أفغانستان تستهدف عمليات التعدين غير القانونية

أسرة‭ ‬يونيباث

يوجه‭ ‬المسؤولون‭ ‬الأفغان‭ ‬اهتمامهم‭ ‬إلى‭ ‬عمليات‭ ‬التعدين‭ ‬غير‭ ‬القانونية‭ ‬والبيع‭ ‬غير‭ ‬المشروع‭ ‬للموارد‭ ‬المعدنية‭ ‬بالبلاد،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يعود‭ ‬على‭ ‬حركة‭ ‬طالبان‭ ‬الإرهابية‭ ‬بمكاسب‭ ‬تُقدر‭ ‬بنحو‭ ‬20‭ ‬مليون‭ ‬دولار‭ ‬سنويًا‭.‬

حيث‭ ‬تحتوي‭ ‬جبال‭ ‬أفغانستان‭ ‬على‭ ‬موارد‭ ‬معدنية‭ ‬تُقدر‭ ‬بنحو‭ ‬يتراوح‭ ‬بين‭ ‬1‭ ‬ترليون‭ ‬و3‭ ‬ترليون‭ ‬دولار،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬اللازورد،‭ ‬وهو‭ ‬حجر‭ ‬شبه‭ ‬كريم‭ ‬أزرق‭ ‬غامق‭ ‬مدفون‭ ‬منذ‭ ‬عدة‭ ‬قرون‭ ‬في‭ ‬ولاية‭ ‬بدخشان‭ ‬شمال‭ ‬أفغانستان‭.‬

وقد‭ ‬تم‭ ‬استخراج‭ ‬نحو‭ ‬12‭,‬500‭ ‬طن‭ ‬على‭ ‬الأقل‭ ‬من‭ ‬اللازورد‭ ‬بقيمة‭ ‬تُقدر‭ ‬بنحو‭ ‬200‭ ‬مليون‭ ‬دولار‭ ‬منذ‭ ‬عام‭ ‬2014،‭ ‬بطرق‭ ‬معظمها‭ ‬غير‭ ‬قانوني‭ ‬أو‭ ‬بطريقة‭ ‬تم‭ ‬التهرب‭ ‬من‭ ‬خلالها‭ ‬من‭ ‬دفع‭ ‬ضرائب‭ ‬تُقدر‭ ‬بنحو‭ ‬30‭ ‬مليون‭ ‬دولار‭ ‬للحكومة،‭ ‬وذلك‭ ‬وفقًا‭ ‬لتقرير‭ ‬صادر‭ ‬عن‭ ‬مجموعة‭ ‬نشطاء‭ ‬بمنظمة‭ ‬جلوبال‭ ‬ويتنس‭ ‬يعرض‭ ‬عمليات‭ ‬الفساد‭ ‬المتعلقة‭ ‬بالموارد‭.‬

وتحتوي‭ ‬مناجم‭ ‬أفغانستان‭ ‬أيضًا‭ ‬على‭ ‬النحاس‭ ‬وخام‭ ‬الحديد‭ ‬والذهب‭ ‬والفحم‭ ‬والليثيوم‭ ‬والرخام‭ ‬والأحجار‭ ‬الكريمة‭ ‬ومعادن‭ ‬أخرى‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تدر‭ ‬دخلًا‭ ‬لدعم‭ ‬التنمية‭ ‬الأفغانية‭.‬

ويتعهد‭ ‬المسؤولون‭ ‬الأفغان‭ ‬ببذل‭ ‬مزيد‭ ‬من‭ ‬الجهد‭ ‬لحماية‭ ‬هذه‭ ‬الثروة‭ ‬المعدنية‭. ‬وصرح‭ ‬المتحدث‭ ‬باسم‭ ‬وزارة‭ ‬الداخلية،‭ ‬صديق‭ ‬صدقي‭ ‬في‭ ‬شهر‭ ‬حزيران‭/‬يونيو‭ ‬عام‭ ‬2016‭ ‬قائلًا‭ “‬لا‭ ‬تستفيد‭ ‬حركة‭ ‬طالبان‭ ‬من‭ ‬تهريب‭ ‬المخدرات‭ ‬والأفيون‭ ‬فحسب،‭ ‬بل‭ ‬للأسف،‭ ‬فقد‭ ‬استهدفت‭ ‬أيضًا‭ ‬المناجم‭ ‬الموجودة‭ ‬في‭ ‬البلاد‭ ‬—‭ ‬المناجم‭ ‬التي‭ ‬تُشكل‭ ‬ثروة‭ ‬وطنية‭ ‬للدولة‭ ‬والشعب‭.‬

وفي‭ ‬عام‭ ‬2015‭ ‬تم‭ ‬تجريم‭ ‬عمليات‭ ‬التعدين‭ ‬لاستخراج‭ ‬اللازورد،‭ ‬ولكن‭ ‬تقع‭ ‬المناجم‭ ‬الآن‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬تحت‭ ‬سيطرة‭ ‬حركة‭ ‬طالبان‭ ‬وأمراء‭ ‬حرب‭ ‬ينتمون‭ ‬لولاءات‭ ‬مختلفة‭. ‬ويقع‭ ‬ما‭ ‬يُقدر‭ ‬بنحو‭ ‬10‭,‬000‭ ‬منطقة‭ ‬من‭ ‬المخزون‭ ‬خارج‭ ‬سيطرة‭ ‬الحكومة،‭ ‬وذلك‭ ‬وفقًا‭ ‬لتقرير‭ ‬صادر‭ ‬عن‭ ‬وحدة‭ ‬البحث‭ ‬والتقييم‭ ‬الأفغانستانية،‭ ‬وهي‭ ‬مؤسسة‭ ‬بحثية‭ ‬مستقلة‭ ‬مقرها‭ ‬كابول‭.‬

ومن‭ ‬ثم،‭ ‬فقد‭ ‬أصبح‭ ‬تهريب‭ ‬المعادن‭ ‬مصدر‭ ‬التمويل‭ ‬الثاني‭ ‬الأكثر‭ ‬جلبًا‭ ‬للأموال‭ ‬لحركة‭ ‬طالبان‭ ‬بعد‭ ‬إنتاج‭ ‬المخدرات‭ ‬في‭ ‬الولايات‭ ‬الأفغانية‭ ‬الجنوبية‭. ‬وتفيد‭ ‬التقارير‭ ‬بأن‭ ‬اللازورد‭ ‬الأفغاني‭ ‬الثمين‭ ‬يُباع‭ ‬بسعر‭ ‬يتراوح‭ ‬بين‭ ‬2‭.‬000‭ ‬دولار‭ ‬و4‭,‬000‭ ‬دولار‭ ‬للكيلوجرام‭ ‬الواحد‭.‬

ووفقًا‭ ‬لمنظمة‭ “‬جلوبال‭ ‬ويتنس‭”‬،‭ ‬خسرت‭ ‬الحكومة‭ ‬ما‭ ‬لا‭ ‬يقل‭ ‬عن‭ ‬17‭.‬5‭ ‬مليون‭ ‬دولار‭ ‬من‭ ‬العائدات‭ ‬من‭ ‬اللازورد‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2014‭ ‬وخسرت‭ ‬أيضًا‭ ‬10‭ ‬مليون‭ ‬دولار‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2015،‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬أن‭ ‬حركة‭ ‬طالبان‭ ‬قد‭ ‬دفعت‭ ‬أموالًا‭ ‬طائلة‭ ‬تُقدر‭ ‬بملايين‭ ‬لحماية‭ ‬عملياتها‭ ‬غير‭ ‬القانونية‭ ‬من‭ ‬الشرطة‭. ‬وأوضحت‭ ‬مجموعة‭ ‬النشطاء‭ ‬أيضًا‭ ‬أن‭ ‬قادة‭ ‬حركة‭ ‬طالبان‭ ‬يقومون‭ ‬أيضًا‭ ‬بتشغيل‭ ‬مناجم‭ ‬الرخام‭ ‬المملوكة‭ ‬للحكومة‭ ‬في‭ ‬ولاية‭ ‬هلمند،‭ ‬حيث‭ ‬يحققون‭ ‬من‭ ‬وراء‭ ‬ذلك‭ ‬مكاسب‭ ‬تُقدر‭ ‬بـمبلغ‭ ‬10‭ ‬مليون‭ ‬دولار‭ ‬سنويًا‭.‬

وتُحذر‭ ‬منظمة‭ ‬جلوبال‭ ‬ويتنس‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬المناجم‭ ‬الموجودة‭ ‬بولاية‭ ‬بدخشان‭ ‬قد‭ ‬أصبحت‭ ‬ذات‭ ‬أولوية‭ ‬استراتيجية‭ ‬لخلية‭ ‬إرهابية‭ ‬محلية‭ ‬تابعة‭ ‬لداعش،‭ ‬والتي‭ ‬قد‭ ‬ظهرت‭ ‬في‭ ‬معظم‭ ‬مناطق‭ ‬شرق‭ ‬البلاد،‭ ‬على‭ ‬طول‭ ‬الحدود‭ ‬مع‭ ‬باكستان‭. ‬وأوضحت‭ ‬منظمة‭ ‬جلوبال‭ ‬ويتنس‭ ‬كذلك‭ ‬أنه‭ “‬إذا‭ ‬لم‭ ‬تتحرك‭ ‬الحكومة‭ ‬الأفغانية‭ ‬بشكل‭ ‬سريع‭ ‬لاستعادة‭ ‬السيطرة‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬المناجم،‭ ‬فمن‭ ‬المتوقع‭ ‬أن‭ ‬تزداد‭ ‬حدة‭ ‬المعركة‭ ‬للسيطرة‭ ‬على‭ ‬مناجم‭ ‬اللازورد‭ ‬وتؤدي‭ ‬إلى‭ ‬زيادة‭ ‬زعزعة‭ ‬استقرار‭ ‬البلاد‭ ‬وكذلك‭ ‬تزايد‭ ‬مصادر‭ ‬تمويل‭ ‬التطرف‭”.‬

وقارن‭ ‬الرئيس‭ ‬الأفغاني‭ ‬أشرف‭ ‬غاني‭ ‬الوضع‭ ‬في‭ ‬أفغانستان‭ ‬مع‭ ‬الوضع‭ ‬في‭ ‬جمهورية‭ ‬الكونغو‭ ‬الديمقراطية،‭ ‬حيث‭ ‬ما‭ ‬زال‭ ‬صراع‭ ‬السيطرة‭ ‬على‭ ‬المعادن‭ ‬مشتعلا‭ ‬منذ‭ ‬عقود،‭ ‬وقال‭ ‬أنه‭ ‬سيحث‭ ‬البرلمان‭ ‬الأفغاني‭ ‬على‭ ‬تصنيف‭ ‬اللازورد‭ ‬ضمن‭ ‬المعادن‭ ‬التي‭ ‬يحدث‭ ‬عليها‭ ‬صراع‭.‬

ويشير‭ ‬التصنيف‭ ‬الدولي‭ ‬أن‭ ‬بيع‭ ‬مثل‭ ‬هذا‭ ‬المنتج‭ ‬يُسهم‭ ‬فى‭ ‬الحرب‭ ‬وانتهاكات‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان‭. ‬ويعد‭ ‬المثال‭ ‬الأكثر‭ ‬شهرة‭ ‬ودلالة‭ ‬على‭ ‬ذلك‭ ‬هو‭ “‬الماس‭ ‬الدموي‭”‬،‭ ‬والذي‭ ‬اسُتخدِم‭ ‬لفترة‭ ‬طويلة‭ ‬لتمويل‭ ‬الحروب‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬أنحاء‭ ‬أفريقيا‭. ‬وصدر‭ ‬قرار‭ ‬عن‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬1988‭ ‬اقترح‭ ‬بعض‭ ‬التدابير‭ ‬التي‭ ‬يمكن‭ ‬بها‭ ‬تتبع‭ ‬الماس‭ ‬من‭ ‬مصدره‭ ‬إلى‭ ‬نقطة‭ ‬بيعه‭.‬

وأشار‭ ‬اقتراح‭ ‬تقدم‭ ‬به‭ ‬وزير‭ ‬المناجم‭ ‬السابق‭ ‬في‭ ‬أفغانستان‭ ‬إلى‭ ‬أنه‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬تصنيف‭ ‬اللازورد‭ ‬الأفغانستاني‭ ‬على‭ ‬أنه‭ ‬ضمن‭ ‬المعادن‭ ‬التي‭ ‬يحدث‭ ‬عليها‭ ‬صراع‭ ‬فقد‭ ‬يُرغم‭ ‬ذلك‭ ‬العاصمة‭ ‬الأفغانية‭ ‬كابول‭ ‬على‭ ‬تنظيم‭ ‬استخدام‭ ‬المناجم‭ ‬وربما‭ ‬وضع‭ ‬نظام‭ ‬لضمان‭ ‬المساءلة‭ ‬والشفافية‭ ‬مع‭ ‬كل‭ ‬حجر‭ ‬يتم‭ ‬استخراجه‭.‬

Comments are closed.