس‭ ‬تريبيون‭ ‬أنهم‭ “‬يؤيدون‭ ‬القرار‭ ‬بكل‭ ‬قوة‭”‬،‭ ‬وحفزوا‭ ‬الجنود‭ ‬على‭ ‬التخلص‭ ‬من‭ ‬تلك‭ “‬البؤر‭” ‬المتطرفة‭ ‬التي‭ ‬تقدم‭ ‬الدعم‭ ‬والمساندة‭ ‬للجماعات‭ ‬المتطرفة‭ ‬الأخرى‭ ‬وتمثل‭ ‬مراكز‭ ‬للتخطيط‭ ‬والخدمات‭ ‬اللوجستية‭ ‬للأعمال‭ ‬الإرهابية‭ ‬في‭ ‬البلاد‭.‬

وحسب‭ ‬صحيفة‭ ‬تريبيون،‭ ‬فإن‭ ‬التغيير‭ ‬في‭ ‬الإستراتيجية‭ ‬يأتي‭ ‬في‭ ‬أعقاب‭ ‬عمليات‭ ‬مثل‭ ‬عملية‭ “‬ضرب‭ ‬عضب‭”‬،‭ ‬التي‭ ‬خفضت‭ ‬نسبة‭ ‬الإرهاب‭ ‬في‭ ‬باكستان‭ ‬إلى‭ ‬أقل‭ ‬من‭ ‬65‭% ‬على‭ ‬مدار‭ ‬الستة‭ ‬عشر‭ ‬عامًا‭ ‬الأخيرة‭. ‬وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬هجمات‭ ‬فبراير‭/ ‬شباط‭ ‬2017‭ ‬أثبتت‭ ‬أن‭ ‬خطر‭ ‬العنف‭ ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬يلوح‭ ‬في‭ ‬الأفق،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬اللواء‭ ‬آصف‭ ‬غفور،‭ ‬مدير‭ ‬عام‭ ‬العلاقات‭ ‬العامة‭ ‬للخدمات‭ ‬الداخلية‭ ‬للقوات‭ ‬المسلحة‭ ‬الباكستانية‭ ‬أكد‭ ‬أن‭ ‬الحملات‭ ‬السابقة‭ ‬حققت‭ ‬أهدافها‭.‬

وصرّح‭ ‬قائلاً‭: “‬استهدفت‭ ‬العمليات‭ ‬السابقة‭ ‬بشكلٍ‭ ‬أساسي‭ ‬استعادة‭ ‬سلطة‭ ‬الدولة‭ ‬في‭ ‬مناطق‭ ‬مختلفة‭ ‬والقضاء‭ ‬على‭ ‬معاقل‭ ‬الإرهابيين‭”. ‬وأردف‭: “‬وتستهدف‭ ‬عملية‭ “‬رَدُّ‭ ‬الفَسَاد‭” ‬تعزيز‭ ‬مكاسب‭ ‬هذه‭ ‬العمليات‭ ‬السابقة‭”.‬

وأوضح‭ ‬المقدم‭ ‬شيد‭ ‬عابد،‭ ‬المدير‭ ‬المساعد‭ ‬للتدريب‭ ‬في‭ ‬مراكز‭ ‬قيادة‭ ‬الجيش‭ ‬الباكستاني،‭ ‬أنه‭ ‬من‭ ‬الضروري‭ ‬لنجاح‭ ‬عملية‭ “‬رَدُّ‭ ‬الفَسَاد‭” ‬جمع‭ ‬المعلومات‭ ‬الاستخباراتية‭ ‬في‭ ‬المناطق‭ ‬الحضرية‭.‬

وأضاف‭ ‬المقدم‭ ‬عابد،‭ ‬الذي‭ ‬قاد‭ ‬فريقًـًا‭ ‬متعدد‭ ‬الجنسيات‭ ‬في‭ ‬مناورات‭ “‬الأسد‭ ‬المتأهب‭” ‬في‭ ‬الأردن‭ ‬في‭ ‬مايو‭ ‬2017‭ ‬قائلًا‭: “‬إنكم‭ ‬بحاجةٍ‭ ‬إلى‭ ‬الاستعانة‭ ‬بأشخاص‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬القاعدة‭ ‬الشعبية‭ ‬لتقديم‭ ‬معلومات‭ ‬عن‭ ‬المجرمين‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭”.‬

المصادر‭: ‬Jane’s‭ ‬360‭ ‬IHS،‭ ‬واشنطون‭ ‬بوست،‭ ‬هلال،‭ ‬ذي‭ ‬إكسبرس‭ ‬تريبيون

Comments are closed.