إعادة اعمار ميناء يمني بعد طرد تنظيم القاعدة

أسرة‭ ‬يونيباث‭ ‬

بعد‭ ‬أن‭ ‬استولى‭ ‬تنظيم‭ ‬القاعدة‭ ‬على‭ ‬مدينة‭ ‬المكلا‭ ‬الساحلية‭ ‬في‭ ‬اليمن،‭ ‬لم‭ ‬تتمكن‭ ‬محطة‭ ‬توليد‭ ‬الكهرباء‭ ‬المحلية‭ ‬من‭ ‬توفير‭ ‬خدمة‭ ‬جيدة‭ ‬في‭ ‬فصل‭ ‬الصيف‭ ‬في‭ ‬الفترة‭ ‬التي‭ ‬يبلغ‭ ‬فيها‭ ‬الطلب‭ ‬ذروته‭. ‬وقد‭ ‬هدد‭ ‬الإرهابيون‭ ‬بشنق‭ ‬مهندس‭ ‬المحطة‭ ‬محمد‭ ‬باحاج‭ ‬إذا‭ ‬لم‭ ‬يتمكن‭ ‬من‭ ‬زيادة‭ ‬إنتاج‭ ‬الطاقة‭ ‬في‭ ‬المكلا‭ ‬ومحافظة‭ ‬حضرموت‭ ‬المحيطة‭ ‬بها،‭ ‬التي‭ ‬تضم‭ ‬أكبر‭ ‬تجمع‭ ‬لعناصر‭ ‬القاعدة‭ ‬في‭ ‬العالم‭.‬

والآن،‭ ‬وبعد‭ ‬مرور‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬عام‭ ‬على‭ ‬الإطاحة‭ ‬بتنظيم‭ ‬القاعدة‭ ‬من‭ ‬مدينة‭ ‬المكلا،‭ ‬يمكن‭ ‬للمحطة‭ ‬أن‭ ‬تطلب‭ ‬قطع‭ ‬غيار،‭ ‬وقد‭ ‬انضم‭ ‬عمال‭ ‬جدد‭ ‬إلى‭ ‬طاقم‭ ‬العمل،‭ ‬وتضاعف‭ ‬إنتاج‭ ‬الطاقة‭ ‬تقريبًا،‭ ‬ما‭ ‬مكّن‭ ‬من‭ ‬توفير‭ ‬الإضاءة‭ ‬للسكان‭ ‬الموجودين‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬والبالغ‭ ‬عددهم‭ ‬700‭ ‬ألف‭ ‬نسمة‭ ‬حسبما‭ ‬ذكر‭ ‬محمد‭ ‬باحاج‭.‬

في‭ ‬ضوء‭ ‬ذلك،‭ ‬صرّح‭ ‬قائلاَ‭: “‬لقد‭ ‬ازدادت‭ ‬قدرة‭ ‬المحطة‭ ‬لتوفير‭ ‬مستوى‭ ‬معيشي‭ ‬مناسب‭ ‬لمزيد‭ ‬من‭ ‬العائلات‭. ‬وهذا‭ ‬فارق‭ ‬كبير‭.”‬

يُذكر‭ ‬أنّ‭ ‬تنظيم‭ ‬القاعدة‭ ‬في‭ ‬جزيرة‭ ‬العرب‭ ‬كان‭ ‬قد‭ ‬استولى‭ ‬على‭ ‬مدينة‭ ‬المكلا‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2015‭ ‬مع‭ ‬انجراف‭ ‬اليمن‭ ‬إلى‭ ‬هاوية‭ ‬الصراع‭. ‬وفي‭ ‬أبريل‭ / ‬نيسان‭ ‬2016،‭ ‬شنت‭ ‬قوة‭ ‬قوامها‭ ‬11000‭ ‬مقاتل‭ ‬يمني‭ ‬دربتهم‭ ‬دولة‭ ‬الإمارات‭ ‬العربية‭ ‬المتحدة‭ ‬هجومًا‭ ‬تدعمه‭ ‬الطائرات‭ ‬والسفن‭ ‬الحربية‭ ‬الإماراتية‭. ‬وبحلول‭ ‬الليل،‭ ‬كان‭ ‬عناصر‭ ‬تنظيم‭ ‬القاعدة‭ ‬في‭ ‬جزيرة‭ ‬العرب‭ ‬يفرون‭ ‬من‭ ‬المدينة‭.‬

ومن‭ ‬الجدير‭ ‬بالذكر‭ ‬أنه‭ ‬بعد‭ ‬هذا‭ ‬الانتصار‭ ‬السريع‭ ‬والحاسم‭ – ‬الذي‭ ‬شكّل‭ ‬محور‭ ‬تحرك‭ ‬أوسع‭ ‬لإلحاق‭ ‬الهزيمة‭ ‬بتنظيم‭ ‬القاعدة‭ ‬في‭ ‬جنوب‭ ‬اليمن‭- ‬واجهت‭ ‬الحكومة‭ ‬المحلية‭ ‬تحدي‭ ‬كبير‭ ‬ويحتاج‭ ‬إلى‭ ‬وقت‭ ‬أطول،‭ ‬ألا‭ ‬وهو‭: ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬الأمن‭ ‬وتحسين‭ ‬الحياة‭ ‬اليومية‭ ‬حيث‭ ‬انتقل‭ ‬نزاع‭ ‬اليمن‭ ‬الأكبر‭ ‬إلى‭ ‬منطقة‭ ‬أخرى‭.‬

وغالبًا‭ ‬ما‭ ‬تعتمد‭ ‬حماية‭ ‬المكاسب‭ ‬العسكرية‭ ‬على‭ ‬النجاح‭ ‬في‭ ‬إعادة‭ ‬الخدمات‭ ‬الأساسية‭ ‬حيث‭ ‬يستغل‭ ‬المتطرفون‭ ‬إخفاقات‭ ‬الحكومة‭. ‬وينطبق‭ ‬ذلك‭ ‬بصفة‭ ‬خاصة‭ ‬على‭ ‬مدينة‭ ‬المكلا،‭ ‬حيث‭ ‬أظهر‭ ‬تنظيم‭ ‬القاعدة‭ ‬في‭ ‬جزيرة‭ ‬العرب‭ ‬أن‭ ‬بوسعه‭ ‬تقديم‭ ‬الخدمات‭ ‬على‭ ‬نحوٍ‭ ‬أفضل‭ ‬من‭ ‬الجهات‭ ‬الحكومية‭.‬

في‭ ‬ضوء‭ ‬ذلك،‭ ‬قال‭ ‬مايكل‭ ‬نايتس،‭ ‬زميل‭ ‬معهد‭ ‬واشنطن‭ ‬لسياسة‭ ‬الشرق‭ ‬الأدنى‭ ‬وقد‭ ‬تناول‭ ‬بالدراسة‭ ‬حملة‭ ‬استعادة‭ ‬المكلا‭ ‬وتحقيق‭ ‬الاستقرار‭ ‬بها‭: “‬عليك‭ ‬أن‭ ‬تنافسهم‭ ‬في‭ ‬تقديم‭ ‬الخدمات‭.” “‬إذا‭ ‬غادرت‭ ‬ببساطة،‭ ‬فإن‭ ‬جماعات‭ ‬على‭ ‬شاكلة‭ ‬القاعدة‭ ‬و‭[‬داعش‭] ‬ستملأ‭ ‬الفراغ‭ ‬الذي‭ ‬تخلفه‭.”‬

وتحقيقًا‭ ‬لهذه‭ ‬الغاية،‭ ‬وقّعت‭ ‬منظمة‭ ‬الهلال‭ ‬الأحمر‭ ‬الإماراتية‭ ‬اتفاقية‭ ‬عمل‭ ‬في‭ ‬أيار‭/ ‬مايو‭ ‬2017‭ ‬مع‭ ‬المؤسسة‭ ‬العامة‭ ‬للكهرباء‭ ‬في‭ ‬حضرموت‭ ‬لتوسيع‭ ‬شبكة‭ ‬كابلات‭ ‬الكهرباء‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬الريان‭ ‬شرق‭ ‬المكلا‭. ‬كما‭ ‬موّلت‭ ‬المنظمة‭ ‬مشروعًا‭ ‬لتقوية‭ ‬خطوط‭ ‬الإمداد‭ ‬بالكهرباء‭ ‬الخاصة‭ ‬بمسجد‭ ‬الريان،‭ ‬مزودةً‭ ‬إياه‭ ‬بأجهزة‭ ‬تكييف‭ ‬الهواء،‭ ‬وذلك‭ ‬للتخفيف‭ ‬من‭ ‬وطأة‭ ‬حرّ‭ ‬الصيف‭ ‬الشديد‭ ‬على‭ ‬المصلين‭.‬

ووفقًا‭ ‬لبرنامج‭ ‬الأغذية‭ ‬العالمي،‭ ‬دفع‭ ‬الصراع‭ ‬في‭ ‬اليمن‭ ‬أجزاءً‭ ‬كبيرة‭ ‬من‭ ‬البلاد‭ ‬إلى‭ ‬حافة‭ ‬المجاعة‭. ‬وتفيد‭ ‬تقديرات‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬بأن‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬10‭,‬000‭ ‬مدني‭ ‬قد‭ ‬لقوا‭ ‬مصرعهم‭ ‬في‭ ‬القتال‭. ‬وقد‭ ‬أدى‭ ‬تفشي‭ ‬الكوليرا‭ ‬إلى‭ ‬مقتل‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬1‭,‬500‭ ‬شخص‭ ‬في‭ ‬عدة‭ ‬محافظات‭.‬

وفي‭ ‬المكلا،‭ ‬حاول‭ ‬تنظيم‭ ‬القاعدة‭ ‬في‭ ‬جزيرة‭ ‬العرب‭ ‬النهوض‭ ‬بخدمات‭ ‬المدينة،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬نقص‭ ‬الخبرة‭ ‬الفنية‭ ‬والعزلة‭ ‬عن‭ ‬الأسواق‭ ‬الدولية‭  ‬أضافة‭ ‬الى‭ ‬ايديولوجيته‭ ‬المتطرفة‭ ‬قد‭ ‬وقفت‭ ‬حجر‭ ‬عثرة‭ ‬في‭ ‬الطريق،‭  ‬وذلك‭ ‬وفقًا‭ ‬للمواطنين‭ ‬وموظفي‭ ‬المدينة‭. ‬وقد‭ ‬ساهمت‭ ‬هذه‭ ‬الإخفاقات‭ ‬في‭ ‬خلق‭ ‬تيار‭ ‬عارم‭ ‬لتأييد‭ ‬الإطاحة‭ ‬بتنظيم‭ ‬القاعدة‭ ‬في‭ ‬جزيرة‭ ‬العرب‭. ‬وصرح‭ ‬أحمد‭ ‬بن‭ ‬بريك،‭ ‬محافظ‭ ‬حضرموت‭ ‬السابق،‭ ‬أن‭ ‬بضعة‭ ‬آلاف‭ ‬من‭ ‬أفراد‭ ‬القوات‭ ‬اليمنية‭ ‬تسللوا‭ ‬داخل‭ ‬صفوف‭ ‬الجماعة‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬توفير‭ ‬المعلومات‭ ‬الاستخباراتية‭ ‬والتحضير‭ ‬للهجوم‭.‬

وفي‭ ‬الوقت‭ ‬الراهن،‭ ‬تم‭ ‬تجديد‭ ‬المدارس‭ ‬في‭ ‬مدينة‭ ‬المكلا‭ ‬وإعادة‭ ‬تجهيز‭ ‬المستشفيات،‭ ‬وتضاعف‭ ‬استهلاك‭ ‬المياه‭ ‬تقريبًا‭ ‬بعد‭ ‬حفر‭ ‬آبار‭ ‬جديدة‭ ‬وإصلاح‭ ‬بعضها‭ ‬الآخر‭. ‬كما‭ ‬تم‭ ‬إصلاح‭ ‬الطرق‭ ‬التالفة‭ ‬وتعبيد‭ ‬طرق‭ ‬جديدة،‭ ‬وإعادة‭ ‬تشغيل‭ ‬محطة‭ ‬الإذاعة‭ ‬التي‭ ‬أغلقها‭ ‬تنظيم‭ ‬القاعدة‭.‬

وكان‭ ‬عدد‭ ‬قليل‭ ‬من‭ ‬شركات‭ ‬الشحن‭ ‬الأجنبية‭ ‬على‭ ‬استعداد‭ ‬لزيارة‭ ‬الميناء‭ ‬أثناء‭ ‬سيطرة‭ ‬تنظيم‭ ‬القاعدة‭ ‬عليه،‭ ‬ولم‭ ‬يكن‭ ‬لدى‭ ‬مشغلي‭ ‬المحطة‭ ‬سوى‭ ‬قاطرتين‭ ‬عتيقتين،‭ ‬مما‭ ‬قلل‭ ‬حجم‭ ‬السفن‭ ‬التي‭ ‬يمكن‭ ‬سحبها‭ ‬إلى‭ ‬المرفأ‭. ‬

وفي‭ ‬الوقت‭ ‬الحالي،‭ ‬عادت‭ ‬خطوط‭ ‬الشحن‭ ‬الأجنبية‭ ‬إلى‭ ‬الميناء‭ ‬النشط‭. ‬وبعد‭ ‬أن‭ ‬أُضيفت‭ ‬القاطرة‭ ‬الماليزية‭ ‬مؤخراً،‭ ‬ارتفعت‭ ‬قدرة‭ ‬الميناء‭ ‬إلى‭ ‬حوالي‭ ‬15‭ ‬ألف‭ ‬حاوية‭ ‬شحن‭ ‬في‭ ‬السنة،‭ ‬أي‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬ضعف‭ ‬القدرة‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬عليها‭ ‬وقت‭ ‬فشل‭ ‬الإرهابيين‭ ‬في‭ ‬تشغيل‭ ‬الميناء‭. ‬وفي‭ ‬محطة‭ ‬الكهرباء،‭ ‬عادت‭ ‬المحركات‭ ‬العملاقة‭ ‬لزئيرها‭ ‬مرة‭ ‬أخرى‭.‬

وأضاف‭ ‬محمد‭ ‬باحاج‭ ‬قائلاً‭: “‬يشعر‭ ‬الجميع‭ ‬بدرجة‭ ‬أكبر‭ ‬من‭ ‬الراحة،‭ ‬وتغمرهم‭ ‬السعادة‭ ‬البالغة،‭ ‬ويتقاضون‭ ‬رواتبهم‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬المحدد‭.”‬

Comments are closed.