# احترس

يجب أن  تقوض مكافحة الإرهاب دعايات المتطرفين المضللة على مواقع التواصل الاجتماعي

أسرة يونيباث

فتاتان أفغانيتان تزوران مقهى للانترنت في كابول. فتحت مواقع التواصل الاجتماعي آفاقاً جديدة للشباب في الشرق الأوسط وآسيا الوسطى، لكنها أصبحت أيضاً منتدى للمتطرفين لنشر رسائلهم إلى هذه الفئة من السكان المعرضة للتأثر. [سوشييتد برس]
فتاتان أفغانيتان تزوران مقهى للانترنت في كابول. فتحت مواقع التواصل الاجتماعي آفاقاً جديدة للشباب في الشرق الأوسط وآسيا الوسطى، لكنها أصبحت أيضاً منتدى للمتطرفين لنشر رسائلهم إلى هذه الفئة من السكان المعرضة للتأثر. [سوشييتد برس]

لم يعد الإرهابيون يختفون في الزوايا المظلمة لمواقع محمية بكلمة مرور على شبكة الإنترنت. فبعدة نقرات للماوس، يستطع أي أحد متابعة تغريداتهم، وقراءة مشاركاتهم ومشاهدة فيديوهات تعرض دعاياتهم المضللة.

ومثلما تلجأ الشركات، والحكومات، والمشاهير وخبراء الإنترنت إلى مواقع التواصل الاجتماعي لكسب الولاء والتواصل مع العالم، أدرك المتطرفون أيضاً قيمة وسائل التواصل الاجتماعي وبدأوا يوظفونها لتحقيق غاياتهم.

وقد جذب لجوء المتطرفين إلى مواقع التواصل الاجتماعي انتباه المسؤولين الأمنيين والخبراء الذين اقترحوا  توسيع نطاق مكافحة الإرهاب ليشمل بؤر التوتر على شبكة الإنترنت. وتستخدم دول مثل باكستان، والمملكة العربية السعودية واليمن هذه الوسائل لتشويه الدعايات المتطرفة المضللة.

وخلال جلسة لمجلس الأمن الدولي في كانون الثاني/ يناير2013، لفتت وزيرة الخارجية الباكستانية حنا رباني خار الانتباه إلى استغلال الإرهابيين لوسائل التواصل الاجتماعي. ودعت إلى وضع تكتيكات للرد السريع في سياق مكافحة الإرهاب لمنع المتطرفين من استخدام وسائل التواصل على الإنترنت في تجنيد أعضاء جدد وتخطيط وتمويل أنشطتهم.

قالت حنا في كلمة لها، ” يجب أن يقوم المجتمع الدولي ومجلس الأمن الدولي  بقمع الخطاب المضلل، والمشوه والخبيث للإرهابيين وعقائدهم الجنونية التي تبرر قتل الأبرياء.. فمن مسؤوليتنا التصدي للدعايات الإرهابية المضللة. ويجب أن تكون رواياتنا عن الكرامة والقيم الإنسانية أعلى صوتاً من ملاحمهم الإجرامية. علينا أن نتحرك في تناغم للتقليل من المساحة الأيديولوجية التي يعمل فيها الإرهابيون بحرية “.

دراسة التطور
لقد تطورت بصمات الإرهابيين على شبكة الإنترنت خلال العقدين الماضيين. ففي تسعينات القرن العشرين، استخدم الإرهابيون مواقع مصممة بتصميم متدرج من أعلى إلى أسفل حيث يتحكم القادة بالمحتوى والرسائل. ومع مرور الوقت، أصبح جلياً أن الإنترنت سلاح مهم بالنسبة للإرهابيين.  فقد كشفت رسالة عام 2002 من أسامة بن لادن إلى زعيم طالبان الملا محمد عمر السبب في أن انتشار الإنترنت في طريقه لأن يصبح جزءاً لا يتجزأ من العمليات. كتب بن لادن يقول، “من الواضح أن الحرب الإعلامية في هذا القرن هي واحدة من أقوى الوسائل، والواقع أن معدلها قد يصل إلى 90 بالمائة من التجهيز الكلي للمعارك”.

ومنذ ذلك الحين،  لم يُسمح باستخدام مواقع التواصل الاجتماعي وحسب، بل تم التشجيع عليه. ومثلما تبنت الكثير من الشركات والمنظمات التواصل الاجتماعي لإنجاز أهدافها، تستخدم الجماعات الإرهابية استراتيجيات التواصل لنشر دعاياتهم المضللة إلى أبعد وأعمق ما يمكن.

ومع مطلع القرن الجديد، بدأ الإرهابيون بالاستخدام الحصري لمنتديات الإنترنت التفاعلية لربط الذين يتبنون فكراً متطرفاً مماثلاً.  ولا يقوم قادة الإرهابيين دائماً بإدارة هذه المواقع، ولكنهم يشكلون الرسائل الموجهة.  ومثل هذه المنتديات تعطي مديريها سلطة التحكم في المعلومات لأن باستطاعتهم حذف أي محادثات وطرد المستخدمين من أصحاب الآراء المخالفة.  وهذه المنتديات المركزية محمية أيضاً بكلمة مرور، وتوفر للمستخدمين درجة من الخصوصية لمناقشة التكتيكات والعمليات.  ويكمن العيب في هذه المحافل في تفردها، الذي يحصر النمو والتجنيد لأن المحادثات عادة ما تتم بين أفراد ذوي فكر متشابه وانجرفوا مسبقاً إلى الفكر المتطرف.

وعن طريق تسخير قوة وسائل التواصل الاجتماعي، أصبح لدى المتطرفين الآن أداة للتعويض عن أوجه قصور المنتديات.  ورغم أن مواقع مثل الفيسبوك تمنح قادة التطرف قدراً أقل من السيطرة على الرسائل، فإنها تسمح لهم بالوصول إلى جمهور أوسع، حسب قول خبير معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدني، هارون زيلين الذي يعمل في زمالة ريتشارد بورو.  فكّر في المحفلين على النحو التالي: منتديات يقوم فيها المتطرفون بشكل أساسي بالتخطيط وإقامة الشبكات.  ومواقع تواصل اجتماعي يروجون فيها أفكارهم للعالم.

الوضع الحالي
يستضيف موقع التواصل الاجتماعي البارز –  يوتيوب – فيديوهات حول معارك ميدانية تم تنقيحها لمزج موسيقى الراب برسائل دعائية مضللة تصور الإرهابيين على أنهم أبطال وليسوا مجرمين.

maparabicويعمل الفيسبوك كناد يجمع بين المتطرفين من ذوي الأفكار المتماثلة الذين يستهدفون عندئذ جمهوراً أوسع بخطابات مضللة تنطوي على الكراهية والتعصب.

أما تويتر فهو بمثابة لوحة إعلانات على الإنترنت  يرسل المتطرفين عبرها تعليقات سريعة على الأخبار العاجلة، وهي تعليقات كثيراً ما تحاول تمجيد الهجمات الإرهابية أو تقويض سيادة القانون.

ولدى كل من هذه المواقع القدرة على توجيه المستخدمين إلى المحتوى الموجود في محافل أخرى.  فتويتر يوجه الناس إلى يوتيوب. ويوجه الفيسبوك الناس إلى مشاركات المدونين. وإذا حاز موقع جديد للتواصل الاجتماعي على إعجاب الجماهير،  فمن المحتم أن ينجذب المتطرفون إليه أيضاً.

في كانون الأول/ ديسمبر 2012، استخدم الكاتب المتطرف عبد الله محمد محمود مدونة  WordPress للتشجيع على استخدام الفيسبوك وتويتر كأداتين شرعيتين للتطرف على الإنترنت.
“كانت هذه النصيحة ثورية نوعاً ما، لأن [المتطرفين] كانوا قد أكدوا في السابق على أهمية المنتديات كوسيلة لإثبات صحة المواد، ومنع تزوير المحتوى الرسمي للمجموعة”، حسب ما كتب زيلين في مجلة السياسة الخارجية، في شباط/ فبراير 2013.

وفيما يلي بعد النماذج الحديثة للإرهابيين الذين يستخدمون تويتر:

  •   أجاب رئيس مؤسّسة  الأندلس، الذراع الإعلامية للقاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، على أسئلة من الجمهور في نيسان/ إبريل 2013.  وبعدها ببضعة أسابيع، تم نشر رابط يضم نصاً كتابياً للحديث ليطلع عليه المتطرفين الذين قد فاتتهم المقابلة الأصلية.

  •   خلال 50 يوماً في أوائل عام 2013، نشرت جبهة النصرة، وهي ذراع تنظيم القاعدة في العراق وتعمل في سوريا، 76,000 تغريدة.

  • بدأت جماعة الشباب الإرهابية الصومالية توزيع روابط لأحدث  فيديوهات لدعاياتها المضللة في كانون الأول/ ديسمبر 2012 عبر تويتر.  وبحلول أواخر كانون الثاني/ يناير 2013، كان لدى الحساب 20,000 من الأتباع وأغلقته تويتر بعد أن أعلنت الشباب أنها ستقتل رهينة فرنسية – وهو انتهاك لسياسة تويتر التي تحظر أي مشاركات تروج للعنف.  وبحلول شباط/ فبراير، يعتقد الخبراء أن الشباب افتتحوا حساباً جديداً على تويتر تحت إسم مختلف.

يرى آخرون أن القاعدة في شبه الجزيرة العربية وجبهة النصرة ناشطتان أيضاً على الفيسبوك، وتختفيان وسط  ملايين الحسابات وتتحاشيان الاهتمام غير المرغوب فيه بعدم استخدام أسماء رسمية مثل “القاعدة”.

قال طلعت إسلام، وهو محلل أمني ورئيس تحرير صحيفة  ذا نيوز في كراتشي، لموقع سنترال آسيا أونلاين، “قد تستهدف هذه التنظيمات شباباً مهيأ لذلك لأنه مشوش الفكر .  إذ يمكن استهدافهم بسهولة من جانب التنظيمات المتطرفة عن طريق مشاركاتها، وصفحاتها وغيرها من المواد التي تسعى للحصول على تعاطفهم ودعمهم [على هيئة قوى عاملة وتبرعات]”.

لم يتحدد بعد ما إذا كانت سهولة الوصول إلى مواد المتطرفين على مواقع التواصل الاجتماعي ستؤدي إلى زيادات في التجنيد أم أن الرسالة العامة سيجري تمييعها وسط سوق شاسعة من الأفكار.  وبصرف النظر عن النتائج النهائية، فقد اتخذ المسؤولون إجراء بالفعل.

التصدي للدعايات المضللة
في المملكة العربية السعودية دخل علماء المسلمين على الإنترنت كرسل موثوق بهم لتفنيد تشويهات صورة الإسلام التي يروجها الإرهابيون عبر الإنترنت. وحملة السكينة للحوار (www.assakina.com) منظمة غير حكومية مدعومة من وزارة الشؤون الإسلامية. ولها وجود في جميع المواقع الرئيسية للتواصل الاجتماعي.

وفي اليمن، يستخدم المسؤولون أيضاً القوة الناعمة لمواجهة نفوذ المتطرفين على الإنترنت. فباستخدام موقع www.26sep.net وصفحة الفيسبوك المرافقة (www.facebook.com/26septembernet)،  توفر دائرة التوجيه المعنوي للقوات المسلحة اليمنية مصدراً موثوقاً للأخبار والمعلومات عن البلاد. أطلق الموقع عام 2004 وهو يساعد على غرس الثقة في الجيش والحكومة كمصدر مضمون وموثوق به للمعلومات في سياق مكافحة الخطابات المتطرفة.

يعتقد الخبراء ومسؤولو الأمن أن فضح مغالطات الفكر الإرهابي على الإنترنت سوف يساعد في تقويض محاولات الخصم للتجنيد، والتخطيط وجمع الأموال. وكان هذا هو نهج الحكومة الباكستانية. فبموجب قانون الجرائم الإلكترونية، يمكن أن تتخذ وكالة التحقيقات الفيدرالية إجراء ضد أي شخص يسيئ استخدام منتديات التواصل الاجتماعي أو الإنترنت بشكل عام، حسب تصريح كبير المراقبين في شرطة إقليم خيبر بختونخوا ميان سعيد لموقع سنترال آسيا أونلاين. وأضاف أن هيئة الاتصالات الباكستانية تحجب المواقع التي تروج لرسائل المتطرفين.

إضافة إلى ذلك، نشرت الحكومة فيديوهات على يوتيوب تسلط الضوء على الهجمات الإرهابية على الباكستانيين في الأسواق والمساجد، وتوضح  أن الإرهابيين يهاجمون الأبرياء وأن دعم قضيتهم يعني دعم العنف المروع.

وفيما يتجاوز التدخلات الحكومية، يمكن للجمهور أن يُحدث فرقاً أيضاً. فباستطاعة مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي أن يبلغوا الفيسبوك، وتويتر ويوتيوب عن أي انتهاكات. هذا ما حدث في كانون الأول/ ديسمبر 2012 عندما ذكر شخص أن جماعة تحريك طالبان لديها صفحة على الفيسبوك وحذفت الشركة  الحساب الإرهابي.

ينشر المواطنون رسائل على مواقع التواصل الاجتماعي للرد على دعايات المتطرفين المضللة.  قال بشارات مالك، وهو موظف متقاعد من الحكومة الباكستانية لموقع سنترال آسيا أونلاين، “إن أفضل طريقة للتنديد بدعايات المتطرفين المضللة هي عرض الصورة الأكثر تسامحاً لباكستان والإسلام عن طريق تويتر، والفيسبوك وغيرهما من منتديات التواصل الاجتماعي”.

ينشر دعاة السلام هؤلاء أغنيات وأشعاراً تعزز مكافحة الرسائل الإرهابية. وينشر البعض فتاوى تندد بالتفجيرات الانتحارية. بينما يشجع آخرون الحوار بين الأديان الذي يساعد على تحطيم الصور النمطية ويروج للتسامح الديني.
قال أحد مستخدمي الفيسبوك من باكستان: “إن تعليقاً واحداً يمكن أن يغير رأياً وسيناريو”.

المصادر: أسوشييتد برس باكستان؛ موقع سنترال آسيا أونلاين؛ CTC Sentinel  المجلد 6 العدد 6، حزيران/ يونيو 2013؛ صحيفة نيويورك تايمز؛ البعثة الباكستانية لدى الأمم المتحدة؛ إذاعة أوروبا الحرة/ راديو الحرية؛ مجلة السياسة الخارجية؛ “وضع الجهاد العالمي على الإنترنت: تحليل نوعي، وكمي، وتحليل عبر اللغات”، بقلم هارون زيلين ، معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، كانون الثاني/ يناير 2013؛ “استخدام الإرهابيين للإنترنت: عمليات المعلومات في الفضاء الإلكتروني”، كاثرين أيه. ثيوهاري وجون رولينز، خدمة أبحاث الكونغرس، 8 آذار/ مارس 2011

Comments are closed.